أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17
الأربعاء، فبراير 14، 2018
الثلاثاء، فبراير 13، 2018
السبت، فبراير 10، 2018
تفاصيل
| البيت الغدامسي- تصوير/ إبراهيم بشير مالك |
جمال اللافي
العمارة
الناجحة، هي التي توفق في تحقيق مشاعر السعادة والرضا والامتنان عند المستعمل، سواء
كان المبنى سكني أو خدمي. وفقدان الشعور بها كلها أو واحدة منها يعني حتما وجود خلل
وظيفي في المبنى. وأحد أهم وظائف المبنى، الإحساس بالقيمة الجمالية الكامنة في كل زاوية
من زواياه الداخلية وليست فقط تلك التي تكلل شكله الخارجي.
التعبير
عن وظيفة الفراغ جماليا، يكون من خلال العناية بأدق تفاصيله، فهي التي تصنع له تعريفا
واضحا. حيث بالإمكان أن ينام الإنسان في أي غرفة من غرف البيت، مثلما يمكنه أن يمارس
جميع أنشطته الحياتية اليومية في أي فراغ. ولكن أن ينجح المعماري في خلق بيئة خاصة
بكل فراغ تجعله غير قابل لأي استعمال آخر هنا يمكننا اعتبار المبنى أو الفراغ ناجحا
وظيفيا. وهذا لا يتعارض مع فكرة تصميم فراغ متعدد الأنشطة، لأن ذلك يعني بطبيعة الحال
الاهتمام بالتفاصيل التي تحقق هذا التنوع في وظيفة الفراغ.
الثلاثاء، فبراير 06، 2018
الأربعاء، يناير 31، 2018
تساؤلات حول العمارة المحلية (الجزء الثاني)
| حوش القره مانللي بمدينة طرابلس القديمة - تصوير/ الفنان التشكيلي أحمد السيفاو |
جمال اللافي
أستعرضت في الجزء الأول مجموعة من التساؤلات التي طرحتها
إحدى الباحثات في إطار التحضير لرسالتها العلمية وردي عليها. وفي مراسلة تالية طرحت هذه الباحثة مجموعة أخرى من التساؤلات/
تساؤلات
الباحثة/
1.
لماذا فقد المسكن ذو الفناء الوسطي (الحوش العربي) من
التخطيط الحضري, ولم يحدث ذلك التاثير في ثورة الاسكان؟
2. الى أي مدى سيكون تحديث
النموذج التقليدي للحوش العربي ملائما للحياة الحديثة للعائلة الليبية, هل سيسهم
هذا التحديث في تطور البيئة السكنية في طرابلس؟
3. فيما يتعلق بالحركة من
التقليد الى الحداثة في البيت ذو الفناء الوسطي(الحوش العربي) ماذا تغير في ملامح
الحوش العربي وما هو مازال ملائم وصالح لليوم؟ وهل الحوش العربي يمتلك مميزات
السكن المستدام؟
4. في إحدى المقالات اقترحم
دعوة للحوار حول البيت العربي وكيف تواجه الصعوبات التي تمنع من إحياء هذا النوع
من الاسكان، كبديل للسكن الشائع اليوم. ما هي أسبابكم وراء فتح هذا الحوار؟
5. كذلك هل لديكم مبررات
تدفعكم للأخذ بعين الاعتبار مفهوم البيت المعاصر (الصورة المعاصره للبيت التقليدي)
الحوش العربي وأين هذا الحوار من صانعي القرار فيما يتعلق بسياسات الإسكان في
طرابلس؟
السؤال
الأول/ لماذا فقد المسكن ذو
الفناء الوسطي (الحوش العربي) من التخطيط الحضري, ولم يحدث ذلك التأثير في ثورة
الاسكان؟
الإجابة/
بالنسبة لمسألة عدم استمرار نظام البيت ذو الفناء"
الحوش" في المشاريع المعاصرة، فذلك يعود لغياب الدراسات العلمية المنهجية
التي تستوعب طبيعة البيئة الاجتماعية والمناخية للمنطقة المستهدفة بالمشاريع
الإسكانية، وبالتالي تعرض هذا النوع من البيوت للانحسار عند تخطيط وتنفيذ المشاريع
الإسكانية الجديدة.
كما أن الشركات الأجنبية التي تمّ تكليفها بإعداد دراسات
تخطيطية وعمرانية، عن قصد أو جهل تعمدت تجاهل هذا النوع من البيوت، وذلك لدوافع
عدة منها:
·
علمها بعدم وجود متابعة واعية من قبل مؤسسات الدولة
الليبية سواء في العهد الملكي أو الانقلاب العسكري 69 للدراسات التي تعدها هذه
الشركات حول المشاريع الإسكانية المقترحة أو للمشاريع المنفذة، وبالتالي فهي تختصر
الطريق على نفسها وتقدم ما ألفته من أنواع سكنية كالفلل التي تفتح نوافذها على
الخارج أو العمارات السكنية التي ستوفر في تكلفة التنفيذ من وجهة نظر اقتصادية
بحثة.
·
هدم البنية الاجتماعية والثقافية والأخلاقية من خلال
استبعاد نموذج الأحواش" البيت ذو الفناء"، واستبداله بالنموذج المستحدث
ممثلا في العمارة الدولية التي تتجه نوافذها لتفتح على الخارج، فتؤثر من خلال
التعود على استعمالها على خلخلة القيم الاجتماعية وكسر حدود الحشمة والخصوصية عند
المجتمع الليبي المحافظ.
·
الإصرار في عهد الانقلاب العسكري69 م. على تنفيذ المشاريع
الإسكانية من خلال تطبيق نموذج العمارات السكنية المتكرر بصورة عشوائية داخل
الموقع المقترح، فهذا له عدة أسباب من أهمها:
§ السيطرة على أكبر مجموعة من الناس داخل عمارة
سكنية واحدة عبر إغلاق منفذها الوحيد الذي يؤدي لكل عمارة سكنية.
§
كذلك خلق العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية
والأخلاقية عبر تكديس المواطنين في مجمعات سكنية متكونة من عدة طوابق وزيادة
الكثافة السكانية في أقل المساحات.
ويمكنك مراجعة ما توصل إليه علماء الاجتماع من تأثيرات
سلبية لنموذج العمارات السكنية، أشرت إليها في مقالتي" جدلية الساكن والمسكون"
المنشور بمدونة الميراث في شهر يوليو 2008م.
السؤال
الثاني/ الى أي مدى سيكون
تحديث النموذج التقليدي للحوش العربي ملائماً للحياة الحديثة للعائلة الليبية وهل
سيسهم هذا التحديث في تطور البيئة السكنية في طرابلس؟
الإجابة/
النموذج التقليدي من البيوت ذوات الأفنية"
الحوش"، يتميز بقدرته على تحقيق عوامل الاستدامة من حيث الوظيفة والشكل. فهو
لا يزال يقدم نفسه على أنه البيت النموذجي من حيث الكفاءة الوظيفية والاجتماعية
والمناخية، ويمكننا ملاحظة ذلك عند زيارتنا للمدن القديمة حيث يشكل هذا النوع من
الأنظمة التصميمية سواء كانت في البيوت السكنية أو المباني العامة نسيج المدن
القديمة التخطيطي والعمراني. كما نلاحظ أن هذا النموذج لا يتعارض في شكله العام أو
توزيع فراغاته مع متطلبات العصر وأدواته وتقنياته، بل إن تطور أساليب التقنية أضاف
كفاءة جمالية وخدمية لهذا النوع، حيث أصبحت جميع إمدادات الخدمات من (مياه،
وكهرباء، وتصريف مجاري) تتم تحت الأرض وبتقنيات بسيطة التنفيذ، عالية الكفاءة
والجودة. أما أنظمة الاتصالات، فقد أصبحت لاسلكية تتم عبر الأقمار الصناعية، فلم
يعد هناك حاجة لإمدادات خطوط الهواتف وأجهزة الربط بين التلفزيون والأقمار الصناعية....
وغير ذلك من الخدمات. أما عناصر التأثيث فإن الخيارات المطروحة في السابق والمقدمة
حاليا من دور التصميم الصناعي فهي قابلة للتطبيق والاستعمال داخل هذه البيوت دون
عوائق. ومن هنا نستطيع القول أن مجرد طرح النموذج التقليدي بدون أي معالجات وظيفية
سيكون ملائماً وبكفاءة عالية لمتطلبات هذا العصر.
أما في حالة تقديم مقترحات تعالج بعض الإشكاليات غير
الضرورية ولكنها تأتي في مقابل الرد على الأفكار المعاصرة المطروحة على الساحة
الليبية مثلاً، ومنها اتساع مساحات الفراغات، كذلك الحماية من الأمطار وأشعة الشمس
الحارقة عند التنقل بين فراغات البيت عبر الفناء( وهي فقط تمثل كل الإشكاليات التي
تواجه نموذج" الحوش"). فهذا ومن خلال بعض الأفكار المطروحة التي تمّ
تصميمها أو تنفيذها من قبل مجموعة من المعماريين الليبيين، والتي بدأت تلاقي
قبولاً كبيراً وتأييداً في المحيط الاجتماعي، كل هذا يؤكد على أنه سيكون نموذج
المرحلة القادمة بكل اقتدار، وربما سيؤثر على الرؤية التخطيطية والتصميمية
للمشاريع الإسكانية المقبلة، سواء التي ينفذها أفراد أو ستقدمها الدولة كحل إسكاني
لذوي الدخل المحدود كبديل لنموذج العمارات السكنية الذي أثبت فشله من جميع النواحي.
السؤال
الثالث/
فيما يتعلق بالحركة من التقليد الى الحداثة في البيت ذو الفناء الوسطي(الحوش
العربي) ماذا تغير في ملامح الحوش العربي وما هو مازال ملائماً وصالحاً إلى اليوم؟
وهل الحوش العربي يمتلك مميزات السكن المستدام؟
الإجابة/
تمّ
الإجابة ضمنياً على هذا السؤال من خلال ما سبق، ولكن نستطيع أن نقول أن التركيز
اتجه إلى إعادة توزيع موقع الفناء الذي كان يتوسط البيت ليأخذ جانباً متطرفاً من زوايا
البيت المعاصر، بحيث لا يضطر سكان البيت إلى المرور عبره عند تنقلهم بين فراغات
البيت، وبالتالي تجنب التعرض لمياه الأمطار في فصل الشتاء، أو الأتربة وحرارة
الشمس في فصل الصيف. وهذه أكثر الأسباب الداعية للتغيير.
كما
تتجه البيوت المعاصرة إلى تحقيق عوامل الكفاءة الوظيفية من حيث توفير خصوصية تامة
لكل فراغ وفصل فراغات نوم الوالدين عن الأبناء، والمعيشة عن استقبال الضيوف، وضم
فراغ التخزين الذي كان موجوداً تحت سدة النوم إلى المطبخ، الذي أصبح يحتل مساحة
كبيرة بعض الشيء بعدما كان يحشر تحت السلالم في أغلب البيوت المتوسطة الحجم. وهي
جميع الأنشطة التي كانت تمارس في فراغ واحد يسمى في البيوت التقليدية" دار
القبو أو دار القبول".
كذلك
تمّ طرح بعض الأفكار حول عناصر تأثيث هذه البيوت مثل المطابخ المبنية من الطوب
والتي تتوفر فيها جميع الأدوات المطبخية الحديثة، الصالون المبني من الطوب أيضاً، كذلك
الدواليب الحائطية، عودة السدة كفراغ للنوم بدلاً من الأسرّة المتعارف عليها في
وقتنا هذا. وقد تم تنفيذ أغلب هذه المقترحات في البيوت المعاصرة التي تستوحي
فكرتها من النموذج التقليدي للبيوت الليبية. ويمكنك الرجوع للرسومات والصور
المعروضة في مدونة الميراث. والتي يمكن إرسالها لك إذا استدعى الأمر.
كذلك
بدأ الاتجاه بعد طرح الأفكار التصميمية ومعالجة مسألة الهوية المعمارية للبيوت
الطرابلسية المعاصرة، إلى البحث عن مواد بناء يمكنها تحقيق الكفاءة البيئية مثل
البناء بالطوب الرملي أو الطوب الطيني أو الترابي. حيث بدأ في ليبيا الشروع في
تركيب مصنع الطوب الرملي. والذي في حالة استكماله ستتحقق مشاريع تتوفر فيها إلى جانب
ما سبق طرحه، الكفاءة البيئية التي تغني عن استخدام مكيفات التبريد وسائل التدفئة
الصناعية التي تستهلك طاقة كبيرة. إلى جانب أنها ستقلل من تكلفة تنفيذ المباني،
والعودة لنظام الحوائط الحاملة، التي تختصر زمن التنفيذ والتكلفة. كل هذه الخطوات
تحقق عوامل الاستدامة.
السؤال
الرابع/ في إحدى المقالات
اقترحتم دعوة للحوار حول البيت العربي وكيف تواجه الصعوبات التي تمنع من إحياء هذا
النوع من الاسكان، كبديل للسكن الشائع اليوم. ما هي اسبابكم وراء فتح هذا الحوار؟
الإجابة/
هذه الدعوة جاءت بناءً على معطيات واقعية يعاني منها المجتمع
الليبي، الذي تمّ فرض نموذج العمارات السكنية عليه كحل وحيد لأنماط ونماذج السكن
في ليبيا التي تتبناها الدولة في عهد المقبور، والذي تمّ تعميمه على جميع شرائح
المجتمع، ولم يستثن منه إلاّ الحاشية المرتبطة بالقيادة الحاكمة في تلك الفترة،
والذين استطاعوا بالأموال المنهوبة من شراء الفلل وبناء القصور والاستراحات في
مزارعهم.
هذا النوع من المشاريع الإسكانية( نموذج العمارات
السكنية) بني بالحد الأدنى من المواصفات مع الانعدام الكلي للمرافق الخدمية، بل
وصل الأمر في مشروع منطقة إنجيلة الإسكاني، أن جاء مفتقرا لخدمات الصرف الصحي، مما
حدا بمن سكنوا تلك العمارات إلى حفر آبار سوداء لحل المشكلة.
هذا الأمر، إضافة لافتقار المساكن التي ينفذها الأفراد
للكثير من المقومات المعمارية والتخطيطية والاجتماعية والاقتصادية والمعالجات
المناخية، كذلك افتقارها للطابع المعماري الذي يعبر عن هوية المدن الليبية بتنوع
ثقافاتها وبيئتها الجغرافية، وانتشار البناء العشوائي الذي يفتقر للتخطيط، كل ذلك
كان الدافع لهذه الدعوة لفتح باب الحوار حول مستقبل العمارة في ليبيا بصفة عامة
ومشاريع الإسكان بصفة خاصة.
السؤال
الخامس/ كذلك هل لديكم
مبررات تدفعكم للأخذ بعين الاعتبار مفهوم البيت المعاصر (الصورة المعاصرة للبيت
التقليدي) الحوش العربي وأين هذا الحوار من صانعي القرار فيما يتعلق بسياسات
الإسكان في طرابلس؟
الإجابة/
المبررات مستمدة من الوعي بالمسؤوليات الملقاة على عاتق
المعماري للبحث دائما عن حلول للمعضلات البيئية السكنية التي تواجه المجتمع، وطرح
الحلول من خلال البحث عن أفكار تصميمية جديدة، قد ترتبط بثقافة المجتمع وقد تتنافر
معها، وهنا كان الانحياز لتاريخ وثقافة وهوية المجتمع هو الخيار الأول والأخير،
لقناعة بأن المجتمع قد تعرض لحالة استغفال من طرف الجهات الاستشارية والشركات
الأجنبية التي تمّ تكليفها بإعداد الدراسات المتعلقة بتطوير المناطق وتصميم
المشاريع الإسكانية ووضع مخططات المدن. وقد ساهم الوضع المتردي لمؤسسات الدولة في
العهد السابق في زيادة تأزم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية من خلال فرض نموذج
العمارات السكنية التي تفتقر للخدمات والمرافق.
ورغم كثرة المحاولات لعرض هذه الإشكاليات على المسؤولين
في الدولة من خلال نشر المقالات بالصحف والجرائد والمشاركة في الحوارات عبر
المحاضرات والبرامج التلفزيونية التي تمّ توجيه الدعوة فيها لعرض هذه الإشكاليات
وتوصيل الصوت للمسؤولين، إلاّ أن الآذان صمّت عن الاستماع، ولم تؤثر كل المحاولات
لإحداث فارق.
فقط كانت المبادرة بتبني هذه الأفكار من بعض المستثمرين
أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة بقبول فكرة تنفيذ بعض البيوت التي تتجه إلى إعادة
إحياء نموذج البيت الليبي ذو الفناء، سواء النموذج الحضري أو النموذج الريفي. وعند
الانتهاء من تنفيذ نموذج بيوت الضواحي في مدينة طرابلس كان الإقبال على زيارته
بمنطقة السبعة بطرابلس كبيراً، وشجعت جميع الانطباعات على الاستمرار في هذا
الاتجاه التصميمي.
أمّا نموذج البيت الطرابلسي المعاصر، وهو قيد التنفيذ في
مرحلة التشطيبات، فقد استرعى اهتمام مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال الراغبين في الدخول
في مجال الاستثمار العقاري، وأبدوا رغبتهم بعد انتهاء جميع أعمال التشطيبات للمبنى
في استنفار اصحاب رؤوس الأموال من معارفهم لتنفيذ مشروع إسكاني متكامل المرافق
والخدمات يراعى فيه الاعتبارات التخطيطية والتصميمية للعمارة المحلية. هذا الأمر
كان قبل قيام ثورة 17 فبراير، حيث كان الاستثمار العقاري يتعرض لمضايقات وعراقيل
من الدولة.
والأمل في أن يأخذ هذا الموضوع مساره الصحيح بعد هذه
الثورة التي أزاحت أكبر العراقيل التي تواجه تنفيذ مثل هذه المشاريع.
الثلاثاء، يناير 30، 2018
تساؤلات حول العمارة المحلية (الجزء الأول)
![]() |
| مربوعة علي التليسي بمدينة بني وليد، بعد ترميمها- تصوير محمد التليسي |
جمال اللافي
أستعرض في هذه المشاركة مجموعة من التساؤلات التي طرحتها
إحدى الباحثات في إطار التحضير لرسالتها العلمية وردي عليها. وذلك لتعميم الفائدة
وإثراء هذه الردود بمساهماتكم.
تساؤلات
الباحثة/
أود أن اطرح جملة من
التساؤلات حول التطور السكني في مدينة طرابلس، الموضوع عبارة عن دراسة اجتماعية-
مكانية!
حيث شهد هيكل طرابلس
الحضري أربع فترات للتنمية الإسكانيه, وقد تغيرت تدريجيا مفاهيم الإسكان وفقا لهذه
الفترات للتنمية.
·
العهد العثماني: المدينة القديمة
في طرابلس:
السكن التقليدي ذو الفناء (البيت العربي) الدراسات السابقة أثبتت أن هذا النوع من
السكن كان مناسبا بيئيا واجتماعيا.
·
الفترة الإيطالية: تم تغيير مفهوم
الإسكان الفناء، وأشكال سكنية جديدة ظهرت ... هل كان التصميم الإيطالي مناسبا و
متفقا مع مطالب الأسرة الليبية؟
·
وخلال فترة الاستقلال: استمر مفهوم التصميم
الإيطالي ... ما كان رد السكان نحو الهيكل المكاني للوحده السكنيه؟
·
الفترة الحالية: السكن الفناء (البيت
العربي) اختفى تماما من التخطيط الحضري لطرابلس . ما هو مستقبل البيت ذو الفناء في
طرابلس؟ النوايا المستقبليه المحتملة لتطوير هذا النوع؟
تمهيد/
بداية
بارك الله فيك، على تناولك في رسالتك لهذا الموضوع القيّم، وهو أمر بلا شك سيمهد
الطريق لفهم واحدة من إشكاليات البيت الليبي المعاصر، المرتبطة بمنظومة القيم المعمارية
ومسألة الهوية المعمارية، التي افتقدناها في بيوتنا- منذ بدايات القرن العشرين-
تحت ادعاء الحداثة والتغيير والتطور ومجاراة روح العصر ومواكبة ما يستجد فيه من
أفكار ومشاريع معمارية وعمرانية.
وقد
يكون للاحتلال الإيطالي دور في خلخلة هذا النسيج العمراني التاريخي المتواصل عبر
العصور السابقة. ولكنه كان مرحلة يفترض أن تستقيم الأوضاع بعدها، إلاّ أنها استمرت
في نهجها التغريبي ووصلت إلى مدارك الانحدار بعد الاستقلال وبعد انقلاب 69، حيث لم
تعد للعمارة خلالها- إن وجدت بهذا المسمى- معنى أو قيمة أو دلالة تعبيرية.
الرد
على التساؤلات/
السؤال
الأول/
العهد العثماني: المدينة القديمة في طرابلس: السكن
التقليدي ذو الفناء (البيت العربي) الدراسات السابقة أثبتت أن هذا النوع من السكن
كان مناسبا بيئيا واجتماعيا.
الإجابة/
عندما
نتكلم عن نموذج الفناء( في البيت الطرابلسي التقليدي) دائما ما نقول بلسان الماضي،
كان مناسبا بيئيا واجتماعيا، وكأني بالظروف البيئية والاجتماعية قد تغيرت تغيراً
جذريا بحيث لم يعد هذا البيت مؤهلاً في وقتنا الحاضر مثلما هو مستقبلا ليكون النموذج
الملائم بيئياً واجتماعياً.
وسؤالي
ما هي المتغيرات البيئية التي حصلت في ليبيا، حتى أضحى هذا البيت غير ملائم بيئيا،
وما معنى غير ملائم بيئيا حتى نتحدث عن متغيرات في طبيعة المسكن الطرابلسي
المعاصر.
في
اعتقادي أن هناك معلومة مغلوطة يتداولها البحاثة حول علاقة المسكن التقليدي
بالملاءمة البيئية. لأننا قبل أن نتحدث في هذا الشأن، علينا أولا التحدث عن حدوث
متغيرات في المناخ لم تكن معتادة وأصبحت تتعارض مع طرح نموذج الفناء، كهطول
الأمطار الشديدة وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون درجة الصفر مئوية.
السؤال
الثاني/
الفترة الإيطالية: تم تغيير مفهوم الإسكان الفناء،
وأشكال سكنية جديدة ظهرت ... هل كان التصميم الإيطالي مناسبا و متفقا مع مطالب
الأسرة الليبية؟
الإجابة/
رغم
أن الفناء كان دارجا في الجنوب الإيطالي، إلاّ أن اهتمام المحتل الإيطالي كان
منصبا أكثر على تصميم وتنفيذ نموذج العمارات السكنية ونموذج الفلل السكنية التي
تفتح على حديقة خارجية من أربع جهات. وانحسر في عهدهم نموذج الحوش( البيت الذي
يتوسطه الفناء). وما تمّ طرحه كان بداية تغييب القيم التخطيطية والتصميمية الأصيلة
التي تأخذ في اعتبارها الجوانب الاجتماعية والثقافية والبيئية للمجتمع، إلى فرض
نماذج مخالفة لهذه الاعتبارات ومناقضة لها.
السؤال
الثالث/
وخلال فترة الاستقلال: استمر مفهوم التصميم الإيطالي. ما
كان رد السكان نحو الهيكل المكاني للوحدة السكنية؟
الإجابة/
في
فترة الاستقلال وعلى المستوى الشعبي انتشر نموذج البيوت المتلاصقة التي تعتمد على
فناء متطرف في إحدى زواياه لتوفير الإضاءة للفراغات التي لا تطل على الشارع. وهو
محاولة يائسة لتحسين ظروف البيئة المعيشية التي تجاهلها المستعمر في مخططاته أو
لنقل في أحسن الأحوال أنه لم يوليها ذلك الاهتمام الكبير.
أما
على مستوى الدولة، فقد ظهر نظام العمارات ذات الأربعة أدوار. وفي فترة انقلاب 69
ولمدة 42 سنة استمر التعاطي مع النموذج المتكرر للعمارات السكنية متعددة الأدوار
والتي تباينت فيها الارتفاعات من 9 أدوار إلى 14 دور. وفي الحالتين كان المستهدف
اسكان أكبر عدد ممكن في أقل مساحة ممكنة، وبمنظور اقتصادي بحث، لا يضع في حساباته
أي اعتبارات إنسانية أو اجتماعية أو بيئية أو ثقافية.
السؤال
الرابع/
الفترة الحالية: السكن الفناء (البيت العربي)
اختفى تماما من التخطيط الحضري لطرابلس . ما هو مستقبل البيت ذو الفناء في طرابلس؟
النوايا المستقبلية المحتملة لتطوير هذا النوع؟
الإجابة/
في
خلال الخمسة عشر سنة الماضية وعلى المستوى الشعبي بدأ يظهر دور المعماري الليبي
بوضوح أكبر على الساحة وظهر معه نظام الفلل، التي اتخذت أشكالا تعبيرية متنوعة
اختلفت باختلاف توجهاتهم وتنوعت بتنوع أفكارهم، التي كان من ضمنها تلك التي أعادت
الاعتبار لنموذج البيت ذو الفناء. إلاّ أن المعالجات لموقع هذا الفناء وإطلالة
الفراغات عليه أخذت منحى آخر مختلفا عن النماذج التي طرحت في بدايات استقلال ليبيا
في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، أو التي عرفت بمصطلح البيوت الطرابلسية
التقليدية، حيث كان الفناء يتوسط البيت، مثلما تنوعت هذه المعالجات عن سابقتها من
معماري لآخر، بحيث لم نعد نرى نموذجا متكرراً يأخذ نمطا موحداً في التعاطي مع
الفناء من حيث موقعه من فراغات البيت أو حجمه وتفاصيله.
وقد
أكون أحد المحظوظين بمعايشة أكثر من نموذج لبيوت الأفنية خلال فترات زمنية متباعدة
أولها كان أثناء فترة طفولتي ببيت جدي (الشيخ علي الشيباني- مؤسس وشيخ الزاوية
الساعدية- بزنقة الساعدية المتفرعة من شارع ميزران)، ثم من خلال زياراتي لبيوت
الأعمام والخالات الذين سكنوا نماذج من بيوت الخمسينيات والستينيات التي تم نقل الفناء
فيها ليكون في طرف إحدى زوايا البيت. وبعدها عندما أتيحت لي أثناء فترة الدراسة
بقسم العمارة المكوث ببيت جد زميل الدراسة المعماري عبد المنعم السوكني لمدة سنة
دراسية كاملة بصحبته وصحبة الزميل المعماري رشيد كعكول. ناهيك عن فترة العمل
بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة وما تبعه من معايشة شبه يومية لبيوتها
الطرابلسية. في معايشة لأحد بيوت مدينة طرابلس القديمة والعيش في أجوائها
المتباينة مع تباين فصول السنة. حيث يسمح الفناء المفتوح على السماء بتتبع تعاقب
فصول السنة على هذه البيوت يوماً بيوم. الأمر الذي لا يمكن معايشته داخل البيوت
المعاصرة المنغلقة على ذاتها والمنعزلة عن محيطها والمحرومة من ثمرات هذا التنوع
في فصول السنة.
وهي
تجربة بحثية وعملية أخرجتني من غلبة العاطفة إلى ملامسة الواقع. ولا أظنني بعدها
سأتخلى عن قناعتي بجدوى تلك البيوت وأهليتها للسكنى قروناً طويلة أخرى دون أن يفقد
هذا البيت قدرته على المواءمة بين متطلبات الإنسان في كل عصر والتعاطي مع
احتياجاته المادية والروحية على السواء، ناهيك عن قدرته الفائقة على التوافق مع
متغيرات الظروف البيئية بكل متغيراتها.
وللحوار
بقية،
الاثنين، يناير 29، 2018
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)
أنماط البيوت التقليدية في ليبيا
المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...
-
م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة...
-
تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابل...
-
موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الف...














