أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الجمعة، يناير 04، 2013

سلطة المال الدكتاتورية ورحيل حلم المدينة



  
د. مصطفى المزوغي

منذ شهور ومعول الهدم يطول عمارة وعمران طرابلس بفعل قوة المال وغياب الدولة .. الحديث يدور بين الوسط المعماري وينتهى الهمس بالأسف والخجل والإحباط .

معذرة أيتها المدينة ، لقد فعل المال بك فعلته وها هو بأيدي من ينشدون المزيد منه متجاهلين حقيقة تحولك إلى كائن غريب لا يحمل في ملامحه أية ذكريات توقد جذوة الحنين في حكاياتنا .

اليوم أدركت أن فعلة السلطة الدكتاتورية الحمقاء مدفوعة بمؤازرة الرأي الفني اللئيم دفعت بشاطئك بعيداً عن قدميك، وحده ذلك الجيل الذي شهد شاطئك وهو يداعب قدميك يحفظ ذكرياته فمن ولد في ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم لا تملك خزائن ذاكرته تلك الصورة بل يجد في صورة شاطئك اليوم الذي يعج بأبواق السيارات المتسارعة لتغتال كل من يحاول الاقتراب من ذلك الشاطئ الغريب، هي صورة طرابلس اليوم المحفورة في ذاكرته.

اليوم الحال تصنعه سلطة المال، حال جديد يولد مع من ولد اليوم ليشب ويجد صورة أحياء المدينة قد تغير لونها وطعمها وحتى قيمها.

لا أدري كيف يكون غدك يا طرابلس ؟ ولكني متيقنا أنني كل يوم أفقد ملامحك. وكأني بك لن تكوني مدينتي غداً بل أنت مدينة الآخرين.

لم أحزن على هدم الدارة السكنية التي قمت بتصميمها في أول التسعينيات بل أحزنني اغتيال شاهد كان يدون جلسات حوارية فكرية بيني ورفاق الدرب محمد القبلاوي وأحمد امبيص ونحن بفراغ مكتب متواضع أسميناه المكتب الرائد .. حوار يشحن الواحد منا ليجلس على طاولة الرسم يتفانى بكل طاقاته في أن يتقن رسم أفكاره. كنا ضمن التيار الذي تأثر برفض الحداثة والدولية وسعى لتكون عمارة المكان . كنا نتلمس خطواتنا بمساندة الواحد منا للأخر .
تصميم د. مصطفى المزوغي في العام 1990 م.
ونفّذت في ذات السنة بمدينة طرابلس. وتمَ هدمها في ديسمبر 2012 

لن أحاجج البديل ولكني أقول كان هذا الشاهد المحطم محاولة لمرحلة سعت لصياغة عمارة الفناء وبمذاق ليبي.

اليوم ماهي المحاولة البديلة ؟

المصدر/ http://mustafamezughi.wordpress.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية