أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الجمعة، أبريل 06، 2012

حوار في بنيوية العمارة الليبية


المندار1
Ahmed Imbies: اليوم نطرح عليكم موضوع ( المندار) وكيف يؤثر في صياغة الفراغ المعماري في بيوتنا و" دار المنادير"1 بالذات والتي تحتل فراغ داخل البيت وتستعمل من المناسبة إلى المناسبة و" دولاب المهني" وال"ken" الياباني وتأثيره في الفراغ المعيشي. وهل نستعمل كل الفراغات في داخل بيوتنا الواسعة. أم هي عبء على النساء الكبيرات في السن في تنظيف البيت من الغبار وفراغاته التي تسكنها العناكب.

أهلنا سكنوا في بيوت كل خطوة فيها لها معنى. أما نحن فنسكن في بيوت كل خطوة فيها تساوي آلاف الدولارات.

إلى أين نريد أن نذهب؟

هنالك أسئلة كثيرة سنطرحها على أهلنا ونريد الإجابة حتى نعرف من نحن وماذا نريد.

1-    دار المنادير: هي حجرة استقبال النساء، وهي أقرب إلى الجلسة العربية وتعتمد عناصر تأثيثها على فرش أرضي محشو بالصوف لا يزيد ارتفاعه عن 5-7سم.

Hithem Elmuntaser: هذا الموضوع من أكثر المواضيع التي تستفزني في حياتي. وهي من آثار المجتمع البدوي، بحيث تجد نصف بيتك ليس لك ويجعلك ترى الدنيا مجموعة هائلة من المنادير .

لماذا نفعل ذلك؟

من أجل مناسبة تأتي مرة كل خمسة سنوات.

هذا ما جناه عليّ أبي ( أي بمعنى العادات والتقاليد اللي تربينا عليها)

وليد اللبيب: أكثر شئ يضايقني عند تصميم المنازل أن الزوجة تبالغ كثيرا في حجم المطبخ لدرجة مخيفة وكأنه مطبخ فندق أو مستشفى.

Ahmed Imbiesلا تنسوا أن البيت مملكة المرأة وأنّ المرأة البدوية تحيك بيتها من الصوف. كمادة خام إلى الفرش. كل ما في بيت البدوية من صنعها، لذلك المطبخ الكبير ودار القعدة أمر تتباهى به المرأة ومصدر فخر لها. (مطبخ يحل العين المغمْضه).

Arch Nadia: شكراً أ. أحمد على إثارة هذا الموضوع ،الذي يعكس الهزة الديموغرافية التي أصابت مجتمعنا في طرابلس والتي فرضتها عليه الأوضاع السياسية. فقد كانت الأسرة الليبية الطرابلسية تعيش في فراغات معيشية محدودة.

كان البيت العربي يضم أكثر من أسرة تجمعهم بعض الفراغات مثل الفناء والمطبخ، في حين بعض الفراغات تعطيهم خصوصياتهم داخل الفراغ الخاص بكل منهم. و مع ذلك كانوا أكثر سعادةً وترابطاً. فكان المسكن هو الوحدة المكونة للمدينة التي لا يتعدى إجمالي مساحتها 48 هكتار والتي قد تعادل مزرعة أحدهم في يومنا هذا. تباعدت المسافات و تباعدت معها الروابط و العلاقات الاجتماعية.

المندار، أيضاً ناله نصيبه من هذه الأزمة فقد مرت به مراحل مختلفة: دار المساند- الدار المغربية- الدار السورية ذات الرسومات والزخارف الخشبية الدخيلة، بالإضافة إلى كبر مساحات الحجرات وضياعها. وتعدد استعمالاتها ( ضيوف - رجال - نساء - مناسبات ) والعديد من البدع و الفراغات التي تملؤها العناكب على حد تعبير أ. أحمد. إسراف في الجهد والمال. و كما يقول المثل: زيد المي زيد الدقيق.

جمال اللافي: أقول أن هذه مشكلة صنعتها المرأة وهي مطالبة بحلها. ومهما اجتهدنا كمعماريين رجال، فلن نستطيع الغوص في عمق هذه المشكلة وتحليلها كما تستطيع زميلاتنا المعماريات. وليس عيباً أن نقف اليوم موقف المستفيد من خبرة الزميلات.

لأن ما سنسمعه منهن سنبني عليه مراجعاتنا التصميمية للبيت الليبي وخصوصا في طرابلس، فهو الأكثر تعقيدا، والمؤثر على كل البيوت المعاصرة في المناطق الأخرى. فلا تخذلونا رعاكم الله.

Arch Nadia: نحتاج لإعادة نظر في تصميم كافة الفراغات الوظيفية و خاصة تلك الخاصة بالضيوف فهي تحتل أفضل المواقع في البيت و أكبر المساحات ولا تستخدم إلا قليلاً. في حين تهمّش غرفة المعيشة التي تقضي فيها الأسرة أغلب الأوقات. لذلك يجب أن تأخذ أفضل توجيه وأجمل إطلالة على الحديقة.

إضافة إلى ذلك فإن الفراغات الخدمية في المنزل بحاجة إلى إعادة نظر و كذلك حجرات النوم فالبعض يبالغ في المساحات عند تصميم أجنحة مستقلة متكاملة ( شاملة الجلوس)، مكونة بذلك عالماً مستقلاً بحيث يمكث فيها الابن أغلب يومه بعيداً عن العائلة.

جمال اللافي: مهندسة نادية، هل هذه وجهة نظرك كمعمارية أم هي قناعة تشترك فيها غالبية النساء اليوم؟ لأن التصميم مبنى على تبني رأي الجموع عندما نناقشه كمعماريين، ونتفهمه عندما نتعامل معه كحالة خاصة واعية.

Arch Nadia: م. جمال هذه وجهة نظري كمعمارية، حيث أن المعماري يجب أن يدرس التصميم من كافة النواحي: الوظيفية والاقتصادية والجمالية وغيرها. وأمّا رأي الجموع فقد يكون مبني على تراكمات ناتجة عن تقليد وتباهي يؤدي إلى الخروج عن المسار الصحيح.

بناء عليه فإن من مهمة المعماري توجيه المستعملين التوجيه الصحيح.

Maisoon Usta: اسمحوا لي بالمشاركة في هذا الموضوع المهم باعتباري ربة منزل وأم والأهم من ذلك هو إقامتي الطويلة خارج ليبيا. هذه الاعتبارات الثلاثة تجعلني أرى الموضوع من خلال معايشتي الفعلية له.

ففي وقت من الأوقات- خصوصاً أثناء مرحلة الدراسة- عند تأثيث الشقق أو البيت بعد التصميم كنت أميل إلى التصميم العصري وفكرة الفراغات المفتوحة(Open space ) والحقيقة أن" المندار" كان مهمشاً عندي.

هذه كانت أكبر غلطة في حياتي. وأنا أقدم اعتذاري" للمندار" على هذا التجاهل لأني عانيت الأمرّين في بيت من دون مندار، فقد تيبست قدماي من كثرة الجلوس على كراسي الصالون، وكم أنا منزعجة ومتأسفة من أجل أطفالي، لأنهم لم يتربوا في بيت توجد فيه غرفة منادير. فالمندار يمثل جزء مهم جداً من حياتنا، يجب أن نرفع من قيمته لا أن نخبئه.

جمال اللافي: شهادة مهمة من واقع تجربة مريرة. المعمارية عندما تتحدث كامرأة تضع الأصبع على الجرح النازف وتقدم الاستشارة التي لا تقدر بثمن.

بارك الله فيك مهندسة ميسون على هذه الإضافة القيمة. لقد كنت أخشى أن تطالب المعماريات بالتخلي عن قعدة المنادير، فنخسر حميمية بيت العيلة ( البيت الليبي) من ورائه.

حسام ابورزيزة: طرح جميل أستاذنا الفاضل، فعلاً هذه القطعة من الأثاث بدأت بالاندثار بسبب دخول الجلسة العربية الغير مريحة والمزعجة، التي ليس فيها شئ ملفت إلاّ المنظر، فقضت بذلك على غرفة المنادير.

جمال اللافي: جميل، استناداً إلى تأكيدات الزميلات المعماريات بأهمية غرفة المنادير، ندخل في طرح رؤية معاصرة لهذه الغرفة" غرفة المعيشة في البيت"، ما هي أبعادها المناسبة كفراغ معماري، وما هي أبعاد المندار كعنصر تأثيث ( الطول والعرض والارتفاع) وما هي المواد المناسبة له لنصنع منه جلسة مريحة، وما هي باقي محتويات هذه الغرفة إضافة للمنادير كي نعتمدها كفراغ معيشي مناسب للأسرة الليبية المعاصرة.

Libyan Architecture: في الحقيقة نشكر الأستاذ أحمد إمبيص على هذا الطرح المفيد. وأود أن أعقب على ما قيل في السابق وتأكيداً على آرائكم بأن أهمية هذه الغرفة بالدرجة الأولى للعنصر النسائي. ولكن شكل المندار تغيّر تغيراً جذرياً فأصبح ارتفاعه ( 60 سم ) أي أصبح صالون فرنجي وليس مندار عربي.

وأيضاً من ناحية زيادة مساحة البيت لتوفير هذه الغرفة فهو من التكلفة بمكان، حيث يؤثر على المسقوف والتكلفة الاجمالية للمبنى إلخ.

أما من ناحية أن الليبيين كانوا يتعايشون في بيت واحد متعدد الغرف فهذا يعود إلى الطيبة والألفة الاجتماعية التي نفتقدها اليوم والتي يجب أن تعود. ومن ناحية حساب المساحات فيجب أن يكون حسب الاحتياج لا حسب النزوة الشخصية.

Mora Rose: شكراً أستاذ أحمد على طرح هذا الموضوع. بالنسبة للمندار فله حضور قوي جداً، أي أنه مهما كان تصميم البيت الليبي حديث وفخم إلاّ أنّ فراغ الدار العربية أو دار المنادير لابد منه، أو أقل شئ دار المعيشة يكون فيها منادير لأنها بصراحة أكثر راحة من أي شئ آخر. وبالذات في فراغ المعيشة.

Mussa Grifaأخوتي وأخواتي مساء الخير. نمط الحياة لم يعد به حنان ودفء أمي وأمك, أبي وأبيك، أخي وأختي، وأخيك وأختك. نعيش عصر الصورة. وفي هذا العصر ينتج أنساناً يعاني من البرودة العاطفية. لم أر أخي أو أختي مند شهر، أتصل به بالهاتف فقط. انحسرت العواطف الإنسانية كثيراً مع اختفاء ثقافة السماع، الأذن, أحن الى صوت أمي، أحن الى صوت لعب أطفال الزنقة أو في القرية، أحن الى صوت الكروسة، أحن الى كحّت" سعال" أمي وأبي وحنايا وجدي، أحن ...أحن الى صوت يصنع الفراغ وليس لعيون تجارية تفرض علينا الفراغات الوظيفية والأثاث والألوان و..و..و.... أحن لفراغ يصنعه الصوت الإنساني وليس عيون نسائية تجارية. 

أيضا أحن الى بلد به ريف ومدينة. نمط الحياة أزاح الخط الفاصل بين المدينة والريف في ليبيا فقط...المندار والبورسلين والرخام ... والجرانيت والجلسات العربية والخليجية والمغربية في منازل وفيلات طرابلس وبنغازي وفي كل بيت ريفي او زراعي في كل مدن وقرى ليبيا في الشرق والغرب والجنوب...نحن لم نعد نصمم فراغات ومواد وقطع أثاث و..و...و ...لتكون فراغا تلونه وتفوح منه رائحة العواطف الدافئة....نحن نشتريها من السوق لنتباهى بها...المواد والمندار والجلسات والقماش والستائر المستوردة تصممنا وتصنع أشكالنا وأنماط سلوكنا وتؤثر في مزاجنا وحرارة ودفء علاقاتنا.

جمال اللافي: الأستاذ أحمد إمبيص يرشدنا إلى أهمية التفاصيل في تجذير الذاكرة عند الإنسان ، والدكتور موسى قريفة يدخل بنا في هذه التفاصيل التي غابت عن الذاكرة، وبين ذلك المغزى وهذه الإشكالية، يأتي المعماري ليرسم الطريق بينهما ويعيد للبيوت ذاكرتها التي تصنعها التفاصيل.

:Gaith Elspei أقول لكم أن أفضل شئ هو أن يبني المواطن بيته قبل الزواج حتى لا يكون هناك طرف ثالث مع المهندس والمواطن. في هذه الحالة يستطيع المهندس أن يعرض أفكاره ويقنع المواطن.

دائماً ما تكون تصاميم المعماري غير مكلفة، لأنه مراع لظروف المواطن ولكن الزوجة دائماً تبحث عن متطلباتها التي قد لا يكون فيها حساب للمعايير التصميمية ولا التكاليف.

:Arch Nadia يعني المشكلة في المرأة ؟ أنا أعترض.

جمال اللافي: المشكلة ليست في المرأة مهندسة نادية، كما اتفقنا، المشكلة الحقيقة في الثقافة المغلوطة التي تبثها الفضائيات من خلال المسلسلات العربية التي أفسدت ذوق المتابعين رجالا ونساء، من خلال استعراضها لنماذج سكنية تفتقر لأبسط قواعد الذوق وتعتمد فقط على الإسراف والإطناب والبذخ في التفاصيل المتنافرة والتي تشترك جميعها في أثمانها الباهظة. والترويج لها أنها نماذج لبيوت الأثرياء والمحظوظين، فدخلت في نفوس المشاهدين وصارت بالنسبة لهم النموذج الذي يحتذى.

وإن كان هناك تقصيراً، فاللوم يقع على مؤسسات الإعلام الليبي، الذي أهمل خلال 42 سنة الماضية دور المعماري في توعية المجتمع بالجوانب المهمة التي تشكل صورة البيت الليبي المعاصرة، حتى يمكن الاسترشاد بها. والقراءة التاريخية للقيم التي شكلت صورة البيت الليبي التقليدي، حتى يمكن احترامها. وإمكانيات التوفيق بينهما للخروج بصيغة معاصرة توفق ما بين الأصالة والمعاصرة، والثوابت والمتغيرات وبين ما نطلبه من رفاهية مكلفة وما نحتاجه فعلا في حياتنا اليومية داخل بيوتنا.

Mussa Grifa: المشكلة في ثقافة المرأة وليس في المرأة الليبية. المرأة الليبية لها دور محوري في القرارات الخاصة بتصميم البيت وأسماء الاولاد والبنات...الزوجات يأخذن أزواجهم ومجتمعهم بعيداً عن جذوره...لبسوا الجلباية وتخلوا عن الزي الليبي الرائع... وبعد الجلباية لبسوا الغربي، والمغربي، والخليجي و.. و.. يتحطم قلبي عندما أقارن مرأة ليبية ترتدي الفرشاية وبناتها خليجيات الملبس وليبيات القسمات والكلمات. لا أدعوا هنا للعودة إلى الوراء.

الزوجات قاموا بتغيير مندار الصوف والنطع بالمندار الإسفنجي، ثم بالصالون الفرنجي، ثم بالجلسة المغربية، ثم بالجلسة الخليجية. ثم,,, المرأة الليبية غيرت أسماء بناتنا وأولادنا من فاطمة وخديجة وزهرة إلى نرجس ولمياء ولميس و..., وأولادنا من محمد ورجب ورمضان الى لؤي و... و ...

أطلعت على رسالة دكتوراه حول تأثير المرأة السعودية في تصميم البيت فجاءت نتائج الدراسة لتؤكد على أن المرأة هي التي تضع برنامج المشروع وتحدد فراغاته.

خلاصة القول أن المرأة غيرت فراغات وأثاث بيوتنا.

جمال اللافي: أريد أن اتفق معك دكتور موسى، لأن كل ما ذكرته صحيح ولا غبار عليه، ولكن عندما أقرأ قوله تعالى:" الرجال قوّامون على النساء". أفهم القوامة على أنها مسؤولية الرجل في حماية بيته من كل مؤثر خارجي يريد أن يفسد عليه أسرته، ولكنه لم يفعل.

وأريد أن أتجاوب معك فيما ذهبت إليه من تحميل المرأة للمسؤولية، فأرجع إلى قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام:" كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع في بيته"، فأقول في نفسي هل يريد الرجل اليوم أن يلقي بتبعات تهاونه في رعاية أسرته على الزوجة والأم والابنة.

ثم نظرت إلى تجارة الملابس والأثاث وصناعة البناء والشركات في ليبيا، فوجدتها كلها بيد الرجل، فأحترت في أمري، إلى من أوجه أصابع الاتهام ومن الذي أبحث له عن عذر.

Mussa Grifaأخي جمال أنا لا أتهم المرأة ولكن أتهم الثقافة السائدة عند المرأة والرجل. هناك عامل آخر وهو رؤية الدولة لتكوين مجتمع له هوية ثقافية وحضارية. أيضا البيئية وهموم الحياة اليومية . خلال الأربع عقود الماضية لا دولة. ولا هوية.

وصناعة الأزمة والهم اليومي للمواطن والأسرة الليبية كان منهج عمل وإدارة. كل هذه العوامل متداخلة أنتجت لنا امرأة ورجل جديد تم تسريع عملية فصله على جذوره وتاريخه وعمرانه. لذا لنعيد ربط جذورنا بثقافتنا وتاريخنا وتراثنا وكلماتنا الليبية الاصيلة.

جمال اللافي: هنا بدأنا نقترب من جذر المشكلة أو ما نسميه أزمة الهوية الليبية، يا دكتور موسى، آلا وهي الثقافة ومصادرها المختلفة، فهي التي صنعت كل ذلك.

وما علينا إلاّ إعادة رحى المعركة في اتجاه تصحيح ما أفسده المفسدون. وذلك بأن نركز على الكيفية التي نعيد بها صياغة العقلية الليبية الممثلة في الرجل والمرأة، كي تثق في موروثها الثقافي وتعيد بنائه على أسس سليمة وقواعد راسخة، تجمع بين احترام الذات والتفاعل مع المستجدات، وما يأتي به الآخر من أدوات، بوعي وإدراك لما هو صالح وما هو فاسد، وما هو قابل للهضم والاحتواء، وبين ما هو غث وغير مستساغ ومستهجن.

وهذا يجرنا إلى إعادة تأصيل المرجعية التي نعاير بها كل ما نراه أمامنا قبل أن نضع عليه أيدينا ونجلبه لبلادنا، فيقع الذي نخشاه، وها قد وقع.
Ahmed Imbies: الـ Ken الياباني فراغ يسع لشخصين جالسين أو لشخص نائم. وأكبر غرفة تتسع لعدد 10 توازير كما هو مبين بالرسم المرفق. ولمزيد من المعلومات يرجع الي كتاب تشنج المشهور عند المعماريين form ,space& order. وهو أقرب مثال للمندار، والذي متوسط أبعاده( 1.60,0.60 ,0.10 ). وهو صالح للنوم والجلوس وتبادل الأحاديث والاتكاء، في الأعراس أو في المآتم أو الاسترخاء تحت الشجر وعلى شواطئ البحر.

طبعاً يتم تغليفه حسب الاستعمال بقماش رفيع أشبه بالدمسقة أو بقماش وضيع مثل الباصمة( أرخص أنواع الأقمشة) وفي بعض الأحيان لا يغلف. المهم أن يحفظ النائم أو الجالس من البرد وصقيع الشتاء.

وهناك نوع اشتهر باسم فراش القومه ( اسفنج صناعي). وأصبح يصل ارتفاع الفراش المحشو الذي يوضع في غرفة الجلوس الى0.30 سم. بمعنى أنه أصبح عنصراً طارداً وليس عنصر ترحيب.

دخلت مرة لدار جلوس مغلفة من بالقطيفة السوداء الموشومة بالأحمر فبدت وكأنها حجرة جنائزية أو هكذا بدا لي. لما سألت عنها، كانت الإجابة بأنه ذوق تركي.

كل ما سلف من كلام قصدت به مندارنا وليس التازير الياباني.

دعونا نتعرف على أبعاد المندار واستعمالاته. كذلك أعود إلى" التازير" و الـ ken الياباني، كيف شكّل الفراغ المعماري ولم يتخل عنه اليابانيين.

:Libyan Architecture كلام جميل ويستحق التعليق وكما ذكرت سابقاً أن المندار أصبح بارتفاع 60 سم أحيانا أي أصبح صالون فرنجي مش مندار وهذه بدعة نسائية للتفاخر بينها وبين صاحباتها.

وحقيقة أن فكرة المندار أتت من السلتة الليبية الأولى وهي التي تصنع من الأقمشة والأردية النسائية والحوالي الرجالية القديمة وهي تقريبا نفس مقاس المندار الذي تحدثت عنه سابقاً.

حسام ابورزيزة: السلتة بسمك 3 إلي 5 سم وهي مريحة جداً.

وليد اللبيب: حسب ملاحظتي لأوضاعنا الاجتماعية ومسألة التفاخر بين النساء ( والخاسر دائما الرجل) أري أن المندار اختفي وتحول تدريجياً إلى صالون إفرنجي. وبالأمس فقط بيت أخي أحضروا جلسة من جامع الصقع، بعدما رأيتها وجدتها عبارة عن أريكة إفرنجية ولها أرجل ويقولون عنها جلسة عربية... حالة وخلاص.

Ahmed Imbies: السلته صيفية، يا حسن ويا حسام الجيل الجديد لا يعرفها، والبيت الذي توجد به سلتات وفراشات يسمى" حوش عزايز"، يا ليت أخواتنا وبناتنا المعماريات يسألن جداتهن وأمهاتهن ويجلسن أمام جهاز الكمبيوتر ليقلن رأيهن وبشكل مباشر.

:Arch Nadiaنصيحة من امرأة، وليس من معمارية: يجب إضفاء بعض الحداثة على هذه الأشياء وليس أخذها على علاتها لأن النساء بعد كل هذا التفاخر، لن تقبلن الرجوع إلى البساطة في نقلة واحدة إلاّ لو كانت في غلاف جديد و حديث يتماشى مع روح العصر.

أيضاً أود أن أنوه أن هناك شئ جميل جداً أختفى من البيت الطرابلسي وهو مشغولات التطريز بالفضية على ( الكاتفة) أو الحرير ( التافتا)، التي لم يخل بيت عروس منها و كن يتنافسن فيها، فهي دليل على مدى براعة العروس في أعمال البيت ومنها: غطاء السرير ( اليورغان - الخديدية - الحائطيات ...الخ) فيمكن إعادة إحيائها و إثراء الدار العربية اليوم بمثل هذه الأشياء ... ربما.

جمال اللافي: جميل جداً، بدأنا نتحصل على تفاصيل مهمة، بدأت تستشعر نساء هذا الجيل، أهميتها وحاجتها لإعادة تأصيلها في بيوتنا المعاصرة، وهي من ميراث الجدات وبعض الأمهات.

تبقى الإشكالية في هذا السؤال: هل هناك من هذا الجيل فتيات يتقنّ تنفيذ مثل تلك المشغولات وبنفس المواد والجماليات والإحساس المرهف الذي يعبق برائحة طرابلس العتيقة؟

Rabab Salh: نتكلم وكأن هذه الأشياء اختفت من الوجود. أنها موجودة ولازالت ليومنا هذا بأنواعها المختلفة" المندار والسلتة والدولاب المهني القهوي زيادة ....الخ" فالمجتمع الليبي لم يعش عصر الحداثة والمعاصرة بعد أو الأغلب منه نكون واقعيين قليلاً.

نعم يا أستاذ جمال إلى يومنا هذا أعرف فتيات حديثات التخرج يشتغلن في التطريز والطي والتريكو وأيضا هنّ خريجات من هندسة كيميائية وجولوجيا وعمارة، ولديهن مشغولاتهن الخاصة، وهن يمارسنها من باب الهواية، ويتعلمنها عن طريق النت واليوتيوب. فوسائل التعلم والتواصل عنصر يساعد جداً.

Ahmed Imbies: فن التطريز الذي تحدثت عنه ناديه، يا رباب لا يتعلمونه عن طريق النت، فهذا تعلمه الجدة للبنت وبنت البنت. فالتطريز على الكاتفه السوداء بالفضة ورسم المستطيلات التي توضع بها صور الرجال فقط لأن صور النساء لا تعرض على الملأ.

الرجاء لمن عنده في بيته يقوم بتصويرها ويعرضها لنا هنا، كي يراها هذا الجيل ويتعلم. أو عليكم بزيارة لحوش القره مانللي، فهي معروضة في حجرة السدة.

دار السدة
جمال اللافي: صدقت يا أستاذ أحمد، ما يهمني، هو البحث بطريقة أو أخرى عن إمكانيات تنفيذ تلك المشغولات التقليدية في تأثيث حجرات الاستقبال في البيوت التي أصممها وأشرف على تنفيذها وتأثيثها.

وعدم معرفتي بوجود فتيات يمتلكن مثل تلك المهارات التقليدية، يجعلني ألجأ إلى اختيار أقمشة إيطالية وإسبانية لتقريب الروح( من خلال القواسم المشتركة لعمارة البحر المتوسط). لم أجدها مقنعة ولكنها أقرب الخيارات المرضية، وعلى مضض.

وقناعتي، أن البيت كل لا يتجزأ، فلا يكفي أن نصمم بيت على الطراز الطرابلسي ثم نتجاهل مثل هذه التفاصيل التي تكمل حلقة الهوية الثقافية.

وحتى هذه اللحظة أخبر من أشرف على تنفيذ مبانيهم، بأنني لن أعتبر بيوتي التي أصممها تدخل في إطار المحلية، حتى أجد عمالة ليبية تنفذها وبمواد محلية. أما غير ذلك فهو مجرد لعب على المشاعر وادعاء أجوف.

لأننا نريد أن نتجاوز مرحلة التغني بأمجاد الماضي الذي بدأ يتسرب من بين أيدينا كل يوم، حتى بتنا نخشى أن لا يبقى لنا منه شئ تتذكره الأجيال القادمة، أمام طغيان الصناعات الصينية واليابانية والماليزية وغيرها من الصناعات الهابطة أو عالية الجودة التي بدأت تغزو السوق المحلي وتسيطر على ثقافة المجتمع الليبي.

وأن نسعى إلى تحقيق خطوات حقيقية في طريق الحفاظ على موروثاتنا الفنية من الضياع.

Naas Lamiaموضوع رائع، وأودّ التعليق حول كلمة تفاخر، التي لا أرها جميلة في حق نسائنا فمن حق المرأة أن تطلب الجمال لبيتها وتصنعه أو تشتريه، قد يدفع الرجل الفاتورة ولكن هذا من ضمن مسؤولياته وحسب قراره المسبق.

أمّا بالنسبة لدار الجلسة العربية فهي لازالت موجودة كما أشارت المهندسة رباب وفي بعض البيوت بكل تفاصيلها، لكن ادراكها لا تلم به الكثير من نسائنا، وذلك يرجع للمستوى المادي للأسرة.

وحسب تجربتي هي مفضلة ومحبوبة عند معظم السيدات. هناك الجلسة العربية وأيضاً الجلسة المغربية وهي ارتفاعها أكثر من 35 سم. وفيما سبق حاولت تصميم حجرة واستخدمت فكرة التازير والورغان.

Arch Nadia: م. لمياء، أنا قلت كلمة التفاخر وأقصدها، لأن هذا للأسف ما يحدث بالفعل بغض النظر عن المؤثرات فالكثير من الناس- و المقصود ليس المرأة فقط- هم الآن يبنون منازلهم و جل اهتمامهم جناح الضيوف و المساحات الشاسعة المكلفة التي تخص الضيوف، وأحياناً كثيرة يقلد بعضهم بعضاً عن غير قناعة وهذا واقع موجود لا نستطيع إنكاره بل يجب أن نعترف به حتى نستطيع ردّه في المسار الصحيح.

جمال اللافي: مهندسة لمياء النعاس، لن أعيد ما ذكرته سابقاً، وسأدخل مباشرة في الموضوع:

أنت لديك يا مهندسة لمياء محاولات جادة وأنا أبحث عنها. فهل يمكنني الاستعانة بك في تصميم وتنفيذ هذه الأعمال، أو أن تتكفلي بمتابعة هذا الموضوع وتخفيف العبء عن كاهلي.

والمطلوب،
" منادير" حجرة المعيشة.
وسائد حجرة استقبال الرجال( الجلسة مبنية من الحجر)
استقبال النساء.
فرش السدة والوسائد.
الستائر.
وكل ما يخطر ببالك من إضافات.

فما رأيك يا مهندسة لمياء. وطبعاً لن نتحدث في الأمور المالية، فهذه أمرها عند الزبون، وليس عندي.

Naas Lamiaلك فائق الشكر والاحترام أستاذ جمال.

حسام ابورزيزة: فن التطريز الحالي والطي والتريكو هي من الحداثة وليس لها علاقة بتاريخ الحرفة اليدوية في ليبيا مثلما قال الأستاذ الفاضل أحمد إمبيص.

كل الحرف التي بدأت تندثر المفترض أن تتطور لتواكب أذواق الناس دون أن تفقد تاريخها. هناك الكثير من الأشياء التي كانت تصنعها حناي( جدتي) لا أعرف اسمها هي أنواع من( فن التطريز).

جمال اللافي: مهندس حسام، الإشكالية ليست في الأدوات فكلنا نعرفها ونميز بينها، المشكلة أن هذه الحرف اليدوية خرجت من تحت عباءة جداتنا وأمهاتنا لتنتقل إلى فساتين الفتيات الصينيات والماليزيات.

وبقيت غالبية اهتمامات فتياتنا تنحصر في متابعة المسلسلات التركية والفارسية والمكسيكية وما فعله مهند وما لم تفعله نور.

وكما أشارت المهندسة نادية أن العرائس كن يتنافسن على من تؤثث بيتها بأفضل المشغولات وأعمال التطريز التي تخرج من تحت يديها، لا التي ستفكر عروس اليوم من أي المحلات ستطلب من زوجها أن يشتريها.

هذا مربط الفرس عندي عندما أتحدث عن صياغة جديدة لهوية بيوتنا المعمارية اليوم.

وهل سأصمم اليوم بيت على الطراز الطرابلسي، لأنفذه غداً بخامات وأدوات ومفروشات وعمالة أجنبية؟؟؟

أعطني حرفيين مهرة أعطيك حضارة عظيمة.

حسام ابورزيزة: بوركت أخي جمال، ولكن هذه مشكلة عالمية وهي اندثار الأعمال الحرفية القديمة مما اضطر بعض الدول إلى دعم هذه الحرف مادياً ودون مردود مادي، فقط لتبقي هذه الحرف وخوفا عليها من الضياع.

جمال اللافي: صدقت يا مهندس حسام، وتلك الدول التي تدعم حرفها ماديا لتبقى ثقافتها حاضرة أمام الأجيال القادمة هي الدول المتقدمة حضاريا وتقنيا. لهذا يجب علينا أن نرتقي لمستوى إدراكهم لقيمة هذه الحرف في الحفاظ على هويتنا وثقافتنا.

Arch Nadiaقطعة قديمة عمرها أكثر من 80 سنة شغل فضة ( فجرة ) على الكاتفة
  
Arch Afaf Elatrashأكيد كانت للوالدة الله يرحمها.

جمال اللافي: ما شاء الله، إبداع جميل وأصيل. بارك الله فيك مهندسة نادية على إثرائك لموضوع" المندار" وما تم فيه من تطرق لأعمال التطريز الطرابلسية بهذه الأعمال الفنية المميزة.

Arch Nadiaنعم هو إرث للعائلة.

Ahmed Imbies: قطعة جميلة وتساوي فلوس، لو تحملينها إلى السوق وتبيعينها فضة، يعني يحرقوها باش ياخدوا منها فضتها!!!!؟ هكذا ضاع تراثنا من أعمال الفضة المصاغة وأردية الحرير المفضضة وأعمال التطريز.

انقذوا تراثنا الذي تعرض للنهب والتخريب والتغييب 42 سنة، حتى حولي الحرير أصبح صيني 100/1000، الله يكون في عونك يا عمي عبدالله الوراق ويا حولي حب الرمان.

كيف يتم الانقاذ هذا سؤال اليوم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Arch Nadiaتطريز فضة لمفرش سرير ( يورغان )


Ahmed Imbiesيا سلام، تسلم يدين اللي خدماته، الله يحط يديها في الجنة.

حسام ابورزيزة: إيه هكي ورونا الحجات الي ترجع روح زمان.

Azza Shahatiالعملين المعروضين يتميزان بحرفية عالية في إعداد الرشمة ( تفرعات الأوراق غاية في الدقة والإتقان ) .

Samia Amura: رائعة

Ahmed Imbiesأنظري يا رباب إلى هذه الأعمال التي يصعب أن نتعلمها من النت. الفتاة لا تتزوج إلاّ بعد أن تكمل بتات" تجهيز مفروشات" بيتها المستقبلي والذي أسميه مملكتها.

قطعتين توردهما م. ناديه غاية في الجمال، تحملان معاني كثيرة، رقة ورهافة الحس الفني لدى الفتاة الليبية وهي تصيغها بكل فرح وأمل في بناء المستقبل، تاريخ وذكريات لا يستطيع الإنسان تكثيفها إلاّ في عمل كهذا.

Hanan Al-rgig: أستاذ أحمد العمل ليس صعباً. ولكنه يحتاج لجهد ودقة وصبر.

Ahmed Imbiesوهذا الصبر كيف نصل إليه؟

Hanan Al-rgig: الصبر = سعة البال. وهاك الكثيرين ممن يملكون سعة البال. ولكن الإحساس بقيمة العمل ووجود من يقدره، هو الذي يعطيهم الدافع للانجاز.

Ola Ghunim: كل شي في الحياة يحتاج لصبر لكن مثلما ما قال الأستاذ أحمد، أين نجده، فقد أصبح عملة نادرة هذه الايام.

جمال اللافي: هذه الأعمال الرائعة تذكرنا بجهود" العريفة" التي تعلم الفتيات الصغيرات أصول الإتيكيت الليبي، وفنون التطريز والثقافة المحلية الأصيلة.

أذكر أن والدتي تعلمت على يد والدتها والتي تعلمت بدورها عن أمها التركية، فنون التطريز والخياطة وصناعة الصوف والطبخ، وأشياء أخرى لا تحضرني.

مثلما أذكر أنها كانت تتردد على العريفة" زهرة الخوجة" التي جعلت من " العلي" المقابل لكتاب" الحورية" بقوس الصرارعي مدرستها لتعليم الفتيات، فكانت والدتي تذهب إليها كل يوم من زنقة الساعدية بشارع ميزران إلى المدينة القديمة بصحبة خالي، الذي كان يتلقى علوم القرآن في كتاب الحورية. ثم تحولت والدتي لعريفة تعلم فتيات شارع ميزران ما تلقته من فنون .

وهذا لا يعني أن دور العريفة كان محصورا على بيت واحد أو عائلة واحدة، ولكن هذا الدور كانت تقوم به أكثر من امرأة تعلمت كل هذه الفنون عن جداتها وأمهاتها ثم تحولت من باب الإحساس بمسؤوليتها ورغبتها في نشر ما تعلمته وتعميمه على باقي فتيات مدينة طرابلس.

والمغزى من هذا السرد طرح سؤالي هذا: لماذا لا يعود دور العريفة في مجتمع طرابلس ليمارس دوره في إعادة تعليم الفتيات الصغيرات هذه الحرف التقليدية الجميلة حسب أصولها؟

أتذكر أيضا أن المعماريات أمال الإزرملي وسامية عمورة بالتنسيق مع عزة الشحاتي، قاموا بنشاط سابق خلال العطلة الصيفية، بمدرسة الفنون والصنائع الإسلامية، ثم انقطعت أخبار هذا النشاط الذي لم يحظى بالدعم والدعاية اللازمة لتعميمه. ولا أدري أين وصل هذا الأمر.

Arch Nadiaم. جمال ينقص روايتك الرائعة التواريخ: ليتك تزودنا بها ولو بالتقريب فقد سمعت من والدتي رحمها الله الكثير من الحكايات المشابهة الممزوجة بعبق التاريخ.

أما عن الزميلات المعماريات بالفعل كنّ قد نظمن دورات للبنات بمدرسة الفنون و الصنائع و أعتقد كانت في نهاية التسعينات أو أوائل الألفية الثالثة، أشتركن فيها بناتي واستفدن منها كثيراً : رسم حر- ترسم على الزجاج - تطريز ( بالقرقاف ) ولكن ليس بالفضة.

جمال اللافي: والدتي رحمها الله من مواليد 1929م. بزنقة قصر خيار بزنقة الساعدية المتفرعة عن شارع ميزران في بيت جدي الملاصق للزاوية الساعدية التي أسسها جدي الشيخ علي الشيباني، أحد شيوخ وأعلام مدينة طرابلس، لتدريس علوم الشريعة.

نعم، غاب عن تلك الدورات تعليم الحرف التقليدية كالتطريز وغيره، ربما لأنهن لم يجدن من تتعاون معهن من النساء المحترفات لهذه الصناعات التقليدية، لهذا أرى ضرورة الاسراع في إنقاذ هذه الحرف. وهذه المسؤولية على عاتق المعماريات الليبيات.

Arch Nadiaبارك الله فيك .. والدتي رحمها الله من مواليد 1931 م. - و سكنوا في شارع بالخير ... لقد قلت لك إني سمعت هذه الروايات منها.

جمال اللافي: رحمهم الله جميعا وغفر لهم وجعل مثواهم الجنة.

Arch Nadia: رحمهم الله و أسكنهم فسيح جناته.

جمال اللافي: يغيب عن البيت الليبي اليوم توارث الحرف والعادات والتقاليد الأصيلة، أصبح التلفاز اليوم هو" العريفة" التي تتعلم عن طريقها فتياتنا الكثير من القيم والعادات الغريبة.

Arch Nadia: بالفعل أعمال التطريز القديمة قد تكون وافدة إلينا من العثمانيين لأنني رأيت في متاحف تركيا أشياء مطابقة لها بالإضافة إلى قطع الأثاث والأرابيسك القديمة.

جمال اللافي: هذا الأمر لا شك فيه، والحضارات تتلاقح وتتبادل المعارف، وكل من اتصل بالأتراك عن طريق التزاوج أو التعارف أخذ عنهم بعضا من فنونهم ومهاراتهم، ولكن ما يعجبني في الحرف الليبية سواء المرتبطة بالنساء أو الرجال هو إسباغها بالصبغة المحلية، وهنا يأتي دور النقل الواعي الذي يأخذ ويضيف، لا ذلك الذي يقلد حرفياً.

Arch Nadia: يجب ان تنظموا زيارات إلى سوقهم القديم للمعماريين في جهاز المدينة القديمة ( البازار) التقليدي في استانبول، لأنه موظف بشكل رائع كم تمنيت أن تنظم الأسواق بالمدينة بنفس الطريقة فتبدو كأنها متحف حي يعج بالتراث والحرف الموروثة.

جمال اللافي: الفكرة جميلة، ولكن التطبيق صعب لغياب الإحساس عند المسؤولين بقيمة هذه الزيارات. من جهتي زرت تركيا بطولها وعرضها خلال فترة الدراسة بقسم العمارة.

وأفكر حاليا بزيارتها وقد كنت أتحدث مع أحد الزملاء عن هذا الأمر في الأيام الماضية... مثلما زرت مراراً الأسواق التقليدية في مدن المغرب وتونس.

ما يغيب عنا هو العمل بروح الجماعة، لهذا تبقى نشاطاتنا دائما في حدود الخبرة الخاصة ولا ينعكس أثرها على المجتمع.

نأمل أن يتم تصحيح هذه الأوضاع في المرحلة الجديدة. أو أن تتكاثف جهود بعض المعماريين والمعماريات لفعل شئ يعيد لحرفنا التقليدية مكانتها في البيت الليبي المعاصر، وتحديدا طرابلس باعتبار أن أغلبنا ولد ويعيش فيها، ويفهم خصوصياتها أكثر من المدن الليبية الأخرى.


Samia Amuraبارك الله فيكم لفتح هذا الموضوع والذي اعتبره من ضمن أهم اهتماماتي وهوايات التطريز والمهارات اليدوية في العموم بالنسبة لنادي البنات الذي أشرفت عليه مع أمال وعزة.

أول دورة له كانت 2004 ولأربعة سنوات متتالية حتى 2008 ولازالت الفكرة قائمة والعمل عليها بصورة أكبر واستمرار النشاط على مدار السنة.

ولم يكن التطريز غائب عن الدورات فقد كان ضمن البرنامج ولكنه اقتصر على المبادي الأولية للتطريز وذلك لعدم إلمام الفتيات بالتقنيات الأولية للخياطة البسيطة وشغل الإبرة، فكان يجب متابعتهن خطوة بخطوة حتى نصل الى التطريز بالفضة.

مع العلم أنني تعلمت التطريز بالفضة على يد جدتي الله يرحمها واستطيع تعليمه وأعرف بعض السيدات اللاتي يمكنهن مساعدتي في ذلك. ممكن أن يكون ذلك في دورات متقدمة.

بالنسبة للصناعات التقليدية خلال دورة 2007 استضفنا الاستاذ معبد الغدامسي لمدة أسبوع كامل علم خلاله الفتيات بعض من الأعمال اليدوية الغدامسية والتقليدية ومن ضمنها كانت المروحة. وقد استمتعت الفتيات بذلك كثيراً .

Arch Afaf Elatrashالله الله الله، على هذا الموضوع الشيق أنا متابعة لهذا الحوار كلمة، كلمة وأحس لوهلة وكأنني أقرا قصة جميلة وأعيش دوراً فيها، مثل القصص التي أحكيها لأطفالي قبل نومهم، والمهم في هذا كله الإحساس الجميل الذي أشعر به والفرحة التي غمرتني من سرد تفاصيل هذا الموضوع لأنني من المولعين بأي موضوع يتعلق بالعادات والتقاليد والتراث والمأثورات الشعبية، ليس على مستوى طرابلس فقط بل تشعبت إلى مدن أخرى.

وعلى ذكر العريفة، فأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا وأخواتي السبعة كانت العريفة لنا أمي، الله يشفيها ويعطيها الصحة، فكنا بمثابة فصل دراسي لها فتعلم الكبرى التطريز والتفصيل والخياطة ومن تمّ الكبرى تعلم الأصغر منها وبمساعدتها طبعا فكانت كل ( مفارش ووسائد البيت من عمل يديها وكذلك خياطة بعض من ملابسنا ) وعلمتني الكثير والكثير ولازلت أتعلم منها إلى اليوم. ربي يشفيها ويعافيها وأتمنى أن توفقوا في إنجاح فكرة هذا الموضوع ونتوفق في زيادة الاستفادة منه، وبذلك نستكمل القعدة الطرابلسية في بيوتنا ويتمتع بها نظرنا.

:Arch Nadia نعم م. سامية الفتيات استمتعن به جداً .. و لقد حفر في ذاكرتهن إلى يومنا هذا.

:Samia Amura الحمد لله يسعدنا هذا جدا م. نادية ويشجعنا على الاستمرار باذن الله .

جمال اللافي: مرحباً بك وبمساهمتك الجميلة والقيمة مهندسة سامية عمورة. نستطيع من خلال مشاركتك هذه أن نستشف أنه بالإمكان إعادة الروح للتطريز بالفضة وتعليمها للفتيات لو توفرت الظروف والأسباب والدوافع والحوافز لذلك.

فماذا لو قررنا جميعنا أن ننفذ عملا مشتركاً يتمثل في تجهيز حجرة استقبال النساء في أحد البيوت المعاصرة التي تنفذ حديثا، بمفارش وجلسات روحها طرابلسية وعلاقتها بالواقع معاصرة.

والمكان من حيث المبدأ متوفر، وهو محاولة واجتهاد مني لوضع رؤية معاصرة للبيت الطرابلسي، وصلنا فيها لمرحلة أعمال الجبس وتوقف العمل بعد قيام الثورة، ولا يزال متوقفا لفترة قادمة حتى تستقر الأوضاع ونتمكن من توفير العمالة الفنية اللازمة لاستكمال أعمال التشطيب.

في البيت السابق وهو نموذج لبيوت الضواحي والارياف، نفذنا جلسة من الحجر في صالون الضيوف، واستخدمنا وسائد أقمشتها اسبانية لعدم وجود بدائل، ولكني وبعد فترة وكلما أعدت النظر في هذه الوسائد أشعر بوجود قصور في هذه الأقمشة التي تفتقد للروح المحلية.

صاحب البيت لن يعترض بإذن الله والأمر متروك لي، فقط يجب أن لا نبالغ في الجوانب المادية بالطريقة التي تصرف أنظار صاحب هذا البيت أو غيره عن تطبيق هذه الأعمال، ولكن هذا لا يمنع من إعطائها قيمتها الحقيقية وتقدير الجهود المبذولة فيها.

وطبعا لن يكون هذا البيت بإذن الله النموذج الوحيد الذي ستطبق فيه هذه الأفكار بل هو البداية، والقادم بإذن الله أفضل وأكثر، إذا ما استمر المخطط الذي رسمته مع مجموعة من المستثمرين كما نرجوه.

هذا الحديث موجه للجميع ولكل من عنده الرغبة في الإسهام لو بملاحظاته لإعادة الاعتبار للبيت الطرابلسي بكل مشتملاته ومفروشاته وروحه الجميلة.

في هذه الصفحة عرض لنماذج معاصرة للحوش الطرابلسي، ومن ضمنها النموذج الذي تحدثت عنه وهو الأصغر، الذي تظهر واجهته على رأس الموضوع.

وهذه صور لبيت الضواحي الذي نفذته في منطقة السبعة ويظهر من خلاله تأثيث حجرة استقبال الرجال.


Arch Nadia: م. جمال عمل رائع اهنئك على هذا الذوق الرفيع بالتوفيق إن شاء الله.

:Arch Afaf Elatrash فعلا رائع الله الموفق .


جمال اللافي: بارك الله فيك مهندسة نادية وبارك الله فيك مهندسة عفاف. ونأمل أن لا تبخلوا بملاحظاتكم، لأن الهدف هو الوصول لنموذج لا تغيب عنه رؤية المرأة الليبية وخصوصاً المعمارية.

:Arch Nadia من أين تحصلت على الحجر ؟ هل هو متوفر ؟

جمال اللافي: نعم متوفر وبجميع الأشكال والأنواع، ويتم الحصول عليه بالاتصال تلفونيا ببعض سائقي الشاحنات الكبيرة، الذي يقوم بتوفيره وإيصاله إلى موقع التنفيذ.

Azza Shahatiأحيي فيك روحك النضالية يا مهندس جمال، تصميم البيت رائع فيه ذوق وجهد وعمل دؤوب واضح.

وبالنسبة لتعليم الفتيات التطريز قدمنا ورقة عمل م. سامية عمورة م. أمال الإزرملي وأنا بعنوان " التدريب المبكر" الهدف منها كان التعريف بدور أمهاتنا وجداتنا في الوضع الاقتصادي للأسرة والمجتمع من خلال الأعمال اليدوية التي كن يقمن بها ومنها التطريز وحياكة المنتجات الصوفية وصناعة المواد الغذائية التقليدية، وطرحنا برنامجاً لتفعيل هذا النوع من التدريب على فتياتنا في سن مبكرة " ضمن برنامج التعليم الأساسي" للأسف في تونس تم تقدير هذا المشروع بشكل غير عادي وفي ليبيا تم تهميشه بشكل غير عادي أيضاً،

لكن للمهندسة سامية روحاً نضالية هي الأخرى والمشروع ضمن أولوياتها، لقد زرت العديد من البازارات التي أقيمت بمناسبة تحرير طرابلس وكلما رأيت أعمالا متميزة، أدركت أن جهود سامية قد أثمرت، فتحياتي لكما.

Samia Amura: جذوة الروح النضالية عزة تتقد من مثابرتك وإصرارك، فأن كان واستطعت أن أكون مؤثرة ولو بنسبة بسيطة، فيرجع لكم عائلتي وصديقاتي وأتمنى أن نعمل جميعاً من أجل ليبيا.

جمال اللافي: وأنا أيضا أحيي فيكن مهندسة عزة ومهندسة سامية هذا التفاعل مع ما طرحناه في موضوعنا هذا، كما أحيي جهودكن السابقة الذي لخصتها مشاركتك القيمة.

لاشك أن ليبيا وأهلها وطرابلس على وجه التحديد معطاءة وزاخرة بالنفوس التي تحمل همها وهم الحفاظ على موروثها الثقافي والحرفي.

وأسعد جداً كلما سمعت خبراً هنا أو هناك لنشاط يبذل في هذا السياق، وتمنيت لو استطيع أن أقدم ولو جزءاً يسيراً من الإسهام في إنجاحه، لا لشئ إلاّ لأن نجاح كل ليبي أينما كانت مدينته هو نجاح لكل الليبيين.

وهو بدوره يعكس صورتنا المشرفة أمام العالم، الذي ينظر إلينا على أننا صحراء قاحلة تفتقر للعقول النيرة المبدعة المعطاءة. وأن ليبيا ليست أكثر من محطة عبور للقوافل بين المغرب العربي والمشرق العربي يعيش فيها أناس يحيون حياة البداوة والتصحر.

ما أثق فيه أننا لا نفتقر للعقول المبدعة ولا للنفوس الخيّرة، ولكننا نفتقر لتوحيد الجهود والتعاون المشترك والتنظيم الإداري المحكم والصبر على مواصلة المشوار.

وما يعوزنا هو المنبر الذي يصل بأصواتنا إلى كافة الجهات المعنية بالحفاظ على هذا الموروث الثقافي، وإجبارها على اتخاذ المواقف الصحيحة، لا أقول الدولة فحسب، بل المجتمع بكل شرائحه مسؤول، وقبلهما نحن فئة المعماريين والمعماريات مسؤولون أكثر على تحمل مسؤولية قيادة المجتمع والدولة نحو الحفاظ على هويتنا.

فهل نستطيع أن نوحد جهودنا في أعمال تحسب لنا جميعنا، في الدنيا والآخرة.



المصدر/ صفحة المعماري والعمارة الليبية على موقع facebook    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية