التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جدتي






   انزوت في ركنها القصي وحيدة .. رغم صخب الأحفاد .. وصياح الآباء طلبا للهدوء .. تداعب حبات المسبحة .. تتلو أذكارها التي لا تنتهي .

      فجأة عم الهدوء .. حلت السكينة .. توقف الصخب واللعب واللهو .. حتى صياح الآباء صار وشوشة وهمسا .. الجميع ينشد السكون .. تحلقوا حوله تسابقوا لحجز اقرب الأماكن إليه .. جلسوا كأن على رؤوسهم الطير .. حتى عندما سعلت هناك من تجرأ ونهرها .

    نظرت إليه شزرا .. لم يعجبها .. لم تتقبله .. ذلك البغيض .. منذ أن حل بالبيت منذ سنوات ليست قليلة .. أصبحت شيئا زائدا .. كان الجميع يتحلقون حولي .. ينتظرون حلول المساء .. يتنافسون من يكون الأقرب مكانا مني .. يستمعون بشغف لقصصي وحكاياتي .. ربما سحرهم بصوره .. شخوصه .. صحيح أنه ينقلهم إلى كل مكان .. لكن هذا غير مبرر .

في سرها وجهت له  دعواتها .. سألت الله أن يقيهم شره .. وكذلك خيره ...

     فجأة انقطع التيار الكهربائي .. عمت العتمة .. تأفف الجميع إلا هي .. توالت الشتائم من كل حدب وصوب .. بكل لسان .. من كل الأعمار .

   في ركنها القصي المعتم ابتسمت .. فقد استجاب الله دعائها .. اقترب منها اصغر الأحفاد .. طالبا منها إتحافهم بقصة .. فرحت  .. فقد استرجعت بعض مكانتها ولو لحين .. تنحنحت تسابقوا رغم الظلام إلى أخذ أماكنهم قربها .. عم الصمت أرجاء الغرفة المعتمة :
-         كان يا ما كان .. في قديم الزمان .. فتى يقال له .......

فجأة عادت الكهرباء .. تصايحوا .. صفقوا طربا .. هللوا لعودته .. علت وجوههم ابتسامات .. تسابقوا من جديد لأخذ أماكنهم حول ذلك الغريب المقيت .. تركوها كما مهملا من جديد ..  انزوت من جديد في ركنها القصي وحيدة .. تداعب حبات مسبحتها .. تتلوا أذكارها التي لا تنتهي .. زفرت زفرة .. بثت فيها كل حسرتها وقلة حيلتها إزاء هذا العدو ..

كالت له من جديد نصيبا كبير من مقتها ودعواتها.


أبو إسحاق الغدامسي
رأس لانوف شتاء 2012م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...