أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الاثنين، نوفمبر 21، 2011

الاتجاهات المعمارية... إلى أين؟


جمال الهمالي اللافي



الاتجاه هو: أن تعرف من أنت،
وأن تسال من أين أتيت،
وأن تحدد إلى أين تريد أن تصل،
وأن تفكر لماذا؟


"تفشل خططنا إذا لم يكن لها هدف؛ فحين لا يدري البحَّار أي مَرْفأ يريد فلن تكون هناك ريح مواتية".
سينكا

عندما يلتحق أي طفل بالمدرسة، لا يكلفه ذلك كثيرا كي يعرف اتجاهه إليها. فقد ساعده على ذلك في البداية والده، حيث كان ينقله إليها كل يوم. ومع مرور السنوات أصبح يذهب إليها بمفرده منطلقا من بيته في اتجاهها. الأمور كانت واضحة بالنسبة له، كما أنه كان هناك أمران يجعلانه لا يخطئ اتجاهه وهما:

عامل الوقت/
كان موعد الحصص ومن تمّ المحاضرات - في المراحل التعليمية المتقدمة- محدداً لديه، ولهذا كان يسرع في خطاه كي لا يفوته الموعد، وبالتالي يخفق في دراسته.

الهدف/
         كان الهدف وضحا، وهو تلقي العلوم والمعارف التي تؤهله لاجتياز جميع المراحل التعليمية، بدءً من المرحلة الإبتدائية، مروراً بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، وصولا إلى الغاية الأولى وهي التخصص في أحد مجالات المعرفة الإنسانية، ومنها الحصول على وظيفة مرموقة تضمن له مستقبلاً مشرقاً. عرف هذا الطالب جيدا ما الذي يريده اليوم وما هي غايته غدا... فأزمع أمره على أن يبدأ وعينه على المستقبل.

معرفة الطالب للغاية من ذهابه إلى المدرسة سهل عليه تحديد اتجاهه إليها، فلم يصرفه عنها مغريات الحياة ولم يوقفه ما يراه في طريقه من أحداث، ولم يثن عزمه طول المسافة ولا الصعوبات التي واجهته، فغايته كانت واضحة، ولهذا كان عزمه أكيد.



بداية المشكلة/
لقد تخرّج هذا الطالب أخيرا من قسم العمارة وتحصل على وظيفة مرموقة في إحدى المؤسسات الهندسية.
وفي أول يوم يجلس فيه على مكتبه الفاخر بتلك المؤسسة، ومع أول عمل تصميمي يكلف به، ومع أول مسؤولية اتخاذ قرار يواجهها، توقف حائرا، فالاتجاه تغير، ولم تعد المدرسة هي الهدف، ولم يعد تحصيل العلم للوصول إلى التخصص هو الغاية ، ولم تعد فكرة الحصول على وظيفة مرموقة تشغل باله. فكل هذه الأمور قد تجاوزها أخيرا.

وجد هذا المعماري نفسه أمام ورطة كبيرة جدا، شلت تفكيره وتركته في حيرة من أمره، لم يخبره أحد عنها ولا كيف سيواجهها، فتعليمه الجامعي اعتمد على فكرة اختلاف التوجهات وتضارب الرؤى وغياب الهدف وضياع الغاية الأسمى، جريا وراء تكديس المعلومات رغم ضحالتها وسرعة الإنجاز دون النظر لكفاءة المنجز وتأهيله. ولا أحد يتساءل ولا أحد يبالي بالنتائج، فهي غير منظورة تحت دوامة الكم وضغط الزمن.


والمحصلة/

الأخطر من كل ذلك

توجه محدد، الغاية واضحة المعالم، الهدف إحداث خلل في منظومة القيم

أين يكمن الحل؟
الأمر ليس معقدا، وإن كان صعب التحقيق عندما يقع المعماري في المطب بعد تخرجه، وحسب اعتقادي أن أول درس يجب أن يتعلمه الطفل بعد فطامه من الرضاعة- أي بعد سنتين من ولادته- هو كيف يحدد اتجاهه في الحياة. ثم بعد ذلك نقدم له الوسائل والأدوات ونزوده بالقيم ونمده بالمعارف ونذلل الصعاب أمامه حتى يبلغ أشدّه، ثم نترك له الخيارات متاحة.

توجه محدد، الغاية واضحة المعالم
وفي داخل المؤسسات التعليمية المعمارية يقدم للطالب كل شئ على حقيقته ويرشد إلى الطريق الصحيح الذي يستوجب عليه السير فيه، وبعدها نطلب منه أن ينطلق.

هناك 3 تعليقات:

  1. بكل بساطة ... روعة جمال ماشينة

    ردحذف
  2. بارك الله فيك باشمهندس جمال ماشينة.

    أجد في التأملات فرصة للخروج من تعقيدات المنهجية العلمية إلى البساطة في طرح الأفكار.

    ردحذف
  3. If you want to grow your know-how simply keep visiting this web site and be updated with
    the latest news update posted here.

    Look into my blog ... causes of back pain ()

    ردحذف

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية