التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بعث روح العمارة الغدامسية في المنازل الحديثة: تجربة المهندسة أم محمد




        تُعد مدينة غدامس، بجمالها التراثي الفريد وعمارتها التقليدية الأصيلة، مصدر إلهام حقيقي لمحبي الفن المعماري. ومن بين هؤلاء، المهندسة المعمارية أم محمد، التي انطلقت من حبها العميق لبيت غدامس التقليدي لترسم ملامح جديدة تُعيد إبراز هذا التراث في المساكن الحديثة
.

في خطوة مبدعة، سعت المهندسة أم محمد إلى اقتباس عناصر من الطراز الغدامسي التقليدي لإثراء منزلها الخاص. كان أحد أبرز تلك العناصر تصميم غرفة المعيشة المدمجة مع استقبال النساء، حيث استخدمت قوساً غدامسياً يفصل بين المساحتين. رغم بساطة هذا العنصر، إلا أنه يضفي دفئاً وترابطاً بين الماضي والحاضر، ويُبرز الخصوصية التي لطالما ميّزت بيوت غدامس القديمة.

تشارك المهندسة تجربتها قائلة: "تمنيت لو استطعت تنفيذ التفاصيل بالكامل، بما في ذلك السلالم التقليدية والضوّاية (فتحات الضوء) والصنور، ولكنني اكتفيت بإضافة القوس كخطوة أولى. ورغم ذلك، شعرت بأنني أعيش جوهر المدينة القديمة داخل منزلي المتواضع."


لا يقتصر إبداع أم محمد على منزلها فقط؛ فقد عملت على تصميم مشاريع أخرى تحمل بصمة غدامسية، منها وحدات سكنية ملحقة بفندق، حيث استوحت توزيع الفضاءات من العمارة التقليدية. لكنها تشير إلى بعض التحديات في ترجمة الطراز القديم إلى العصر الحديث. فالغرف التي كانت مخصصة لتخزين الغلال أو المطابخ الموجودة على السطح مثلاً، أصبحت غير ملائمة لحياة اليوم. ومع ذلك، تؤكد أن الاقتباس الذكي والمتوازن لبعض العناصر الزخرفية والمعمارية يجعل الطراز الغدامسي يتأقلم بسهولة مع احتياجات العصر الحديث.


تلفت المهندسة أم محمد الانتباه إلى أن أغلب المنازل الحديثة في غدامس تحرص على تضمين لمسات من الطراز التقليدي، سواء في الواجهات، الزخارف، أو حتى في الأثاث والجلسات الشعبية. وهذا يعكس ارتباط المجتمع الغدامسي العميق بثقافته وتراثه المعماري.

وفي ختام حديثها، تعبر أم محمد عن حلمها في رؤية مشروع يقتبس بأسلوب شامل العمارة الغدامسية القديمة ويعيد تقديمها كتصميم عصري يلبي احتياجات اليوم. تقول: "آمل أن نرى تصاميم تحيي بيت غدامس التقليدي، لأن في ذلك إحياءً لهويتنا وجمال تراثنا."

تجربة المهندسة أم محمد ليست مجرد تصميم داخلي، بل دعوة للحفاظ على التراث الغدامسي وإعادة تعريفه ليظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...