أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأربعاء، مارس 05، 2025

ليست أكثر من ورقة

مجمع لوحدتين سكنيتين وصالة استقبال رجال- تمً تنفيذه دون إشرافي على التشطيبات


جمال الهمالي اللافي

    في يومٍ ما، ظنوا أن أخذ ورقة مني سيقيد طموحاتي، يمنعني من السعي وراء أحلامي، ويعرقل مسيرتي نحو تحقيق واقعي. اعتقدوا أنني سأكون أسيرًا لقطيعٍ يتبع توجهات فكرية ومشاريع معمارية لا تنتمي إلى بيئتنا، بل تتعارض مع قيمنا. لكنهم كانوا مخطئين، بقدر الخطأ الفادح الذي ارتكبوه بحقي وحق كل طالب التحق بقسم العمارة، سواء تخرج بامتياز أو تمّت إعاقة مسيرته مثلي.

    الورقة ليست سوى وهم، فالتاريخ حافل بإبداعات المبدعين الذين لم يحتاجوا إلى ورقة لإثبات وجودهم وتحقيق إنجازاتهم. ما احتاجوا إليه كان إرادة قوية، إيمانًا عميقًا، وقدرة على التغلب على التحديات. لم أدخل مجال العمارة من أجل ورقة، بل كانت وسيلتي لترجمة أفكاري إلى تصاميم واقعية.

    في عالم العمارة، أدواتي الفعلية هي القلم، المسطرة، ثم الفأرة وجهاز الكمبيوتر. بوجود الورقة أو غيابها، سأظل أنا بقوتي وعزيمتي قادرًا على إحداث الفارق وترسيخ رؤيتي وإيصال رسالتي في عالم العمارة والعمران.

    الورقة التي يتحدثون عنها، مجرد شهادة تُمنح من هيئة تدريس تعتمد في منهجها الدراسي على مراجع غربية. هل يمتلكون الفهم العميق لهذه المراجع؟ هل يستطيعون تحليلها، نقدها، وإعادة تقييمها؟ أم أنهم يكتفون بنقل ما هو موجود دون إجهاد عقولهم بالتفكير في ترسيخ قيمنا وتحقيق رؤية واضحة المعالم لعمارة تعبر عن هويتنا، عمارة تنتمي إلينا؟

    لهذا، لا تتوقف رحلة الإبداع عند حدود الورق، بل تتجاوزها إلى عالم الأفكار، عالم الإصرار، وعالم التميز. سأستمر في السعي لتحقيق رؤيتي، ملتزمًا بقيمي وبمبادئي، واضعًا بصمتي في كل مشروع معماري، مهما كان حجمه أو مساحته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية