‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيرة أعلام ليبية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيرة أعلام ليبية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، أبريل 16، 2025

رحلتي مع الكتابة: من المدرسة إلى العمارة



جمال الهمالي اللافي

لطالما كانت الكتابة جزءًا لا يتجزأ من رحلتي الشخصية والمهنية، نمت وتطورت معي لتصبح أداة للتعبير عن أفكاري ومشاعري. بدأت علاقتي بالكتابة كمهارة بسيطة في المدرسة الابتدائية عندما شجعني أستاذي جمعة ميلود القذافي بحفاوة كبيرة. أذكر جيدًا كيف كنت أتلقى جائزة عينية تتألف من كراسات وأقلام ومساطر بعد كل موضوع إنشاء أكتبه، وكانت تلك اللحظات تثير بداخلي سعادة طفولية عميقة. ومع ذلك، لم تكن تلك الجوائز هي الوقود الحقيقي لشغفي، بل كانت الكتابة بالنسبة لي نافذة أطل منها على أفكاري وأحلامي، وسبيلاً لأبث ما يجول بخاطري للعالم من حولي.

مع انتقالي إلى الدراسة الجامعية في قسم العمارة والتخطيط العمراني، وجدت في الكتابة وسيلة فريدة تعبر عن رؤيتي المعمارية. كنتُ أشارك في إعداد التقارير والبحوث والمقالات التي نُشرت في المجلة الحائطية بالقسم، والتي أصبحت منصة أولى لعرض أفكاري ومناقشتها.

خطوات نحو التخصص والإبداع

في بداية مسيرتي المهنية مع مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس عام 1990، كان لأسلوبي الكتابي دور بارز في قبولي بالمشروع. فبالإضافة إلى التقارير والمراسلات التي أعددتها، كنت أقدم مقترحات وأفكارًا ابتكارية تُبرز شغفي بموروث طرابلس الثقافي، وهو ما أتاح لي لاحقًا الانخراط في مجلة "آثار العرب". عبر هذه المنصة، بدأت أكتب عن رؤى معمارية تحاكي التراث وتحاول استقراء المستقبل. كانت هذه الكتابات بداية التحول نحو تخصص أعمق وإبداع أوضح.

لاحقًا، كانت رغبتي في توسيع دائرة الكتابة دافعًا لإطلاق صفحة أسبوعية بعنوان "الصفحة الرابعة" في جريدة الشط، حيث جعلتها صوت العمارة الليبية. ورغم مخاوفي من الالتزام بمحتوى غني يغطي صفحة أسبوعية، إلا أن التعاون المثمر مع الزملاء أثمر عن تجربة مميزة.

الكتابة كنافذة على المدن القديمة

لم تكن كتاباتي محصورة في الجانب المهني فقط، بل امتدت إلى عالم الأدب حيث وجدت في القصص القصيرة وسيلة مثالية لاستلهام روح المدن القديمة وسحرها المتأصل. من بين تلك الأعمال "روح المدينة" و"تأملات في مرآة غدامس"، حيث حاولت من خلالها التقاط جوهر الأماكن وتحويلها إلى مشاهد حية تنبض في أذهان القراء. هذه القصص لم تكن مجرد سرد، بل امتزجت فيها التجربة الشخصية والرؤية الفنية، مما أضفى عليها أبعاداً أكثر عمقاً وتأثيراً.

خلال عملي في مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة، استوحيت العديد من السيناريوهات من تجربتي مع طلبة المشاريع والدراسات العليا، ما أدى إلى إنتاج أشرطة وثائقية تحوّلت إلى أعمال سينمائية بارزة. كان من بينها الفيلم السينمائي "روح المدينة"، الذي عُدّ صياغة مبتكرة مختلفة عن قصتي القصيرة التي تحمل الاسم ذاته، وقد تم إنتاجه بالتعاون مع كاتب السيناريو المبدع محمد الغرياني ضمن جهود مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بالشراكة مع مؤسسة الخيالة. كما شهدت قصتي الأولى "بيت جدي"، التي كانت باكورة نصوصي الأدبية، تحولها إلى شريط فيديو وثائقي يحمل الاسم نفسه، مما فتح أمامي مجالاً جديداً لتوسيع التعبير عن التراث وإحيائه بطرق مبتكرة ومتعددة.

لاحقاً، جاءت مجلة "مربعات" كتعاون مع زملاء يشتركون معي في الاهتمام بالعمارة والتراث، ثم أطلقت مدونة "الميراث"، التي أصبحت منصة مميزة للنقاش حول مستقبل العمارة والحرف الفنية في ليبيا، جامعةً بين كتاباتي ومساهمات نخبة من الخبراء.

التحول نحو التأثير الأوسع

مع تطور التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي، بدأت كتاباتي تأخذ أبعادًا جديدة. عبر منتدى المهندسين العرب ومنصات مثل الفيسبوك وإنستغرام، تمكنت من إيصال أفكاري إلى جمهور أوسع ومشاركة رؤاي بشكل تفاعلي. كما تجاوزت الكتابة إلى تقديم محاضرات معمارية تلخص فيها تلك الأفكار، مما أضاف بُعدًا حيويًا لتجربتي.

الكتابة كرحلة مستمرة

تجربتي مع الكتابة ليست مجرد هواية، بل هي مسار مستمر يحمل بداخله رسالة للحفاظ على التراث وتعزيز الهوية الثقافية عبر العمارة. إنها دعوة لكل من يحمل قلمًا أن يجرؤ على استخدامه أداة للتغيير، وألا يتوقف عن التعبير عن رؤيته للمستقبل.

الثلاثاء، أغسطس 12، 2014

شخصيات ومعالم




الأسطى عبدالسلام محمد القروي


أ‌.        مصطفى حقية

إطرابلس المدينة الخالدة خلود الزمن، الحاضرة دائما في ذاكرة التاريخ، الملهمة للمبدع والفنان في كافة المجالات صنعت حضارة تتحدث باسمها. مرت بها عهود وحقب تاريخية تأثرت وأترث في حضارة البحر المتوسط وكانت احد عناصره الرئيسية .

اشتهرت بمعمارها الذي حاكى التاريخ، فتنوع هذا المعمار بتنوع الفترات الزمنية، فكانت العمارة المحلية، ثم أساليب العمارة المختلفة تبعا لكل مرحلة تاريخية . تحفظ هذه المدينة بوفاء نادر إبداعات ابنائها اللذين بدلوا الجهد في الحفاظ على كيانها المعماري والابتعاد عن تشويهه وطمسه.

فكان الأسطوات، اللذين بإبداعهم وحرصهم على مدينتهم، قاموا بصيانة العديد من الحياش والأزقة والأسواق والفنادق والجوامع وبيوت العلم. ومن هؤلاء شخصية عاشت بين جدران المدينة القديمة أكثر من (90 عاما) هو الأسطى عبدالسلام محمد القروي، من مواليد (إطرابلس 1889 م). وأقام طوال حياته بالمدينة القديمة بزنقة العربي المعروفة أيضا بزنقة (القاجيجي) بمحلة كوشة الصفار .

بدأ الأسطى عبد السلام القروي رحلته مع البناء والصيانة منذ طفولته مع أخويه أحمد ومصطفى اللذين مارسا نفس المهنة. توفي والده محمد القروي فكفله عمه محمود القروي، والد الحرفي المبدع بشير القروي والذي لقب ب(العبارة )، التي كانت تعني تفوقه في حياكة الاردية بخطّاتها المتنوعة الجميلة .

الأسطى عبدالسلام محمد القروي

كان الأسطى عبدالسلام القروي يتمتع بخيال واسع فشيد البيوت، دون أية استعانة بخريطة انشائية أو ما شابه ذلك حيث قام ببناء مجموعة من الحياش في منطقة باب البحر ومنها المنزل المقام من دورين بجانب عمارة الوحيشي. إعتماداً على خبرته ومعرفته الدقيقة بطبيعة الأرض وخصائصها، مع مراعات الطراز المعماري المتعارف عليه في المدينة القديمة .

رمم العديد من الجوامع والزوايا والحياش والفنادق إلاَ أن كتابة اسم المرمم لم تدون على واجهات هذه المعالم في ذلك الوقت، والاَ لكان اسم عبدالسلام القروي منحوتا في العديد من هذه البناءات .

طلب منه العمل في مدينة زوارة بعد الحرب العالمية الثانية، فقام ببناء بعض المباني، التي لايزال بعضها موجودا إلى الآن. وهي ملك لبعض الأسر في المدينة. ومنها أسرة بن شعبان وأسرة العزابي وأسرة العطاطشة . كما بنى جامعا في زوارة وآخر في الجميل. وكان بناؤهما ابداعا رائعا تجلى في مفردات العمارة المحلية .

تعلم على يديه العديد من البنَائين والمرممين ومنهم من واصل دراسته وتحصل على الشهادات العليا في مجال الهندسة المدنية. ونذكر منهم الدكتور لطفي عبدالسلام القروي، الذي تحصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة الامريكية.

وبعد رحلة طويلة استمرت (93 عاما) انتقل الأسطى عبدالسلام القروي إلى جوار ربه في(22 ديسمبر 1982 م)، تاركا جهداً وتراثاً وابداعاً نعتز به ونقدره .

إن الوفاء لهؤلاء المبدعين هو أن نذكر بكل فخر أعمالهم وما بذلوه من جهود للحفاظ على المدينة التاريخية ولولاهم لما بقيت صامدة ولما تصدت لمحاولة المسخ والتشويه.



المصدر/ صفحة أ. مصطفى حقية، على الفيسبوك.



الأربعاء، أكتوبر 23، 2013

في تأبين الإمبراطور الأخير في لبدة الكبرى




عالم الآثــار الليبي، وفخر الأمــة الليبية.
المرحوم الأسـتـاذ / عمر صالح المحجوب

 
عالم الآثار/ عمر صالح المحجوب


سرد الأستاذ/ يوسف أحمد الختالي


 الســـيرة الذاتية:
الإســــم: عمر صالح المحجوب
تاريخ الميلاد : سنة 1923 م.
مكان الميلاد : الخمس/ لبدة الكبرى.
المستوى الدراسي : دراسة في كتَاب الخمس فقط لحفظ القرآن الكريم واللغة العربية.- شهادة ابتدائية ( عربي / إيطالي ) من مدرسة الخمس.
تاريخ الالتحاق بالعمل : سنة 1938 م.

التسلسل الوظيفي :
·                    وظيفة إدارية في مكتب آثار لبدة- من سنة 1938 م إلى سنة 1954.
·                    وظيفة فنية (ملاحظ) في نفس الإدارة- من سنة 1954م حتى سنة 1969م.
·                    وظيفة رئيس مكتب أثار لبدة من 01/10/1969م حتى 29/04/1973م.
·                    مراقب أثار لبدة من 29/04/1973م حتى 01/10/1990م. حيــث أحيل إلى التقاعد.
·                    مستشار لمراقب أثار لبدة لمدة عامين.

الدورات التدريبية والمــؤتمــرات العلمية :
·                    التحق بدورة تدريبية في مدينة فيرونا في إيطاليا في ترميم الآثار سنة 1963م.
·                    اشترك في مؤتمر دولي لدارسة الفسيفساء في مدينة رافينة في إيطاليا.
·                    اشترك في ندوة في المركز الدولي لصيانة الممتلكات الثقافية بروما في سنة 1978م.
·                    شارك في دورة في ترميم المعالم الأثرية بمدينة أتكونا بإيطاليا
·                    شارك في المؤتمر الدولي لآثار البحر الأبيض المتوسط بمدينة مرسيليا في سنة 1988م.
·                    شارك في العديد من المؤتمرات الأثرية المحلية والعربية.

أعمال الترميم والصيانة بمراقبة آثار لبدة :
الإشراف على ترميم مدينة لبدة وخاصة حلبة المصارعة (الميدان المدرج) ودارة سيلين بمنطقة سيلين.

أعمال الحفائر :
·                    القيام بحفائر الميدان المدرج بمدينة لبدة.
·                    القيام بحفائر دارة سيلين بمنطقة سيلين.
·                    شارك في حفريات فيللا حمامات الصيد . وهو يؤمن إيمان كامل بأنها فيللا وليست حمامات خاصة لإحدى نوادي الصيد كما يعتقد جون ورد بيركنز العالم الإنجليزي.
·                    المشاركة في حفائر ميناء لبدة القديم بالخمس والدارة التي كانت اسفل مدرسة إبراهيم الرفاعي.
·                    الإشراف على الحفائر الطارئة التي تظهر بالمراقبة مثل المقابر و الدارات وغيره.

أعمال المتاحف :
·                    أشرف على إعادة تنظيم العرض في المتحف القديم (الإيطــالي) لمدينة لبدة الكبرى.
·                    المشاركة في دراسة وعرض متحف لبدة الجديد.
·                    تأسيس متحف خاص للفسيفساء المستخرجة من لبدة العتيقة ، وكان ذلك أخر أحلامه وقد تحق الآن بالفعل.

النشر العلمي:
·                    كتب موضوعات مختلفة في مجلة ليبيا القديمة عن الحفائر الأثرية.
·                    أشرف على الجزء الخاص بدراسات المساجد في منطقة الخمس في الموسوعة الإسلامية.
·                    نشر كتاب مصور عن تقريره الأولي حول فسيفساء فيللا وادي يـاله " سيــلين".

البعثات الأجنبية :
·                    اشرف إشراف كامل على البعثات الأجنبية العاملة في المراقبة سواء أعمال الحفائر أو الترميم أو التسجيل.
·                    شارك برأيه وخبرته الفنية والعلمية في أكثر الأعمال الأثرية في مراقبة آثار لبدة وغيرها من المراقبات.

وكان الأســــتاذ عــمر المـــحـجوب رحمه الله، يمتاز بالأخلاق العالية والإخلاص في عمله وحبه للآثار والتاريخ، ذو خبرة عالــية في مجالات الآثار المختلفة، وذوق رفيع في العرض المتحفي.

أصبح منذ ســـبعينات القرن الماضي مــرجعــا أسـاسيا لكل باحث في مجالي الأثار والتاريخ الليبيين، وهــكذا نجد منذئذ معظم منشورات الباحثين الليبيين والجانب لا تخلو من ذكر اسمه كمصدر علمي.

خـــلال فترة مراقبته، سجلت مدينة لبدة في منظمة اليونسكو كإحدى معالم التراث العالمي التي يجب المحافظة عليها نظراً لأهمــية تاريخها العظيم ومبانيها الخالدة ودورها الحضــاري في مســيرة البشـــرية.

أحب لبدة الكبرى– ولا يزال قدوة لنا في محبتها– وعمل جاهدا على حمايتها من الأخطار بالآثار، ودافع عن كنوزها في أكثر من موقف يشهد له التاريخ، مثل تلك الحادثة التي حصلت بعد انتصار الحلفاء على الأراضي الليبية وأراد أحد الجنود الإنجليز تسلق عمود من الجرانيت في الميدان القديم بالمدينة العتيقة لكي يعلق عليه علم بريطانيا، منعه الأستاذ المرحوم عمر المحجوب من القيام بذلك وأمره أن ينزل فورا، فمن كان يقدر أن يفعل ذلك مع منتصر يمثل دولة عظمى ولا تزال خمر الانتصار تداعب رأسه.

كما أخبرني يومــا، رحمه الله – أنه خاض نقاشا طويلا ومريرا مع البعثة الألمانية التي تعمل في وادي لبدة، لكي يمنع رئيسها " زيجرت" من تحويل فسيفساء المجالد الصريع من مكانها في فيللا وادي لبدة، إلى متحف الفسيفساء .

شارك بجهده وعلمه وخبراته محليا ودوليا في إظهار أهمية الآثار الليبية عامة، ومدينة لبدة خاصة. وأفـــاد بعــلمه الغــزير أجيــالا من بعده، سوف لن تنسى له جميل أعمالــه.

أحب المرحوم علم الآثـار، مثلما يحب أن يعلمه - ولقد نهلنــا الكثير من علمه الغزير، ما كان يحتكر فكرة واحدة لنفسه وإنني على يقين، أن الكثيرين من العلماء الأوربيين والأمريكان قد أخذوا عنه الكثير وأشاروا إلى ذلك في منشوراتهم.

توفي الأستاذ عمر صالح المحجوب، في مـديـنة الخـمس- في يـوم الأحد 6 رمضان-  الموافق 11/10/ 2002 م.



المصدر/ صفحة الأستاذ يوسف أحمد الختالي على الفيسبوك
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10201151326760059&set=a.10200475527105490.1073741828.1076504439&type=1&theater&notif_t=like

الخميس، يوليو 05، 2012

الأستاذ فؤاد الكعبازي كما عرفته*




الأستاذ/ سعيد علي حامد**


الأستاذ/ فؤاد الكعبازي
ولد الأستاذ فؤاد مصطفي الكعبازي بمدينة طرابلس القديمة في 20 / 8 / 1920م ، التحق في بداية حياته التعليمية بكتاب حورية داخل مدينة طرابلس، ثم التحق بمدرسة الفرير ( أخوان يوحنا ) بباب البحر وتخرج منها سنة 1936م، وواصل دراسته بالمدارس الثانوية الإيطالية، ثم درس في بريطانيا وتحصل على دبلوم الهندسة المدينة.

تعددت مواهب الأستاذ فؤاد الكعبازي، فكان مغرما بفنون الرسم والنحت ، وبرز في فن الكاريكاتير، ساهم في أنشطة النادي الأدبي سنة 1943م، وله اهتمامات في مجال المسرح والكشافة والسينما والرياضة والصحافة ومن أهم أعماله المتعلقة بالصحافة إصدار مجلة المرآة وهي مجلة رياضية فكاهية نصف شهرية، مديرها المسئول مصطفي العجيلي ورئيس تحريرها فؤاد الكعبازي ، صدر العدد الأول منها في 15 يوليو 1946م، وثمن النسخة 12 ليرة عسكرية،  منحت له شهادة الدكتوراه في الأدب الإيطالي المقارن من جامعة ( تيبيرينا ) الايطالية عام 1961 م.

وهو يعد من أبرز من يجيدون اللغة الإيطالية في العالم العربي. وله عدة مؤلفات منها كتاب ألحان عربية على أوتار من الغرب وكتاب مختارات من الشعر العالمي المعاصر وكتاب قراءات في الشعر العالمي وله ديوان شعر باللغة الإيطالية بعنوان ليبيتكو فمنحت له جائزة مدينة ريجيو كالابريا للشعر المؤلف من غير الإيطاليين سنة 1981م.

ومن ضمن أنشطته العلمية الترجمة فقد ترجم العديد من الأعمال إلى اللغة العربية أو إلى اللغة الإيطالية ومن ذلك ترجمته لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإيطالية ، كما ترجم كتاب فابريتسو موري عن الرسوم والنقوش الصخرية بجبال أكاكوس إلى اللغة العربية. 


خلال عملي بمصلحة الآثار كان على اتصال بى عندما عكف على ترجمة كتاب ديلافيتا الذي يعنى باللغات وقد قطع شوطاً كبيرا في ترجمته ولعل الترجمة الكاملة موجودة بين مخطوطاته.

أما في مجال العمارة والتصميم فقد كانت له مجموعة من الأعمال التي نفذت في طرابلس وغيرها ولعل من أهم التصاميم التي لم تنفذ تصميم خزان المياه بمنطقة وسعاية البولاقي التي تعرف باسم وسعاية القبة التي أنشأ بها المستعمرون الإيطاليون في عشرينات القرن العشرين مقبرة أطلقوا عليها اسم مقبرة النصر شيدت في مكان برج التراب  وعرفت لدى الأهالي باسم القبة لأن قبة ضخمة تغطي المقبرة . أزيلت المقبرة في عام 1958م، فقد طلب منه الطاهر القره مانللي عميد بلدية طرابلس في أواسط خمسينات القرن الماضي إعداد تصميم لذلك الخزان  وصمم الأستاذ فؤاد  ذلك ليحل في موقع المقبرة استوحاه من نافورة في جنيف ليضفى على المنطقة مسحة جمالية إلا أن الموازنة المخصصة للتنفيذ لم تكن تغطي نفقات تنفيذ تصميمه فنفذ التصميم الذي لا يزال قائما إلى الآن.  
منطقة القبة بمدينة طرابلس القديمة، حيث يظهر النصب التذكاري للجندي المجهول الإيطالي الذي استبدل بالخزان

توطدت علاقتي بالمرحوم فؤاد الكعبازي عندما كنا ضمن لجنة المستشارين لمشروع إدارة وتنظيم المدينة القديمة ، فكنا نلتقي مع مجموعة من الدكاترة والأستاذة لمناقشة بعض الموضوعات  التي تتعلق بالنواحي التاريخية والمعمارية والهندسية والفنية لبعض معالم مدينة طرابلس القديمة وإبداء الرأي أو التوصية باتخاذ قرار بشأن معلم تاريخي أو دراسة المخطط التاريخي للمدينة إلى غير ذلك.

درج مشروع إدارة وتنظيم المدينة القديمة بإطرابلس على عقد عروض أسبوعية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي لدراسة معلم من معالم المدينة ( مسجد ، مدرسة دينية ، فندق تاريخي ، حوش تاريخي ، أسوار ، قلاع وحصون ... الخ ) ويبدأ العرض عادة بدراسة تاريخية يعدها باحث تاريخي عن المعلم ثم الدراسة المعمارية ويعدها مهندس ، بحضور أعضاء لجنة المستشارين ( مصطفي حقيه، فؤاد الكعبازي، د . محمود الفلاح، سعيد حامد، د. علي البلوشي، المرحوم علي قانه، المهندس أحمد أمبيص، د . محمود دازه، د.لطفي القروي، عمر زايد، علي الصادق حسنين، مختار دريرة، جمال اللافي وسالم شلابي  وغيرهم )، واللجنة التنفيذية لإدارة المشروع وباحثيه ومهندسيه والعديد من أستاذة كلية الهندسة بطرابلس ومجموعة من الباحثين والمهتمين بتاريخ مدينة طرابلس القديمة.

وما أن يطرح موضوع العرض للنقاش حتى يطلب الأستاذ فؤاد الكلمة فيسترسل في الحديث متنقلاً بين الدراسة التاريخية والدراسة المعمارية، ففي كل منها له سهم مصيب، معلقاً ومضيفاً ومثرياً لكليهما، ولا عجب في ذلك فهو متنوع المعرفة ومثقف موسوعي يعزف على أوتار التاريخ والهندسة والاجتماع والأديان والفن إضافة إلى عشقه للمدينة القديمة التي ولد وعاش في حوماتها وشوارعها، و فهو يقول" ولدنا وكبرنا في المدينة لم نحبها حبنا لها اليوم وعوامل الانهيار تسابق الساهرين على إنقاذها كالعجوز المودعة في دار العناية المكثفة المعوزة للأكسجين" ([1]) .

 كانت لجنة المستشارين تضم مجموعة ممن تربطهم علاقة حميمة بالمدينة القديمة ممن ولد أو عاش فيها أو أرتبط بها عاطفيا من خلال اهتمامه أو مجال عمله، فتدرس الموضوعات المعروضة عليها، وتقوم بزيارات ميدانية إلى المعالم التاريخية داخلها للمعاينة والدراسة.

وهناك دائما فسحة من الوقت لأعضاء اللجنة لتجاذب أطراف الحديث عن أوضاع طرابلس وليبيا عامة سياسياً واقتصادياً واجتماعيا وعن تاريخها القديم والحديث، عادة ما نحاول استدراج الأستاذ فؤاد إلى الحديث عن الفترة الملكية 1951 ـ 1969 م فقد عاصرها مسؤولا عن إدارة الأشغال العامة ووزيراً للبترول ولكنه كان مقلا في الحديث عن تلك الفترة، وكان يلمح ولا يصرح، وفي حديث له عن شؤون البترول في ليبيا في بداية الستينات من القرن الماضي أشار إلى معلومة أود أن أذكرها في هذا السياق وهي تتعلق بمشروع إدريس للإسكان.

قال: " أُجريت دراسة بعد تجهيز ميناء الحريقة لتصدير البترول بطبرق أوضحت أن هناك خط أنابيب لتصدير البترول سيصل إلى ميناء الحريقة والدراسة وضعت مقترحين :
أولا : أن يمر الخط بعيداً عن قصر الملك .
الثاني : أن يمر الخط بالقرب من قصر الملك .

وعرضت الدراسة على الملك فاستدعاني لكوني وزيراً للبترول واستفسر عن الدراسة وعن الطريق الذي ستسلكه الأنابيب، فأوضحت له أن الخطين كليهما سيصلان إلى الميناء وإنما الفرق في التكلفة فالخط الذي يمر بالقرب من القصر أقله تكلفة، فأمر الملك بتنفيذه على أن يوضع الفرق في التكلفة بينهما في حساب الملك الخاص  ومن هذا المبلغ كانت بداية مشروع إدريس للإسكان.

كان فؤاد الكعبازي عاشقا لمدينة طرابلس القديمة وكان يطلق عليها المدينة اللغز، باحثا عن معالمهما القديمة  عن ملامحها الاقتصادية والاجتماعية، لذلك نشر مجموعة من المقالات في صحيفة اطرابلس القديمة التي أصدرها مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة في عامي 1987 ـ 1988م، ومن تلك المواضيع: ـ
·     تفرسات أثرية في المدينة اللغز وفيه يبحث عن المعالم الرومانية للمدينة القديمة التي من شانها أن تخدم المشروع من الناحيتين العملية والمعنوية . العدد الثالث 10 مايو 1987م
·     تفرسات أثرية في المدينة اللغز. العدد الرابع ، 11 مايو 1987 وفيها يتناول الحفريات العرضية التي جرت بسوق المشير، وهو في هذه التفرسات يعتقد أن موقع الحفريات عبارة عن أقبية لبناء السفن التجارية والحربية قبل إنزالها إلى البحر عن طريق دفعها وانزلاقها إلى البحر واستشهد ببيت من قصيدة زجلية لأحد الزجاليين القدامى:
الخندق وفم الباب والسرسيبه
                     وجه حبيبي ما يطول غيبه

وقد ثم التعقيب على هذا المقال في صحيفة اطرابلس القديمة، السنة الثانية العدد 2 في 30 / 4 / 1988 م من كاتب مجهول بعنوان: حول حفرية سوق المشير" الكاوش المدفون " ذكر صاحب المقال أن الموقع كان كاوش بمعنى ثكنة لإقامة الجند، ونقل الكاتب ما أورده احمد النائب الأنصاري في كتابه المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب" الجزء الثاني . ص 39 " أنشئ كاوش منتظم للعساكر الشاهانية بهمة حضرة الوالي المشار إليه ( يقصد أحمد راسم ) من الواردات البلدية داخل باب الخندق". كما أورد الكاتب روايـة شفوية لأحـد سكان المدينة القديمة  ( ينظر المقال ).
·     نظرة في تاريخ وتكوين المدينة القديمة بإطرابلس ( الحلقة الأولي ) مع الدراسة اسكتشات من رسمه . العدد السابع . 14 مايو 1987م
·     تفرسات في المدينة اللغز العدد 8 ، 15 مايو 1987 وفيه يطرح سؤالا لماذا لا نرى تكافؤ بين حجم التداول المالي زمن ازدهار تجارتها الأفريقية وجهادها البحري الأسطوري مع ما تبقى من حيثيات الآثار العمرانية المائلة أمامنا التي لا تضاهي روعة وبذخ آثار أية مدينة من مدن الشمال الأفريقي المعاصرة رغم كونها أنشط وأنسب سوق للتبادل التجاري الدولي من حيث الرواج والموقع الجغرافي ، ونشر بقية الحلقات في الإعداد 9 ، 10 ، 11 ، 12 ، 13 الصادرة من 16 مايو إلى 20 مايو 1987م .
·     كلمات وصور من المدينة القديمة : ابن المدينة لا ينساها. على حلقتين في العددين 14 ، 15 ، 21 ، 22 مايو 1987 .
·     نماذج من المدينة القديمة العدد 17 الصادر في 24 مايو 1987م .
·     خواطر عن النشاط المسرحي إبان الإدارة البريطانية بإطرابلس :
" بداية من لا شيء " . ضمنه رسم كاريكاتيري للممثل الكوميدي حمدي و د . مصطفي العجيلي والمؤلف الكوميدي حسن يوسف المصري ، وملامح بشير عريبي العدد 18 الصادر في 25 1987م .
·     كلمات وصور .. من المدينة القديمة العدد 20 ، 27 مايو 1987م
·     1 ـ سي رمضان الأسود " ذو الأيادي البيضاء " .
·     2 ـ بشير عريبي .... " عروسة ليلة واحدة " العدد 21 ، 2 يونيه 1987م .
·     خارج حدود الحارة . ضمنه رسومات عن يهود الحارة السنة الثانية ، العدد الأول 29 ابريل 1988 .
·     قصة وقصيدة من حومتنا ، النعش . السنة الثانية ، العدد الثالث مايو 1988م
·     الجار جار مهما جار . عن يهود طرابلس . مع بعض الرسومات السنة الثانية العدد 6 ، 7 مايو 1988.
·     قصة وقصيدة
1 ـ أسرار فوق السطوح
2 ـ قصيدة سطوح مدينتنا
السنة الثانية العدد 7 ، 8 مايو 1988
·     اللي يأخذ أمي هو بوي
عن يهود طرابلس ـ مع بعض الرسومات  السنة الثانية ، العدد 11 . 13 مايو 1988 داخل حدود الحارة : الود عن أب وجد . السنة الثانية ، العدد الخامس ، 6 مايو 1988
·     وهناك من العديد من الدراسات والمقالات التي كتبها فؤاد الكعبازي في العديد من الصحف والمجلات الليبية منذ أواسط أربعينات القرن الماضي واقتصرت هنا فقط على بعض من نشاطه العلمي مع مشروع وتنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس .
·     أنتقل إلى رحمة الله تعالي يوم الاثنين 14 / 5 / 2012 ، بطرابلس نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته .وبوفاته فقدت ليبيا علما من أعلامها ومبدعا وعاشقا لمدينة طرابلس المدينة اللغز ، ومن لا يعشقها فهي العزيزة والكرام بنوها .




* أعدت بمناسبة احتفالية تأبين المرحوم فؤاد الكعبازي التي نظمها مجمع اللغة العربية بطرابلس بتاريخ 1/7/2012م.
** تعريف بكاتب المقالة: http://mirathlibya.blogspot.com/2012/06/blog-post_21.html



[1] ـ فؤاد الكعبازي . قصة وقصيدة من حومتنا : النعش ، صحيفة اطرابلس القديمة ، مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة ، السنة 2 ، العدد 3 ، مايو 1988 


أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...