التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معارض المناسبات السريعة



الدكتور عياد هاشم


عندما ذاع صيت الفنان الكبير ( ليوناردو دافنشي ) كرسام عظيم، ليس لأنه يمتلك موهبة الرسم فحسب، بل يقدم ما يجب غيره أن يرونه عملا واقعيا مماثلا للطبيعة أو يحاكيها، ولو كان كذلك لما سمعنا عنه ، ولا كنا نعرفه اليوم، وإنما كان مؤمنا بان الرسم كان نوع من العلم، ينبغي أن تخضع أصوله لأحكام العقل في كل خطواته.

آلاف السنين مسافة الزمن التي تفصلنا عن أولي اللوحات التشكيلية الإنسانية على وجه هذه الأرض، ما زالت معروضة داخل المعارض المفتوحة في الكهوف المختلفة و المنتشرة في أغلب مناطق جنوبنا الحبيب مرسومة ومحفورة، ومنقوشة على جدران الزمن ، ينهل منها الإنسان إلي يومنا هذا عبر العصور المختلفة أولى مظاهر الحضارة ، ومع مرور فترات تاريخية مختلفة، كان الفن ومازال المحرك الأساسي لكل الثورات الاجتماعية، والتنموية ، والتنويرية التي حققت للإنسان أعظم المكتسبات في كافة مجالات التقدم والازدهار.

الفنانون هم وحدهم أصحاب الحس الوجداني الرقيق أو المرهف الذين يدركون ، ويبصرون الرؤية الواضحة للمدى البعيد للحياة، فهم يرسمون لنا صورة المستقبل الذي نريده ، مستقبل السعادة والرخاء.

الفن التشكيلي في بلادنا متباين ،فهو من جانب مدهش في كثير من الأحيان ، وغير ناضج وارتجالي في بعض الأحيان – كيف؟
تقام المعارض التشكيلية في العادة بطريقين :
الأولي، عن طريق الدعوة لإقامة معرض ما حسب شروط معينة، وفق فترة زمنية كافية وإعلان يعلم فيه أو يبلغ فيه الفنانون عن موعد ومكان هذا المعرض.

أما الطريقة الثانية، فقد تقام المعارض صورة شخصية للفنان نفسه لمكان وتاريخ معين ومعلوم ووفق عقد يتم بين الفنان وصاحب دار العرض أو بدون.

ولكن يوجد طريقة ثالثة استثنائية في ليبيا فقط تقريباً تسمي : "معرض المناسبات" وهي تتم بدعوة بعض الفنانين و لا يهم في العادة مكانتهم في الحركة التشكيلية أو نضجهم من عدمه عندما يقرر بعض المسئولين في بعض المناطق وخاصة من أصحاب الثقافات الانتهازية والوصولية والمتفاخرين بجهود الغير ويأتون بهؤلاء الشباب لمعرض سريع خلال 24 ساعة او 48 ساعة على أكثر تقدير، ولمناسبة أحيانا كبيرة ومهمة مع الأسف، ويقام المعرض بقدرة قادر- ويأتي المدعوون، ويفتتح رسميا، ويتم التصفيق بحرارة ، ويحضره أحيانا ضيوف كبار من داخل أو خارج البلاد ويلتقط المصورون اللقطات التذكارية، وتنتهي فترة العرض التي لا تزيد هي الأخرى عن فترة إعداد المعرض يوم أو اثنين على الأكثر.

ويذهب كل شخص لحاله، وبطريقة عجيبة يجد هؤلاء الفنانين الشباب أنفسهم وحيدين أمام لوحاتهم الارتجالية التي لم يحسنوا حتى عملها أحياناً وعرضها، ولم يحققوا الشيء الكثير، ، ولم يحصلوا على ما وعدوهم به من مكافآت أو اقتناء أعمالهم وتقدير جهودهم بالإضافة إلي الفكرة السلبية في طريقة العرض والاختيار والتقدير واحترام المناسبة التي من اجلها اعد هذا العرض أساسا.

الفن التشكيلي شئ كبير ومهم يعكس ثقافة وحضارة البلد، علينا أن نفكر مليا قبل الأقدام على استغلاله واستخدامه وطريقة التعامل معه، باستشارة أهل الاختصاص هو الحل الأمثل في مثل هذه الأمور الجادة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...