أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

السبت، نوفمبر 21، 2020

المفهوم الخاطيء لعصر الحريم والعودة إلى الماضي.

 


جمال اللافي

بعد إلقائي لمحاضرة بعنوان( نحو رؤية جديدة ومعاصرة لمفهوم المسكن الاقتصادي) وذلك في العام 1993 بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس. وكان خلاصتها الدعوة للعودة إلى بيت العائلة الذي يضم في رحابه الأجيال الثلاثة الأب والأبناء والأحفاد، كطرح بديل عن البيوت الاقتصادية المتعارف عليها في المشاريع الإسكانية والمعتمد على تكرار النموذج السكني والارتفاع الرأسي في البناء. 

https://mirathlibya.blogspot.com/2008/07/blog-post_2887.html

بعد انتهاء المحاضرة وخروجي من القاعة، خاطبتني زميلة معمارية مبدية تحفظها على هذا الطرح، قائلة بلهجة منفعلة: شن بتردنا لعصر الحريم!

لم أجبها في تلك اللحظة حتى لا أفتح بابا للجدل العقيم. 

ولكني لاحظت خلال السنوات التي تعقبها، أن الحديث عن الهوية المعمارية بصفة عامة والهوية بمفهومها الشامل، المتعلقة بمعاملاتنا وتعاملاتنا وما يرتبط بها من تطبيقات في كافة المجالات العلمية والفنية والأدبية، يقابل ذلك بتحفظ شديد هو أقرب للرفض المطلق مصحوباً أيضا بالقول: شن بتردنا للماضي. 

الخلاصة:

    عصر الحريم لم يوجد في الثقافة الإسلامية يوماً في أي دولة إسلامية قامت، منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مروراً بعهد الخلفاء الراشدين وانتهاءً بالخلافة العثمانية. والمقصود في تلك الأزمان بالحريم هم فقط نساء البيت أو القصر من الجدات والأمهات والعمات والخالات والبنات. والجواري تطلق على البنات الصغيرات في السن. وليس كما صورتها رسومات المستشرقين وأفلام هوليوود وربيبتها في تشويه صورة الإسلام السينما المصرية ومن بعدها السينمات العربية.

وكل امرأة متحجبة اليوم هي في حقيقتها تخبرنا بأنها حريمٌ عليها أن يكشف عنها الغريب الأجنبي. 

أما العودة إلى الماضي، فهي بلا شك العودة للزمن المُشرّف من تاريخنا الإسلامي، عصر الحضارة والمنجزات العلمية والفنية والأدبية.

        والهوية تعني بالضرورة التواصل مع منجزات هذه الحضارة، بتبني قيمها ومنطلقاتها. والتفاعل مع معطيات الحاضر بمتطلباته وتقنياته وأدواته. ولا تعني التقوقع أو الانسلاخ عن الجذور.


الأحد، نوفمبر 08، 2020

نظرة خاطفة على ترميم المباني التاريخية، من وحي تساؤلات مهندسة معمارية.

 


جمال اللافي

§   أنا مهندسة معمارية مهتمة بمجال الترميم، اتمني منك تزويدي ببعض المراجع و الكتب لمتابعة هذا المجال، علماً بأني درست هذا المقرر عندما كنت طالبة بقسم العمارة.

·        يمكنك كتابة (مراجع في ترميم المباني التاريخية) على محرك البحث وستظهر لك النتائج.

 

ولكن يمكن اختصار مجال الترميم في هذه النقاط:

·   عند ترميم أي مبنى يجب المحافظة على كل العناصر المعمارية والزخرفية الموجودة في المبنى وتعويض الفاقد منها بنفس المواد والشكل.

·   مراعاة عدم إزالة أي عنصر معماري أو زخرفي من مكانه بحجة إعادته فيما بعد، لأن وجود هذه العناصر والمفردات بموادها الأصلية وتقنية تنفيذها وتركيبها التقليدية وبروح الحرفي الذي وضعها في مكانها هو جزء من تاريخ المبنى الذي يجب عدم طمسه.

·   عند توظيف أي مبنى تاريخي يجب تحديد الوظيفة المناسبة قبل الشروع في ترميم المبنى وما يتطلبه ذلك من إزالة أو إضافة ضرورية لبعض الحوائط لتوسعة فراغ أو أداء الفراغ لوظيفة مستجدة.

·        وأخيراً استشارة كل من له علاقة بمجالات الترميم من جميع التخصصات قبل اتخاذ أي قرار. 


§        أنا مهتمة بجانب اختيار المواد المناسبة للترميم وكيفية اختيارها، سواء باستخدام مواد محلية او مواد مصنعة خارجاً.

·   اختيار المواد ينطلق من المواد الأصلية الموجودة في المبنى نفسه من خلال ما هو موجود منها لتعويض الفاقد. ويفترض عند ترميم أي مبنى أن يكون مصدر هذه المواد من صناعة الحرفيين الليبيين ومن مواد متوفرة في البيئة المحلية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك بعضا من مواد البناء والتشطيب استجلبت في الماضي من الخارج كالأخشاب والبلاط والرخام والحجر.

·   أهمية البحث والتقصي أولا عن إمكانية وجود حرفي ليبي قادر على إنجاز المطلوب بكفاءة عالية، قبل التفكير في استيراد أي مادة أو صنعة حرفية من الخارج.

وحيث أنه لا وجود حالياً للحرفيين الليبيين بالصورة المتعارف عليها وبالتالي لا وجود لصناعة حرفية محلية، مما يجبر على استيراد العديد من المواد الداخلة في عملية الترميم وأيضا العمالة الفنية الماهرة في مجالات الترميم من مصادرها الخارجية.

·   كذلك حسن اختيار مصدر المادة المستوردة من الخارج ومدى ملاءمتها من جميع الجوانب بما في ذلك شكلها ومواد تصنيعها وديمومتها، فهناك دول تشتهر بالغش في الصنعة.

منهجية التعاطي مع المدن والمعالم التاريخية

 


جمال اللافي

عند التعاطي مع مسألة الحفاظ على المدن والمعالم التاريخية، يفترض بمن يتحمل هذه المسؤولية مراعاة العديد من الجوانب المرتبطة بطرق إدارة المؤسسات المعنية بهذا الشأن، وطرق التدخل في أعمال الترميم والصيانة، ألخص بعضها في الآتي لتعميم الفائدة وتوضيح الرؤية:

1.  المفترض بالمعنيين بمجال الحفاظ على المدن والمعالم التاريخية ممن يقودون مؤسساتها أن يبادروا بالتواصل أولا مع كل من يعنيهم الأمر من المتخصصين أو من المنتفعين بالمكان، للتعرف على الأقل على وجهة نظر أخرى مختلف أو متفقة،قبل اتخاذ أي إجراء ولتوسعة مداركهم المعرفية في هذا المجال قبل وضع أي تصور عام لإدارة مثل هذه المؤسسات.

2.  أهمية تنظيم العروض (محاضرات متخصصة)المرتبطة أولا بالدراسات التخطيطية التي يفترض بها أن تسبق الدراسات الهندسية والتاريخية والاجتماعية قبل القيام  بالتدخل في ترميم وصيانة وتوظيف أي مبنى تاريخي. وذلك لتفهم احتياجات كل منطقة داخل المدينة التاريخية وسبل تنشيطها والتوزيع العادل لهذه الأنشطة بين مناطق هذه المدينة حتى يتم إحياؤها جميعا وضمان نجاح أي مشروع يقام في كل منطقة من مناطقها.

3.  أهمية تواجد المدير العام للمؤسسة واللجنة الإدارية وكافة العاملين من مختلف التخصصات بهذه المؤسسة عند تنظيم هذه العروض، حتى ينتشر الوعي وتتبادل الأفكار، إلى جانب استضافة أصحاب الخبرة والاختصاص ممن تمنعهم ظروفهم من الالتحاق بالعمل بهذه المؤسسة ولا يرون مانعا من تقديم استشاراتهم متى دعت الحاجة إلى ذلك.

4.  أهمية إجراء حلقات النقاش الدورية بين الإدارة والعاملين لتذليل الصعاب وتفهم وجهات النظر المختلفة ولتلافي الأخطاء وتدارك ما فات.

5.  تجنب آفة الاعتداد بالرأي الشخصي من طرف المسؤولين أو التعاطي مع مجموعة منتقاة على أساس المحاباة، يُغض فيها النظر عن مدى خبرتهم بمجالات الحفاظ على المدن التاريخية. أو كفاءتهم المهنية على وجه العموم، مما يضر بمصلحة المؤسسة من خلال مساهمتهم في اتخاذ القرارات الارتجالية التي لا تستند إلى أي منهجية علمية فيما يتعلق بطرق وآليات وأدوات التعاطي مع المدن التاريخية ومعالمها المعمارية والعمرانية.

6.  أهمية إشراك المؤسسات الأخرى ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بمجالات الحفاظ على المدن التاريخية في اتخاذ القرارات التي تخصهم.

7.  أهمية إشراك سكان المدن التاريخية وإعلامهم وتوعيتهم بكل إجراء قبل الشروع في تنفيذ أي إجراء يمس مدينتهم وحياتهم. كذلك تحفيزهم بالحوافز التشجيعية فيما يتعلق بالتزامهم بآليات صيانة المعالم المعمارية التي يشغلونها وسبل الحفاظ على قيمتها التاريخية.

وللحديث بقية

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية