‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات د. عياد هاشم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات د. عياد هاشم. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، أكتوبر 07، 2013

الدعوة لحماية الإرث الفني بمدننا الليبية




د. عياد هاشم

اكتسبت الرسوم والزخارف في كل بلد بدلالات وتعبيرات معينة تعكس الطابع القومي المميز لكل امة فيها حسب معتقداتها واتجاهاتها وارتباطاتها الجغرافية والتاريخية والاجتماعية ولعل منطقة الوطن العربي في شرقه وغربه المنطلق الرئيسي للفنون الإسلامية العربية التي تميزت فيها الإعمال الفنية التشكيلية بعد دخول الإسلام بالتمازج والتداخل المتناسق وتناغمت كل الوحدات الزخرفية الهندسية مع كل الأشكال النباتية والزهرية والحيوانية وغيرها وفق مدلول عقائدي واجتماعي وتاريخي وجمالي معا برؤى غاية في بعد النظر والتجرد من الواقع بمحاكاة عصرية متناسقة مع الثقافة في حضارتها وفلسفتها ونظرتها للحياة بشكل عام .

مدينة طرابلس في ليبيا تعج بكثير من الزخارف والأشكال الزخرفية التي تنتمي لعصور النهضة العربية الإسلامية ، وامتداد تاريخي متواصل عبر الأجيال ، ولم يكن تأسيس مدرسة الفنون التطبيقية ( الفنون والصنائع الإسلامية) بها إلا دليلا قاطعا على هذا التواصل والتي تعتبر من أولي المدارس الفنية في العصر الحديث في الوطن العربي التي ظهرت والتي تأسست عام (1897م.) .

هذه الزخارف والرسوم والأشكال الزخرفية التي نشاهدها ماثلة إلي يومنا هذا على واجهات المساجد وجدرانها وسقوفها وعلى مختلف الديار والأماكن القديمة والتي تعكس مدى حسن ذوق المجتمع العربي الليبي في مختلف المراحل التاريخية الماضية ومدى علاقات ووحدة هذه الفنون الإسلامية والعربية ذات الطبيعة المميزة بوحدتها وخصوصيتها الفنية التشكيلية ويكتمل المنظر العام بها في روحيه قدسية عالية في تناغم وانسجام وتختفي فيه الخطوط وسط أشكال الزخرفية وتقام علاقات ارتباطيه أساسها الأخلاق الفاضلة والقيم الجمالية ووحدانية الله والتقرب إليه في خشوع وفق ذوق فني جمالي رفيع. و السؤال هنا :


هل استطعنا الحفاظ على هذا الإرث الفني العظيم الذي بدأ يتلاشى، مع الأسف، بواسطة الهدم من أجل التطوير؟

السبت، نوفمبر 10، 2012

كيف تناول الكتاب العرب تاريخ الفن التشكيلي الليبي في كتاباتهم*





دكتور/ عياد هاشم**

تأتى هذه المتابعة النقدية كمحاولة لتصحيح المغالطات الشنيعة والكبيرة في حق تاريخ فننا التشكيلي ورواده الأوائل ، ولنضع حدا لهذه الأخطاء ونهاية للضبابية الكثيفة التي تكتنف وتغطي تاريخنا التشكيلي ، ولنسلط الضوء على مسيرة وتاريخ الفن التشكيلي في بلادنا لنزيل الغموض ونؤكد حق ريادتنا في هذا المجال الحيوي الهام وتقدير فنونا وجهود مبدعينا وتجاربهم الفنية المختلفة والمتواصلة منذ القدم .

بالنظر إلى ما كتبه الكتًاب العرب الذين تناولوا مسألة حركة الفن التشكيلي الليبي ضمن ما كتبوه عن تاريخ الفن التشكيلي في البلدان العربية قد شكلت عدة تساؤلات هامة من أجل حل هذه المغالطات ومسألة دور الفنانين الليبيين في حركة التنوير الفني العربي و أصالة وريادة فننا في الوطن العربي ، ومهما كان ذا بقصد أو بدون قصد فقد جاءت معظم هذه الكتابات سلبية ومغلوطة وأضًرت – بكل أسف – بتاريخنا الفني المشرف وخيًبت الآمال ، أن لبعض هؤلاء الكتاب يعد من ذوي الاختصاص ولهم باع طويل في الكتابة الفنية إلا أنهم لم يعيروا اهتماما لحركة الفن التشكيلي الليبي وإسهاماتها على المستوى العربي والدولي ، فجاءت هذه الأبحاث مقتضبة ، وناقصة ، وغير علمية ، ولم تقف على الحقائق التاريخية على نحو ثابت ودقيق ومتفحص ، فجاءت كتاباتهم بسيطة ، سطحية و ساذجة ، اذ صغًرت من مقام فننا التشكيلي وهمًشت بواعثه التقدمية وأبعدته كثيرا عن مكانه الحقيق في المسيرة الفنية العربية . وبعيدا عن الانفعالية وتضخيم الذات يمكننا أن نقول : نحن الليبيون رياديون، وأصحاب حضارة مؤثرة في حضارات كبرى أخرى كثيرة وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل :-

لماذا كل هذا التشويه؟ هل هو ناتج عن ضعف بصر أم بصيرة ، أو قلة خبرة في مجال البحث العلمي ، والتاريخي السليم ، أو سوء فهم وتجاهل مقصود؟

في السطور اللاحقة سأستعرض نماذج من هذه الكتابات إلى وردت في أكثر من سبعة كتب متفرقة ، وقعت بين أيدينا محاولين توضيح مدى الخلل الوارد فيها لعلنا بذلك نضع النقاط على الحروف ، ونتمكن من تصحيح الأخطاء التي أدت إلى النسيان – أو التناسي – لريادة الفن التشكيلي الليبي على الصعيد العربي والإسلامي والدولي تجليا للحقيقة وإظهارا للحق .


أولا: كتاب الفن الحديث في البلاد العربية.
المؤلف / د.عفيف بهنسي - دار الجنوب للنشر . اليونسكو ، تونس ..1980.

يعتبر المؤلف د.عفيف بهنسي أحد الباحثين العرب المعروفين في مجال الفنون والآثار ، وهو حاصل على درجة دكتوراه الدولة من جامعة باريس في مجال تاريخ الفن ويعمل أستاذاً لفلسفة الفن العربي بجامعة دمشق من عام 1959.

جاء في صدر الكتاب ( تصدير ) كلمة مختصرة جدا كافتتاحية لمضمون و أهداف هذا الكتاب وفيه يستعرض المؤلف الأعمال التشكيلية الفريدة التي تعكس المراحل السوسيولوجية للنهضة العربية ويقدم للجمهور العريض معلومات قيمة عما يبشر به فن لا يعرفه إلا القليلون – حسب رأي الكاتب – ولكي تكون منظمة اليونسكو بعيدة عن أي نقد أو مسائلة وغير مطالبة بأي توضيح أومتابعة فقد دونت ملاحظة هامة في الصفحات الأولى للكتاب تخلي فيها مسؤوليتها عن جميع الآراء التي طرحت بالكتاب ولا تتدخل بها ، وإنما هي تعبر عن وجهة نظر الكاتب الخاصة .

نلاحظ في القسم الثالث من الفصل الثاني الذي يحمل عنوان : ( رواد الفن التشكيلي ) أن المؤلف يتحدث عن بدايات الفن التشكيلي في كثير من الدول العربية ، واعتبرها دولا رائدة فيه ، ولم يذكر – لا من قريب ولا من بعيد – الفنون التشكيلية الليبية ضمن هذه المرحلة المبكرة كإحدى الدول العربية الرائدة ، رغم أن بعضا ممن ذكرهم قد بدؤوا هذا النشاط في أواخر الستينيات ومع بداية السبعينيات من القرن الماضي فقط، أي أنهم متأخرين عن الفنانين التشكيليين الليبيين بعدة عقود .

في القسم الثالث ( التجريد في الفن العربي ) لم يتحدث أيضا عن تجربة الفنانين الليبيين التجريدية في الوقت الذي كان يوجد فيه بعض من هؤلاء الفنانين الليبيين الذين قدموا تجارب تجريدية رائدة ومتقدمة زمنياً ، كما هو الحال مع الفنان عبد المنعم ن ناجي الذي عرض لوحاته التجريدية في احدي قاعات الفنون التشكيلية بتونس خلال عام 1953 م .

وفي القسم الأول من الفصل السادس يتحدث المؤلف عن ( المجال الفني ، الفنان المؤسسات ، الجمهور ) لم نجد أثرا لأي مؤسسة فنية ليـبـية في مجال الفنون التشكيلية مع العلم بأن أول مدرسة للفنون في الوطن العربي كافة قد تأسست بطرابلس الليبية في عام 1897 م ، وهي مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية ، وبعدها ظهرت النوادي الخاصة بالرسم ، وجمعيات الفنون التشكيلية في كل من مدينتي طرابلس وبنغازي ، ثم تأسست المعاهد العليا ، والكليات الخاصة بالفنون . أما في آخر الكتاب فيضع المؤلف ملحقاً خاصاً كمعجم للفنانين التشكيليين العرب حيث نراه يذكر عدداً قليلاً جداً من الفنانين الليبيين ،وبعد التدقيق في تواريخ ميلادهم نكتشف أنهم اكبر سنناً ممن اعتبرهم الكاتب رواداً في الفن التشكيلي العربي ولكن كاتبنا لم ينتبه إلى هذه الناحية ........ نأمل أن يكون هذا مجرد هفوة ، ولكن يا لها من هفوة .

ثانياً : الفن التشكيلي المعاصر في الوطن العربي . 1885 - 1985 .
المؤلف : شوكت الربيعي .
الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب ...1988.( 1.(

في القسم الثاني من هذا الكتاب تحدث الكاتب عن الفن التشكيلي في كل من ( مصر والسودان و أقطار المغرب العربي ) حيث ورد اسم ليبيا – رقم 3 تحديداً – وقد ذكر المؤلف أسماء بعض الفنانين الليبيين الرواد كنموذج ولكنه لم يعتبرهم كرواد في الوطن العربي وإنما حصر ريادتهم كرواد داخل ليبيا فقط ، وهذا ليس من الموضوعية في شي. كانت لهم إسهامات جادة في الفن التشكيلي الليبي وخاصة اؤلئك اللذين اثروا في الحركة التشكيلية وأكدوا ريادتهم فيها منذ أواخر القرن التاسع عشر وما بعده أمثال : محمد علي لاغا ، وسامي عتيق ، وفؤاد الكعبازي .......وغيرهم.

ومن ناحية ثانية أهمل الباحث تواريخ بدايات هؤلاء الفنانين الليبيين الرواد وتجاربهم الفنية . ورغم إن الكاتب قد أشار إلى مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية إلا انه أهمل ذكر تاريخ تأسيس هذه المدرسة .

في القسم السابع ( بيوغرافيا الفنانين التشكيلين في الوطن العربي ) يبدوا الارتباك واضحا على كاتبنا حتى انه خلط و جمع فناني ليبيا مع فناني سوريا ، كما انه لم يدرج إلا عدداً ضئيلا لا يتعدى أصابع اليد الواحدة ، وهؤلاء –حسب رأيه – هم فقط فنانو ليبيا حتى عام 1988 م مع أن عدد الفنانين التشكيلين الليبيين أكثر بكثير مما ذكر في هذا الكتاب في الجزء الخاص بليبيا ، وفوق ذلك فان الكاتب لم يهتم بتواريخ البدايات الفنية للتشكيليين الليبيين لهم مما يثير عدة تساؤلات حول مصداقية كل المعلومات التي جاءت في هذا الكتاب.

ثالثا : كتاب طائر الشوق الأصفر – سفر في رؤى الفن وتحرير الابداع ( 1959 – 1999 )
المؤلف : شوكت الربيعي
الناشر :المجمع الثقافي أبو ظبي – الإمارات العربية المتحدة ( 2 ) . 2000.

هذا كتاب آخر لنفس الكاتب السابق. تميز بأناقته، وعدد صفحاته التي وصلت إلى نحو 672 صفحة ، والكتاب هو مجلد ضخم ويحتوي على العديد من الصور الملونة ، والدقيقة والجميلة ، هذا من حيث الشكل ، أما من حيث المضمون فقد كرر الكاتب نفس ما كتبه في السابق بل هو صورة طبق الأصل عنه ، ولم يدخل أي مادة جديدة على ما ذكره في كتابه السابق ، وكأنه بهذا يريد أن يؤكد معلوماته السابقة رغم ما يكتنفها من أخطاء ومعارف بائدة و زائفة . وقد درجت العادة انه إذا ما رغب كاتب ما في إعادة نشر وطباعة كتبه أن يأتي بجديد فيها وأن يحاول الوقوف على آخر ما استجد من معلومات ، وبالتالي ينقح ويضيف كل معلومة جديدة ، غير أن كاتبنا لم يأخذ بهذه العادة الحميدة .وأسوأ ما في هذا الكتاب هو اهتمام الباحث بقطر دون آخر وعنايته بفنانين دون فنانين آخرين لهم ريادتهم . ويبدو أن صحابنا مفتون بفناني الخليج أكثر من غيرهم في هذا الشأن ( يدفعون أكثر) .

رابعاً : كتاب مجئ الفن بمفهومه الأوروبي إلى العالم العربي.
المؤلف : د.أحمد بار . در الورد ، البحرين – (3 ) .1998 .

تحدث المؤلف عن معظم أقطار الوطن العربي ، ولكنه لم يتطرق على الإطلاق للفن التشكيلي في ليبيا ، وكان لسان حاله يقول : كفى المؤمنين شر البحث والتنقيب.

خامسا: كتاب / الحركة التشكيلية المعاصرة في الوطن العربي.
المؤلف : محمد حسين جودي .
الناشر : دار المسيرة ، الأردن (4). 1998 م .

في القسم الخاص بليبيا ، وتحديداً في الصفحة 152 ، تحدث المؤلف عن الأسماء القليلة الواردة في كتاب شوكت الربيعي السابق ذكره وقد اقتبس المؤلف جودي كل المعلومات الضحلة والضعيفة – مع الأسف – من كتابي الربيعي السابق ذكرهما ، والتي حملت نفس الأخطاء والمغالطات الفادحة مثل حديثه عن الفنان الساخر الكبير ( الكاريكاتيري ) محمد الزواوي ( رحمه الله ) الذي نقله ( جودي ) نقلا حرفياً – تقريباً - وبأخطائها المطبعية ايضاً . والغريب في الأمر والظريف ايضاً انه أضاف إلى الفنان لقباً جديداً لم نسمع به من قبل حيث لقبه ب( معمري).

ومن الواضح هنا تداخل المعلومات وتضاربها مما جعل الكاتب ينظر إلى الفنان المغربي المعروف ( معمري ) على انه الزواوي الفنان الليبي مع انه يشير إلى ولادته في مدينة فاس بالمغرب عام 1916 م ................ ما هكذا تؤلف الكتب .... يا جودي.

سادساً : كتاب / من التأسيس إلى الحداثة في الفن التشكيلي العربي المعاصر .
المؤلف: محمد أبو زريق.
الناشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت لبنان (5) 2000.

محمد أبو زريق كاتب من الأردن ، والكتاب مدعوم من أمانة عمان الكبرى بالأردن ، يقول الكاتب في القسم الخاص عن بدايات الفن التشكيلي الحديث في الوطن العربي – وتحديداً في الصفحة ( 31 ) ما يلي :-
( ففي ليبيا كان هناك فنانون شعبيون قاوموا الاحتلال الإيطالي، أمثال محمود الارناؤوطي ، فقد درس في مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية ، أما عوض عبيدة فقد درس على يدي الفنان الإيطالي – فري الإيطالي ). لم يوضح كاتبنا هنا كيف قاوم اؤلئك الفنانون الاحتلال الإيطالي .

وعند حديثه عن مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية لم يوضح الكاتب كيف ومتى تأسست هذه المدرسة ، وما هي مناهجها وأهدافها التي تأسست عليها. والواقع إن الكاتب اكتفى بما جاء في المرجع : رواد الفن في البلاد العربية لمؤلفه الدكتور عفيف بهنسي فقط، بل انه لم يهتم بصحة ما نقله من ذلك المرجع ، ولم يتعب نفسه في البحث العلمي الجاد .

أما في الصفحة ( 48 ) فيتحدث الكاتب عن الفنان الليبي المصمم محمد شعبان ضمن الأمثلة التي أستشهد بها كاتبنا للتحدث عن المضمون التعبيري في الاتجاهات السريالية، وهي إشارة ايجابية بالخصوص ولكن لم يذكر الشيء الكثير عن هذا الفنان.

فلماذا هذا الشح في المعلومات يا ترى؟

سابعاً : كتاب : الفن التشكيلي العربي وابرز مبدعيه.
المؤلف : محمد مهدي حميدة .
الناشر : ( مصر ) دار سعاد صباح مطبعة القبس ، بدون تاريخ.

افتتح المؤلف كتابه بمقدمة جاء فيها :-
( تظل الكتابة عن الفن التشكيلي ضرورة ملحة لما تحمله في طياتها من قدرة هائلة على الرصد الشامل أو النقد الصادق الأمين والكتابة عن الفن التشكيلي العربي).

لقد تحريت الدقة في الوقوف على سلامة المحتوى، من خلال تصفحنا لذا الكتاب ومراجعته حول الفن التشكيلي الليبي، حيث بدأ في قسمه الأول بالحديث عن الحركة التشكيلية وابرز مبدعيها في بلاد العرب حيث أفرد السودان وليبيا والصومال في موضوع واحد، فتحدث عن ليبيا مبتدئاً كلامه بمقطع قصير جداً أخذه من كتاب ( حول الحياة في الصحاري الليبية ) للكاتب الليبي الكبير إبراهيم الكوني مشيراً إلى فنون الكهوف القديمة في تاسيلي و اكاكوس حيث ذكر المؤلف بأنها ترجع إلى الالف السادسة قبل الميلاد على الرغم أنها أقدم بكثير مما اعتقد حسب المراجع والاستكشافات الحديثة لعلماء الآثار وهذه مغالطة تاريخية كبيرة جداً، ثم انتقل الكاتب بالحديث مختصراً وموجزاً إلى حضارة ليبيا في العهد الروماني ، وذكر مدنها بأخطاء كثيرة و كبيرة في مسمياتها نأمل أن تكون أخطاء مطبعية لا أكثر وفي عنوان فرعي آخر يتحدث كاتبنا عن الفن الحديث في ليبيا فيقول :-
( أن بعض الفنانين الليبيين قد اخذوا أشكالهم واتجاهاتهم من الإيطاليين خلال فترة الاستعمار الإيطالي لليبيا) ويؤكد هذا الكاتب ويصر على أن نتاجات مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية هي من بين الفنون التي تأثرت بالفنون الإيطالية، وهذا بطبيعة الحال أمر مغلوط فيه وغير صحيح حيث أن الاستعمار الإيطالي لم يجلب معه الثقافة والفنون وإنما جلب البؤس والحرمان، والإرهاب والدمار، ووجد مقاومة عنيفة من قبل الشعب الليبي وليس بالترحاب وبالورود، ونقول للكاتب بأن مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية ليست لها علاقة بالاستعمار الإيطالي منذ تأسيسها، بل أن الاستعمار الإيطالي لجأ إلى إغلاق هذه المدرسة في فترات مختلفة، واستعملها الإيطاليون ليس لنشر الثقافة والفنون، وإنما كمخزن سلاح لهم لمقاومة المجاهدين الليبيين .

وفي عنوان فرعي آخر ( الجيل الجديد ) تحدث فيه الكاتب عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وذكر بعض الفنانين في إشارات عابرة ، ولو أنها تمثل الشيء الوحيد الايجابي في هذا الكتاب.

ضمن ملاحق الكتاب أعد الكاتب ملحقاً، هو عبارة عن جدول تاريخي ذكر فيه معظم الدول العربية من خلال مؤسساتها الفنية المختلفة في جدول منظم إلاّ أنه لم يشمل برعايته مؤسسات فنية ليبية مع أن مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية هي أقدم المدارس الفنية المتخصصة في الوطن العربي، إذ تأسست في العام 1897م بمجهدات ذاتية من أبناء الشعب لليبي، وتعتبر نموذجا فريداً في وجودها، وفي هدفها حيث سعت إلى التمسك بالأصالة والتراث الإسلامي ، ناهيك عن وجود كثير من الجمعيات والنوادي الخاصة بالفنون مثل نادي الرسامين، بالإضافة إلى وجود المعاهد، والكليات، والقاعات، والمراسم التي ظهرت من حين لأخر في فترات مختلفة و متلاحقة .

وفي ملحق آخر خصصه الكاتب لعرض نماذج من الأعمال الفنية حظيت لوحة واحدة فقط من ليبيا . نعود إلى مقدمة المؤلف في هذا الكتاب والتي اشرنا إلى شئ منها لنسأل الكاتب ، أين المنهج التاريخي ، والإحصائي الذي انطلقت منه دراسته هذه كأساس للعمل حسبما صرح به؟ وكما كان يعتقد انه قد تحرى الدقة والرصد الشامل .

في ختام استعراضنا لنماذج من الكتب التي اهتمت بتاريخ الفن التشكيلي في الوطن العربي وما ورد فيها من بيانات أو معلومات عن الفن والفنانين الليبيين ، والتي وجدناها فاقدة للمصداقية بكل أسف و إستغراب ، وجاءت سريعة ومقتضبة ، كما أنها امتازت بالشح في المعلومات والمغالطات ، لذا نحاول تصحيح هذه الأخطاء من خلال عرض موجز لتاريخ حركة الفن التشكيلي الليبي وذلك على النحو التالي:

يرجع تاريخ الفن التشكيلي الليبي إلى جذور عميقة موغلة في القدم، ونشأ عندما بدأ الإنسان على هذه الأرض الليبية يعي أهمية الاحتماء داخل الكوخ أو الكهف حتى يؤويه ويحتمي به من هول الطبيعة وبطش الحيوانات المفترسة، ومن داخل هذه الكهوف وعلى أطرافها بدأت قصة الرسم والتصوير والنحت البارز والغائر منذ ألاف السنين التي ترجع إلى أكثر من عشرة ألاف سنة قبل الميلاد، حيث رسم وصور ونقش ونحت على جدران كهوفه الأولى في كل من ( تاسيلي) و ( اكاكوس) و ( العوينات) وغيرها من كهوف الجبال الممتدة وسط الصحراء الكبرى في جنوب البلاد ووسطها ، كانت أروع الفنون وأبدعها لإنسان بدائي لم يعرف القراءة والكتابة بعد، ولم يعرف بناء المنزل ونسج الملابس مما ساهم في بناء حضارة الإنسان الأولى في العالم وأصبحت هذه الكهوف بمثابة متاحف مفتوحة لا زالت تفوح بعبق رائحة الماضي، وأجوائه الساحرة الغابرة، مروراً وبشكل مختصر جداً بالحضارات الكثيرة والمتنوعة التي شهدتها أرضنا الليبية من حضارات فينيقية وإغريقية ورومانية إلى الفتح العربي الإسلامي، وصولا إلى المدينة والتقدم التي وصلنا إليها من الحداثة والمعاصرة في كافة المجالات المختلفة رغم الظروف بين الفينة و الأخرى.

رسومات الكهوف بأكاكوس
الفنون الليبية بشكل عام التي تأثر بها الكثير من الأقوام والأجناس التي مرت على هذه الأرض الطيبة المعطاءة، سواء كان ذلك بالاتصال المباشر أو غير المباشر، فليس بعجيب أن يقول المؤرخ اليوناني المعروف هيرودوت كلمته الشهيرة: ( من ليبيا يأتي دائما الجديد ). فقد اخذ الرومان على سبيل المثال الكثير من العادات والتقاليد الفنية السائدة في ليبيا من الزي الشعبي وبالذات ( الجرد أو الحولي ) الليبي، وبعض السلوكيات الاجتماعية والفنية الأخرى القديمة. وها هو العالم – سمت كاج بيركت – ( SMITH KAJ BIRKET ) يقول في كتابه ممرات الحضارة :- ( Paths of Culture ) الصادر عام 1965 م على أن ثوب ودرع أثينا قد نقلهما الإغريق عن النساء الليبيات . ولقد كانت تماثيل ( أثينا ) تتألق بهذا الثوب الذي نقله اليونانيون عن الليبيات. ( 5 (
الجرد الليبي للرجال والفراشية للنساء

ثم يذكرنا التاريخ ب ( اوناس) أو أنيس الفيلسوف الليبي الذي اثبت علاقة الليبيين بفنون الأهرامات بالإضافة إلى الكثير من الرسوم والتصاميم والرموز التي تطابقت مع الفنون المصرية القديمة من خلال ظهورها في ليبيا قبل ظهورها في مصر القديمة بآلاف السنين، وهذا ما يؤكده نزوح الكثير من الليبيين إلى أرض النيل طلباً للماء جماعات حتى وصلت بعضها إلى سدة الحكم في مصر القديمة مثل القائد الليبي المعروف شيشنق في عهد بعض الأسرات الفرعونية. 

أما بالنسبة للأتراك فقد مكثوا في بلادنا أكثر من أربعة قرون متتالية وقد تأثروا هم الآخرون بفنون الليبيين، ونقلوا بعضها إلى بلادهم للاستمتاع بها والتفاخر بالزي الليبي المزركش للفرسان الليبيين في قصورهم و بخاصة مجالس السلاطين الرئيسية، ونقلوا كذلك نماذج من الأسلوب المحلي المتميز في العمارة الدينية والمدنية. ثم كان لتجنيد بعض الفنانين الليبيين الكبار في الجيش التركي أثره على نقل إبداعات هؤلاء الفنانين إلى تركيا والتفاخر بهم في أوروبا أمثال كل من الفنان، محمد على لاغا، وسامي عتيق ورسوماتهما عن طرابلس الليبية الرائعة تؤكد هذا وتربط العلاقة القوية لهؤلاء الفنانين ببلادهم وتعلقهم بها .

أحد أعمال الفنان التشكيلي محمد علي لاغا

تأسست مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية – إذا كان النقاد العرب لا يعلمون – عام – 1897 م كما أسلفنا – وبذلك تعتبر بحق أولى المدارس الفنية المتخصصة في الوطن العربي وهي مازالت ظاهرة إلى يومنا هذا رغم توقفها لبعض السنوات بسبب الاستعمار الإيطالي الفاشستي لبلادنا، هذا ولقد حققت نجاحا كبيراً وخلقت بداية فعلية لفن تشكيلي ليبي حديث عكست تراث هذه الأمة وكونت ذوقاً فنياً رفيعاً ينتمي لجذور هذه البلاد، و أفرزت الكثير من المواهب المبدعة التي شقت طريقها بنجاح وأصبحت رائدة في حركة بناء الفن التشكيلي من جديد بروح عصرية ومواكبة للتقدم الفني العربي والإسلامي والعالمي .

مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية بطرابلس- ليبيا

في مطلع القرن العشرين برز الكثير من الفنانين الرواد أمثال: الفنان المهدي الشريف، ومحمد الارناؤوطي، وأبو القاسم الفروج وغيرهم ثم جاء الشيخ أبو بكر ساسي المتميز بخطوطه وزخارفه الإسلامية، والفنان التجريدي عبد المنعم بن ناجي الذي عرض أول معارضه عام 1953 ، ثم الهاشمي داقيز ، وعلي القلالي المختصين بفن الفخار والخزف والزخارف، وخلال فترة الستينيات ظهرت أعمال الفنان الجوال محمد البارودي.

وفي مدينة بنغازي كان لتجمع عدد من الفنانين خلال بداية الخمسينيات أثره الكبير في تكوين جمعية للفنون عام 1951 أمثال الفنان عوض عبيدة ويحي البدوي وفخر الدين إبراهيم حسن بن دردوف وأبو حميدة وغيرهم ممن التحقوا معهم بعد ذلك مباشرة، أمثال الفنان محمد استيتة من مدينة درنة .

من أعمال الفنان التشكيلي عوض عبيده

من أعمال الفنان التشكيلي عوض عبيده
       ثم توالى ظهور الفنانين التشكيليين المتخصصين في فروع الفن التشكيلي المختلفة من رسم ساخر( كاريكاتير) إلى التصميم الداخلي للمسرح ( الديكور) إلى فن الملصقات، والطباعة والنحت وغيره. فكان على سبيل المثال الفنان فؤاد الكعبازي، ومحمد شرف الدين، وعلي فهمي خشيم. ثم ظهر الفنان الكبير محمد الزواوي مع بداية الستينيات ليبدأ رحلة المشوار والوصول بفنه الساخر إلى العالمية وليس على مستوى العربي فقط. وفي فترة السبعينيات ظهر عدد كبير جداً من المبدعين التشكيلين يتعذر ذكرهم هنا وخاصة بعد تأسيس ناد للرسامين في أواخر الستينيات. ووحدة الفنون التشكيلية بأمانة الإعلام والثقافة، وفتح الكثير من قاعات العرض الفنية التي تضاهي قاعات العالم التشكيلية في نظامها وطريقة التعامل، والعرض الفني أمثال الدار الليبية للفنون ودار الفنون وقاعة الف باء وقاعة الواسطي ودي فيلا وغير ذلك .



كما كان لتأسيس كليات للفنون ، والمعاهد العليا المتخصصة الأثر الكبير أيضاً في الدفع بحركة التشكيل الليبي، ودخلت الدراسات التشكيلية، ليس على المستوى الجامعي فقط بل على مستوى الدراسات العليا في هذا المجال لتحضير درجة ( الماجستير ) و ( الدكتوراه ) في داخل البلاد بعد وصول عدد كبير من المتخصصين من حملة هذه الشهادات من أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية منذ بداية الثمانينيات.

واليوم أصبحت البلاد تعج بعدد رهيب من الفنانين التشكيليين المتميزين ، ومنهم من فاز وتحصل على أعلى المراتب والجوائز الفنية العالمية المعروفة منذ فتر الستينيات والى يومنا هذا.

هذا مجرد ملخص بسيط جداً عن تطور حركة التشكيل الليبي نضعه أمام نقاد الفن لتشكيلي العربي ، ونطرحه كمدخل إلى البحث عن تاريخ هذا الفن في بلادنا، مشيرينا إلى مدي قدمه وريادته ، وتطوره على مر التاريخ ومساهماته الكبيرة .

المراجع
1- الربيعي ، شوكت ، الفن التشكيلي المعاصر في الوطن العربي 1885 - 1985 ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، 1988.
2- الربيعي ، شوكت ، طائر الشوق الأصفر ، المجمع الثقافي في أبو ظبي ، الإمارات العربية المتحدة ، 2000.
3- باقر ، احمد ، مجئ الفن بمفهومه الأوروبي إلى العالم العربي ، دار الورد ، البحرين ، 1998.
4- جودي ، محمد حسين ، الحركة التشكيلية المعاصرة في الوطن العربي ، دار المسيرة ، الأردن 1998.
5- أبو زريق محمد ، من التأسيس إلى الحداثة في الفن التشكيلي العربي المعاصر ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، لبنان ، 2000 .
6- خشيم ، على فهمي ، فراءات ليبية ، دار مكتبة الفكر ، طرابلس ، ليبيا .

 *من مقالات الدكتور / عـــياد هاشم النقدية ـــ المنشورة على صفحته الشخصية facebook على هذا الرابط: https://www.facebook.com/dr.ayad.hashem
**عضو الإتـــحاد الـــدولي لنقــــاد الفـــن التشكيلي ( AICA ) :

الجمعة، مارس 23، 2012

أكاديمية الفنون الجميلة والتطبيقية



د. عياد هاشم

مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية بطرابلس هي إحدى أول المدارس الفنية التي شكلت الأساس الذي انطلق منه فنانون ليبيا الرواد التشكيليون، فلقد تأسست هذه المدرسة التطبيقية في عام 1897م بمدينة طرابلس خلال أواخر العهد العثماني الثاني، وبدأت تخرج أفواج من الفنانين التطبيقيين من الذكور والإناث، والجدير بالذكر أن الفنون التطبيقية في بلادنا قد لاقت قبولا كبيرا لدى المتذوق الليبي ، ولقد توارثها هؤلاء الفنانون الليبيون عن أجدادهم العرب والمسلمين وخاصة التأثير الأندلسي الكبير عندما عادت كثير من الأسر العربية من الأندلس وانتشرت في شمال أفريقيا بعد خروج العرب منها والذي تكامل مع التأثير المحلي والأفريقي ومن المشرق العربي وقليل من التأثير الأوروبي من الشمال.

وكما نعرف أن معظم مدن الساحل بالذات كانت حلقة وصل خاصة مدينة طرابلس بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب لقوافل التجارة وغيرها ولا ننسى التأثير التركي والقوة الحرفية المتنوعة، وبسبب الحروب الايطالية - التركية، وكذلك الحروب الايطالية - الليبية قبل وبعد الغزو الايطالي لليبيا عام 1911م فقد هاجرت عدد من الأسر الليبية المعروفة بأعمالها الحرفية الجميلة المتقنة إلي بعض الدول العربية إلي البلاد التونسية القريبة و المعروفين في ذلك الوقت.

مع أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وخلال العهد العثماني الثاني ظهر عدد من الفنانين العرب الليبيين كرواد لحركة الفن التشكيلي على مستوي الوطن العربي الكبير للفن التشكيلي الحديث فخرج كل من سامي عتيق ومحمد علي لاغة (1878-1947 ) م من طرابلس والملقب وقتها بالرسام الكبير الذي عمل مئات اللوحات الفنية والتخطيطية في ما بين ليبيا وتركيا وبعض الدول الأوربية.

أكثر من مائة عام على تأسيس هذه المدرسة العتيقة التي كما أوضحت أولي المدارس الفنية في الوطن العربي وربما على أفريقيا بالكامل للفن اليوم والتي اختصت في الجانب التطبيقي حيث كانت التصميمات الداخلية (الديكور) والنسيج والتجارة والنقش على المعادن والحدادة والزخرفة الإسلامية والرسم والخط والتزويق ورسم المنمنمات والتصوير الجدارى من اهتمامات هذه المدرسة ونشاطها المتميز والسؤال المطروح بالخط العريض :
ماذا قدمنا لهذه المدرسة؟
أو ما هي الأسس التي يجب أن نضعها لها حتى تتطور وتصبح كلية أو أكاديمية للفنون الجميلة والتطبيقية؟

وهذا اقتراح أتقدم به للجهات المسئولة في ليبيا الحرة اليوم بالخصوص.

الخميس، مارس 08، 2012

معارض المناسبات السريعة



الدكتور عياد هاشم


عندما ذاع صيت الفنان الكبير ( ليوناردو دافنشي ) كرسام عظيم، ليس لأنه يمتلك موهبة الرسم فحسب، بل يقدم ما يجب غيره أن يرونه عملا واقعيا مماثلا للطبيعة أو يحاكيها، ولو كان كذلك لما سمعنا عنه ، ولا كنا نعرفه اليوم، وإنما كان مؤمنا بان الرسم كان نوع من العلم، ينبغي أن تخضع أصوله لأحكام العقل في كل خطواته.

آلاف السنين مسافة الزمن التي تفصلنا عن أولي اللوحات التشكيلية الإنسانية على وجه هذه الأرض، ما زالت معروضة داخل المعارض المفتوحة في الكهوف المختلفة و المنتشرة في أغلب مناطق جنوبنا الحبيب مرسومة ومحفورة، ومنقوشة على جدران الزمن ، ينهل منها الإنسان إلي يومنا هذا عبر العصور المختلفة أولى مظاهر الحضارة ، ومع مرور فترات تاريخية مختلفة، كان الفن ومازال المحرك الأساسي لكل الثورات الاجتماعية، والتنموية ، والتنويرية التي حققت للإنسان أعظم المكتسبات في كافة مجالات التقدم والازدهار.

الفنانون هم وحدهم أصحاب الحس الوجداني الرقيق أو المرهف الذين يدركون ، ويبصرون الرؤية الواضحة للمدى البعيد للحياة، فهم يرسمون لنا صورة المستقبل الذي نريده ، مستقبل السعادة والرخاء.

الفن التشكيلي في بلادنا متباين ،فهو من جانب مدهش في كثير من الأحيان ، وغير ناضج وارتجالي في بعض الأحيان – كيف؟
تقام المعارض التشكيلية في العادة بطريقين :
الأولي، عن طريق الدعوة لإقامة معرض ما حسب شروط معينة، وفق فترة زمنية كافية وإعلان يعلم فيه أو يبلغ فيه الفنانون عن موعد ومكان هذا المعرض.

أما الطريقة الثانية، فقد تقام المعارض صورة شخصية للفنان نفسه لمكان وتاريخ معين ومعلوم ووفق عقد يتم بين الفنان وصاحب دار العرض أو بدون.

ولكن يوجد طريقة ثالثة استثنائية في ليبيا فقط تقريباً تسمي : "معرض المناسبات" وهي تتم بدعوة بعض الفنانين و لا يهم في العادة مكانتهم في الحركة التشكيلية أو نضجهم من عدمه عندما يقرر بعض المسئولين في بعض المناطق وخاصة من أصحاب الثقافات الانتهازية والوصولية والمتفاخرين بجهود الغير ويأتون بهؤلاء الشباب لمعرض سريع خلال 24 ساعة او 48 ساعة على أكثر تقدير، ولمناسبة أحيانا كبيرة ومهمة مع الأسف، ويقام المعرض بقدرة قادر- ويأتي المدعوون، ويفتتح رسميا، ويتم التصفيق بحرارة ، ويحضره أحيانا ضيوف كبار من داخل أو خارج البلاد ويلتقط المصورون اللقطات التذكارية، وتنتهي فترة العرض التي لا تزيد هي الأخرى عن فترة إعداد المعرض يوم أو اثنين على الأكثر.

ويذهب كل شخص لحاله، وبطريقة عجيبة يجد هؤلاء الفنانين الشباب أنفسهم وحيدين أمام لوحاتهم الارتجالية التي لم يحسنوا حتى عملها أحياناً وعرضها، ولم يحققوا الشيء الكثير، ، ولم يحصلوا على ما وعدوهم به من مكافآت أو اقتناء أعمالهم وتقدير جهودهم بالإضافة إلي الفكرة السلبية في طريقة العرض والاختيار والتقدير واحترام المناسبة التي من اجلها اعد هذا العرض أساسا.

الفن التشكيلي شئ كبير ومهم يعكس ثقافة وحضارة البلد، علينا أن نفكر مليا قبل الأقدام على استغلاله واستخدامه وطريقة التعامل معه، باستشارة أهل الاختصاص هو الحل الأمثل في مثل هذه الأمور الجادة.

الجمعة، فبراير 24، 2012

الفن التشكيلي الشعبي بين الحداثة و الاصالة




د. عياد هاشم*


      تأتي الفنون الشعبية التشكيلية على قمة الماثورات الشعبية ممارسة وأصالة و تتمتع بطابع فني خاص يعكس حياة الناس و تتصف بالعراقة فهي ترديد لعادات و تقاليد متوارثة تعبر بوضوح و صدق عن ثقافة معينة تحدد معالم الشخصية الحضارية لكل مجتمع.

بدأ الاهتمام بالفنون الشعبية أوالمأثورات الشعبية كما يسميها الكثيرون في أواخر القرن التاسع عشر كمصطلح انجليزي استخدمه لاول مرة عالم الاثريات الانجليزي ( سيرجون وليام تومز ) ( 1803 – 1885م ) و ذلك في يوم 22 من شهر  أغسطس  من عام 1846م امتدادت للجهود العلمية التي سبقته في كل من انجلترا نفسها و المانيا و فنلندا و لقد ظهر هذا المصطلح ( فولك – لور ) بعد ذلك و هو بمعنى ( حكمة الشعب ومأثوراته ) و يطلق على كل موضوع من ابداعات الشعب المختلفة. وأصبح هذا الفن تعبيرا مباشرا بالصدق و يجمع في مادته خبرات ثقافية موروثة وتجربة حية معيشة بوسائل تعبير مختلفة.

في تراثنا العربي ظهرت مواد المأثورات الشعبية بشكل واضح في القرن الثامن و أهم يميزها قدرتها على الاستمرار في عملية الابتكار والإبداع في تتابع الاجيال، ويتحول الموروث الثقافي إلى مأثور ثقافي حي في تواصل أيضا مستمر في اطار من الرؤية العلمية والفنية المعاصرة فهو إضافة انسانية مستمرة للحياة ووسيلة مباشرة من وسائل معرفة الإنسان عبر العصور من خلال رؤية فكرية وجمالية.
     
و حقيقة أن ما يمثله هذا الفن من علاقة قوية، وحية لحياة الناس ويزاولونه هم انفسهم من خلال مبدعيهم اجيالا وراء الاجيال في تتابع مستمر،فهو يمثل في حقيقة الامر الفن الجماهيري بعينه الذي ينبغي تاكيده واظهاره و الاهتمام به و نشره و الحفاظ عليه فهو تعبير صادق عن الذات القومية و الوطنية.

أولا/ مدخل للفن التشكيلي الشعبي:
التعريف:
    الفن الشعبي التشكيلي جزء مهم من المأثور الشعبي أو ( الفلكلور) وهو مادة ابداعية ابدعها الشعب تلقائيا يعبر بها عن فكره ووجدانه، ويمتزج فيها الموروث الثقافي التاريخي مع الخبرة الإنسانية في تجربة الحياة اليومية.

الأصالة و الحداثة في العمل التشكيلي الشعبي:
     الأصالة هي عراقة النسب لشيء أو لشخص ما بتأصيل الجذور في اعماق الماضي و ربطها بالتجديد نحو الأبتكار و الأبداع في المستقبل هو الطريق الصحيح لفهم التراث و جعله صالحا للاجيال القادمة بركائز قوية للوصول إلى التقدم المنشود بوثبة عالية وبذلك يصبح مفهوم الاصالة بهذا المعنى الاشارة إلى الابتكار الدائم و التجديد دون التقليد و الاتباع.

       ان خصوبة العمل الفني لا تتوضح الا بجدته و التنبوء بنجاحه نظرا لمعرفتنا المسبقة لاصالته، فعندما ننشد الجديد لابد من أن نتعرف على القديم و ثمة من ينبه إلى أن نفطن إلى تربية الاصالة في نفوس النشء الجديد و هي الضمان الوحيد لتنمية حرياتهم وتطوير قدراتهم الأبداعية،و أن الانجاز الاصيل هو السبيل الوحيد من أجل اللحاق بركب الإنسانية و التسامي إلى مستوى لا شمول أو كلية في الدعوة للحرية الأبداعية.

       لم تقف عجلة الابداع للعناصر التشكيلية في العمل الفني الشعبي عند حقبة زمنية معينة أو اقتصرت على حدود مكانية معينة، بل سارت واستمرت ماثلة في حركية مطردة في التعبير الفني و التقنية و الممارسة الشخصية والجماعية من مصممين ومنفذين في خبرة اصيلة في تعبيرها وقدرتها على استلهام عناصرها الاساسية ذات مكونات تاريخية فكرية وعقائدية جاءت لتلبي حاجات ورؤى مستقبلة جديدة ومعاصرة تبعا لما يبغيه جيل معين في فترة زمنية أيضا معينة.

     إن الفنان الشعبي لهذه المأثورات الشعبية عندما يتناول موضوعات أو أشكال من التراث المحلي و هو على سبيل المثال في منطقتنا العربية عليه أن ينظر إلى هذا التراث الخاص بالبيئة و الظروف المحيطة بها لتكوين مصدر ألهام لتجسيد و تحريك عنصر الحداثة فانه من الضروري و المهم في نفس الوقت نفسه من أن يتنبه إلى الاسس الفكرية والعقائدية الكامنة وراء مظاهر الأبداع الفني التقليدي المتوارث عبر الاجيال لهذه الأعمال الفنية، فأستلهام العناصر أو الموضوعات من هذا التراث الشعبي بأنماطه الثرية يحقق لنا قفزة نحو الحداثة في نشر الوعي بحضارة هذه الامة و تأكيد مشاعرها في الأنتماء و الأصالة بامكانيات حديثة ووسائل أفضلمتطورة وتقنية عملية متقدمة. والحداثة تتطلب مقاييس وضوابط لابد من مراعاتها وهذا بدوره يتطلب كيفية معينة للتوازن المستمر مع التقدم في التقنية العملية و الوعي الثقافي العام.

      ان مكونات الشكل العام للتراث تتغير و تنمو و تتبدل على مر العصور و هذا طبيعي جدا من أجل الحيوية و الأصالة التعبيرية في تواصل حي متطور لابد للفنان منالتعرف و الوقوف عليها بشكل مبتكر ووعي تام ومتفتح لركائزه شكلا ومضمونا مع العناية بعناصره المتجددة ومضمونة الأصيل المتطور هو الاخر عبر الزمان مهما كان قريبا أو بعيدا فلا عجب أن نستلهم التراث بغية احياء الماضي الذي قد يكون تراثا رجعيا متخلفا أو يكون تراثا ثوريا تقدميا عندها نستطيع أن نميز ما يفيدنا وبالتالي نترك ما لا يفيدنا ومعنى هذا بأن عملية التواصل ينبغي أن تستمر في توازن ثقافي بين ما كان و ما يجب أن يكون في عصر يتميز بالحيوية و تداخل الخبرات الفنية و العلمية والأجتماعية و في أوجه النشاط الإنساني العالمي كافة و نحب أن نشير إلى أهمية دراسة علمية فنية عالية متخصصة مستقبلا بمعاهدنا و كلياتنا المعينة بالفنون الجميلة والتطبيقية لتوضيح أساليب تطوير هذه الفنون التقليدية لتواكب مقتضيات العصر والاستمرارية في الحداثة برؤى علمية نشطة تسعى لتحقيق حيوية لهذا التراث الخالد بتميز المهارات ووضع الخطط التي من شانها أن تبني حجر الاساس للمبدعين كافة.

خصائص و مميزات العمل التشكيلي الشعبي:
     حتى نصل إلى وضع خطة تقدمية للرفع من مستوى العمل الابداعي للفنون الشعبية لابد لنا من الوقوف على أهم خصائص و مميزات هذا النوع من الفن، و تختلف العناصر والمميزات مع ما يمثله هذا الفن مننشاط فني بين جيل و اخر و بين منطقة و أخرى، و لكن توجد عناصر تكاد تكون اساسية وعامة و هي التي ترفع منالذوق و التربية و تدعو للاحساس به:

أ – الجانب التعبيري:
الذي يمثل قدرة الفنان الشعبي على توظيف فكرته و تناسق عناصر اشكاله الخطية و اللونية بشكل نقول عنه تلقائي وذي موضوع شاعري أو وصفي أو حتى ماساوي جدا في بعض الأحيان وياتي فيالعادة باسلوب محكم ولغة شعبية تشكيلية سهلة و هادفة.

ب- الجانب الشكلي:
والذي يتكون من تناسق عناصر معنية تخرج بأشكال موظفة توظيفا معبرا وقابلا للجانب التعبيري السابق في وحدة تلاحم من شأنها أن توفر قيما جمالية وفنية تدعونا إلى جانب يتفرع إلى عناصر مختلفة أخرى نجملها في نقاط تالية:
1/ العنصر الخطي و اللوني و الحركي:
لا ينجح أي عمل فني تشكيلي مهما كان عظيما الا بنجاح الجانبين الأساسين وهما جناحا العمل الفني ويمثلان الجانب التعبيري والجانب الشكلي ولابد لنجاح الجانب الشكلي من نجاح توظيف الخط واللون وحركة كل واحد داخل هذا العمل الأبداعي كعناصر رئيسية هامة يقوم عليها أي بناءتشكيلي بشكل عام ناهيك من الجانب الرمزي الذي يندرج تحت الجانب التعبيري في توزيع الخطوط ورموزها والوان الأشكال ودلالاتها السياسية و الاجتماعية والنفسية و نعني على العمل التشكيلي الفني حتى يرتقي إلى مرتبة العمل المبدع وعفوية الخطوط والألوان والأشكال لا تقودنا دائما للنجاح، بل تنظيمها وفهم التكوين العام فالخطوط والأشكال والألوان لها أدوار معينه دالة على المخرج الجيد من الاتقان في توزيعها ناجحا في حركة ووحدة مفعمة بالقيم الجمالية التي ترقي بالعمل الفني إلى مستوى القمة في الأبداع ولو كانت بأسلوب وتقنيات بسيطة، فالعمل الفني الناجح دائما يخرج من بساطة في التكوين وتلقائية في التعبير والأداء بأسلوب فني منظم.

2/ عنصر الملمس:
وهو عنصر له أهميته وقيمته العالية بالذات في الفنون الشعبية التشكيلية وذلك لأهمية السطوح التي يتعامل معها ويستخدمها، فاختلاف مادة الصوف والحرير والخشب والرخام والحجر والفخار ونحوها يساعد على نجاح العمل وله اهميته وطبيعته الجذابة فالتحف الفنية التقليدية تاخذ القلوب ورونقها الخاص وعرض ملامسها بوضوح طبيعتها وصدقها الفني والمادي.

3/ عنصر الكتلة:
تزداد اهميته الفن الشعبي لعنصر الكتلة والإحساس بها في تجسيد العناصر الشعبية اساسا منخطوط وأشكال بوسائل ومواد مختلفة مما يعطيها تجانسا في مختلف درجاتها ومستوياتها وطبقاتها مع تكامل تام للجانب التعبيري بدون شك.

4/ عنصر التكوين:
     وهو الذي نسميه بأبي العناصر جميعا و حاميها و راعيها، فهو الجامع المانع الذي يجمع كل العناصر و يمنع الخروج عنه، فهو البناء الكامل الذي يتوخاه الفنان في صياغة كافة العناصر و الاشسكال و الألوان و تطابقها أيضا في هذا العمل الابداعي في وحدة كاملة يعكس خبرة الفنان منناحية وقيمة العمل الذي يزاوله و يحمل في طياته كل العناصر وسواء كانت بسيطة أو معقدة جلية أو غامضة ظاهرة أو باطنة فهو الاتزان بعينه وقوة التعبير الرصين المطلوب.

ثانيا/ الفن التشكيلي الشعبي في ليــببا ـ  تاريخه و أنواعه:
      يمتد زمن تاريخ المأثورات الشعبية أو فنون الشعب الليبي التقليدية إلى زمن بعيد موغل في القدم، فمنذ أن وطئ الإنسان هذه الأرض بدات معه ارهاصات و دوافع هذا العمل الفني لضرورته الحياتية و انسجامه مع هذه الطبيعة جعلته أكثر قربا من المادة و التشكيل.

      ان فنون الكهوف الليبية تزخر بهذه الأعمال التشكيلية الأولى و التي جاءت تلقائية فطرية ابدعها هذا الإنسان فكانت معبرة عن فكره ووجدانه في تجربة حياته اليومية التي كان يعيشها في تلك الفترة ومع مرور الوقت ازدادت الحاجة إلى صنع اشياء و اشياء وفي كل مرة يطورها من اجل الملاءمة معتمدا على تجاربه السابقة كموروث ثقافي تاريخي ودليلا يوجهه. وهكذا تنوعت المصنوعات واختلفت مادتها والحاجة إليها عبر السنين حتى اصبحت تشمل سائر أنواع النشاط الإنساني المختلفة منملبوسات وأدوات وحتى عمارة.

      كان لتأسيس الفنيقيين لعشرة مراكز تجارية على طول الساحل الليبي مثل ماركا اويات و لبدة و صبراته و غيرها خلال القرنين السادس والسابع قبل الميلاد دليلا قاطعا على أهمية هذه المنطقة من إنتاج للصناعات الحرفية التجارية حيث كانت تعج بنشاط تجاري فعال يربطها مع دول اوروبا شمالا والأراضي الافريقية جنوبا وبين المشرق والمغرب. وكانت هذه الفنون اليدوية أوليات اهتمامات وتشجيع الفنيقيين، ثم مرت على البلاد أقوام من الغزاة مرة تلو المرة من أغريق و رومان ووندال وبيزنطين وخلال هذه الحقب التاريخية استمرت بدون شك صناعة الفنون الحرفية و بصورة جيدة أشغال الخزف والنسيج والفخار والزخارف المعمارية المختلفة مرورا بالفتح العربي وما تلاه من فترات تاريخية مختلفة وإلى يومنا هذا فقد كانت للعرب المسلمين نهضة شاملة من بينها تشجيع هذه الحرف ودعهما مما أصلها في كيان الإنسان وصارت جزءا من حياته ومعايشته لها ثم على اثر الغزوات الاستعمارية وما صاحبها من شظف العيش و قسوة الحياة صار الاعتماد على الحرف اليدوية الخاصة امرا ضروريا لاستمرار الصناعات ولكنها كانت رخيصة ومتواضعة مما تولد روح نقل هذه الصناعات من جيل إلى جيل وجعل الكثير من الاسر تحافظ على هذا النشاط حسب توفر امكاناته الطبيعية التي تزخر بها، فكانت السجادة مثلا من صنع محمودي أو "بوسيفي" نسبة إلى مازال اصحاب المهنة يعرفون الجرود أو الحوالي على انها نالوتية و أخرى ديارية أو سواحلية و كذلك من خلال تقنية الصنع و الزخارف الخطية واللونية التي تحملها نجد الخيمة لاهل سهل جفارة و الأخرى لاهل سرت أو المنطقة الوسطى وهكذا.

     كان لإنشاء مدرسة الفنون الصنائع في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي و بداية القرن القرن العشرين الاثر الكبير في رسوخ هذه الصناعات وامتدادا منظماو مقننا لهذه الفنون الابداعية، فكانت صناعة التجارة والحدادة وتطريز الجلود والسروج والحياكة من أهم التخصصات زد على ذلك الاحذية والطباعة والبناء والنقش و الموسيقا والرسم كانت كلها تدرس بمدرسة الفنون والصنائع الإسلامية ومن قبل اساتذة عرب ليبيين واتراك ومغاربة واندلسيين وكانت معظم المنتوجات ذات فنون نفعية تطبيقية خالصة.

     و من الناحية التنظيمية كانت الصناعات التقليدية تخضع لنظام نقابي اشبه ما يكون بالانظمة التي ازدهرت في بعض الازمنة باوروبا خصوصا في ايطاليا، فكانت كل نقابة يرأسها امين يشرف على صناعتها من حيث الاتقان والجودة و مراقبة اسعارها ويقوم به تحت اشراف عام شيخ البلد الذي تعينه السلطات في تلك الفترة.

     استمرت الفنون الشعبية التقليدية مع وجود المستعمر الأيطالي أيضا وكانت الحياكة و اشغال الجلد و كل أعمال الزخارف العربية الإسلامية على رأس هذه الفنون التطبيقية دون أي مساعدة كبيرة تذكر حيث يقوم الأهالي في داخل الأسر الصغيرة بعمل تلك الفنون و نشرها بين الأجيال في تواصل مستمر. كانت صناعة البسط من أهم الصناعات الحرفية للبنات قبل الحرب العالمية الثانية في مدينة طرابلس ومن ابرز الفنانات في هذا المضمار نجد كل من جميلة الأزمرلي وزكية بن شعبان على سبيل المثال لا الحصر تخرجتا من مدرسة الفنون والصنائع في وقت مبكر من بين 25 ايطالية دخلن هذه المدرسة في عام 1903 م، بينما اتجهت البنية إلى تعليم وتدريب الموهوبين في مجال الخزف، و قد كان في عام 1914 م من اجل توفير المستلزمات الخزفية و الفخارية وتعليم الطلاب الليبيين الموهوبين والعمل على تحسين صناعة المشربيات والأواني المختلفة الهامة في الاكل و المشرب و بلاط الجدران المزخرف الجميل الذي يستعمل في الحمامات وتوثيق اللوحات الزخرفية الإسلامية على البلاط القيشاني و في مجال الزخرفة بمواد أخرى نجد الجص الذي يلعب الدور الكبير في نقش المساجد والبيوت و المداخل وكل ذلك في يتم بتشكيل يدوي بسيط يجاري الحياة اليومية العربية والإسلامية بفنونها المختلفة وعاداتها وتقاليدها.

خصائص الفن الشعبي التشكيلي الليبي:
     الفن التشكيلي الشعبي الليبي يتنوع بتنوع مواده الخام والحاجة إليه، فقد طوره الليبيون بشكل يتناسب مع طبيعة البلاد و تقاليدها الشعبية، فنجد الصناعات الصوفية اليدوية متواجدة مع هذا الإنسان الليبي منذ زمن بعيد فلا عجب أن اللباس الليبي تفرد في العالم بطبيعته الخشنة أحيانا أخرى فهذا وبنعومته أحيانا أخرى فهذا الجرد أو الحولي على سبيل المثال يكتسب شهرة عالمية وتاريخية، فاخذه الرومان عن الاغريق و الاغريق عن الليبين منذ مئات السنين و نقل عن الليبيين الكثير من الزخارف الخطية البسيطة ذات الدلالة التجريدية وزخارف السجاد و الألبسة والأغطية والمرقوم والحمل والكليم وبيوت الشعر والوبر و نحوها كلها تحمل زخارف ذات خصائص يدوية بيئية تترجم نمط الحياة البدوية المناخية الحارة نهارا والباردة ليلا، زخارف في قمة التجريد والنقاوة والبساطة، عفوية في تخطيطها ولكنها تحمل سمات هذا البلد المميزة.

       الفن التشكيلي الشعبي الليبي له ايقاع في خطوطه و انسجام في ألوانه ودقة وضوح أشكاله دون اللجوء إلى المنظور والتظليل، و لقد حقق بالتالي إحدى الوظائف الرئيسية للعمل الفني مما يجعلنا نشعر بالمتعة البصرية تجاهه وهذه الخصائص البصرية تخدمه رمزيا في التعبير عن طبيعة و حياة المجتمع في هذه المنطقة و قد جاءت الوانه متناسبة مع ما يرمز إلى طبيعته من سيكولوجية الناس العامة، ألوان صريحة كصراحة هذا الشعب فنجد اللون الأحمر على سبيل المثال يسيطر على بعض مساحات الزخارف الشعبية لادراك القدماء بأن اللون الأحمر يرمز إلى خاصية تتعلق بالحياة والسرور من جهة وبالحرب من جهة أخرى وهو لون الدم بطبيعة الحال المعروفة فهو قوة الطبيعة الخصبة الحية وهو لون الشوق الشديد على اعتبار الأحمر أشد الألوان تأثيرا بينما نجد الأخضر فهو لاشك لون الحياة و النمو و لون الخضرة يبهج العين ويرمز إلى الجنة ثم اللون الأصفر يمثل اللون الذهبي للاراضي الشاسعة الليبية الصحراوية ، لون الضياء و النور و الشمس وليس له علاقة بما يرمز له اللون عند بقية الشعوب الأخرى.

      الأشكال الزخرفية من وضعها لفهمها بهذه الصورة و خصوصا فيما يتعلق بقضية ابعاد العين الشريرة و الحسد و نحوها مما لايتسع المجال لسردها. يكفي بأن خصائص هذا الفن نابعة من وظيفته أساسا وتعبير صريح عن سماحة وصفاء سريرة مبدعيها انسجاما مع الظروف البيئية والجمالية وتأخذ الألوان مساحة في الفنون التشكيلية الشعبية لتختم بها اشكالها رمزا لسمرة بشرة هؤلاء القوم.

واقعه اليوم:
    ان أهم هدف للفن الشعبي العالمي تسجيل و رصد كل المظاهر الفنية الأبداعية التي يستخدمها أو يتناقهلها الناس البسطاء الذين لم يتأثروا بالطبيعة المدنية في العادة، فن قائم على الحاجة اليه و ضرورته الاقتصادية و الأجتماعية والجمالية و الأخيرة ترتبط بالمهارات و المعارف التقليدية التي تحبب الناس اليه وترغبهم فيه حسب الذوق السائد فهي تلك الجماعات ولقد تراجعت صناعة الحصر على سبيل المثال المصنوع من مادة ( الديس) على اعتبار أن الحصير لم يعد يستعمل كثيرا ومن الكماليات ولا يمكن استعماله في المدن وضواحيها نظرا لسيطرة الحصير البديل المصنوع من اللدائن الرخيصة والسهلة الاستعمال وهذا يؤثر على الصناعات التقليدية الشعبية كثيرا ة يحد من نشاطها و تداولها.

    الصناعات التقليدية للمصنوعات المعدنية من فضة و ذهب و حلي متقدمة ولكنها ذات زخارف و مع الاسف ليست نابعة من صميم الزخارف الشعبية المحلية بل هي معظمها مقلدة و مكررة لا ينسب معظمها إلى هذا البلد. فالأبداع الشعبي يصدر من رؤية فنية للمجتمع في اطار عاداته و تقاليده كما وضحنا وتعبر بصدق و بساطة عن الثاقفة التي تحدد معالم الشخصية الحضارية لهذا المجتمع و لكن واقع هذه الصناعات التقليدية بحاجة إلى توجيه ووعي للفنان المبدع و المتلقي.

ثالثا/ الفن التشكيلي الشعبي اليوم و المستقبل:
1- الشكل و المضمون:
    لكل عمل فني بشكل عام شكل قام عليه كقالب تنظيمي لعناصره المكونة من خطوط و الوان ومساحات، هذا ما يعكسه العمل التشكيلي من تصميم عام و هذا لا يقوم بوظيفته و لا يصبح ذا اهمية حتى يكون له مضمون يحققه هذا العمل ولا يكتمل الا بفلسفة و هدف تجميع تلك العناصر التشكيلية فالشكل و المضمون هما الاساس الذي يحدد و يحرك العمل الفني مهما كان نوعه و هدفه، الشكل فعل ابداعي هدفه تنظيم التجارب الذاتية ضمن اطار الاصالة و الذوق العام السائد في المجتمع خلال فترة زمنية معينة بينما المضمون تلخيص لموقف انساني من بيئته و مجتمعه فالعمل الفني ينبغي أن يتجه نحو التاثير على وجدان الناس من خلال الشكل أو الأشكال الموزعة توزيعا ايقاعيا معينا حتى يكتمل العمل الفني و يصبح بالتالي للشكل و المضمون صلة عضوية لا يحيا الا بهما معا، الشكل هو الفعل الظاهر الذي باستطاعته كل مشاهد أن يراه بينما المضمون فعل باطن يرشدنا إلى التفكير و التأمل بوسائل و عناصر تشكيلية جمالية معينة.

وحتى تتحقق عملية الأبداع فيالعمل التشكيلي الشعبي أو ما يعرف بالمأثورات الشعبية و نصل بها إلى الغاية المطلوبة في تحقيقها ينبغي مراعاة دراسة الشكل من ناحية و المضمون منناحية اخرى و ربط قضية الفن بالمجتمع و تطور الفن من خلال تطور المجتمع نفسه نحو تفهم معاني ة دلالات هذا الفن و الرقي بها فهو يعكس طبيعة ثقافة الشعب و لا يمكن تجديد الشكل دون الرجوع إلى الأصل و هو الأصالة، أصالة هذا الشعب وهذا يقودنا إلى دراسة الجذور التقليدية وانتقاء ما ينفع و يساهم في التقدم و ترك ما لا ينفع فلا يكون هناك داع لصياغة الاشياء غير المتمشية معنا و لا يمكن دراسة الشكل الجديد دون الرجوع لدراسة مسألة التراث الأصلي بشكل دقيق، فالشكل الزخرفي على الكليم أو السجاد الشعبي اليدوي البسيط المكون من خط و لون و مساحة و فضاء هي وسائط تاريخية تجريبية اكتسبها الفنان الشعبي منخلال تجاربه و ممارسته هذا العمل بغية ابراز غاياته في تقبل هذا العمل النفعي و هو الاستفادة من المادة نفسها و الاقبال عليها و لكن انتقاءه لهذه العناصر و طريقة وضعها و تشابكها و تمازجها قد ينجم عنه فن أو قد تنجم عنها فوضى و بالتالي اذا لم يكن الفنان يدرك هذه العناصر و يفهم معانيها فهو لا ينتج عملا ابداعيا له قيمة جماية ويعرض هذا الفن إلى المسخ و الضعف مهما كان معناه و رمزيته و محتواه ويفقد تواصله و مكانته العالية.

2- التقنية و الابتكار:
    يتطلب العمل الفني عناصر تشكيلية معينة لترجمة مضمون و تعبير عن رأي معين و هذا لا يتحقق لا بتقنيات و ابتكارات خاصة، فالأولى تعتمد على وسائل تساهم في سرعة و دقة العمل الفني و الثانية تعتمد على براعة وثقافة و ذكاء و حسن تصرف الفنان نفسه.

     فالفن التشكيلي تتعدد سائله و مواده مهما كانت بدائية فالمبدع دائما يلجأ إلى عناصر تعينه على عمله الحرفي و بأسرع و أسهل الطرق النفعية اليومية المتعددة و الضرورية، كلما كان هذا المبدع يبحث عن تقنيات جديدة لعمله كلما كان ناجحا و بالتالي يسهل عليه الابداع و الألق أيضا هو يتكامل مع تفهم الشكل و المضمون و باقي مقومات العمل الفني الاخرى.

الوقوف على الجديد في التقنيات مع الحرص على سلامة اخراجها دون المساس بالأصل أو التراث الشكلي و الرمزي يساعد على نجاح هذا العمل وينشطه و ينشره، و لا تبرز التقنيات الفنية في العمل الشعبي الا اذا صار هناك اهتمام خاص بها و هي منالعلامات الثقافية لاتساع الافاق أمام الفنانين التشكيليين للخوض في مجالات و فرص أكثر.

      طرق الاستفادة من ابتكارات الاخرين و توظيفها للعمل الفني مهمة وأسلوب جاد نحو التعمق في حل معضلات تواصل و تقدم هذا الفن والتنافس مع الفنون العالمية لأخرى ومسايرتها. تقنيات العمل الابداعي الشعبي لا تخرج من اطار ابداعات هذا المجتمع و ظروفه البيئية و امكاناته و لكن بوجود عوامل مساعدة تكشف عن تقنيات و ابتكارات جديدة خاصة في كل مرة فالطينة الممتازة في منطقة غريان على سبيل المثال طريقة معالجتها وسهولة الحصول عليها و بأسرع الطرق و بأحدث الوسائل عوامل تساعد على تطور العمل و تقدمه شعبيا ايضا فالحلول المادية و بالطرق المنهجية العلمية السليمة ينبغي ان تنطلق نحو الابتكار. و دائما ترتبط عملية الابتكار أو الخلق بالتقنية و تدريب الشباب على استعمال الالات في ايجاد تقنيات مساعدة تسهّل عملية الابداع.

     مسألة الابتكار هامة جدا حيث ان التقليد هو السكون للضعف و الجمود ومظهر منمظاهر العجز و الركون إلى الانحطاط و التشويه و الانحلال وتختفي الشخصية وتضيع المعاني الأصيلة. و الفن الرفيع لا يقدم و لا ينهض الا على أساس الابتكار و البناء و الابداع و ذلك باتاحة الفرص في الحرية الكاملة و المنظمة التي تجعل من الفن بجميع صوره يأخذ طريقه الصحيح.

    على الفنان الشعبي أن يتقبل كل ظواهر الابداع و الابتكار بروح الفهم والمسئولية لما يعمله فلا قيمةللعمل لكمه أو لكيفيته و القيم الجمالية متوقفة على الكيف و ليس الكم دائما. فلا للكسب المادي فقط بل للذوق الجميل والأحساس المرهف و الشعور الدقيق و الذهن المتيقظ و الفكر المتفتح بالتطوير و البحث عن الجديد و المفيد الذي لا يخرجنا مندائرة الفن الأصيل المحلي و بعيدا عن التقليد الغربي الجميل في مظهره القبيح في جوهره ومعانيه.

     هذا هو الفن الشعبي الذي نريده و سيكون مستقبله زاهرا فلا مستقبل دون وضع خطة علمية فنــية مدروسة نحو تحقيق عمل فني مبدع يعكس تراث هذا الشعب و أصالته و حضارته.

الخاتمة و الاستنتاج:
    الفن التشكيلي الشعبي فن ذو أصالة و امتداد متواصل بين الاجيال في الابتكار و الابداع و يعكس فنا جماهيريا حيا و ثقافة شعبية نابضة بالصدق والاحساس و التعمق لشتى مظاهر الحياة و نستطيع أن نخلص إلى نقاط هامة ينبغي العمل على دراستها:
1-   ينبغي أن يسير هذا الفن وفق خطة علمية فنية مدروسة و أن يستفاد منه في شتى ضروب الثقافة العامة للمجتمع من الناحية الاجتماعية والنفسية و التاريخية و الفنية.
2-        تحديد أسلوب موحد لجمع وتسجيل و تصنيف مواد المأثورات الشعبية التشكيلية الشائعة في ليبيا.
3-        توفير المتطلبات المادية و المعنويةالتي من شأنها أن تساعد على الأداء والبحث العلمي و الفني السليم.
4-        فتح مراكز تدريب و تعليم تقنيات حرفية و توجيهها نحو تفهم معانيها وبث الروح الجمالية كقيمة للابتكار و الابداع.
5-        تحقيق نهج علمي و فني متكامل في العمل الميداني لدراسة التراث أنواعه و أطرزته في ليبيل.
6-        تشجيع مبدأ الابتكار و الابداع في الفن التشكيلي الشعبي.
7-   التعاون مع وسائل الاعلام المختلفة لاثارة الاهتمام بهذا الفن الجميل وتفهم أصوله و معانيه و نشره لكافة الناس و لكل المستويات.
8-   الاهتمام بالفخار و الخزفيات و السجاد و لأشغال المختلفة المصنوعة من سعف النخيل و جريده لما يمثله من أهمية لهذا الشعب كأقدم الصناعات التقليدية التي عرفها الأنسان على هذه الأرض وارتبطت بالتطور الحضاري لتاريخ الشعب الليبي.
9-   توثيق مواد الفن الشعبي التشكيلي بالصورة و الرسم و هي عملية أساسية لدراسة مقومات الثقافة الشعبية للمجتمع و تقييم قيمه الابداعية و الجمالية.
10- مساعدة المبدعين على حل مشاكلهم المختلفة التقنية و الجماليةدون المساس بأساسيات الابداع التقليديةالحرفية.
11- توجيه الحرفيين إلى هذه الصناعات التقليدية لأهميتها السياحية والفنية و الثقافية لحياة المجتمع، و التصدي للتيارات الثقافية الوافدة المؤثرة.
 12- على ثقافة البلد وفكرها الأصيل. تأسيس و فتح متحف وطـني قومي خاص بالمأثورات الشعبية.
13- الاكثار من المسابقات الفنية و المعارض التي تخص هذا النوع من الفن.
14- توعية النشء الجديد على تفهم و تقبل رموز الفن الشعبي و تربيتم على حب الوطن و فنونه من خلال تفهمهم لأهدافه و أصالته و رموزه العامة.


المراجع:

1-      إبراهيم، زكريا ( دكتور ) الأصالة ماذا تعني؟ و ما دورها في حياتنا؟ مجلة العربي، العدد (196 ) الكويت.
2-      أبو غازي، بدر الدين ( الفن في عالمنا )، دار المعارف، مصر، 1981 م.
3-      خشيم، علي فهمي ( قراءات ليبية )، دار مكتبة الفكر، طرابلس – ليبيا. بدون تاريخ .
4-      الشاروني، صبحي ( الفنون التشكيلية )، دار الطباعة الحديثة، مصر، 1958 م.
5-      الشال، محمود النبوي، العناصر التشكيلية في بنية الفنون التشكيلية الشعبية، مجلة الفنون الشعبية ( العدد الثاني و العشرون )، مصر، 1988م.
6-      الشال، محمود النبوي ( التوجيه في الفنون العملية )، مكتبة نهضة مصر الفجالة، مصر، 1958 م.
7-      جمعة، حسين ( قضايا الإبداع الفني)، دار الأدب، بيروت – لبنان، 1983 م.
8-      رشيد، عدنان ( دكتور ) ( دراسات في علم الجمال )، دار النهضة العربية، بيروت – لبنان، 1985 م.
9-      صفوت، كمال ( الأصالة التقليدية مصدر الهاد الحداثة)، مجلة الفنون الشعبية، العدد ( 49 )، الهيئة المصرية للكتاب، 1995م
10-  صفوت، كمال ( الفلكلور تعبير عن أصالة الشعوب )، مجلة العربي، العدد ( 243 ) 2 – 1979م.
11- صفوت، كمال، ( الوصول إلى منابع التراث الشعبي )، مجلة المأثورات الشعبية، السنة الثالثة، العدد العاشر، مركز التراث الشعبي، الدوحة – قطر، 4- 1988 م.
12-  طرابلس في مائة عام، بلدية طرابلس؟
13-  عبد الملك، جمال ( ابن خلدون ) ( مسائل في الإبداع و التصوير)، دار الجيل، بيروت – لبنان، 1991 م.
14-  عطية، محسن محمد ( دكتور ) ( تذوق الفن )، دار المعارف، مصر، 1995م.
15-  محمود، زكي نجيب ( دكتور ) ( إحياء التراث و كيفية فهمه )، مجلة العربي، العدد ( 265 )، الكويت، 12/ 1980 م.
16-  مع الفنون – مجله عدد خاص، مدرسة الفنون و الصنائع الإسلامية، الجماهيرية العظمى 1997 م.
17-  نوبلر، ثاثان ( حوار الرؤية ) ترجمة/ فخري خليل، المؤسسة العربية للدراسات و النشر، بيروت - لبنان، 1992م.
18-  هارون، عبد السلام ( التراث العربي )، السلسلة الثقافية، المركز العربي للثقافة و العلوم، بيروت – لبنان. 


تعريف بالكاتب على هذا الرابط/

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...