تجمع للفنانين التشكيليين الليبيين |
الحديث هنا ليس عن تاريخ الحركة التشكيلية في
ليبيا، فقد تعرض له الفنان التشكيلي أحمد عبد السلام المرابط في موضوعه" تاريخ الحركة التشكيلية في ليبيا"، وتناوله
أيضا غيره من النقّاد والأدباء الليبيين وأوفوه حقه على قدر اجتهادهم. إنما يستهدف
الموضوع استعراض مفارقتين من واقع معايشة مباشرة للحركة التشكيلية والتشكيليين في
ليبيا:
أولهما، تنامي ظاهرة المعارض
التشكيلية بصورة ملفتة للنظر، التي شهدت انتشاراً ملحوظاً حتى أصبحت ظاهرة صحية في
المشهد الثقافي الليبي منذ العام 1990 م. من خلال تأسيس" الدار
الليبية للفنون" بالبرج رقم 3 بمجمع ذات العماد، التي افتتحت
نشاطها بأول معرض للمستنسخات الليبية، وتبعته سلسلة مستمرة من المعارض الشخصية
والجماعية لفنانين تشكيليين ليبيين وعرب وعالميين، وقف وراءها الفنان التشكيلي على
مصطفى رمضان الذي أشرف أيضا على تأسيس" دار
الفنون" بطريق السكة. ومن هذين الموقعين انتشرت الكثير من القاعات
والمعارض الأخرى. من " قاعة دي فيلا"
بمنطقة قرقارش إلى قاعة" بيت الفقيه حسن للفنون-
القنصلية الفرنسية سابقاً" والمتحف الوطني للفن الحديث بمدينة
طرابلس القديمة إلى قاعة" الواسطي"
متحف طرابلس حالياً، إلى أن أصبحت هناك أكثر من قاعة خاصة تنتشر الآن داخل وخارج مدينة
طرابلس في بنغازي" قاعة السيلفيوم" وفي مدينة مصراته وغيرها من المدن والقرى الليبية، وقبلهم جميعا ومنذ سنوات بعيدة قاعة"
غدامس" بشارع أول سبتمبر سابقا.
دار الفنون بطريق السكة |
والمفارقة الثانيةً، تتمثل في عدم مواكبة
الفكر التشكيلي في ليبيا لظاهرة تنامي هذه القاعات والمعارض التشكيلية. فبالرغم من
امتداد تاريخ الحركة التشكيلية الليبية في التاريخ لتعود إلى العهد العثماني
الثاني وربما قبله، التي تفاعلت في حينها بكل عفوية مع المشهد الليبي ورصدت بكل
صدق خصوصيته وحميميته وتنوعه الثقافي، عبر لوحات جمعت بين الانطباعية والواقعية والوحشية،
إضافة لأخرى اعتمدت التجريدية والحروفية، كما عكست حرص الفنان التشكيلي الليبي على
متابعة مسارات الحركات التشكيلية العالمية ومواكبة مدارسها المتنوعة في اتجاهاتها
والمتعددة في طرحها والمختلفة في أدواتها التعبيرية. مثلما كشفت عن مقدرته
الإبداعية التي تجاري في حرفيتها كبار الفنانين العالميين في العالم الغربي، موطن
هذا الفن ومؤسس مدارسه المعاصرة ومعلم الكثيرين منهم في جامعاته ومعاهده الفنية.
من أعمال الفنان التشكيلي علي العباني، رصد للبيئة في عمل تمتزج فيه الواقعية بالانطباعية بالوحشية" التي تعتمد على الألوان الصارخة" |
وعلى الرغم من تحمل الدولة الليبية في العهدين
السابقين لمسؤوليتهما في تشجيع الفنون التشكيلية من خلال إرسال البعثات الطلابية
لدراسة جميع مجالات الفنون التشكيلية في أرقى الجامعات العالمية الغربية والعربية،
ورغم تأسيس كلية للفنون الجميلة والتطبيقية التي أتيحت فيها الفرصة لحملة الشهادات
العليا لتوصيل خبرتهم الشخصية والأكاديمية التي تعلموها في تلك الجامعات والمدراس
العالمية. إلاّ أن هذه التجربة المديدة لم تكشف حتى هذه اللحظة عن رغبة أكيدة للتنظير لتجربة محلية
ليبية يمكنها أن تضيف لذلك الرصيد التاريخي بعدا فكرياً منهجياً يحسب للحركة
التشكيلية في ليبيا.
§ تجربة تؤسس لمدرسة ليبية حقيقية في مجالات الفنون التشكيلية، ولا
تجاري أي من تلك المدارس العالمية التي تظل في جميع الأحوال وليدة بيئتها والمعبرة
عن لسان حالها.
§ تجربة تنبع من صميم الحالة الليبية بكل إرهاصاتها الفكرية وهمومها
الاجتماعية وخصوصيتها الثقافية وموقعها الواقعي والمفترض من خريطة العالم الثقافية
والجغرافية والتاريخية.
§ تجربة تنطلق في منهجها وفكرها وقواعدها وأصولها من قيم وعقيدة
المجتمع ولا تتصادم معها تحت مبررات حرية التعبير أو رفض مصادرة الإبداع.
§
تجربة،
تؤصّل لمنهج فكري يحترم التاريخ ويتفاعل مع الواقع ويتطلع لرسم صورة المستقبل
المنشود.
§ تجربة تؤرخ لما بعد مرحلة ثورة 17 فبراير وتواكب هذا الإنبعاث
لنموذج الإنسان الليبي الجديد الذي هزم الخوف في نفسه فانتصر على الطاغوت الذي كان
يجثم على صدره على مدى 42 سنة الماضية بفضل الله.
أحد الأعمال الإبداعية للفنان الشكيلي محمود الحاسي محاولة لتأصيل الفن التشكيلي وربطه بالعمل الحرفي |
السلام عليكم /استاذ جمال ورواد مدونتك الكرام ..بمناسبة هذه المقالة العميقة والقيمة .. يشرفني ان ادعوكم ومن يقاسمنا الاهتمام لعضوية (مركز رؤية لانماء وتأصيل الفنون البصرية ).. ومقره مسرح الطفل والعرائس - بنغازي وله حتى الان ثلاث فروع في درنة والبيضاء وسوسة .. ونطمح ان نتشرف بعضوية مدن اخرى وعقول اخرى تثرينا.. والمركز بمثابة بيت خبرة ،بحثي وتتنتظم نشاطاته في محاضرات ومعارض وندوات واصدارات مطبوعة .. واعضاءه هم تشكيليين ومصممي سنوغرافيا وازياء ومعماريين ومصممي حدائق ومخرجي سينما ومسرح ومصممي رقص واعلاميين.. الى جانب المهتمين من النقاد والمثقفين بخلق لغة واضحة لخطاب بصري تحدد دلالات مفرداته واساليب صياغته وفق خصوصية الثقافة الليبية.. يعيد قراءة التراث وتوظيفه وتطويره بما يؤصل لهوية حقيقية ..ولاي استفسار الرجاء مراسلة الايميل wafalhosain@yahoo.com
ردحذفشكرا لكرمك استاذ جمال .. تقديري..
وعليكم السلام ورحمة الله أختنا الكريمة، م. وفاء الحسين.
ردحذفبداية، أشكرك على اهتمامك بالمتابعة والتعليق على ما ينشر على صفحة مدونة الميراث.
كما يسرني أن ابارك لكم هذه الخطوة المتميزة بتأسيس(مركز رؤية لانماء وتأصيل الفنون البصرية )، الذي نأمل له النجاح والتوفيق في تحقيق أهدافه وغاياته المرجوة منه.
بالنسبة للعضوية، فسأترك أمر الحديث عنها إلى فرصة أخرى، فالظروف الحالية لا تسمح بالانظمام إلى أي نشاط داخل أو خارج طرابلس. ولا مانع لدي من المساهمة بالرأي والمشورة في أي مرحلة من مراحل التأسيس، من خلال التواصل بالبريد الإلكتروني.
مقاله اكثر من رائعه
ردحذفشكراً لك.
حذف