جمال الهمالي اللافي
اختيارك
لنمط بيتك وأثاثه لم يكن يومًا مرآةً لذاتك،
لم
يكن بحثًا عن راحةٍ تسكنك أو دفءٍ يحيطك،
بل
كان بحثًا عن نظرات الآخرين، عن انبهارٍ عابرٍ يلمع في عيونهم.
كنت
تفرح حين يشيرون إلى بيتك بإعجاب،
تنتشي
حين يطربهم جماله،
لكنهم
لم يلتفتوا إليك أنت، لم يروا ساكنه،
رأوا
البيت وحده، وتركوك نكرةً خلف جدرانه.
أما
كيف تعيش فيه، لم يكن يعنيهم،
ولا
يعنيك أنت أيضًا،
فأنت
لم تبحث عن سكينةٍ نفسية، ولا عن راحةٍ حرارية،
بحثت
فقط عن فخرٍ زائفٍ يلمع في أعين الآخرين.
لكن
ألم تلحظ أن انبهارهم كان عابرًا؟
أن
نظراتهم التي كانت مسلطة عليه، انطفأت سريعًا؟
صاروا
يمرّون أمامه دون التفاتة،
وأنت
بقيت وحدك، محاصرًا بمعاناتك في داخله،
تكتمها
عن الجميع، حتى لا يشمتوا بك.
هكذا
يصبح البيت الذي شيّدته بيديك،
بيتًا
يخنقك بدل أن يحتضنك،
بيتًا
يذكّرك كل يوم أنك غريب فيه،
وأنك
بنيته لأعين الآخرين، لا لقلبك أنت.
