التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العمارة المحلية في ليبيا: رحلة عبر التاريخ

 

العمارة المحلية- المساكن الطرابلسية

جمال الهمالي اللافي

مقدمة

     العمارة المحلية في ليبيا هي وليدة تراكم خبرات الأجداد في التعاطي مع المؤثرات الاجتماعية والبيئية. من هذا المنطلق، دعونا نستعرض تقييم جمال الهمالي اللافي للعمارة المحلية وتأثير الحقبتين العثمانية والإيطالية عليها.

التأثيرات الاجتماعية والبيئية

     العمارة المحلية في ليبيا هي نتاج تفاعل الإنسان مع الظروف البيئية والاجتماعية المحيطة به. هذه المؤثرات البيئية تشمل الظروف المناخية، العوامل الجغرافية، ومواد البناء المحلية التي توفرها الطبيعة المحيطة بالمكان. الظروف الاقتصادية، بدورها، تؤثر بشكل متفاوت على الأفراد داخل نفس المحيط الاجتماعي حسب القدرة المالية.

ليبيا: تاريخ عريق في الحضارة الإنسانية

     ليبيا ليست جديدة في الحضارة الإنسانية. تاريخها يمتد إلى بدايات المستوطنات البشرية الأولى التي عمّرت المكان بالبنيان والزراعة والصناعات. أثرت الثقافات المتباينة تباين تضاريس كل رقعة من ليبيا، وأدت إلى تكون هوية ثقافية فريدة تجسد فهم وإدراك السكان لاحتياجاتهم الجمعية.

حقبة العثمانيين

سوق المشير وبرج الساعة أحد منجزات الحكم العثماني على الطراز المحلي

     العثمانيون لم يأتوا إلى دولة خالية من العمران أو سقيمة الثقافات. جاءوا فاتحين وبعضهم غازين، ليحكموا في رقعة غنية بثقافتها وشواهدها العمرانية والمادية. لم يكن هناك تأثير مباشر للعمارة العثمانية كما هي في بيئتها الأصلية على العمارة المحلية. ولكن، رأينا إسهامات ومنجزات متأثرة بالمؤثرات المحلية في مجالات العمران والفنون والعادات والتقاليد. العقيدة الواحدة التي جمعتنا بهم كانت القاسم المشترك، مما جعل العمران في حقبتهم محليًا بالتأثر والتأثير.

الحقبة الإيطالية

العمارة الإيطالية- نموذج من مساكن المستوطنين

     الغزو الإيطالي لم يكن له تأثير إيجابي على العمارة المحلية. كانت منجزاتهم موجهة للمستوطنين ولم تستهدف أصحاب المكان، مما جعل عمرانهم وثقافتهم دخيلة ولم تتشربها الثقافة المحلية. تأثيرهم على المجتمع الليبي كان ضارًا، مما أدى إلى اختفاء السمات المحلية وعمّت الفوضى بعد خروجهم. لهذا لا تعتبر مرحلتهم ضمن السياق الطبيعي لتطور العمارة المحلية.

خاتمة

     شواهد الحقبتين العثمانية والإيطالية في ليبيا تدل على وجودهما في فترة معينة ولكنها ليست دالة على تطور العمارة الليبية. العمارة المحلية في ليبيا تعكس تراكم خبرات الأجداد وتفاعلهم مع المؤثرات البيئية والاجتماعية، مما يجعلها فريدة ومتأصلة في تاريخ وحضارة هذا البلد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...