التخطي إلى المحتوى الرئيسي

واقع تدريس التصميم المعماري بين التحدي والابتكار: مراجعة نقدية

مدينة طرابلس التاريخية


جمال الهمالي اللافي

        يُعد التصميم المعماري مجالاً يسعى لتحقيق تكامل الأداء الوظيفي والراحة المعيشية للمستخدمين، مع تقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه المباني المعمارية القائمة، سواء السكنية أو الخدمية. ومع ذلك، تشهد مناهج تدريس التصميم المعماري في بعض المؤسسات التعليمية انحرافاً عن هذه الغايات السامية.

        تتمثل أبرز مظاهر هذا الانحراف في تركيز بعض مدرسي مادة التصميم المعماري على دفع الطلاب لإبداع تصاميم "غريبة" أو "فريدة"، متجاهلين بذلك الأهداف الأساسية للعمارة. فالعمارة ليست مجرد استعراض للأشكال، بل هي وسيلة لتلبية احتياجات الإنسان وتعزيز جودة حياته من خلال تقديم حلول مبتكرة ومستدامة. ومع ذلك، بات الشكل الخارجي للمبنى محور اهتمام مبالغ فيه، حيث يُقيَّم الطالب بناءً على غرائبية تصميمه أكثر من جودة الأداء الوظيفي لمبناه.

        هذا النهج التدريسي لا يُؤدي فقط إلى فصل المهنة عن غاياتها الإنسانية، بل يُسهم في تهميش القيم الأساسية للعمارة. كما يعكس هذا الاتجاه واقعاً أوسع يتعلق بالمهنة حالياً، لا سيما في السياق الليبي، حيث أصبح ضعف التعليم وقصوره عن تلبية احتياجات الواقع أحد الأسباب الرئيسية لتراجع جودة المخرجات المعمارية.

        إن إعادة النظر في مناهج تدريس التصميم المعماري تتطلب التوازن بين الابتكار ومتطلبات الوظيفة، مع التركيز على تأهيل الطلاب ليصبحوا معماريين قادرين على مواجهة التحديات الحقيقية بدلاً من الاكتفاء بملاحقة غرائب التصاميم. فالعمارة، في جوهرها، تسعى لتلبية احتياجات البشر بتكامل جمالي ووظيفي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...