أ . منصور السنوسي حمادي
د. أحميد محمد ساسي
قسم الجغرافيا – جامعة سبها
نشأة المدينة :تضاربت الآراء والروايات حول تاريخ نشأة مدينة مرزق كما أشار إلي ذلك كثير من الرحالة الباحثين ويعزي ذلك إلى عدم احتفاظ المدينة بشواهد أثرية وذلك لعدم متانة هندستها العمرانية ، أو سجلات مدونة تحدد تاريخ نشأتها ، علي الرغم من قدم الاستيطان بها .
وترجح أغلب الآراء أن تأسيس مدينة مرزق القديمة ، التي تبدو أطلالها بارزة إلى العيان حتى الوقت الحاضر ، جاء علي يد أولاد محمد الذين وصلوا إلى السلطة في فزان في نهاية القرن الخامس عشر وأصبحت مرزق العاصمة السياسية لدولة أولاد محمد في عهد المنتصر بن محمد الفاسي في سنة 1577 ف (2) حيث بنى قصبة مرزق ( القلعة ) الحصينة التي اتخذها مقرا للإدارة والسكن .
ونرى أن الظروف الطبيعية للمنطقة من حيث وفرة المياه الجوفية وصلاحية التربة للزراعة قد ساعدت علي انتشار المزارع ونمو غابات النخيل مما جعل الزراعة الحرفة الأساسية للسكان قديماً . كما أن موقعها في المنطقة الوسطي من حوض مرزق ، الذي يشتمل علي سلسلة من الأودية التي يتصل بعضها ببعض حيث يمتد وادي عتبة في الاتجاه الغربي منها متصلاً بوادي الحياة ( الآجال ) سابقاً وفي الشرق تقع الشرقيات التي تضم أم الأرانب وزويلة وفي الجنوب الشرقي وادي الحكمة ، إضافة إلى موقعها المميز بين بحيرة تشاد جنوباً وسواحل البحر المتوسط شمالاً ، مما جعل أولاد محمد يختارونها عاصمة لملكهم .
مورفولوجية المدينة القديمة :-
يقصد بالمدينة تلك المباني التي يحيط بها السور القديم بما فيها القلعة التي يتداخل جزء من سورها مع السور القديم في الجهة الشمالية الغربية للمدينة ، وتأخذ المدينة في مجملها شكلا بيضويا وتقسم إلى أحياء سكنية وإدارية ومناطق خدمية .
الســـــور :
كان يحيط بالمدينة سور من جميع جهاتها ويشير بعض الرحالة إلى أن ارتفاعه في المتوسط يتراوح بين 3 إلى 6 أمتار ويتسع عرضه عند الأساسات ويأخذ في الضيق حتى يصل 20 سم تقريباً في أعلاه ويذكر أن الجهة الجنوبية أقل جهاته ارتفاعاً حيث لا يتجاوز المترين نظراً لوجود المستنقعات التي ربما كانت توفر حماية لهذا السور .
يلاحظ من الرسوم التخطيطية التي وضعها الرحالة أن السور كان اكثر امتدادا ناحية الجنوب وبسبب انتشار المستنقعات في حي الرأس هجر هذا الحي وتم بناء سور آخر إلى شمال السور القديم تفاديا لهذه المستنقعات ( انظر شكل 2 ) .
هذا وتتباين الروايات حول عدد أبواب السور ولكنها تكاد تجمع علي أن عدد الأبواب الرئيسة ثلاثة أبواب تنتاقل الأجيال أسماءها ، وهي الباب الشرقي ( الباب الكبير ) وباب الخير في الجهة الشمالية وباب المغمغم في الجهة الغربية (3) ويبد أن هناك أبواباً فرعية صغيرة يستغلها السكان في الدخول والخروج من المدينة مما جعل بعض الرحالة يعتقد أن للمدينة سبعة أبواب.
وتتكون مادة بناء السور من المواد المحلية المتوفرة في البيئة المتمثلة في الترسبات الملحية التي تتكون في الأسباخ التي يطلق عليها محلياً اسم الفردغ *وذلك لعدم توفر الأحجار بالمنطقة ونظراً للوظيفة الدفاعية للسور فقد زود بأربعة أبراج للمراقبة التي وصفها بعض الرحالة بأنها مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها نحو 30 قدماً وقد نصبت في هذه الأبراج المدافع لحماية المدينة من الاعتداء كما يشير إلى ذلك الرحالة الألماني رولفس (4)
ومما يجدر الإشارة إليه أن السور في الوقت الحاضر لم يبق منه إلا بعض المعالم البسيطة التي توضح مساره نتيجة للعوامل الطبيعية والهدم ( صورة رقم 1)
الشــــــــــوارع :
تشير الرسوم التخطيطية التي وضعها بعض الرحالة الذين زاروا مدينة مرزق خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى وجود شارع رئيس واحد يمتد من الشرق إلى الغرب ويقسم المدينة إلى قسمين ويطلق عليه شارع الحميدة ** المعروف بشارع الدندل*** ويصل هذا الشارع بين الباب الشرقي أو الباب الكبير وبين القلعة ويعد شريان الحياة في العهد العثماني حيث توجد في بدايته نقطة للجمارك وعلى يمين الشارع المخفر الرئيس ومنزل القائمقام ومقر القنصلية الإنجليزية وبعدها يستمر الشارع محفوفاً بالحوانيت الصغيرة المبنية من الطين أو الخشب وهي تمثل منطقة السوق إلى ينتهي في ميدان مكشوف كما أشار إلى ذلك ( رولفس ) (5) ويوضح الشكل رقم (2) تفرعات جانبية ضيقة ومنحنية تخرج من الشارع الرئيس تؤدي إلى الأحياء السكنية .
الأحياء السكنية :سبقت الإشارة إلى أن الشارع الرئيس للمدينة يقسم الأحياء السكنية إلى قسمين وهما حي النزلة وحي الزوية ويبدو أن حي الزوية هو الأقدم حيث أن تأسيس حي النزلة جاء مع هجرة السكان من حي الرأس في الجنوب بسبب انتشار المستنقعات ومع تطور المدينة أيضاً .
ونظراً لأهمية المدينة التجارية فقد استقطبت العديد من العائلات الليبية من مناطق مختلفة مثل هون وسوكنة وأوجلة (6) وزويلة ومناطق أخري بالإضافة إلى سكان مرزق القدامى وقد استوطنت هذه العائلات المدينة وامتهنت حرفة التجارة والوظائف الإدارية وكانت تقطن داخل سور المدينة . أما التجمعات السكانية خارج سور المدينة فكانت بالمزارع المحيطة بها وبعض القرى القريبة لتشكل ظهيراً زراعيا يمد المدينة باحتياجاتها الحياتية .
البيـــــــــوت :
علي الرغم من اختلاف الطبقات الاجتماعية لسكان المدينة من حيث الثراء والمكانة الاجتماعية فإن البيت المرزقاوي القديم كانت وظيفته الإيوائية والاجتماعية بارزة في تصميمه وعلي الرغم من اختلاف مساحات المساكن إلا أنها تتقارب في التصميم وتتوحد في مادة البناء ويتكون النمط التقليدي لخريطة البيت المرزقاوي من الحجرات والمرافق كما يوضحها الشكل رقم (3) ، ويتزايد أو يتناقص عدد الحجرات حسب الحالة الاقتصادية لحالة مالك البيت .
وتتكون بعض البيوت من طابقين أو دورين، حيث يخصص الدور العلوي لسكن أفراد الأسرة والدور الأرضي سكنا للرقيق ومخزناً للبضائع والمرافق الأخرى (7)
أما أغلب البيوت فتتكون من طابق واحد ، وتتميز مساكن الطبقة الفقيرة ببساطة بنائها حيث تتسم أبوابها بمحدودية الارتفاع وقلة منافذ دخول الضوء إليها أما بعض المنازل الكبيرة لطبقة الإثرياء فأبوابها الخارجية واسعة مما يمكن جملاً محملاً من الدخول إلى السقيفة* (8) .
ويلاحظ في تصميم المنازل تأثير العوامل المناخية على هذا التصميم وذلك باتجاه أغلب مـــــداخل البيوت وحجراتها ناحية الشمال تفادياً لرياح القبلي ولاستقبال رياح الشمال ( البحري ) الباردة صيفاً .
أما مادة البناء فقد حددتها ظروف البيئة الطبيعية وذلك لندرة المحاجر القريبة من المنطقة فكانت المساكن تبني من مادتي الفردغ والقالب**، وتتم طريقة بناء أساسات الجدران بوضع طبقة من الحجارة الصغيرة لأنها أكثر مقاومة للرطوبة ، وتجمع تلك الحجارة من الأماكن القريبة وتنقل على الدواب لمواقع البناء ، ثم توضع قطع الفردغ أو القالب بطريقة متناسقة لبناء الجدران . وبالرغم من أن البناء بالقالب يعطي الجدران أكثر استقامة أكثر مما يعطي البناء بالفردغ الذي يتميز بنتوئاته البارزة إلا أن البناء بالفردغ أكثر انتشاراً . من البناء بالقالب وتعطي الجدران بطبقة من الطين وتطلى بمادة ترابية يميل لونها إلى البياض وتخلط بالماء وتسمي محلياً البافا ويلاحـــظ علي جدران البيوت أن أساساتها تتميز بالاتساع ثم تأخذ بالضيق كلما ارتفع البناء إلى أعلي . وتفادياً للتشقق والانهيار تدعم الجدران الخارجية للبيت بحوائط جانبية قليلة الارتفاع تعرف بالتبغيل.
وتعتمد أسقف البيوت علي الخامات المتوفرة محليا من أشجار النخيل ونبات القصبة ، وفي حالة الحجرات المتسعة يتم وضع قنطرة من جذوع النخيل بين الجدارين مدعومة بعرصة في منتصف المسافة وهي جذع نخلة متثبت بالأرض لتستند عليه القنطرة تفاديا للسقوط أو الانكسار ثم يرتب فوق القنطرة عدد من قطع جذوع شجرة النخيل متساوية الطول والأبعاد ، ثم يصف علي هذه الجذوع أعواد القصب أو جريد النخيل وتضم هذه الأعواد إلى بعضها البعض بحبال رقيقة من ألياف النخيل وتصبح كالحصير المحبوك ، وتغطي هذه الأعواد بطبقة من سعف النخيل تعلوها طبقة من الطين تخلط بالتبن أحيانا لزيادة مقاومتها لتساقط الأمطار.
أما النوافذ في المنازل فهي فتحات للتهوية والإضاءة وللخصوصية تطل علي الساحات الداخلية للمسكن ولا تطل علي الشوارع أو الأزقة . أما في حالة المساكن ذات الدورين فإن نوافذ الطابق العلوي تطل علي الشوارع والأزقة ، صورة رقم (2) ولوحظ أن أجنحة النوافذ وأقفاصها في عهد الإدارة العثمانية تصنع من خشب الصناديق التي يأتي بها التجار من طرابلس . وكل الأبواب والنوافذ مطلية باللون الأخضر الداكن ، كما أدخلت الشبابيك الحديدية التي لا تري في مناطق أخرى من فزان (9)
أما الأبواب فإنها تصنع من جذوع أشجار النخيل التي يتم تسويتها وتنظيمها وربط أجزائها بسيور من جلود الإبل.
القلعـــــــة :وهي من المعالم الأثرية بالمدينة القديمة التي لا تزال قائمة بالرغم من إصابتها بالشقوق والتصدعات ، وتقع بالطرف الغربي للمدينة عند نهاية شارع الدندل ويوجد فيها مقر الحكم وقصر السلطان في عهد دولة أولاد محمد وهي في ركن بعيد عن باقي المدينة ويحيط بها سور يفصلها عن بيوت السكان ويعد خط الدفاع الثاني بعد السور الذي يحيط بالمدينة ويصفها ( عبد القادر جامي ) في عهد الإدارة العثمانية أنه عند الدخول إليها من الباب الرئيس ( باب الشريعة ) في الجهة الشرقية صورة ( 9 ، 10 ) حيث يوجد مقر القضاء ، يوجد المعسكر والمطحن والفرن والجامع الكبير ، وفي الوسط ميدان صغير يوجد في منتهاه قصر الحكم ، صورة (11) الذي يبلغ ارتفاعه 12 متراً تقريباً ويتكون من ثلاثة طوابق ، الطابق الأرضي مملوء بالتراب وبما أن ارتفاع المبني عال بالنسبة لوسائط الإنشاء في فزان فقد دعمت جدرانه وأركانه وزيد في عرض الأساسات إلى نحو متر ونصف انظر سورة (12) ويصعد إلى مقر الحكم بسلم ارتفاعه متران ، وعند الدخول من الباب والمرور عبر دهليز طويلة أربعة أمتار تقريباً توجد ساحة صغيرة تطل عليها كل نوافذ القصر وأبوابه ، وبعد السير في ممر مسقوف على أعمدة من جذوع النخل تشاهد مقام المتصرف والمجلس الإداري والمحاسبة وغيرها من المكاتب الحكومية . ويمثل الطابق الثالث أعلى برج في القلعة حيث ترتكز سارية العلم ، ويمكن مشاهدة مدينة مرزق وما يحيط بها من بساتين وأراض(10) .
الســــــــــــوق :
انفردت مدينة مرزق دون سائر مدن فزان بأنها تعد مركز العمران الحضري وكان السوق يعد أحد المعالم الحضرية بالمدينة . ويميزه شارع الدندل الذي يعد أطول شوارع المدينة و أكثرها اتساعا ، يمتد من الشرق إلى الغرب ويقسم المدينة قسمين ، قد اصطفت الحوانيت علي جانبيه ويتركز السوق ذو الأقواس المميزة في المنطقة الوسطي منه منتهيا بمنطقة الحميدة .
ويبدو أن الحركة التجارية لهذا السوق تتذبذب وفق الظروف الاقتصادية التي مرت بها المدينة اعتباراً من فترة حكم أولاد محمد إلى العهد العمثاني ، ففي عهد ازدهار التجارة مع برنو و واداي تشير الروايات المتواترة أن هذه السوق كان يزخر من أوله آخره بقوافل التجار .
وبالرغم من أن حركة التجارة بسوق مرزق مستمرة طوال العام إلا أن ذروة ازدهارها تمتد في الفترة من شهر التمور ( اكتوبر ) إلى شهر النوار ( فبراير )
حيث تغدو مرزق سوقاً عظيمة وملتقى لمختلف القوافل القادمة من القاهرة وبنغازي وطرابلس وغدامس وتوات والسودان بالإضافة إلى حركة التجارة الداخلية من المناطق المجاورة (11)
ويبدو أن ازدهار السوق خلال الفترة المشار إليها قد تحكمت فيه ظروف البيئة بتفادي تجار القوافل السفر خلال أشهر الصيف بسبب ارتفاع درجة الحرارة .
أما عن حركة السوق اليومية فيبدو أنها مقسمة إلى فترتين : الفترة الأولي وتبدأ منذ الصباح الباكر وحتى فترة الظهيرة وتتركز في الجهة الغريبة من شارع الحميدة وفي الفترة المسائية تنتقل الحركة إلى سوق النساء في منطقة الباب الكبير .
ونظراً لاتساع مساهمة المرأة العاملة في النشاط الاقتصادي في منطقة السوق جعل النساء يفكرن في حماية أنفسهن والدفاع عن حقوقهن عن طريق استخدام نوع من الإضراب عن البيع في السوق بما يسمي ( النو )* الذي يؤدي أحياناً إلى تعطيل سوق النساء عن النشاط لمدة يوم أو يومين أو ساعات ويبدأ الإضراب عندما تطلق المرأة المظلومة زغرودة طويلة مميزة تسمعها ( شيخة النسوان ) فتقوم الشيخة بدعوة جميع النسوة بمنطقة السوق بزغرودة خاصة معينة تستجيب لها كل نساء السوق فيتعطل العمل ويمتنعن عن الأكل والشرب ويغنين أغاني خاصة بالنو .
وبما أن تعطيل العمل في السوق والبساتين له خطره علي اقتصاد المدينة ، يبادر بعض الرجال بالتوسط في حل هذه الأزمة وفي حالة تعذر الوصول إلى حل تتدخل الجهات المسئولة بالمدينة المشكلة بما يرضي نساء السوق .
من خلال استعراض أهم السلع المتداولة في السوق في نهاية العقد الثاني من القرن التاسع عشر نجد أنها تتمثل في الخرز بجميع أنواعه ، والمرجان ، والأقمشة الحريرية والقدور النحاسية ، المرايا ، البسيط ، البرانيس الخيول ، الأساور الزجاجية ، البارود (13) بالإضافة إلى ريش النعام ، الذهب ، الطيب ، جلود النمور ، الطرابيش الحمراء ، ومن خلال استعراض هذه السلع يتضح لنا أنها لا تنتج محلياً مما يدل علي أن مرزق القديمة كانت تمارس تجارة العبور ، أما الإنتاج المحلي فيتمثل في المنتجات الزراعية بالمنطقة كالتمور والحبوب والخضراوات وبعض الصناعات اليدوية المحلية مثل أدوات الإنتـــاج الزراعي والأثـــاث المنزلي البسيط وأدوات الزينة والملابس والأحذية .
الأهمية الاقتصادية :يتمثل تجارة العبور محور اقتصاد مدينة مرزق ومصدر عائداتها، حيث كانت المدينة مركزاً لتجمع السلع المدارية الإفريقية وكذلك البضائع الواردة من مناطق الشمال ذات المنشأ الأوربي عن طريق طرابلس والأسيوية عن طريق مصر، وبهذا نستنتج أن النمو الاقتصادي لمدينة مرزق القديمة لم يكن مرتكزاً على مقومات اقتصادية محلية وإنما كان اعتمادها علي تجارة العبور ومن ثم كانت وظيفتها تأمين سلامة طرق القوافل وتزويدها بما تحتاجه من مؤن.
طرق القوافل الداخلية والخارجية :ارتبطت مرزق بعدد من طرق القوافل الداخلية مع المناطق الليبية المجاورة إضافة لطرق القوافل التي ربطتها بالأقاليم الخارجية ، مما جعلها حلقة وصل بين هذه المناطق ، وأدى ذلك إلى زيـــــادة صادرات هذه المدينة ووارداتها ، وكانت الطرق الداخلية تتخذ ثلاثة مسارات هي :-
أ- طريق طرابلس – غريان – مزدة – القريات – الجفرة – مرزق .
ب- طريق طرابلس – مصراته – ودان – الزيغن – تمنهنت – سبها – دليم – مرزق
ج- طريق البريد *: ( طرابلس – بن وليد – بونجيم – سوكنة – الزيغن – تمنهنت – مرزق ) .
أما ارتباط مرزق بالجهات الشرقية من البلاد فيمتد عبر أوجلة – زلة – الفقهاء – تمسه – زويلة – أم الأرانب – تراغن – مرزق . وهذا الطريق يربط بنغازي بمرزق .
أما بالنسبة لطرق القوافل الخارجية التي كانت مرزق تمثل همزة وصل لها وكان لها دور بارز في تجارة العبور الصحراوية والإشعاع الحضاري مع بلاد السودان ، شكل (4) يمكن تصنيفها إلى نوعين :
1- طرق التجارة :وهي تمثل منافذ تجميع وتوزيع للبضائع الواردة إلى مرزق ومن أهمها ما يلي :-
أ- طريق طرابلس – سبها – مرزق – برنو .
ب- طريق مرزق – مصر ماراً بحميرة – زويلة – تمسة – سيوة إلى مصر .
ج- طريق مرزق – القطرون – وادي .
2- طريق الحج :تمثل مرزق ملتقى قوافل الحج الجماعي التي ازدادت بكثرة بانتشار الإسلام بالممالك السودانية التي تعبر الصحراء من الغرب إلى الشرق والعكس ومن أهمها كما يوضحها الشكل (4) مايلي :
أ- طريق من بلاد الهوسا ( كانو – كاتيسنا ) – مرزق – أوجلة إلى مصر .
ب- طريق من برنو – بلما ثم مرزق فأوجلة إلى مصر .
ج- طريق وادي ( وارا ) – مرزق – أوجلة .
د- طريق توات – غات – مرزق ثم تتصل بشبكة طرق عبر أوجلة ومنها إلى مصر .
ومن الواضح أن الأهمية التي اكتسبتها مرزق تعود في الاساس إلى موقعها الجغرافي المتميز ، فهي من ناحية تقع في وسط الصحراء ولها صلات مع باقي المناطق الجنوبية مثل : القطرون ، وزويلة ، وغات ، غدامس ، وسبها ، ومن ناحية ثانية شكلت اتصالا مع المحطات والمراكز التجارية الأفريقية فيما وراء الصحراء مثل ( كانو) وبرنو ( برنوح ) ما جعل منها منطقة تجارية علي غرار ما يعرف في الوقت الحاضر بالمناطق الحرة (15)
وقد أعطى هذا العامل مدينة مرزق أهمية دولية تمثلت في فتح قنصلية إنجليزية بها بل إن الدولة العثمانية جعلت منها عاصمة لإقليم فزان بأكمله كما كان الحال عندما اتخذها أولاد محمد عاصمة لملكهم بفزان .
الأهمية الثقافية :
لقد واكب الأهمية السياسية والإدارية والاقتصادية لمدينة مرزق القديمة دور ثقافي وفني بارز، حيث كان لانتشار المساجد والزوايا في أحياء المدينة القديمة عبر تاريخها دور تعليمي ، تمثل في تحفيظ القرآن الكريم والأحكام الشرعية التي كانت تؤهل لتولي القضاء والإفتاء والتعليم في الزوايا في بقية المناطق ، وقد استقطبت زاوية مرزق عدداً من العلماء وفدوا من خارج المنطقة للتدريس بها .
وقد أنشئ في عهد الإدارة العثمانية ما يسمي بالمدرسة الرشدية التي يتم فيها دارسة الخطوط والعلوم العصرية ويتم إيفاد المتميزين من خريجي هذه المدرسة إلى طرابلس لاستكمال تعليمهم وربما يتم إيفادهم إلى تركيا لزيادة التحصيل العلمي .
وبهذا كانت مرزق مركز إشعاع تعليمي للمناطق المحيطة بها وكان لها اتصال ببعض الزوايا الدينية في أفريقيا وراء الصحراء كما كان لموقع مرزق ومكانتها التجارية دور في تمازج حضاري شكل نسيجاً ثقافيا نظراً لتأثيرات الوافدين إليها من مناطق مختلفة.
الهوامش والمراجع/
1- فنماب ، أقليم سبها : بلدية مرزق . التقرير النهائي ، 1998 ،ص3 .
2- رجب نصير الأبيض ، مدينة مرزق وتجارة القوافل الصحراوية خلال القرن التاسع عشر ، دراسة في التاريخ السياسي والاقتصادي ، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ، 1998 ، ص 52 .
3- عبد القادر جامي ، من طرابلس الغرب إلى الصحراء الكبرى ، ( ترجمة : محمد الأسطي ) ، دار المصراتي ، طرابلس ، 1974 ، ص 104 – 105 .
4- رجب نصير ، الأبيض ، المرجع السابق ، ص 60 .
5- رجب نصير ، الأبيض ، المرجع السابق ، ص 63 .
6- رجب نصير ، الأبيض ، المرجع السابق ، ص 78 .
7- عبد القادر جامي ، مرجع سابق ، ص 112 .
8- ر.ع.ف ليون ، مدخل إلى الصحراء ، ( ترجمة : الهادي أبو لقمة ) ، منشورات جامعة قاريونس ، بنغازي ، 1993 ، ص ( 74 – 75 )
9- عبد القادر جامي ، مرجع سابق ، ص 111 .
10- عبد القادر جامي ، مرجع سابق ، ص 108 – 110 .
11- فردريك هورنمان ، الرحلة من القاهرة إلى مرزق عاصمة فزان عام 1977 ( تعريب : مصطفي محمد جودة ) ، دار الفرجاني ، طرابلس ، 1993 ، ص 87
12- عبد القادر جامي ، مرجع سابق ، ص 124 .
13- الهادي أبو لقمة ، التطور التاريخي والظروف الجغرافية في مرزق التحضر القاعدة الاقتصادية ، سلسلة التحضر بليبيا ، ( تحرير منصور محمد البابور ) ،منشورات جامعة قاريونس ، بنغازي ، 1995 ، ص 25 .
14- رجب نصير الأبيض ، المرجع السابق ، ص 226 .
15- محمد المبروك يونس ، دور ليبيا في مسار العلاقات العربية الأفريقية 196 – 1977 ، الشركـة العامــــة للـــورق والطباعـــة ، مطابع الوحدة العربية الزاوية 1994 ، ص 34 .
16- محمـــد سليمان أيـــوب ، مختصر تــــاريخ فزان منذ أقدم العصور وحتى 1811 م ، 1967 ، ص 106 .
17- رجب نصير الأبيض ، المرجع السابق ، ص 67 .
18- مؤسســـة وايتنج العالمــــية ، مرزق مخطط عام ، المجلــد 6-1 طرابلس 1970 ، ص 10 .
19- عبد العزيز طريح شرف ، جغرافية ليبيا – مؤسسة الثقافة الجامعيــة الإسكنــدرية ، 1962 ، ص 558 .
20- سعد القزيري ، التركيب المكاني " في مرزق التحضر والقاعدة الاقتصادية " سلسلة التحضر في ليبيــــا ( تحرير منصور محمد البابور ) ، منشورات جامعة قاريونس بنغازي ، 1995 ص .
21- فنماب ، مرجع سابق ، ص 33 .
22- مؤسسة وايتنج العالمية ، المرجع السابق ، ص 28-29 .
المصدر/ بحوث ندوة المحافظة علي المدن القديمة، بنغازي : 8-9- / 12 / 2004 ف* الفردغ : هو قطع ملحية شبه صخرية تتخلف من أثر مياه السبخات .
** الحميدة باللهجة المحلية تعني المكان أو الميدان الذي تتفرع منه عدد من الأزقة والشوارع الفرعية .
*** الدندل كلمة في لغة الهوسا وتعني مكان للالتقاء والجلوس والترفيه والتبادل التجاري ، وربما ترجع أصول تسمية هذا الشارع للغة الهوسا .
* السقيفة ممر مسقوف بعد الباب الرئيس مباشرة .
** القالب عبارة عن طوب مصنوع من الطين علي هيئة مستطيلات أبعادها 25 × 1.5 × 40 سم .
* وهو نوع الإضراب عن ممارسة النشاط التجاري بمنطقة السوق تتخذه النساء عندما تتعرض إحداهن لأي إهانة أو اعتداء فتتضامن معها بقية البائعات بالسوق حتي تسر .
* كان لهذا الطريق دور اقتصادي هام وقد حرصت السلطات علي ضمان سلامته دائماً نظراً لما يحمله من مكاتبات هامة علي المستويين السياسي والاقتصادي ।
المصدر/
ندوة المحافظة علي المدن القديمة
بنغازي : 8-9- / 12 / 2004 ف
جهاز تنظيم وادارة مدينة بنغازي القديمة
بنغازي : 8-9- / 12 / 2004 ف
جهاز تنظيم وادارة مدينة بنغازي القديمة
بارك الله فيكم
ردحذف