أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأحد، نوفمبر 30، 2014

الاستعمالات الوظيفية وأثرها على الهوية المعمارية لمباني المساجد التراثية






 أ . لطفي على محمد سنان*

الملخص:                                                                   
إن غياب الوعي الثقافي الموروث لدى المشرفين على المساجد التراثية يمثل إشكالية بحثية لهذه الدراسة التي تهدف لتقديم رؤية عملية لبعض المعالم التاريخية في ليبيا فى مدينة خاصة والتي إجريت عليها ترميمات وتحويرات من قبل قائمين على الإشراف على المباني التراثية وفي غياب طرق وأساليب الترميم والصيانة ونظرة الحل الواقي لمواكبة التقدم وبدون النظر للمعالم الثراثيةوالمحافظة عليها حتى تعيش للأجيال القادمة بنفس الجوهر والوظيفة مما يعكس و بأمانة وصدق الهيكلية الأولية والوظيفية لهذه المعالم فقد نلتمس العذر لبعض المشرفين في هذه المساجد في التطوير والتحوير مما يؤدى إلى تشويه المسجد بمواد بناء دخيلة على المواد الأصلية وكتل الخرسانة بشكل جديد مما يتنافى مع هوية المسجد وهذا نص ورقتنا البحثية لمسجد الباشا (مسجد الحميدية) بمدينة الخمس.

المقدمة:
لقد ارتكب العديد من المشرفين على المساجد وخاصة التراثية أخطاء كبيرة عندما قاموا باجراء تعديلات واضحة على المساجد بدون الرجوع إلى القيم الثراتية والطرق والأساليب العلمية للصيانة و الترميم مماشوه المعالم التاريخية.

إن البعد الفني الابداعي المعتمد على جمال التصميم والزخرفة وفن البناء وارتباط الجانب الديني والروحي وما يربط الإنسان المسلم بهذه الأبنية هو ارتباط روحي ومن هذا الارتباط استطاع المعماري المسلم توظيف الإمكانيات من مواد بناء وإبداعات هندسية وطرز معمارية وقد انعكس هذا المنطلق الديني في صورة مادية أعطت داخل المسجد أجواء روحانية تقرب العبد من ربه وتعطيه مهابة تجاه خالقه.

إن عمارة المساجد من أهم ركائز المعمار الاسلامى وهى المرآة الصادقة التي تنعكس عليها المقومات البيئية المحلية والحضارية للسكان في كل عصر من العصور سواء كانت من الناحية الاقتصادية اوالاجتماعية .
ولقد حملت هذه المعطيات تفاصيل للقيم الجمالية المعمارية و استمرت تحملها للحضارات اللاحقة.

-2 مشكلة البحث:
      تعتبر المباني التاريخية من أهم رموز المدن وخاصة العربية والاسلامية، والتي تكسب المعنى الحضاري والاجتماعي والنفسي، وبالرغم من المحاولات المتعددة مع تلك المباني لحمايتها وتطويرها، إلا أن الحلول التقليدية، وسياسات التنمية غير الواضحة أو المدروسة لم تستطع أن تستجيب للاحتياجات الحالية، أو تحقيق التجانس بين الأنماط التاريخية ومتطلبات التنمية، بالإضافة إلى إغفال البعد الثقافي والاجتماعي للموروث المعماري والعمراني.

ويناقش هذا البحث : مشكلة الإهمال الوظيفي والإنشائي والتخطيطي للمباني التاريخية بمدينة الخمس ومسجد الباشا مدينة الخمس كنموذج للدراسة، وهدا المسجد تعرض أجزاء كبيرة منه لتحوير وإضافة محلات وترميم وصيانة  باستخدام طرق وأساليب غير ملائمة مع طبيعة برغم ان المسجد يشغل موقعاً هاماً من مركز المدينة، وتُمثل أصالة قيمة تاريخية لمدينة الخمس.

3- الحفاظ على التراث العمراني والمعماري :
  3--1 التعريف بالحفاظ على الموروث:
      الحفاظ على التراث هو العمل الذي يتخذ لصيانة ومنع تلف أو تلاشي جزء أو كل عناصر المبنى (أو المنطقة التاريخية) والتأثير في المجموع سواء من الناحية التاريخية أو الفنية أو الأثرية، ويشمل كافة الأساليب التي تتيح صيانة وإطالة عمر هذه المباني واستمرارها، وتحت مظلة هذا المفهوم توجد مستويات ودرجات تشكل منظومة متكاملة لأساليب التعامل والمعالجة للمبنى ذو القيمة.

3--2أهمية الحفاظ على الموروث التاريخي:
      إن تأكيدنا على ضرورة الحفاظ على الموروث، والذي لا يتعارض في مضامينه مع احترام العصر والتناغم مع الحداثة ما دمنا لا نتنكر لتراثنا، إنما ينطلق مما أكدت عليه الدراسات والأبحاث على أن التراث أدى –ولا يزال يؤدي- دوراً مهماً في عملية التنمية الوطنية الشاملة، وذلك من خلال العودة للجذور وتفعيل العناصر الثقافية والاجتماعية الوطنية وشحذ الجوانب الروحية والقيمية وتأصيل شتى أوجه الحياة، وكل هذه الأمور ترتبط بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة بالتراث، وينطبق هذا على المجتمعات التي تمر بتغيرات جذرية (الدول النامية وبشكلٍ خاص الدول العربية) والتي تجد نفسها في مرحلة انتقالية بل لربما في مفترق الطرق بين القديم والجديد، والأصيل والدخيل.

      مما تقدم وللنقص الذي يتعرض له تراثنا نرى أن حفظ التراث العمراني والمعماري تجربةٌ مهمة جداً، فهي تعبر عن درجة الحضارة لشعبٍ معين من خلال ما يوفره المجتمع وقوانين الدولة من حماية لقيم البيئة الحضرية والحضارية.

      وبذلك يسهم الحفاظ العمراني والمعماري في التصدي للأضرار والتخريب التي يتعرض لها التراث، مما يُطيل في عمر الموروث، مؤكدين أن الحفاظ لا يعني الإكثار من المتاحف وفصل المباني القديمة عن الحياة المعاصرة، إنما يعني منح حياةٍ جديدة لهذه المباني (أو الوحدات التخطيطية الموروثة) وجعلها ذات وظيفةٍ ومصدراً للإلهام في كل ما ننتجه ونعتمد عليه اليوم، وفي هذا تعتمد حركة الحفاظ على التراث على وعي جميع الناس، عن طريق التربية والتعليم، إلى جانب توفير الأموال وطلب التمويل والعون من منظمات دولية مهتمة بالحفاظ على التراث كاليونسكو مثلاً، إنه من الضروري أن يأخذ سكان القرى والمدن والمواطنين في كل مجتمع، على عاتقهم إحياء المباني (ليس بالضرورة تمويل هذه العملية مادياً من قبلهم، إنما الإيمان بضرورة هذه العملية) ولكن للأسف لا يدرك السكان –في الغالب- ضرورة الحفاظ على التراث الروحي والثقافي الذي لا مثيل له، إنهم يفتقدون إلى الوسائل والتعليم الثقافي اللازم، وإلى الوعي بالحاجة إلى الاشتراك في إحياء التراث وإلى إيجاد رباط بين ماضيهم وحاضرهم المتغير ومستقبلهم، وبمثل هذا الوعي يصبح الحفاظ عمليةً شعبية شاملة.

3--3 أساليب الحفاظ على الموروث التاريخي:
      لعملية الحفاظ على الموروث التاريخي أساليب عديدة تطرقت لها الكثير من المصادر والدراسات، ويمكن تلخيصها بمجموعة عمليات تختلف في درجة تحويرها وتغييرها في جسد المبنى التراثي أو النسيج الحضري الموروث.

1-2-3إعادة البناء Reconstruction :-
      إعادة بناء الأبنية المتدهورة في موقعها أو إعادة بناء جزءٍ كبيرٍ منها لإكمال المبنى وإرجاع شكله الأصلي (قدر الإمكان اعتماداً على دقة الوثائق المتوافرة عن المبنى) ويمكن أن تتم عملية إعادة البناء إما من خلال إعادة التشكيل Reconstitution وذلك بإعادة البناء للمبنى في حال تعرضه لانهيار مفاجئ مثلاً، وذلك من خلال استعمال بقايا الأجزاء الأصلية لنفس المبنى، وقد يكون إعادة البناء من خلال النقل Transfer وذلك في الحالات التي تقتضي نقل المبنى من موقعٍ إلى آخر أكثر ملاءمةً.

2-3-3الإبقاء Preservation:-
      وهي عملية حماية النصب أو المبنى باستخدام أساليب خاصة تهدف إلى إيقاف أو محاصرة التهرئ وتجميد الهيئة الحالية للمبنى.

3-3-3- الاستنساخ Replication:-
      وهي عملية نسخ طبق الأصل لعنصر معين وذلك لتعويض الأجزاء التالفة أو المفقودة في المبنى وغالباً ما تكون من اجزاء زخرفية.

4-3-3- التقوية Consolidation:-
      وتكون من خلال الإضافة الفيزياوية أو إضافة مواد مثبتة أو لاصقة إلى النسيج الأصلي للمبنى.

5-3-3الصيانة Restoration:-
      وهي تتضمن إعادة بناء الاجزاء المفقودة والتالفة والمتعرضة للأضرار في المبنى باستخدام مواد جديدة متوائمة مع مواد المبنى الأصلية لإعادة الشكل الأصلي للمبنى.

6-3-3منع التهرئ Deterioration Perversion:
      ويقصد بها السيطرة على الظروف البيئية ومنع عوامل التعرية والتلف من إلحاق الضرر بالمبنى وحمايته من الإهمال والسرقة وغيرها.

7-3-3إعادة التأهيل Rehabilitation:
      ويُقصد بها إعادة تهيئة المبنى وإحيائه لغرض استعماله، إما لوظيفته الأصلية أو لوظيفة أخرى مع إجراء بعض التحويرات والتغييرات في الفضاءات، بما يتلاءم مع الفعاليات الجديدة .

4- إعادة تأهيل التراث العمراني والمعماري :
-1-4المفهوم العام لإعادة التأهيل:
      يعتبر أحد أهم أساليب الحفاظ على التراث وأكثرها حساً بالناحية الاقتصادية، وتدور فكرته حول إمكانية إعادة تأهيل واستخدام المبنى أو الفضاء (المغلق أو المفتوح) لأداء وظيفة جديدة مع إجراء بعض التحويرات والتغييرات بما يتلاءم والاستخدام الجديد له، على أن تتناسب الاستخدامات الجديدة مع المكان والعصر، وتتلاءم مع البيئة وتحافظ في نفس الوقت على الشكل الخارجي والعناصر الأساسية والفنية للمبنى أو الفضاء بما يضمن احتفاظه بالقيم التاريخية والفنية.

      ويستمد هذا الأسلوب قوة الدفع من خلال الحس الاقتصادي، ويقصد به تكلفة الإصلاح والصيانة وعلاقتها بالعائد الاقتصادي المأمول، وذلك لكون إعادة الاستعمال بشكلٍ صحيح يعني استمرار تواجد أشخاص في البناية مما يحتم أن تكون البناية في حالة فيزياوية جيدة صالحة لتوفير الظروف البيئية المناسبة للمعيشة مما يترتب عليه صيانة مستمرة لديمومة المبنى، كما أن عملية إعادة تأهيل مبنى تراثي (أو مجموعة من المباني) تتطلب صيانته مما يستوجب في أحيانٍ كثيرة صرف مبالغ كبيرة وبذلك يكون من غير المنطقي (اقتصادياً) صرف هذه الأموال دون الحصول على فائدة مقابلة، وتتجسد عملية الحصول على هذه الفائدة من خلال إعادة توظيف واستعمال المبنى (أو مجموعة المباني) بشكلٍ معاصر أي إعادة تأهيله بما يجعل من هذه العملية وسيلة لإنعاش المجتمعات اقتصادياً.

      ويعتبر إعادة استعمال المبنى لنفس الوظيفة التي شيد من اجلها أحد صور إعادة التأهيل وإن كان هذا احتمال ضعيف، فالوظيفة الاستخدامية عموماً تتغير بشكلٍ مستمر (عدا الأبنية المشيدة لأغراض دينية) تكون أهم الغايات لإنجاح عملية إعادة توظيف (تأهيل) المبنى هي إيجاد وظيفة معاصرة له تتناسب مع كل الفضاءات الداخلية التي يضمنها ذلك المبنى ضمن موقعه.
ولكي تكون عمليات الحفاظ وإعادة التأهيل كفؤة بالدرجة المطلوبة علينا أن ننشر الوعي بأهمية التراث على مستوى المجتمع ككل بكل فئاته بدءاً بالمجتمعات الأكاديمية والجامعات إلى جانب عقد المؤتمرات العلمية والندوات للحوار المستمر لتطوير تلك الآليات وإخضاع مشاريع التطوير الحضري والعمراني للدراسات والتحليل والتقييم مع ضرورة التروي في مشاريع التطوير للمناطق الحضرية والتراثية منها خاصةً.

2-4- مزايا أسلوب إعادة الاستخدام وتأهيل المبنى:
- توصيل الرسالة الثقافية والإنسانية والفنية التي يمثلها المبنى (أو المنطقة التاريخية) إلى الأجيال الجديدة بصورة واضحة من خلال معايشته للعصر.
- ابتكار نظرة حضارية جديدة تساعد على تدعيم الشعور بالانتماء .
- دمج ماضي المدينة وحاضرها ومستقبلها في وحدة متميزة تعطي الشعور بالاستمرارية الحضارية.
- الحفاظ على المبنى وضمان استمرارية الصيانة من خلال دخله الذاتي، وبالتالي تخفيف الأعباء المالية عن الدولة، إضافة إلى التوفير في التكاليف الخاصة بإنشاء مبنى جديد ليؤدي نفس الوظيفة، مع الاستفادة من الموقع المتميز للمبنى (أو المبنى التاريخي ).

-5تحليل للقيم الجمالية الخاصة للمساجد
5-1 النسق التشكيلي للعناصر المعمارية:
يعكس التشكيل العام للمساجد ووظائف المكونات المختلفة للمباني الاسلاميةالاخرى , وذلك للارتباط المسبق باعتبارات تشكيلية أو معمارية معينة ولقد ظهرت التشكيلات المعمارية بصورة عضوية وتلقائية واضحة واتسمت بقلة التكلفة و بالبساطة بحيث تظهر صفاء الفكرالمعمارى وحرية التفكير ويعطى تعبير صادق عن الوظيفة والبيئة المحلية والثقافية والاجتماعية السائدة في المنطقة.

2-5- الفضاء الوظيفي للمساجد.
يظهر الفضاء الوظيفي للمساجد نتيجـة لطبيعة وأساليب الإنشاء التي ترتبط بين العبد وفلسفة العقيدة مثل القبة التي تعبر عن المنظومة الهندسية التي قامت عليها العمارة المساجد التي تعطى تشكيل خارجي لكتلة المسجد و إعطاء فضاء واسع للمسجد وهى تعبر فى جوهرها ومن خلالها على الحرفي المبدع وببئته وعقيدته.

-3-5 العناصر الإنشائية للمساجد:
وتشمل التعبير المعماري للعناصر الإنشائية كالأعمدة والأعتاب والأسقف بأشكالها المختلفة المستويـة المقوسة والقباب وغيرها .وتعتبر القباب من أهم العناصر الإنشائية في المسجد التي تعطى شكلا وفضاءً وعنصرا فعالا إنشائيا بدون أعمدة في الوسط وتعتبر أفضل أساليب الإنشاء.

-4-5عناصر إجمالية في التشكيل المعماري للمساجد.
تعتبر العناصر الجمالية للتشكيل المعماري للمسجد من أهم العناصر التي أعطت القيمة المعمارية الواضحة من التوازن والإيقاع والنسب والتي تظهر من خلال الواجهات للمساجد وبروز القبة الكبيرة التي تتوسط المبنى والتي تربط بين الفراغ الخارجي وتعطى الملامح المعمارية التي تتميز بها المباني الإسلامية لتفاعلها مع النسيج العمراني للمنطقة التي تعبر عنة مكانا وزمانا.

6-عناصر ومكونات المسجد                                       
المدخل الرئيسي: يعتبر المدخل نقطة الانتقال من الفراغ الخارجي إلى الفراغ الداخلي، فقد تفنن المعماري المسلم في شكل المدخل، لما له من تأثير في جذب المصلي أو الداخل إلى المسجد بما يتوافق والشكل العام للمسجد بارتفاعاته التي تحددها العناصر والارتفاعات الأخرى كالقبة والمئذنة.

- المصلى: وهو عنصر مهم في فضاءات المسجد التي تقام فيها الصلاة وتلقى فيه خطبة الجمعة والأعياد والمناسبات الدينية وإلقاء المحاضرات.
وعادة ما يكون المصلى مستطيل الشكل وضلعه الأطول في اتجاه القبلة ويضم ضلع القبلة كل من المحراب والمنبر.

المنبر والمحراب: المنبر أكثر جدلية بين المذاهب الدينية وهو الذي يصعد إلية الخطيب ويكون اعلي من مستوى الجلوس من الناس فمنبر الرسول(صلى لله علية وسلم)كان ثلاثة درجات إما في وقتنا الحاضر يتكون من إشكال مختلفة منها ماهومقبول ومنها ماهو مبالغ فيه والمحراب مساحته صغيرة بارزة في واجهة المسجد لإيستيعاب الإمام.


- الميضأة: كان جزء منفصلا عن المبنى تم أصبح ألان جزء من المبنى ويفضل الوصول إليه في خط سير غير معترض لخط السير الداخل إلى المسجد وتكون مساحته مناسبة
تختلف مساحته باختلاف موقع المسجد فإذا كان المسجد في منطقة تجارية وجب أن تكون الميضأة كبيرة أما إذا كان المسجد في منطقة سكنية فإنه يكتفي بتوفير ميضأة صغيرة.


-  دورات المياه : و يطبق عليها ما يطبق على الموضئ من حيث المساحة و من المستحسن وضع الميضأة و دورات المياه بعيداً عن المصلى .

- النوافذ والفتحات:هذه الفتحات والنوافذ تعتبر وظيفة يكون لها عدة إشكال تحت العنصرين الاثنين (المداخل – والفتحات) من الأفضل أن تكون الفتحات أعلى من مستوى نظر المصلي لتجنب انشغاله بما يجري خارج المسجد.

- القبـــة:
عرفت القبة في عمارة المساجد تحديداً في عهد الدولة الأموية، إذ لم تكن معروفة في عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفي أيام الخلافة الراشدة، وفي جميع الحقب التي تبعتها كانت القبة رمزاً وعنصراً أساسياً في عمارة المسجد.

وقد اعتمد المعماري المسلم في تحويرها وتجسيدها على جميع أنواع العمارة الإسلامية، وعادة ما كانت القبة والمئذنة تشكلان منظومة هندسية متوازنة تدخلان في وضع مثالية الشكل العام للمسجد، فتصميم قبة المسجد من الداخل علىالارتفاع الشاهق.

-  المئـذنـة:
وهى المنارة أو الصومعة وهى سمة مميزة للمسجد في الشكل الخارجي وتمثل أحد أهم العناصر في عمارة المسجد، فارتفاع المئذنة يخضع عادةً إلى التشكيل الخارجي للمسجد مع وجود التناغم في نسب التفاوت بينها وبين القبة وبين أبعاد وواجهات المسجد،كما تعطى وظيفة رمزية كعنصر معماري للتوجه البصري .

9- مكان وضع الأحذية:
يكون هذا المكان في المدخل الرئيسي للمسجد اى (مدخل المصلى)

ملحقات المسجد:
 يحتوى على غرفة للمشرفين ومكتبة ومخزن.

-7الاعتبارات التصميمية للمساجد:
المسجد يعتبر من أهم المباني في مركز مدينة الخمس  
تصمم المساجد حسب احتياجات السكان من واقع عدد السكان في المجاورة السكنية أو المحلة ويختلف التصميم باختلا ف مكان المسجد .والمسجد في المجاورة أو المحلة يصمم على أساس 12%من عدد السكان بواقع 3م لكل فرد بمساحة الفضاء والمساحة المسقوفة تكون   1.5لكل مصلى وتشمل هذا المساحات مكان الصلاة ومداخل والميضأة ودورات المياه  . المئذنة ومكان وضع الأحذية إما بالنسبة للمساجد بالمناطق التجارية والخدمات المركزية تقدر سعته المسجد 3%من عدد السكان المنطقة بواقع 3م من الأرض والمساحة المسقوفة 1.5 م لكل مصلى تشمل جميع المرافق وخدمات المسجد تصمم دورات المياه بواقع 40 مصلى لكل دورة مياه واحدة. أما بالنسبة لمحطة السيارات تحسب سيارة لكل 10-12 مصلى بمساحة تقدر 15م‌ لكل سيارة.

يعتبر المسقط الأفقي المستطيل من أفضل المساقط عل وجه العموم وهو الغالب في المساجد القائمة وكما نلاحظ إن الضلع الأكبر في المسجد في الاتجاه الموازى لحائط القبلة ويتم توجيه بيت الصلاة نحو القبلة أو المسجد الحرام بمكة المكرمة أما باقي العناصر فيتم توجيها حسب الغرض منها بحيث لا تؤثر على كفاءة التصميم المسجد.

1-7النقاط التي يجب مراعاتها في تصميم المساجد
1.     يصمم المنبر بالحجم الصغير حتى لا يشغل فضاء كبير بحيث لايؤدى إلى قطع الصفوف الأمامية للصلاة.
2.     يراعى في التصميم دراسة المداخل حيت تتخذ عدة إشكال تتسم كلها بالاتساع والارتفاع وذلك لتحقيق سهولة الحركة وسرعة في تفريغ المسجد عقب الصلاة ولاتؤدىالى تخطى رقاب المصلين وكذلك عزل مداخل النساء عن الرجال كما يجب استخدام المدخل المنكسر في المساجد مما يؤذى إلى التمهيد النفسي والبصري لفراغ بيت الصلاة مما ينتج عنة توفير المناخ الملائم والبيئة المناسبة .
3.     يراعى في التصميم البساطة لتحقيق معنى الصفاء والهدوء والتجردفى التشكيل الداخلي للفراغات وكذلك التشكيل الخارجي لمسجد مع التأكيد على معاني العلو والرفعة والسيادة في التشكيل العام للمسجد.
4.     يرعى دراسة الصوتيات في المسجد والتعمق في تحليل اتجاهاتها وقوتها حتى يشعر المصلى في أي مكان في المسجد بالراحة التامة بعيدا عن الضوضاء والسماع الكامل الواضح لصوت الإمام والخطيب.
5.     يفضل استخدام أساليب إنشائية لبناء المساجد خاصة المصلى من أجل فكرة تسمح بتغطية فراغ بدون استخدام ركائز أي أعمدة داخلية أو بعدد قليل منها.
6.     يجب المراعاة في تصميم الإضاءة الطبيعية (بالحوائط أوالسطح) و يجب أن تكون موزعة لتضئ جميع أنحاء بيت الصلاة يفضل استخدام الإضاءة الكافية في جميع أركان المسجد لكي تسمح للقاري الجالس بالرؤية الواضحة حتى تسهل علية القراءة.
7.     يجب أن يراعى عند استخدام الزخارف والنقوش والنحت داخل المسجد استخدام مواد المواد الانهاءات الأولية مثل الرخام والخزف والتي تتميز بقوة السطح وكما تتميز بمقاومتها للعوامل الجوية وديمومتها مقارنة بالمواد الأخرى وكما أنها سهلة التنظيف.
8.     الدراسة الميدانية.

مسجد الباشا (مسجد الحميدية):
يعد هذا المسجد من المساجد العريقة في مدينة الخمس ويقع هذا المسجد وسط المدينة ويلاصق مكتب بريد الخمس حاليا إما عن سبب تسمية هذا المسجد الباشا فهناك قولان في هذا الصدد:
القول الأول، هو المرجح لكون هذا لمسجد يعود نسبة إلى الوالي محمود باشا وذلك حسب روايات أهالي المدينة. 
أما القول الثاني، فينسبه البعض إلى الوالي (رجب باشا) الدى كان حاكما لولاية طرابلس في الفترة من (1322-1326)ه وفى الفترة التي ازدهرت فيها الولاية وخاصة في المجال العسكري الحربي والمجال الثقافي وكان هناك نوع من الازدهار الذي حظيت بة (مدينة الخمس)مثل في بناء مئذنة المسجد ووجد في مدخل المئذنة نص باسم رجب باشا وتاريخه يرجع للسادس عشر من شعبان سنة 1325 ه الموافق 22/6/1906 م تقريبا إما بيت الصلاة فيرجح أنة بني قبل بناء المئذنة ونلاحظ إن العناصر التركية تظهر ظهورا جليا في الطراز الذي اتبع في بناء القبة.

    مسجد الباشا  (مسجد الحميدية(
مكونات المسجد
-بيت الصلاة:
مكون من بناء ضخم مربع أعلاه قبة مركزية كبيرة وتبلغ اطوالة (11.5×11.75) م والقبة ترتكز على جدار ضخم انتقالي مثمن يرتكز هذا الجدار بدورة على البناء المربع حيت يوجد بزوايا هذا الجدار الانتقالي أربع حنايا ركنية.

-المحراب:
         يتوسط محراب هذا المسجد جدار القبلة وهوحنية نصف دائرية بعقد مزرر يرتكز هذا العقد على عمودين حجريين ذوى تيجان بها زخارف نباتية للعقد المزرر يوجد ثلاثة صور زخرفيه مشعة واعلي هذا الإطار زخرفة هلال ونجمة خماسية
-المنبر:يقع المنبر على يمين المحراب وهو منبر حجري ذو ثمان درجات وبسطة وتوجد في بطن المنبر ثلاث فتحات تتدرج بالارتفاع كل فتحة تنتهي بعقد نصف دائري  وبمدخل هذا المنبر عقد مائل من الحجر يرتكز على عمودين حجريين مستديرين  ويوجد بالفبيبة أربعة أعمدة حجرية صغيرة بتيجان مستطيلة وهى خشبية.
                                                                                                 
 -المئذنة:
         تقع مئذنة هذا المسجد في الجهة الجنوبية الغربية بالركن الغربي وتتكون هذه المئذنة من عدة أجزاء متصلة الجزء الأول بقاعدة مربعة ومدخل المئذنة  إما الجزء الثاني وهو بدن المئذنة مثمن الشكل بة فتحات للاضاءةينتهى بشرفة المئذنة
أعلى الشرفة جزء أخر مثمن اصغر من الجزء الأسفل كما يوجد باب في الجزء العلوي يؤذى إلى الشرفة.

-الميضأة:
كانت موجودة بجوار المئذنة ولكنها أزيلت ألان وأقيمت في مكان أخر من الناحية الغربية للمسجد بناء حديث ولكنها لا تستوفى الاحتياجات المصليين.

-دورات المياه:
كانت دورات المياه بجوار الميضأة ولكن أزيلت وبنيت دورات مياه جديدة بمواد بناء حديثة.

-المداخل:
المدخل الرئيسي يقع من الناحية الجنوبية على الشارع وهو مستطيل الشكل يعلوه عقد نصف دائري مزخرف بإطار مستطيل والمدخل الأخر بجوار البريد وهو صغير يتصل بالملحق بالإضافة إلى مدخل أخر مستطيل يودى إلى رواق بيت الصلاة من الجهة الشمالية الغربية منة وهو بعقد ثم مدخل أخر إمامة مباشرة يؤدى إلى بيت الصلاة وهو كذلك العقد.

-النوافذ:
يوجد في بيت الصلاة ست نوافذ مستطيلة يعلو كل منها عقد نصف دائري وهى مفتوحة بميل بالجدران وإمام هذه النوافذ مصاطب بسمك الجدار والنوافذ اثنان منها بجدار القبلة حول المحراب والباقي اثنان في كل جانب ولها ونفس الشكل كما يوجد بالجدار الانتقالي للقبة ثلاث نوافذ بعقود نصف دائرية بالإضافة إلى فتحات الصغيرة موجودة بالقبة كما توجد شرفة مطلة  على بيت الصلاة في سقف طابق الأروقة.

-الزخارف والكتابات:
هذا المسجد غنى بالزخارف البديعة تركزت هذه الزخارف بالمحراب حيت زين بإشكال الزهور والصور المشعة وإشكال النجمة والهلال الموجودة في عقد المحراب بالإضافة إلى تاجي العمودين ذي الزخارف النباتية البارزة حول المحراب وكذلك الخطوط الإشعاعية في تجويف الحائط وكما زخرف المنبر بزخارف نباتية محورة و الزخارف الموجودة على إطارات المداخل والنوافذ بالإضافة الى صفوف اللايات أسفل شرفة المئذنة كما توجد الكتابات في بطن المحراب حيت كتبت أية قرآنية وكذلك في مدخل المنبر وكتابة في مدخل المئذنة تبين تاريخ إنشاء المئذنة.

-مادة البناء:
بني هذا المسجد بمواد بناء محلية أساسية مثل الحجارة وهى من أهم المواد البناء المستخدمة وقد استخدم الجص وهو عبارة عن حرق الحجر الجيري في محارق  خاصة وينتج عن هذا الحرق مادة ناعمة الملمس بيضاء استخدمت في المسجد في إعمال ياسة الحوائط والأسقف وكما استخدام الخشب في الأبواب والفتحات وسقف الارواقة وكما استخدام أيضا الحديد للحماية في الفتحات الشبابيك.

-طرق الإنشاء:
أستخدام في المسجد نظام انشائى الحوائط الحاملة (اى بدون أعمدة) وكما استخدمت القبة للسقف في بيت الصلاة لكي تعطى فضاء واسع بدون أعمدة وهو من أهم الأنظمة الإنشائية للسقوف في المساجد .
               
الاستنتاجات :
إن علم ترميم المعالم التراثية هو عملية فنية دقيقة تحتاج إلى حس فني عال ومهارة يدوية خاصة مع القدرة على التعامل مع علوم الكيمائية والطبيعة في الترميم وتشمل عملية الترميم الإعمال الإنشائية والمعمارية لاستكمال إعمال ومراحل الترميم والتشطيب والتجميل لإعادة الأثر الى اصلة قدر الامكان بدون إضافات ملفقة أو باستخدام أساليب غير علمية أو استعمال مواد لاتتفق مع المواد الأصلية وبالثالى قد يؤدى دلك إلى إتلاف الأثر.

ومن هنا تظهر الدراسة الميدانية للمثال من خلال الاستخدام الخاطئ للمشرفين المسجد الذي يؤذى إلى تتمثل فى الحرص المشرفين على المحافظة على المسجد وتلبية الاحتياجات الوظيفية للمصليين بإجراء التحويرات وصيانة بين الحين والأخر بدون انظر قيمة المادية والرمزية في الحفاظ على الموروث الثقافي والمعماري لهذه المساجد والهوية المعمارية.

أهم النقاط السلبية التي وجدت في مسجد:
1-الاستخدام الخاطئ لمعدات الميكانيكية ذات الاهتزازات القوية داخل المسجد اوالاستخدام بجواره مما يؤدى ثاتير على الهيكل الانشائى للمسجد.
2 –استخدام كثل خراسانية مثل خزانات المياه في السطح بشكل حديث.                                                                                               
3-إضافة الملحق للصلاة بدون اعتبار لهوية المسجد وعناصره الجمالية.
4 - استخدام أبواب الألمونيوم التي تعتبر دخيلة على المواد تم الإنشاء المسجد بها وعلى الهوية.
5-استخدام مواد الترميم غير المدروسة مما يؤذى إلى طمس بعض المعالم المعمارية وهوية المسجد.
6- استخدام معدات وأجهزة بشكل ظاهر مما يقلل من القيمة التراثية للمسجد مثل المكيفات والمراوح وأسلاك الكهرباء البارزة والساعات الكبيرة في الحوائط.
7- استخدام بعض الأجزاء من المسجد محلات التجارية محل قطع غيار سيارات – محل بيع الكروت الشحن(المحمول)  ومقهى وهذه تعطى صورة تنافى مع وظيفة المسجد مع العلم بان الاحتياجات الوظيفية للمسجد غير كافية مثل دورات المياه والميضأة وبيت الصلاة نظرا للأهمية المنطقة من الناحية الإدارية والتجارية ومنطقة تضم مراكز مهمة تجعل هذا المسجد دائما مزدحما في أوقات الظهر والعصر وصلاة الجمعة.
8- عدم تقدير المشرفين على المسجد للقيمة المعمارية للموروث المعماري والهوية المعمارية .

التوصيات
1-إعادة النظر في المواد الدخيلة على الواجهة مثل استخدام مادة الجرافيت وكثل الخراسانية واستخدام مادة تتمشى مع الهوية المسجد.
2-دراسة كيفية معالجة التشوهات البصرية المتمثلة في الواجهات الخارجية والداخلية كالمكيفات وأسلاك الكهرباء واللافتات مصابيح الإضاءة والمراوح
3- عدم القيام بأي تعديلات أو تحويرات في هذه المباني الابادن من مصلحة الآثار بالمنطقة لمتابعة والإشراف والمحافظة على الثرات
4-العمل على نشر الوعي بأهمية المحافظة على المباني التراثية واستمراريتة في البقاء           
5-توجيه الإعلام المسموع والمقروء والمرئي نحو التوعية الثقافية بالتراث المعماري والمحافظة علية.    
6- دعم الجهات المسئولة على هذه المباني الثراتية ماديا وتوفير مهارات فنية لترميم وصيانة هذه الممتلكات الثقافية
7- التأهيل التعليمي باستخدام التقنيات الحديثة للحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي للثرات المعماري.           


المصادر والمراجع:
1-                  لجنة تقييم الدراسات الخاصة بالمخططات الإقليمية والمحلية -دليل معايير التخطيط العمراني –التقرير رقم 2 للمرافق – لسنة 1981
2-                  طارق رمضان _ إعـادة تأهيـل المناطـق التاريخيــى _رسالة ماجستير غير منشورة_  جامعة المرقب 2007-
3-                  عبدا لسلام عمر سنان –محمد عمر بن طالب –الخمس تواصل الحضارات –اللجنة الشعبية الخمس المدينة -2003
4-                  على بيومي –القيمة المعمارية – دار الراتب الجامعية-بيروت –لبنان-الطبعة الأولى-2002
5- مسعود رمضان شقلوف وآخرون –موسوعة الآثار الإسلامية –دار العربية للكتاب –طرابلس –ليبيا -1980



* محاضر بقسم العمارة والتخطيط العمراني                                              
كلية الهندسة – جامعة المرقب
Email: lutfi20052002@yahoo.com

السبت، نوفمبر 01، 2014

تأملات في المعمار



جمال اللافي


الأشعار في عشق المدينة، يكتبها الأديب بقلمه ويرسمها الفنان بريشته، أما المعماري فيخط دروبها بأفكاره ويرسم شوارعها برؤيته ويبني صورةً لمعالمها حجراً بحجرٍ، يستقطعه من وجدانه وينحته بأحاسيسه ويصفّه فوق بعضه البعض بإلهام من المولى عز وجل.

تتآكل وريقات الشاعر وتطويها المجلدات بين ملايين الأسطر، فلا يمر عليها إلاّ قارئ عابر، يبحث عن شئ آخر. وتبهت لوحات الفنان التشكيلي فتحتضنها خزائن الذكريات بعيداً عن أعين المتلقين، فلا يصادفها إلاّ عابث بذكريات الزمن، فيبتسم في امتنان ثم يصفها مع الكثير من المهملات في ركن قصي.

ولكن المدينة تبقى شاهدة، تحكي عن أسطى البناء وفكر المخطط وإبداع المعماري، كلما خَطَت قدم بين حواريها. وتلصصت أعينٌ من بين ثنايا شبابيكها. وجلجلت مطرقة أبوابها في رحاب أفنيتها. وتوسد النائم والجالس حجراتها. ولجأت الطفولة إلى زواياها المخبوءة لتصنع منها مراتع ألعابها.

فهل يستقيم بعد شعر المعماري شعر؟

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية