أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

السبت، يناير 26، 2013

موسوعة المدن التاريخية الليبية




مدينة نالوت( لالوت)




يقدمها المعماري/ فائز السراج


نالوت أو لالوت، هي إحدى المدن الليبية العريقة. وهي مركز محافظة نالوت في الجبل الغربي "جبل نفوسة". تقع على بعد 276 كيلومتر عن العاصمة طرابلس تقع على خط عرض (31,52ْ) درجة وعلى خط طول (10,59ْ) درجة. وتعدّ نالوت من أكبر مدن النطاق الجبلي وهي آخر هذه المدن من ناحية الغرب وترجع أهميتها قديماً وبصفة خاصة إلى موقعها على طريق القوافل بين الساحل والصحراء ولقربها من الحدود التونسية الجزائرية.

عندما قدم الرومان إلى ليبيا وجدوا قصرها قائماً حيث يشتهر سكانها بالكرم مما رفعوا رأيتهم عليه وأقاموا فيها حامية تمثل الخط الدفاعي الثالث، قرى ومدن جبل نفوسة التي من المعلوم أنها لم تفتح عنوة لأن جبل نفوسة هم الذين آمنوا بأنفسهم ولم يتم فتحهم من قبل الفاتحين وقصة إيمان أهالي جبل نفوسة معروفة في التاريخ حيث ذهب فريق منهم إلى عمرو بن العاص في مصر وأرسلهم بدوره إلى عمر بن الخطاب.

في العهد العثماني آوت غومة المحمودي عندما هرب من سجن الأتراك في طرابزون في سنة 1855م وتم إيوائه في نالوت بعد قدومه من جهة تونس، وفي عهد الاستعمار الإيطالي قدمت المدينة العديد من أبطالها على رأسهم المجاهد خليفة بن عسكر الذي أعلن الثورة عليهم ومن نتائجها كانت معارك "لقن عمران" و"الجويبية" و"تكويت" وغيرها.


يعتبر قصر لالوت حالياً أقدم القصور في ليبيا، وأكبرها حجماً ومن أجملها ولا يضاهيه إلاّ قصراً قديماً في نفس الفترة والطراز يوجد باليونان. أن هذا القصر تم إنشاؤه قبل القرن السابع من قبل الميلاد وأن موقع مدينة لالوت الأول والثاني كان من عهد العصر الحجري. تم إعادة ترميمه أكثر من مرة بسبب العوامل المختلفة وهو مشيد من مواد محلية " الحجارة والجبس" ويصل ارتفاعه إلى 6 طوابق وحسب شكله ووضع غرفه جعله أهلاً للتخزين لا للسكن ، وتبلغ عدد غرفه نحو 400 غرفة.

ومن آثارها أيضاً، "قصر الدقيجة" و"قصر الثلثيين" وشرقاً نجد مدينة تيغيت وقصرها التاريخي وبالقرب منه مقام أو مصلى عاصم السدراتي، أحد حملة العلم الخمسة إلى شمال أفريقا، الذي كان يزور المشايخ في لالوت ويجتمع بهم إلى أن قتل مسموماً بالقيروان، وإلى الشمال منها نجد أثار مدينة تالات وتيركت وجامع شيخها أبو زكريا بن أبي يحيي الأرجاني.

من أهم معالمها الطبيعية الجميلة، غابة سركوم وغابة الحسيان وواحة الجويبية وغابة المالحة وغابة اتلوين وغابة وشيش وغابة إجربن وغابة تودا. وتمتاز تلك الغابات والواحات بمياهها العذبة وظلالها الوارفة وأشجارها كالنخيل والزيتون والتين والعنب.

تتبعها العديد من القرى مثل، تيغيت، تيركت، تالات، تكويت، تغرويت، العجمية، قنطراره، كاباو، فرسطأ، طمزين، تندميره، شروس وجريجن.

يزيد عدد السكان عن 22 ألف نسمة، حسب التعداد العام للسكان في 2006. الذين يرجع أغلبهم لأصول أمازيغية، وكل السكان أصولهم أمازيغة إلاّ قبيلتين هاجرتا في المدة الأخيرة لا يتجاوز عمرهم في نالوت 100 سنة وهم من العرب.  

وتنقسم نالوت إلى عدة قبائل منهم ابرزهم قبيلة العساكرة، ثم قبيلة المقادمة، تم قبيلة الباروني، وتقسيمات لقبائل أخرى وهي بدورها تتكون من عدة عائلات منهم أولاد يحي وأولاد الدير وأولاد إبراهيم وأولاد سعود والصواوية.


المرجع/ بتصرف عن موسوعة الويكيبيديا

الأربعاء، يناير 23، 2013

عندما يودع المكان سره في عمارته


  
د. مصطفى المزوغي

نبرة الأسى التي تغلف كلماته آلمتني وأنا أرقب صوته يخفت متسائلا: ” لماذا كان الغرباء أكثر حنانا على طرابلس وأكثر ألفة معها واليوم (نحن) نطعنها في عمرانها بدون رحمة ؟” هكذا كان تعليق صديقي المعماري أحمد إمبيص ونحن نتقاسم اجتهادنا في قراءة صور محاولات المعماري المجدد للمحلية فلوريستانو دي فاوسطو Florestano di Fausto في أعماله المنتشرة في ليبيا.

كنت عائدا للتو من محاضرتي حول العمارة المعاصرة الذي كان موضوعها تمهيد لقراءة العمارة المعاصرة في ليبيا، ورأيت أنه من المجدي أن يكون التمهيد يدور حول العمارة الاستعمارية (الكولونيالية) في ليبيا إبان الاحتلال الايطالي لأراضيها سنة 1911. وكثيراً ما تضج الأسئلة خلال حديثي عن هكذا مواضيع. وتشدني الحاجة أكثر لأن أرمي بقلق السؤال على الرفاق وهم قلة، فكان لقائي اليوم مع أحمد.

سأكتب اليوم حول جوانب ما أخبرت به الطلاب، وسأدون ما دار من حوار بيني وبين أحمد.

تسألت في البدء متى يودع المكان سره في عمرانه ؟ وكيف؟

إن كان حقا ما ينادي به معماري المدينة هو البحث عن شرف أن تكون (عمارته) مأمن سر المكان. لم ولن يكون الأمر مستحيلا إذا ما تحقق المعماري من تكامل التفاعل بين العمارة والإنسان والمكان، تفاعلاً له مستوياته الثلاث:
أولها، العمارة وتفاعلها الذاتي في كونها حقيقة مرئية كعمل تشكيلي بمكوناته المادية ومضمونه التعبيري ورسالته الفكرية المعمارية.
وثانيها، العمارة وتفاعلها مع المحيط الإنساني تتجلى قراءته في القيمة الاستعمالية وكفاءة الأداء الوظيفي،
وثالثاً، التفاعل المعماري المكاني يكون مقروءاً في الاستجابة لمعطيات المكاني، الجغرافية والبيئية والثقافية.

نعم يمكن للمكان أن يودع سره في عمارته متى أدرك المعماري حداثيات نتاجه ضمن طرفي (الانتماء) أو (الاغتراب) ومحيطه الإنساني المكاني. إنها بوصلة العمل المعماري الحقيقي، كيف للعمل المعماري أن يكون ذا انتماء إنساني مكاني؟ وكيف له أن يكون غريباً؟. فالقراءة المكانية يجب أن تشمل المأهول من الأرض بعمران الإنسان، بمعنى شمول البعد الثقافي الحضاري الإنساني للمكان تماما كالبعد الجغرافي والبيئي له.

هل يمكن الاتفاق على ماهية شروط الانتماء ومؤشرات الاغتراب؟.

يشهد التاريخ أنه على الدوام تولد فئة من المعماريين قاسمهم المشترك ‘هاجس المكان’، منادين بأن تخاطب العمارة زمنها ومكانها. إلاّ أنّ الخطاب الزمني والمكاني كثيراً ما يدفعان بتجدد الانتماء للعمل المعماري، وغيابهما يدفع به لحدود الغربة، فالمكان رهين الثقافات الوافدة، والتقنيات المتجددة، وكلاهما الثقافات والتقنيات يملكان التواجد ‘الغير مهيمن’ والاستقرار حال توافقهما والرصيد الثقافي الحضاري الكامن بالمكان. هكذا يجد الحال الأستاذ رهيف فياض.

مدينة طرابلس الغرب في ليبيا مكان استوطنته عمائر عدة، تباينت في تياراتها وصيغ تشكيلها وتقنياتها، وكان مع هذا التباين تشتت عمارة عمرانها بين الانتماء والاغتراب، ولكن حالتي الاتفاق التي سادت الذاكرة الجماعية حول انتماء العمران إلى المكان، الأولى في العمران البراغماتي المحلي الذي افترش المدينة القديمة، وبعض ضواحيها، والثانية المحاولة ‘المكانية’ للعمارة الاستعمارية الايطالية التي شكلت هيئة طرابلس العمرانية الحديثة، وبدت المدينة كمختبر حقيقي لعمارة البحر الأبيض المتوسط الحديثة وبعض المحاولات الفردية من المعماريين الليبيين لم أجد وصف عادل لها إلا بالبطولية !.

عندما كان الجدل دائراً بين ‘كلاسيكية البحر الأبيض المتوسط Classic Mediterranean  بريادة Alberto Alpago Novello و Ottavio Cabiati ، و‘عقلانية البحر الأبيض المتوسط’ Rationalist Mediterranean  بريادة Carlo Enrico Rava و Giovanni Pellegrini . ، إلاّ أنّ Di Fausto لم يختار أن يكون طرفا في الجدل الدائر، بل وفقاً لقوله بأنه يسعى إلى تلك العمارة التي تتوافق بيئيا والمكان، وتحمل في طياتها صدى التقاليد.

تشهد أعمال المعماري Florestano di Fausto على حساسية العمل التصميمي الذي شكل نتاجه بما عرف تجديد المحلية  new vernacular، فلقد كان متتبعاً دقيقاً ليس لظاهر التكوينات المعمارية المحلية فحسب بل اجتهاده في فهم الدور الوظيفي المناط بكل عنصر في التكوين المعماري المحلي، حتى أنه كتب يوما ‘ لم أضع حجر واحد في بناء بنيته، دون أن أشبع نفسي بروح المكان حتى يكون المكان أنا ’، إنه بذلك سعى بجدية في البحث عن عمارة عمران يمكن بموجبها تحقيق الانتماء إلى المكان، حالف هذا المجهود التوفيق في البعض من العمران وخالفه في البعض الآخر من الأعمال التي قارب عددها المائة.

تميز أسلوب Di Fausto بإعادة قراءة الطرز الكلاسيكية، دون إغفال للثقافة السائدة والمعطيات البيئية بالمكان، ولا شك في محاولاته في استعمال بعض من مفردات العمارة المحلية في ليبيا كانت ظاهرة في عدد من اعماله. كما ان محاولته للاقتراب بعمارته من المكان، دفعت بوصفها من قبل مناوئين بأنها عروبية، فلكلورية، وأسلوب مزيف لعمارة Moorish.

دي فاوسطو معماري فذ، فعلى الرغم من حاجته الملزمة لترجمة الحلم الايطالي والتي دفع بالعقلانية كأرضية للتعبير الفاشي في بعض مبانيه، إلا أن ما يضعه نموذجاً خلاقاً، هو نتاج صبره ومحاولاته الدؤوبة بعقل حيادي انسلخ فيها عن انتماؤه العرقي والايديولوجي ليفسح المجال لإنسانيته واخلاقياته المعمارية في البحث عن أسرار المكان المودعة في عمارة عمران المدن والقرى في ليبيا.

أخذني المشهد عندما طالعت سيرة المعماري الذي ولد في 1890 وتوفي في 1965، فهو معماري ولد في سنوات مخاض الحداثة ولكنه كان من جيل الذين تحركوا خلال صحوة التقاليد وعمل بصبر على نوع مختلف من الحداثة، كلّف من قبل الخارجية الايطالية كاستشاري في الفترة من 1923 وحتى 1940، وكان بذلك كشخصية معمارية عاصر التنوع الثقافي، فسنوات عمله خارج الأراضي الايطالية بين اليونان وألبانيا وليبيا، قدمت له سحر توظيف اللغات التعبيرية المختلفة للتقاليد تجاوز العمارة (الحائطية) التي سادت المستعمرات الايطالية لتمنح عمران شوارع المدينة واجهة مسرحية، بل أدرك بعمق سحر الفراغ وصيغ تشكيله ، وأثمر كل ذلك عن اسلوب خاص حمل توقيعه بجدارة.

يقول di Fausto “المباني التي قمت بتصميمها .. كان يجب عليهم بالضرورة ملائمتهم مناخيا، إلا أنه كان يجب على تتبع التقاليد الموروثة. لقد ألهمتني الأشكال الزخرفية البيزنطية والعربية والأسيوية (…) أنا أؤكد على المشهد البيئي الشامل تنوعا. وجماليا أنا أركز على حركة الكتل (…) العمارة حين يتعذر تكسيتها بالحجارة، لا حرج في ذلك فهي قد وجدت منذ الأزل بيضاء نقية بإحساس منعش يحيط بها اخضرار النبات الدائم وزرقة السماء العميقة.

معهد مالك بن أنس بمنطقة الظهرة- من أعمال دي فاوسطو
      راقب di Fausto مدينة طرابلس القديمة. أفقيتها المتناغمة بتراص متأني .. بياضها وظلالها .. زرقة سماؤها وشاطئها .. عرائشها ونخيلها المخضر على الدوام .. مآذنها إطلالات رأسية غير خافية تعلن على الدوام حضور المكان. من هنا حين راقب الظهرة في طرابلس التي كانت على حافة (واحة) طرابلس رأى أن يكون صدى التقاليد قائم، ذات الصيغ التعبيرية .. الفراغية وسطوح وكتل والعناصر درس الظهرة في تراص فندق الودان وتكوينات معهد أنس ابن مالك وواجهة كنيسة سان فرانسيسكو جميعها تعلن عن حضورها بأبراجها وليكن ما تبقي من عمران في تراص أفقي أنيق لا يزاحم بعضه بعضا بل يتعاون على عمران متجانس يعمل على تكون بيئة متراحمة.

رحل Di Fausto سنة 1940 عن ليبيا بعد أن وضع رسائله في كل أمكنتها الساحلية والجبلية والصحراوية .. رسائل تحمل كل الحب والاحترام لرصيد ليبيا المعماري .. رصيد رسمته التقاليد الصادقة للحرفية ووضعت مواثيقه أخلاق التراحم والاحترام .

كتبت ما كتبت لأسأل مدارس العمارة في ليبيا وممارسي العمل المعماري، لكم في المعماري الإيطالي الزائر Florestano di Fausto مثال يحتذى به فهو أدرك بكل تقدير قيمة رصيد التقاليد وعشق أسراره ودأب طيلة ثمان سنوات عمله بحثاً عن عمارة يمكن للمكان في ليبيا أن يودعها سره .

فاحذروا قد ترحل أسرار المكان إلى الأبد وسنظل تائهين حيارى بحثا عن الانتماء الضائع.

الخميس، يناير 17، 2013

بيت جدي ليس الدوبلكس... والأسطى لم يكن عمي!




جمال الهمالي اللافي

في فترة السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي ظهر في تصميم البيوت الليبية نموذجاً جديداً- عرفناه جميعنا- تحت مسمى" الدوبلكس".

هذا النموذج الذي تهافت عليه الليبيون بصورة ملفتة للنظر وأصبحت كل شوارع طرابلس والمدن الليبية الأخرى لا تحلو في أعينهم إلاّ بوجوده الفاره. ولأجله هدمت الكثير من البيوت القديمة كي يتوج على أنقاضها كنموذج للبيت الليبي المعاصر.

والغريب في الأمر أن نموذج الدوبلكس بشكله المميز في ذلك الوقت من خلال الشفرات الخرسانية التي تعرّف بسلالم البيت كعنصر مسيطر على واجهاته، لم يأت كتقليد لعمارة الحداثة في الغرب، بل جاءنا عبر المقاولين السوريين.


أي أنه كان إفرازاً لسطوة هذا المقاول الدخيل ومدعوما بتطفل المساح الليبي على معترك التصميم المعماري، في مقابل انحسار القيمة الفكرية والمعنوية للمعماري في السوق الليبي، هذا المعماري الذي لم يستطع أن يضع له قدما على الأرض مثلما لم يستطع أن يغرس الثقة في كفاءته كمصمم في عقلية المواطن الليبي.
وهنا أطرح سؤالي الأول: لماذا لم يستطع أو يتمكن أو يحاول المعماري الليبي في تلك الفترة بسط شرعيته كمصمم ومشرف على تنفيذ مبانيه؟

لنترك هذا السؤال جانبا ونستمر في سرد موضوعنا.

في أواسط التسعينيات ومع إطلالة الألفية الثالثة وبعد مضي 20- 25 عاماً على ظهور هذا النموذج السكني بدأنا نرى انحسارا لهذا النموذج قابله انحساراً آخر لسطوة المقاول السوري، قادها بكل شجاعة واقتدار المعماري الليبي الذي ظهر إلى الساحة في منتصف الثمانيات وبداية التسعينيات من ذلك القرن المنصرم عقوده.

صحيح أنه تأخر قليلا حتى أثبت وجوده. وصحيح أن ظهور فئة المستثمرين في العقارات كان له دور كبير في تغليب كفة هذا المعماري على كفة المقاول. ولكنه في النهاية استطاع أن يفتتح الألفية الجديدة بانتصارات لم تتوقف على صعيد تثبيت قدميه على الأرض وزراعة ثقة عمياء في عقلية المواطن الليبي.
وهنا أيضا نطرح سؤالاً آخر: لماذا نجح معماريو منتصف الثمانينات ومن بعدهم، فيما فشل فيه الرعيل الأول منهم( جيل منتصف السبعينيات)؟
من أعمال المعماري عصام عاشور

الموضوع لم يقف عند هذا الحد. فلنواصل ما هو أهم من هذا السرد التاريخي. وأنا هنا لست بصدد التأريخ للحركة المعمارية في ليبيا، فهذا ليس من شأني ولا يقع ضمن اهتماماتي.

ما دفعني لطرح هذا الموضوع، هو أنني مررت بمنطقة فوجدت جرافة" الكاشيك" يقوم بهدم أحدى تلك الدوبلكسات التي نوهنا عنها، وكان جميع أهالي المنطقة يشاهدون هذا الحدث دون أن يتحرك لهم ساكناً. فسألت نفسي كيف يتم هدم مبنى لم يتجاوز عمره الزمني العشرون عاماً، دون أن نراجع أنفسنا لماذا فعلنا ذلك؟

نعم، لماذا بدأنا نشاهد عمليات هدم واسعة النطاق لنموذج الدوبلكسات في أغلب المدن الليبية، رغم أنه كان مكلفاً في تنفيذه على مستوى الحجم وعلى مستوى كمية الخرسانات التي صبت فيه وعلى مستوى الأموال التي صرفت عليه؟

ولماذا لم يستطع هذا النموذج إقناعنا بأهليته كمسكن يصلح لأن يدوم لفترة أطول؟ شأنه في ذلك شأن نماذج أخرى سبقته بقرون واستطاعت أن تفرض نفسها، على مستوى الشكل والوظيفة والتعاطي مع ظروف البيئة المناخية المحلية، إلى وقتنا الحاضر، حتى وصل بها الحال أن تمّ تشريع قوانين لحمايتها وتأسيس منظمات لرعايتها والحفاظ عليها ونشأت في رحابها مدراس ومناهج تعنى بدراسة تاريخها وسبل ترميمها وإعادة إحيائها.
إجابة هذا السؤال سأتركها لكم.

لأن ما يهمني من طرح هذا الموضوع ليس هذا السؤال، بل الذي بعده.
حوش القره مانللي- تصوير أحمد السيفاو

أخي المعماري الليبي، هل تضع ضمن توقعاتك أن يكون مصير النماذج التي تقوم بتصميمها وبدأت مجموعة كبيرة منها تظهر معالمها على أرض الواقع لتحتل وبقوة مكانتها كنموذج ملهم ليس فقط لليبيين ولكن أيضا للكثير من المعماريين على المستوى المحلي، وربما تلقفتها صفحات الإنترنت لتكون ملهمة لغيرهم، هو نفسه مصير" نموذج الدوبلكس"؟

وهل سيصمد طويلاً أمام سطوة تيارات أخرى من التفكير المعماري؟ أم ستسحقه تصاميم جديدة لتقف على أنقاضه؟
ولا ندري هل سيكون أصحابها ليبيون. أم سيكونون هم أيضا قادمون وبقوة الإقناع والتأثير من خارج الحدود؟

أم تراك قد استطعت بوعي وإدراك أن ترسخ لنموذج مثالي هو الآخر، يحمل بصمتك، ويضاف إلى ما سبقه من نماذج سجلها التاريخ المعماري على أنه قد نجح من حيث كفاءته الوظيفية والمناخية، مثلما عبّر وباقتدار عن هوية وثقافة بيئتنا المحلية؟

الثلاثاء، يناير 08، 2013

تأملات في المعمار




جمال الهمالي اللافي

الفرق بين من يعتمد في تصميماته على منطلقات العمارة الكلاسيكية، وبين من يطارد آخر الصيحات في عالم العمارة.

كالرجل الذي يبني بيته من الحجارة ويحتسبه للزمن ليقيم فيه هو ومن بعده أبناؤه وأحفاده.

والطفل الصغير الذي يفرح بألعاب التركيب وألوانها الزاهية، يصنع منها كل يوم شكلا يعجبه، ثم سرعان ما يمل منه ليرميه بعيدا، ثم يعود ليبني شكلا آخر وهكذا، حتى يرهقه التعب ويأخذه النوم. وعندما تنظر لأثره لا ترى إلاّ الفوضى والحطام.


الاثنين، يناير 07، 2013

فنون تشكيلية




" الهزيع الاخير" اسم اتخذه الفنان أحمد السيفاو عنواناً لمعرضه الذى افتتح اليوم بدار نويجى للثقافة.

اشتمل المعرض على 8 لوحات، تداخل فيها الأاسود والأاصفر....حملت اللوحات فى مجملها ملامح الفرح الذى طرد الظلام بقوة....هذا ما وصلني عبر لوحات السيفاو... الفنان العصامى الذى يواصل اقامة معارضه بروح الفارس الذى يهاجم القلق في عقر دراه ويدحره، ها هو ينشر تباشير الفجر، رغم دامس الظلم ليعلن اندحاره أيضا وبزوغ فجر، طالما كان حلم الفنان الذي تحقق ودفع لذلك فلذه كبده فداء لعيون النهار.

بقلم الكاتبة والصحفية، سالمة المدني





الجمعة، يناير 04، 2013

سلطة المال الدكتاتورية ورحيل حلم المدينة



  
د. مصطفى المزوغي

منذ شهور ومعول الهدم يطول عمارة وعمران طرابلس بفعل قوة المال وغياب الدولة .. الحديث يدور بين الوسط المعماري وينتهى الهمس بالأسف والخجل والإحباط .

معذرة أيتها المدينة ، لقد فعل المال بك فعلته وها هو بأيدي من ينشدون المزيد منه متجاهلين حقيقة تحولك إلى كائن غريب لا يحمل في ملامحه أية ذكريات توقد جذوة الحنين في حكاياتنا .

اليوم أدركت أن فعلة السلطة الدكتاتورية الحمقاء مدفوعة بمؤازرة الرأي الفني اللئيم دفعت بشاطئك بعيداً عن قدميك، وحده ذلك الجيل الذي شهد شاطئك وهو يداعب قدميك يحفظ ذكرياته فمن ولد في ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم لا تملك خزائن ذاكرته تلك الصورة بل يجد في صورة شاطئك اليوم الذي يعج بأبواق السيارات المتسارعة لتغتال كل من يحاول الاقتراب من ذلك الشاطئ الغريب، هي صورة طرابلس اليوم المحفورة في ذاكرته.

اليوم الحال تصنعه سلطة المال، حال جديد يولد مع من ولد اليوم ليشب ويجد صورة أحياء المدينة قد تغير لونها وطعمها وحتى قيمها.

لا أدري كيف يكون غدك يا طرابلس ؟ ولكني متيقنا أنني كل يوم أفقد ملامحك. وكأني بك لن تكوني مدينتي غداً بل أنت مدينة الآخرين.

لم أحزن على هدم الدارة السكنية التي قمت بتصميمها في أول التسعينيات بل أحزنني اغتيال شاهد كان يدون جلسات حوارية فكرية بيني ورفاق الدرب محمد القبلاوي وأحمد امبيص ونحن بفراغ مكتب متواضع أسميناه المكتب الرائد .. حوار يشحن الواحد منا ليجلس على طاولة الرسم يتفانى بكل طاقاته في أن يتقن رسم أفكاره. كنا ضمن التيار الذي تأثر برفض الحداثة والدولية وسعى لتكون عمارة المكان . كنا نتلمس خطواتنا بمساندة الواحد منا للأخر .
تصميم د. مصطفى المزوغي في العام 1990 م.
ونفّذت في ذات السنة بمدينة طرابلس. وتمَ هدمها في ديسمبر 2012 

لن أحاجج البديل ولكني أقول كان هذا الشاهد المحطم محاولة لمرحلة سعت لصياغة عمارة الفناء وبمذاق ليبي.

اليوم ماهي المحاولة البديلة ؟

المصدر/ http://mustafamezughi.wordpress.com/

الخميس، يناير 03، 2013

صناعة النسيج في ليبيا 3



(المرأة الأمازيغية: حارسة النسيج – حارسة الثقافة – 3 \ 3 -


الباحثة الليبية/ سعاد أحمد بوبرنوسة



الباب الثالث / تحليلات أنثروبولوجية


أولا: تقاطع النسيج مع الطبيعة:

تفسيرات لبعض الرموز المستخدمة في النسيج الأمازيغي:
بعد توثيق وتصنيف أغلب الزخارف الموجودة في النسيج الخاص بمنطقة فساطو تبين أن معظم الأشكال هي عبارة عن (أيقونات نباتية حشرية وحيوانية ) مرتبطة بالعبادات التي كان يمارسها أمازيغ جبل نفوسة وأن بعض هذه الزخارف خاصة بالآلهة تانيت التي من رموزها – النخلة- الحمامة – السمكة – ثمر الرمان وقد تكررت هذه الرموز في عينات النسيج المختلفة التي يستخدمها أهل المنطقة في طقوسهم.

ولم يعطى تفسير نهائي لمعنى تانيت حتى الآن ولكن لا شك في أن الاسم من أصل ليبي وكانت تعبد في قرطاج منذ القرنين السادس والخامس ق. ويقال أنها عذراء رغم أنها إلهة من آلهات الخصب وصفاتها عديدة ومختلفة في المراجع وقد استمرت عبادتها حتى القرن الثالث ميلادي في شمال أفريقيا واسبانيا وبنى لها القيصر ( سبتيموس سفروس ) – الذي هو من أصل أفريقي – معبداً في روما ( انظر- د . ادزارد.(
1-    النجـــــــــــوم:
نجمة سيدنا داود:
تظهر النجوم في ليبيا في لوحات الكهوف وفي الوشم وزينة العمارة كما نجد منها نماذج كثيرة في النسيج النفوسي. ولم تقتصر النجوم على الزخرفة والزينة، ولكن نجدها تندمج مع شعائر الإخصاب والحصاد في الإقليم الطرابلسي بشكل عام.
فعـند الانتهاء من الحصاد وتصفية الحبوب يضعونها كوما بشكل هرمى تسمى ” العرمة ” أو ” الغيزة ” ويرسم عليها نجمة سداسية. ويشترط فيهم الطهارة والسكوت، لاعتقادهم بأن الكلام لا تحتمله رسل البركة والاعتقاد الثاني أن النجمة السداسية أو ( خاتم سيدنا سليمان) كما يقولون يرونها خاتما سحريا يجلب البركة لمحصول الزراع وتستجيب له ملائكة إكثار الحبوب ( الإلهة ديمترا ) والوقت المناسب لقدوم هذه الأرواح التي تبارك المحصول في اعتقادهم هو مطلع الصبح أو القيلولة حيث يكون الناس داخل بيوتهم. ( عمر المزوغي – رواية الشيخ محمد عيسى مادي).

2-    النباتـــــات:
إن جو جبل نفوسة جميل ومناخه معتدل ويتميز بقليل من البرد في الشتاء وجفاف في الصيف وقلة الأمطار التي تجعل الأرض جرداء قاحلة ولكن ربيعه جميل جداً. وأعشاب المنطقة أغلبها طيبة لدرجة إنك تستطيع أن تميز رائحة كثير من الأعشاب ومن أهم النباتات والأعشاب البرية التي تنمو في منطقة فساطو والمستخدمة عندهم كغذاء وللمداواة في الطب الشعبي هي: أوزوير/ إيـزري/ تاجغت/ توجفت/ سوتر/ تزوجرت/ الحورمل/ بيبونش/ المرُوبيا/البوقرعون / ( طار ن جـازط / ،الجرجير/ الحارة/ القازول/ ايوانيجن/ تبسّيت ني لغمن/ الجعدة أرماس/ الشندقورة/ أسمومّد/ تقاتوست ن ييجمان/ آتلوجت/ تلتوت آن تيلشين/ تيجغت ( آجن )/ تـجلـيللوت ..إلخ

ويمارس أهل نفوسة السرح لغرض التقاط الأعشاب والنباتات البرية وهناك من يقوم بالسرح إلى الجفارة والطاهر للاتــقاط الترفاس. وبعض هذه النباتات التي تنمو في الجبل يعتبرها أهل المنطقة مقدسة مثل تامدرارت- القباَر: وهي شجيرة برية تنبت في أعالي المناطق الصخرية تستخدم أوراقها بعد وضعها فوق الجبين للصداع وتطهى اوراقها وثمارها مع تمغطال كدواء للمعـدة. وتستعمل دواء للسكرى والكلية ويقال انها سكنت أعالي الجبال لكى لا تدوسها الأقدام وقالت ( عزّ الله من يعز ّنفسه )، تزوجرت/ تزورين = السدر : يقوم الأمازيغ بوضع الحناء عليها لأنها مقدسة.

قينقيط والأكل الطقسي

عشبة القينقيط:
حيث كانت الفتاة الأمازيغية تتناول هذه العشبة مع بعض الأطعمة الأخرى مثل الكسكسي أو الزميتة، حيث تقوم النساء بطبخ هذه العشبة مع الكسكسي وتقديمها للفتاة التي تريد تعلم الصنعة وتصحب هذه العملية بعض الاحتياطات مثل منع هذه الفتاة من الاقتراب من حواف الجبل ( تاحفافت ) وذلك لأن معظم المنازل في قرى الجبل مبنية على حواف صخرية حادة الارتفاع، كذلك منعها من الخروج من البيت الذي تتناول فيه هذه العشبة، وطوال مدة استعمالها، وذلك نظراً لمفعـول العشبة التخديري الذي يسبب للمتعاطية نوع من الهبل أو الذهول العقلي المؤقت. وكل هذا ليس بالشيء الجديد على أمازيغ الجبل ولكن كان شيئا عادياً فهذا ما كانت تتخصص فيه جداتهم في زمن التاريخ الغابر أيام الديانات القديمة التي لا تخرج أبداً عن هذا الإطار زمن الكاهنة دهيه.

3-    الأشجار:
مارس الليبيون عبادة مصادر الطبيعة مثل الأشجار والأحجار الكبيرة والآبار والسحب وينابيع المياه واعتقدوا بأن العالم مليء بالقوى الروحانية. وقد نقش الليبيون على أجسادهم النخلة كوشم منذ أيام الفراعنة، يعود تاريخ تقديس الطـبـيعة وأنسنتها في ليــبـــيا إلى بواكير العصر الحديث، ” ويؤكد عالم الآثار ( فابريتشيوموري) في كتابه الأخير ( انظر المصادر الأجنبية)، أن أول مغامرة في التاريخ البشري لاكتشاف المقدس وما وراء الطبيعة، قد حدثت في هضبة أكاكوس في الجنوب الليبي. وكان ذلك إبان فترة الرؤوس المستديرة في الألف السادسة قبل الميلاد”.

وهناك العديد من الأشجار المثمرة في جبل نفوسة مثل أشجار التين واللوز وكل هذه الأشجار تأخذ ما يكفيها من الماء في موسم الأمطار والتي من بينها أشجار الزيتون وهى منتشرة بكثرة وبعضها في غاية الضخامة ويعتقد أن هذه الأشجار ترجع إلى عهد الرومان أي إلى أكثر من الفي سنة وبعضهم يقول أنها من زمن الفراعنة.

ويميز أمازيغ جبل نفوسة بين نوعين من أشجار الزيتون: ( أخلاف – زيتونة كبيرة – تاخلافت – زيتونة صغيرة ) و( آدقّير- شجرة زيتون عظيمة الحجم وقديمة العمر).
والنخلة بالأمازيغية تسمى تزديت وتكثر أشجار النخيل في جادوا في تلك الواحة الصغيرة التي تعرف بعين الزرقاء – رغم أن ماءها يميل إلى اللون الأخضر – والتي تجبرك عندما تذهب اليها إلى ترك سيارتك جانباً في أعلى الوادي والنزول سيراً على الأقدام ومن صخرة إلى أخرى حتى تصل البحيرة الخضراء.

أ – شجرة النخيل:
وجودها قديم جداً في ليبيا وجد نقشها في اللوحات الصخرية وكـوشم على أجساد الليبيين في زمن الفرعنة وتعتبر من رموز تانيت وجدت نقوشها في بعض المقابر القديمة.
سعـف النخيل:
( بالنسبة الى دلالة السعـف السحرية وعلاقتها ببشائر النبت الجديد والذي يقصد به في بعض الاحيان الانسان والجيل الجديد من النشء يقارن بموضوع وضع جريد النخيل على قبور واضرحة الاولياء وخاصة في صبراته كما هو موجود في الصور وانا اعتقد ان هذه الظاهرة كانت منشرة في اغلب الاضرحة قديما ولكن بمرور الزمن اندثرت واقتصرت على الدواخل فقط(.

وفي بلاد النوبة يوضع سعف النخيل على سرير الميت ليلة الدفن حتى يصبح الجريد صباحاً زينة للمكان الذي كان ينام فيه.

معنى النخلة في النقوش والزخرفة:
نقش رسمة النخلة يعطي نفس المعنى في كل الحالات حيث لا يوجد اختلاف في تأويل المعني سواء كان على الجلد مثل الوشم أو نقش زخرفي على الصخر أو الطين أو رقش على النسيج أو القماش.

وفي كل الحالات السابقة رسم النخلة يعتبر تعويذة وفألا حسنا للشخص الذي يحمله، وذلك بأن يطيل في عمره ليصبح مثل عمر النخلة ، كما أن النخلة تعتبر من الأشجار التي تبذل ثمارها الكثيرة بأقل تكلفة فهي لا تحتاج إلى ري أو رعاية خاصة.

وهناك اعتقاد بأن النخلة أطول الأشجار التي تنبت في المنطقة عمرا ومن يرسمها على جسمه أو ملابسه فسيكون عنده صبر طويل واحتمال عجيب لكل الظروف وعمره يكون طويل وله إنتاج من الذرية كثر. عبدالسلام ابراهيم قادربوه.

وأجدادنا القدماء قدسوا النخلة لأنها ساعدتهم على الصمود في وجه الطبيعة القاسية في تلك الأيام التي كان فيها تفكير الأنسان محدود والطبيعة تهدده باستمرار فكانت النخلة هي الأم التي لم تبخل عن أبنائها بشيء فكل مقتنياتهم كانت في بداية حياتهم منها إضافة إلى انها مصدر للغذاء الذي لا ينقطع ولا يحتاج إلى تعــب في الحصول عليه.


آسان – ليف النخل

وقد أستعمل الأنسان النخلة وألياف النباتات الأخرى في صناعة أغلب مقتنياته التي يحتاجها في حياته اليومية مثل أثاث البيت وأدوات المطبخ والى جانب ذلك نجد جذع نخلة تديره جرارة في معاصر الزيتون في القرى الأمازيغية والتي كان يتم فيها عصر الزيتون بواسطة جمل أغمضت عينه فيسيل الزيت وينصب في جرار ملتصقة بالأرض.

وتعتبر المقتنيات المنزلية المصنوعة من ضفائر المشتقات النباتية كلها مباركة للغلال والثمار، تعـمل ( بطريقة السحر التراحمي) على إكثارها ودوام بقائها. نذكر منها ما يلي:

القفه ( تسونيت ): وهي مصنوعة من السعف ومضفورة وبها نقوش مصبوغة.
الحصير ( تجارتيلت ): نسيج من ( القديم ) تستعمل للجلوس كفراش.
الطبق ( سوي ): نسيج من دوائر ( السلات مخيطة بسعف النخيل يستعمل لتصفية الطحين من النخالة وكاطبق للأكل.
العديلة ( تعديلت ): قفة كبيرة تصنع من أغصان القديم المضفور ، وهو الحلفاء ( الجبلية ) وتحمل فيها الأدباش والماعون .
أوريج و توريت: أوريج ( الشبكة الكبيرة ): تستعمل لجمع تبن الشعير ونقله وتسمى أوريج ن أولم  وجمعها إيرجّــن (الجيم مفخمة).
تــوريــت: ( الشبكة الصغير – تستعمل لجمع ونقل الحطب على الحمير) وربطها.
الغربال ( تالومت ): إطار من الخشب على هيئة دائرة يحتوى على شباك من خيوط قوية من جهة واحدة ويستعمل لغربلة الطحين وتمييز الدقيق من الدشيش فإذا كان واسع الثقب سمي (جلوال) .
آمرار: وهى مجموعة ( تـْزرْون) تضفر على هيئة حبل غليظ ويستخدم للأغراض الثقيلة.

صناعة الشِّـباك ( جمع شبكة):
الشبكة في طريقة صناعتها توضع على أعمدة من الخشب تشبه أعمدة المسدة وهى تعتبر تابعة للنسيج لذلك يضعون الشبكة عند بناء سقف البيت في أومسير اعتقادا منهم أنها تدفع عنهم نفث الساحرين وذلك لكثرة ما تحويه من عقد مشحونة بالتعاويذ السحرية عند صناعتها.

لاحظ تقارب الشبكة المذكورة، بقطعة أفكاي المشبكة التي تستخدم في الحداد.

ب – شجرة الرمان:
يستخدم رمز (حب الرمان) بكثرة في مدينة طرابلس في نوع من الأردية الحريرية ونفس النقشة تستخدم في النسيج في فساطو ولكن يطلق عليها الحجاب، ويرجع ذلك إلى ثمار الرمان التي هي رمز لسيدة الخصب تانيت وقد وجدت بكثرة على شواهد القبور في ليبيا، وقد زخرفة النساء في غدامس بيوتهن بثمرة الرمان كرمز للإخصاب ” وعندما تدخل البيت الغدامسي تجد جدرانه تشهد بمهارة المرأة وذوقها الفني الرفيع .. بما أنتجته من مصنوعات جلدية وأطباق وما أضفته على الأبواب والخزائن من نقوش زخرفية بديعة أشبه ما تكون بالميناء وهي تستعمل في أعمالها الزخرفية مواد قد لا تخطر على بال ولكنها تكفل الديمومة والنظارة انها تستعمل صفار البيض مخلوطاً بمواد أخرى.

وتستعمل زهر الرمان المجفف والمطحون للون الأصفر والمخلوط ببياض البيض للون الأحمر وتستعمل الأعشاب للون الأخضر وينتج عن ذلك الوان ثابتة تصمد أمام الزمن”.

4-    الحشرات والزواحف:
قدس الليبيون بعض الحشرات وأستخدم بعضها الأخر كغذاء، يوجد بين الحشرات الليبية بعض أجمل الحشرات في العالم وأكثرها إثارة للاهتمام . فليبيا غنية بالحشرات المتنوعة التي يبلغ عددها اربعين الف نوع. المصدر ( مجلة الحصاد).

ولقد احتفظ الأمازيغ بإحدى عادات الأمم القديمة وهي تقديس الحشرات والزواحف، ولهذا نرى ما تبقى من هذا المعتقدات في ظاهرة تسمية الحشرات بأسماء آدمية مثل: ( نانا مرارة – تالغـمت ن بابا ربي: نوع من الجراد – علي بوقـتـّـف: نوع من النمل – بوقطيفة: نوع من الدود – فوناس ن تامورت: آكل النمل).

بــريد ن تــليــفسا- طريق الأفـعى

أ – تليفسا ( الأفعى:(
وهناك حوالي عشرين نوعا من الافاعي في ليبيا وهي جميعا غير مؤذية باستثناء ثلاثة أو اربعة أنواع وتجدر الاشارة الى نوعين سامين هما الكوبرا والافعى القرناء أما الكوبرا Naja فهي واحدة من اكبر الافاعي الموجودة في ليبيا وهي تتميز بالرقبة المنبسطة تحت رأسها كغيرها من افاعي الكوبرا ويمكن للمرء ان يشاهد عينات كثيرة من افاعي الكوبرا في متحف قلعة طرابلس.

والافاعي من المخلوقات التي تفضل العزلة وغالبا ما يكون الدليل الوحيد على وجودها جلدها القديم الجميل المخرم الذي تطرحه بكامله ( قارن شكل ولون هذا الجلد بشريط تاحرازت الذي تتركه الجدة بعد موتها واختفاءها – وكذلك علاقة الأفعى بمعتقدات الموت عند الليبيين ). أما الحية القرناء واسمها العلمي اسبيس سيراستيس فأصغر من الكوبرا بكثير ونادرا ما يتجاوز طولها خمسة وعسرين سنتيمترا وهي تقطن الارض الصخرية الجافة في مناطق التلال وسم الافعى القرناء خطير للغاية كما ان رؤيتها صعبة جدا لأن لونها مماثل للون الرمال والحجارة التي تعيش بينها وهي غالبا ما تدفن نفسها تحت الرمال مظهرة فقط قرنيها الشبيهين بالشوك اوهي تتحرك ملتفة على شكل حرف Sويمكن للأفعى القرناء ان تسير بسرعة على الرمال الناعمة عن طريق الحركة المعروفة بالالتفاف الجانبي التي ينتقل فيها الجسم جانبيا على شكلS .( أنظر الصورة رقم 003 – بريد ن تليـفسا).

والثعبان هو رمز للموت والبعث ( الخلود ) ونحن نعرف أساطير كثيرة بخصوص سرقة الحية لأكسير الحياة من البشر ( آدم وحواء ) وكيف أن الحية تغير جلدها ويتجدد شبابها بعد ذلك. ونتيجة لهذه المعتقدات نجد نقوش الثعبان في بعض المقابر القديمة مثل أسلنطة ( ثعـبان فمه مفتوح يلتهم رأس الميت تم يخرج عن طريق الذيل بعد أن يمر خلال فقرات عموده الفقري وعن طريق هذه الدورة يعود الأنسان من جديد إلى الحياة. ولكن ينبغي أن نلاحظ أن تقديس الأفاعي يرجع في ليبيا إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث وجدت رسومها الملونة في كهوف أكاكوس. ( راجع فابريتشيو موري).

ولليبــيين خبرة كبيرة في علاج سم الأفعى وتاريخ الفراعنة شاهد على ذلك. ومن المستحيل أن يتخصص الليبيون في علاج سم الأفعى بدون أن يكونوا لهم خبرة سابقة ومتوارثه في هذا الموضوع. والغريب في الأمر أن هناك نوع من العقارب يعيش في ليبيا يدعى باتوس ذو لسعة مؤلمة جدا. ونحن نعرف ماذا تعنى هذه الكلمة في الأمازيغية وهذا ما يؤكد أن هناك بعض الحشرات التي قدسها الليبيون كما هو كان سائداً عند الفراعنة لدرجة أن وضع الصل كا علامة ملكية على رأس الفرعون.

ومن الممكن أن تكون نقش الأفعى جاء من الطقوس المتوارثة فالليبيون لهم تاريخ حافل مع هذا الكائن الغريب، فقد كانت قبيلة البسلي مشهورة بعلاج سم الأفاعي لدرجة أن أكتافيوس دعاهم ليحاولوا إنقاذ الملكة كليوبترة إثر إقدامها على الأنتحار باستخدام أفعى سامة. ( إوريك بيتس).

وهناك علامة زخرفية منشرة في نقش النسيج الصوفي وهي تأخذ شكل ( الزقزاق ) الذي يذكرنا برمز الماء في الكتابة المصرية القديمة ويسمى ( بريد ن تليـفسـا) أو ” طريق الأفعى”. وهي زخرفة منتشرة في النقوش الليبية منذ العصور الكلاسيكية، في زخارف الثياب والوشم وزينة الزخارف المعمارية في منطقة التخوم.

ب – نانا مرارا – حشرة مقدسة:
هي حشرة يعتبرها سكان جبل نفوسة مقدسة، تكثر في الربيع وأول الصيف وتسكن على سيقان وأوراق نبات الحورمل، وهذه النبتة أيضاً بدورها مقدسة. ويعتقد أهل الجبل ان ” نانا مرارة” هي التي علمت جداتنا حرفة النسيج، وموضوع تقديس الحشرات كان شائع في الحضارات القديمة حيث وجد في بعض النقوش التي خلفها الفراعنة ما يؤكد ذلك.

من الحشرات اشهرها ( الجعـل ) الذي يكثر في ليبيا ويسمى في الليبية الدارجة ” بودرنـَّـة”. وقد اعتمد المصريون القدماء حشرة ( الجعل) قبل حوالي خمسة آلاف عام رمزاً للإله رع – خالق كل شيء ويقوم الجعـل بعمل كناس إذ يفتت روث أو فضلات الحيوانات ثم يدفنها تحت التراب أما انثى الجعل فتفتت جزءا من الروث تدحرجه على الارض حتى يستدير كالكرة ثم تبحث عن مكان ملائم فتحفر حجرا في الارض تختفي فيه آخذة الفضلات معها لتتغذى عليها ومنظر هذه الجحور مألوف جدا في الاراضي.

نانـــّـا مرارا – جدتــنا الكاتبة


5-    الحيوانات والطيور والأسماك:
أ- إيغيدن ( الجديان ): فلهم علاقة بعبادة ديونوسيوس حيث كان الجدي حيوانه المفضل للقربان إلى إله الكروم. وطريق الجديان الذي تنسجه الأمازيغية في نسيجها رمز للخصب. وله علاقة بــ ( بـــان) .
ب- تادبـيرت ( الحمامة ): ويحرم أهل نفوسة اقتحام أعشاش الحمام عند وجود بيض فيها لأنها من الطيور المقدسة عندهم ويقول هيرودوت أن هناك سيدتان من مصر تحولتا إلى حمام وطارت أحدهما إلى ليبيا والأخر إلى بلاد اليونان وقد أسست كل منهما معبدا في بلادها الجديدة. وهناك أسطورة تتعلق بالإسكندر الأكبر إلى سيوه تقول أن ماؤهم نفد وكادوا يهلكون لولا عناية آمون التي جعلت المطر يسقط حتى وصلوا وكان دليلهم في الرحلة زوج من الغربان وقيل من الأفاعي.
ج- تاحوتيت ( السمكة ): وموجود بكثرة في الأضرحة الليبية والمقابر وهي رمز لجسم الميت بعد خروج الروح منه. وتعني الوفرة والكثرة ( رمز أخصاب ) وتعتبر السمكة رمزً من رموز المسيحية وتوجد بكثرة في المقابر المسيحية الليبية وتستخدم السمكة كنقش في زخرفة النسيج في جبل نفوسة. والأسماك كموضوع محبب في الطقوس كان يرى فيها رمز الوجود المتجدد على الدوام لكثرة تناسلها.

ثانياً: تقاطع النسيج مع أعـمال الإنسان:
التحكم في الطبيعة عن طريق السحر – استرضائها بالطقوس الدينية /تكرار أرقــــــام وأشكال الزخرفة وقدرتها على إنجاز السحر.

يحتاج إعداد النسيج اي نوع من النسيج وزخرفته ونقشه إلى أرقام واعداد تتعاقب بانتظام والسيدة التي تتقن فن الرقم هي التي لديها القدرة علي حفظ تلك الارقام المتكررة بتشابه كبير لدرجة يصعب حفظها والتي تترجم الي نسيج ونقش.

وبعد ذلك تحولت أعداد وحسابات هذه الزخارف الي عزائم سحرية وارتبطت بأسماء تتكرر وفقا لنظام ثابت تتوارثه الاجيال لهذا نلاحظ اختلاف الزخارف النسيجية (( تكلاين )) من منطقة إلى أخري كاباو –نالوت – جادو—يفرن وكذلك بين قبيله و أخرى. والتكرار معروف منذ القدم مرتبط بطقوس إنجاز السحر والصلوات الدينية.
وكذلك تكرار الأدعية الدينية كما هي في الوثنية والسماوية يؤكد فعاليتها وضمان إنجاز المقصود.

إن كافة الأدوات والمواد المستخدمة في صناعة المسدة ذات صبغة سحرية مثل غزل الخيوط ( خبل غزلك). وكذلك صباغتها ( لأنه هناك ألوان سحرية مثل الأحمر والأزرق المستخدم في الزخارف النسيجية ( تكللاين ) وهذه الزخارف عبارة عن حرز أو حجاب لصيانة من يلبسها من أذى الاعمال السحرية.

وكانت الآلهة او الأرواح أو أهل الجان كما يقولون هي من خدم هذه الاسماء التي تتكرر وهم الذين يحضرون في هذه الحالة فينجزون مقطوعــة النسيج. لهذا نلاحظ أن بعض النساء يذكرن بعض الكلمات الغير مفهومه عند إعداد المسدة والانتهاء منها. وهذه الكلمات من أسما الجان والمقصود بها ان هناك من يحضر وينسج مع النساجة لأنه هناك اعتقاد أن النساجة لا تنسج لوحدها وانما معها اسم الله العظيم ( الجان ). وهكذا هي معتقداتهم المتوارثة من الديانات القديمة.

أي من الممكن أن نقول أن الزخارف والنقوش ليست الهدف منها لتزين الملبوس وإنما هي تعاويذ للحماية من الشرور والأمراض وتختلف هذه الزخارف من منطقة إلى أخرى في جبل نفوسة.

النسيج والطقوس السحرية للتحكم في الطبـــيعة:
العـقـّادة المستخدمة في جبل نفوسة: ربط فم الذئب – إيقـَّــان نيمي نوشـّـن/
تستخدم هذه الطريقة في منطقة فساطو عندما يرجع القطيع من المرعى ويجد صاحبه أن أحد خرافه قد ضاع ولم يجده. وحتى يطمئن صاحب القطيع على خروفه المفقود في تلك الليلة حتى الصباح من الذئب، يذهب إلى أحد الشيوخ والمقصود الفقهاء والمرابطية لربط فم الذئب ويأخذ معه خيط نيرة لعمل العقادة التي يعتقد أنها تحمي خروفه طيلة فترة غيابه من كل ضرر. وهناك طريقة معينة تستخدم لعمل العقادة يقوم بعملها الشيخ تتلخص في عمل سبع ربطات في خيط النيرة حتى يحصل على عقدة – أي يربط خيط النيرة سبع عقدات وفي كل عقدة بقراءة آيات من القرآن وكلمات سحرية وهذه الكلمات غير معروفة الأن وبعد ربط خيط النيرة يطمئين صاحب الخروف من الذئب المفترس في الغابة تم تخزن العقادة وبعد ذلك يذهب إلى الغابة ويجد خروف ويرمي العقادة ويقدم إلى الشيخ تعب يديه( البياض ) وفي الغالب يكون عبارة عن حارة من بيض الدجاج أو صحن من البسيسة. رواية مريم خليفة.

العـقـّادة المستخدمة في الجنوب التونسي:
يقول محمد المرزوقي أن كلمات العقادة في تونس تحفظها النساء اكثر من الرجال. ويعتقد الناس أن هذه العقادة إذا تليت عن طهارة وبإخلاص نية منعت الغنم من كل ضرر بشرى أو حيواني، وارجعت اليها الشاة الضالة سليمة.

وصورة التلاوة أن يأخذ صاحب الغنم سبع بعرات من أبعارها، أو سبع ( نوايات ) من نوى التمر يضعها في يده اليمنى ويقرأ عليها ( العقادة).
وهذه بعض الكلمات المستعملة في العــقادة:
ياليل، ياليل لم على طرفيك – وبعد على شر ما فيك – من الإنس والإنسية – والجان والجانية – والحنش اللي يطوف – والعقرب العكوف – والأفعى النفوخ – والذئب الطرماس – والكلب النسناس – والخانب الدعاس – والصيد الاعرج – والزغد الامرد – والخيل اللي سارت- والتريس اللي دارت….. إلخ. ويعيد هذه الكلمات ثلاث أو سبع مرات، ثم يدفن البعـرات أو النوايات السبعة المجموعة في يده في مبيت الغنم، فيحرسها الله – حسب اعتقادهم من كل شر من الأنسان أو الحيوان. محمد المرزوقي – سعد الخادم.

النسيج وطقوس الإنتقال: شعائر الإنتقال ( الإخصاب – الموت.(
يتميز أهل فساطو بصناعة الألبسة الطقوسية التي تستخدم في أحتفالات الميلاد والبلوغ والطهور:

أولاً: الإنجـــــاب:
في القديم كان استخدام تاقدوارت شرط أساسي وضروري للمولد الذكر- عندما ينجب الطفل ( ذكر أو أنثى) وفى أول أيامه تلبسه أمة قطعة جرد على طبقتين وبها فتحة يدخل فيها راس الطفل وتخاط من الجانبين تسمى تاقدوارت وكذلك تلبسه قطعة جرد صغيرة مستطيلة قليلاً ( تاسكوفيت ) على رأسه ثم تضع فوقها عصابة من الجرد أيضاً تسمى ( تاعصابت).

أما في الوقت الحاضر فلابد من احضار لوازم للمولود الجديد في أشهره الأولى مثل قطعة فراش وغطاء ووسادة صغيرة من الصوف تصنعها الجدة عادة وعدد من الألبسة المتمثلة في قطع من القماش الأبيض التي يلفون بها جسم المولود الجديد تسمى ( قماميط ) حيث جرت العادة على لف المولود بهذه القطع وشد وثاقه بشريط قماش طويل من نفس النوع من رقبته إلى قدميه خوفاً عليه من تعوج عظامه حسب اعتقادهم.

ثانياً: الختــــــــان للذكور:
في اليوم المحدد للطهور تفرش حصيرة جديدة، ( الحصير يستعمل في الختان – الزواج – الموت) و ترش الحنة عليها ثم يأخذوا القرنفل والقمام ونبتة العياطة، ويخلط كل ذلك في إناء ويرش بالماء ثم يحضر قماش أبيض، ويقطع إلى قطع مستديرة الشكل ثم يأخذ حفنة ملء اليد من العطرية ويوضع في قطع القماش ثم يربط بخيوط زرقاء وحمراء، ثم تعد منها صرر صغيرة على عدد الناس( 30 أو 40 صرة)، وتوزع على الناس يوم الطهور وكل صرة معها معجونة من الحنة.

ملابس الطفل المختون:
في يوم الطهور تلبس الأم ولدها لباس يتكون من قميص ابيض طويل وفرملة – توضع فيها النقود المهداة إليه. ويخضب على كتف القميص الأبيض بصبغة الزعفران نجمة سيدنا داود.
ثم تضفر له شوشة ” قضيب من شعره يترك لهذا الغرض وهو في قمة الرأس ” وتوصل بالشوشة تمائم وخيوط خاصة تسمى ” قطاية “وهي عبارة عن عقيق ملضوم لضماً خاصاً تنتهي بنورة منوعة الالوان من خيوط زاهية وبينما يلبس القبعة الحمراء ( كمبوس ) تزينه خميــــسة وقـــرين وتمائم أخرى وترى القطاية ترجح اسفل الكتفين وبعض الاحيان يلبس معرقة اسفل الطاقية الحمراء “. ثم تفرش حصيرة في المكان المعـد للختان، وتوضع في وسطه قصعة مقلوبة، مغطاة بقطعة قماش بيضاء، ويغربل الرمل الناعم النظيف فوقها بالغربال. ثم يستدعى الطهار ويجلس مقابل رجل آخر يمسك بالولد حيث يجلسه فوق كثيب الرمل الناعم، ويتم ختانه.
وتعتبر الحصيرة نوع من النسيج البدائي الذي أستخدمه الأنسان الليبي القديم عند الدفن وبما أن الطفل في فترة الختان يعتبر ميت حتى ينتهي ختانه لذلك تستخدم الحصيرة التي تعتبر رمز للموت.

التصفيح الفتيات عند البلوغ:
أولاً التصفيح:
وهى عادة يستخدم فيها النسيج لتصفيح الفتيات في عمر معين وتختلف طقوسها من منطقة إلى أخرى وتستهدف كل فتاة لم تبلغ سن البلوغ بعد أي لم ( تحيض ) بعد وذلك من أجل الحفاظ على عذريتها ( بكارتها ) حتى الزواج وتقوم النساء بتصفيح بناتهن خوفاً عليهن من أي طارئ وهذا حسب اعتقادهن والتصفيح يتم بعدة طرق أكثرها انتشارا هي المسدة.

وتتلخص طريقة المسدة في الأتي:
المسدة هي النول الخشبي اليدوي الذي تصنع منه الأردية التقليدية مثل الحولي والعباءة والأغطية الصوفية مثل البطاطين. وقبل أن تتم عملية النسج أي عند الوصول إلى المرحلة الأخيرة يستعمل المنسج في طقس التصفيح حيث تجمع عجوز كبيرة بالحي فتيات المنطقة الغير بالغات وتذهب بهن الى أحد المنازل التي يقوم أهلها بصناعة المنسوجات اليدوية ( أي يستعملون مناسج في بيوتهم ) وتأمر العجوز أحد الفتيات بأن تمر سبع مرات متتالية من بين نسيج المسدة المقسم إلى نصفين من الوسط ثم تعود مرة أخرى بعد أن تضرب على مؤخرتها وتأكل حبة زبيب أو حبة تمر وتردد جملة ( أنا حيط والرجل خيط ). ولابد أن تكون صاحبة النسيج في المرحلة الأخيرة أي قبل الانتهاء من صنع قطعة الجرد أو العبي.

وهكذا بالنسبة إلى بقية الفتيات ثم ترجع بهن إلى بيوتهن وتطلق كلمة مصفحة على كل فتاة مرة من خلال المنسج سبع مرات. وعند وصول الفتاة إلى مرحلة الزواج وبالتحديد في يوم دخلتها لابد من فك أو إزالة هذا التصفيح.

طريقة فك أو إزالة التصفيح:
بعد الانتهاء من مراسم الزواج في يوم الخميس وقبل خروج العروس إلى بيت زوجها( يوم الدخلة) يقاس على طولها خيط النيرة الأحمر من رأسها حتى أصبع قدميها بالتمام والكمال هذا إذا كانت الفتاة مصفحة بالمسدة ثم يحرق هذا الخيط في إناء ويوضع عليه قليلاً من رب التمر ثم تتناول الفتاة هذا الخليط بإصبعها سبع مرات في كل مرة تقول أنا خيط والرجل حيط. وبهذا تكون عملية التصفيح قد زالت وانتهت. ويقال أن العباءة التي استعملت أثناء عملية التصفيح تصبح مقدسة ومباركة وتحفظ النسوة كل ملابسهم إلى جانبها حتى تقفز منها البركة إلى ملابسهن. ويمثل هذا الطقس اعترافاً رمزياً بخصائص الصوف المهمة.

ونلاحظ أن في كل طرق التصفيح السابقة الذكر تكرار للرقم 7 وهذا الموضوع له دراسة خاصة بالأرقام في المعتقدات السحرية.

ثالثـــــاً: الزواج:
1-    قناع العروس الهاربة – تــــامــروالت:
وفي المعتقدات اليونانية القديمة يقال لها الخطيفة وهي الطريقة التي كانت تتزوج بها المرأة قبل تشريع الزواج، وتسمى ( تامروالت) عند أهل فساطو، ومازالت هذه العادة تمارس إلى يومنا هذا، وتهرب العروس قبل قدوم ( الصرة ) إلى أحد أقاربها اللذين يسكنون بالقرب أو جيرانها، وبعد أن يقدم أهل العريس (الصرة)، يذهبون مع أهل العروس إلى البيت الذى هربت إليه العروس حيث يقومون بإرجاع الفتاة الى بيت اهلها في موكـب من النساء يمسكن بأطراف عباءة من الصوف مزخرفة تسمى ( الدخليـليت) وذلك لتغطية العروس. وقبل عودتها الى بيت أهلها تتعرض العروس الهاربة لبعض الشعائر والطقوس فهناك تستحم ثم تخلع قريباتها البخنوق ( آبحنوق) الذى تـلبسه ويـظفر شعرها بالعطرية وتوضع الضفائر إلى الامام بعد ما كانت تختفى تحت البخنوق وموضوعة الى الخلف ثم يتوجب عليها أن تجلس فى إحدى زوايا البيت المنعزلة بعد ان تلبس جردا قديما وتغطى وجهها خوفا من ان تسرق النساء جمالها ويأخذون بهجتها وتسمى حينذاك ( تـاشيانـت). وتحاول العروس أن تؤخر عودتها لـبـيت أهلها إلى اخر النهار. ومن الطريف أن هذا الطقس يرجع إلى عصر اليونان – راجع (عماد غانم).

2-    لثــام العريس الفساطوي:
كان من العادة ان تقوم حاشية العريس في عشية يوم الخميس بوضع لثام حول وجه العريس بحيث لا يظهر إلا عينيه وعادة يكون اللثام قطعة قديمة من ” الجرد الأشخم ” وبعد ذلك يمتنع عن الحديث مع أي أحد إلا خادمه الخاص ويكون عادة زنجيا. ولا يأكل إلا من تحث اللثام ويقدم له خادمه الأكل من وراء ظهره. ويعتزل الناس إلى أن يصل موعد دخوله على عروسه. ويعتقد أهل المنطقة أن هذه العادة تمكن العريس من الانفراد بنفسه وطلبا للراحة النفسية وللتخلص من القلق والاضطراب النفسي الذي يعتريه عادة عند اقتراب الدخلة. فيلتزم الصمت والهدوء. وكذلك لتفادي أحاديث حاشيته وضيوفه المثيرة للاضطراب وخاصة فيما يتعلق بفض البكارة وصعوبتها وعمليه ” الربط ” و ” التصفيح ” وهي أحاديث تثير البلبلة وتشتت الذهن وتسبب الارباك عن طريق الايحاء النفسي. / راجع طقوس الربط والتصفيح وطريقة التخلص من آثارهما. تجدها في العرس الطرابلسي.

قناع إلهة الموت – تماثيل ليــبــية من العصر الإغريقيي

عادة ارتداء الأقنعة في مناسبات مختلفة:
القناع هو في حد ذاته تجسيد لفكرة أو انفعال أو شخصية حلت في شخص مرتدى القناع.
يلجأ الأنسان إلى القناع في حالة وجود فكرة يحاول التعبير عنها وهو في حد ذاته تجسيد لفكرة أو أنفعال أو شخصية حلت في شخص مرتدى القناع. وأول من أستعمل الأقنعة هم الآلهة ثم قلد البشر آلهتهم بعد ذلك في طقوسهم المقدسة.

العريس يأخذ درو أوزيريس وتموز والغريب في الأمر أن أوزيريس له لثام أزرق اللون خاص به؟ وهناك من يعتقد أن لثام الطوارق الأزرق هو نفسه لثام أوزيريس. والعروس دائماً تمثل ألهة الخصب والنماء مثل عشتار وتانيت وديمترا.والغريب في الأمر أن كل من عشتار وديمترا لهم أقنعه خاصة بهم. / يقارن هذا الموضوع بالعريس الأمازيغي عندما يرتدى لثام الجرد الأشخم؟ / يقارن بلوحات الكهوف عندما يرتدي الصياد القناع؟ / راجع قناع نيث وبرسيفوني في الباب الأول. ( انظر الصورة رقم 005.(

حواشي العروس السبعــة – هدية الزفاف:
تأخذ الفتاة المقبلة على الزواج عند خروجها من بيت أهلها هدية الزواج إلى بيت الزوجية والمتمثلة في مجموعة من المنسوجات الصوفية في الغالب تكون من صنع يديها وتسمى ( بسبعة حواشي ) والمقصود بذلك سبعة عباءات وهي عبارة عن عدد 5 تلوباو تتمثل في ( تلابا – وتاقوسيت – وتدخليليت – وأزداد ) وإضافة إلى ذلك مقنى واحد فقط – وتافراشت واحدة فقط ). / المقــنى لا تستعمله إلا الفتاة المقبلة على الزواج فهو علامة اجتماعية فارقة ويلبس في المناسبات.
العـصاب وطقوس الهمس في الجرة:
أما عند الزواج فيستعمل أعصاب مع طقوس أخرى خاصة بتجدوت. يوم الخميس عند المساء يفتح شعـر العروس في وسط حشد من النساء والصبايا وتحضر أم العروس تجدوت وتاعصّـابت، بطلب من السيدة المتخصصة بشؤن العروس ( خادمة العروس ) وتجدوت هي جرة صغيرة من الفخار بها اربع عروات، وتقوم خادمة العروس بالهمس في الجرة بكلمات سحرية ثم تغطيها بقطعة قماش أبيض فوق فتحة الجرة وتربطها بأعصّاب ثم ترسم طلاسم على هيئة علامات سرية ( نجمة وهلال…إلخ ) بالزعفران على المساحات البيضاء فوق فوهة الجرة تم تربط خيط من خيوط الضفائر ( الزرقاء والحمراء) في كل عروة من عروات الجرة الأربعة.
وليس من الضروري أن توجد هذه الجرة في كل بيت بل من الممكن استعارتها.

بعد ذلـك تضع أحد القريبات يديها على رأس العروس، وتصنع بأصابع يديها معاً ( الإبهام والسبابة من كل يد ) شكل على هيئة معين، ويتم إحضار: زيطيو ( وهو علبتين من الخشب على هيئة معين بغطاء متحرك) مملوء بالزيت، وتقوم خادمة العروس بمص الزيت من ( زيطيو ) وصبه في وسط ذلك الشكل ( المعين ) فوق شعر العروس سبع مرات.

وبعد أن ينساب الزيت على الشعر، تقوم النساء بظفره على أربعة ضفائر، ضفيرتان من الأمام وضفيرتان من الخلف، وتربط كل ضفيرة بالخيط الذي كان يزين عروة (تجدوت).، تم يوضع فيما تبقى من الزيت الذي تحتويه تجدوت سبع فتايل من الكتان تبقى مشتعلة طيلة الليل.

تفسير لمعنى الهمس في الجرة:
من السهل إدراك أن الجرة الصغيرة ( تجدوت) المذكورة أعلاه، ترمز إلى الفتاة العذراء. وعملية ( الهمس: أو نفخ الأنفاس هو رمز ديني قديم يمثل طقس الجماع والإخصاب ). فكل ذلك يمكن فهمه على أنه طقس واضح لعملية الزواج التي يؤمل أن تكلل بالإخصاب. وليست الشعائر والطقوس سوى بقايا صلوات وأدعية.

والهدف من ذلك الطقس الديني السحري: هو رصد نشاط الزوج والسيطرة على أقواله وإسكاته تمام عن الاحتجاج ورفع صوته ضد زوجة المستقبل. وهكذا فالمرأة الأمازيغية مثل أية إمرأة أخرى: إن لم تـنـل نصيبها من العـلم، سعـت ( إلى تراثها في الماضي علوم الجدة القديمة) وراء السحر والشعوذة.

والهمس فى الجرة يوجد في تراث اليهود حيث يقولون للمراة في حالة الوضع: ” قوليها فى الجرة ماتقوليهاش بره”، وهناك مثل من جبل نفوسة يقول: ” موش ساد شهدغ دى تجدوت”.
رموز شكل المعـين: يتكرر في شكل الأصابع – وشكل زيطيو ( وهو أسم إحدى الوحدات الزخرفية) – وهو نفس الشكل الذي يرسمه العريس بمعجون الحناء على الصخرة أو جدار الحائط. وهو يشبه الوحدة الزخرفية المسماة ( طيط ن تماللا – عين الحمامة)، وهو يرمز في مدينة طرابلس إلى ثمرة الرمان، حيث يوجد كوحدة زخرفية في رداء الحرير المسمى ( رداء حب الرمان). وشكل المعـين عـن طريق أصابع اليد، كما سبق ذكره، هو رمز كوني قديم ويرتبط في الصين بولادة الإله ( بـــوذا ) من عذراء سوداء، ثم ارتبط بولادة السيد عيسى المسيح عـليه السلام، فيما بعد. ( انظر محمد الطاهر التــير).

وهذه على أي حال كلها علامات ترمز إلى أيقونات الإخصاب المتعلقة بالمرأة.

زخرفة حب الرمان أو الحجاب

المصدر/ موقع تاوالت- http://www.tawalt.com/?p=10638



المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية