التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تأملات في المعمار

المفردات المعمارية للعمارة التقليدية

وإشكالية الحفاظ والتأصيل في المشاريع المعاصرة


منزل أسامة الفرجاني- منطقة بن عاشور

جمال اللافي


تكلمت كثيراً في عدة مقالات منشورة على مدونة الميراث، وأخرى قبلها كانت منشورة على أكثر من مطبوعة ليبية متخصصة في مجالات العمارة والآثار، عن نهجي في العمارة والذي يعتمد مبدأين:
أولهما: أن العمارة هي المجال الذي يهتم بالدرجة الأولى بإيجاد بيئة صالحة لمعيشة الانسان. وبالتالي البحث في الحلول الممكنة لتحقيق هذه الغاية.
وثانيهما: لا أؤمن بالحداثة ولا إرهاصاتها. ولا بالتفكيكية وشطحاتها. ولا بالتغيير لمجرد التغيير. ولا اعتبر نفسي معنيّاً بالضرورة بالبحث عن أشكال ومفردات جديدة لعمارتنا الليبية المعاصرة. ليس هذا همي. وليست هذه غايتي من العمارة. وأن الاحتفاظ بهذه المفردات التقليدية في مشاريعي المعمارية جاء لاعتبارين مهمين:
الاعتبار الأول: أنها ملامح تشكلت عبر عصور ومؤثرات لا زالت تفرض نفسها جمالياً ووظيفياً. ورميها دون سبب، هو أمر أقل ما يوصف به فاعله أنها حالة سفه وسوء تقدير للأمور.
والاعتبار الثاني: أنها تعكس هوية المجتمع. مثلما تعكس ملامح وجوه الناس أصولهم وأعراقهم. فالعرب والصينيون وباقي شعوب شرق آسيا والأفارقة والهنود الحمر وشعب الأسكيمو والأوروبيون يتمايزون في ملامحهم، التي لم تتغير رغم تطور انسان هذه الشعوب على مر العصور في تفكيره ومستواه الحضاري والتعليمي. ما تغير فقط هو نظرته للحياة وأسلوب معيشته والأدوات والتقنيات والمواد التي يستعملها في تلبية متطلباته أو تحقيق رغباته أو التعبير عن تصوراته وتطلعاته لحياة أفضل.

ولهذا فمهمتي هذه انطلاقاً من هذين المبدأين، أراها تنحصر في احترام الموروث المعماري والعمراني، الذي يمثل تراكم خبرات الأجداد. وفي إعادة النظر فيما يمكن معالجته أو تصحيحه أو ملائمته مع معطيات العصر ومتطلبات المجتمع. من خلال التركيز على معالجة التوزيع الفراغي للمسقط الأفقي. وفي معالجة الكتلة في ابعادها الثلاث. وهذا في رأيي هو الأهم كمرحلة أولى.

لهذا لم ألقِ بالاً لاستنباط مفردات أو عناصر معمارية جديدة، انطلاقا من المبررات التي سقتها ولقناعتي التامة بالتأثير الجمالي للمفردات والعناصر المتوارثة حتى هذه اللحظة. وربما أجد مستقبلا الوقت الكافي لطرح أفكار جديدة لمفردات معمارية. ولكن هذا لن يتم، قبل أن أصل لحالة رضا تام عن معالجاتي للتوزيع الفراغي للبيت الليبي المعاصر وطرح الحلول المُثلى. وقد تأتي هذه المبادرة من غيري في استنباط مفردات جديدة ترتقي لمستوى ما تقدمه العمارة المحلية، فلا أجد حرجا من التعاطي معها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...