أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

السبت، ديسمبر 24، 2022

مواد البناء في العمارة المحلية

 


جمال اللافي

يُساء فهم المعنى الصحيح لمصطلح العمارة المحلية ومتطلباتها عند ربطها بمواد وتقنيات بناء محددة بعينها، كان يستخدمها السلف في البناء، كالبناء بالطين وتقنية ضرب الباب. لهذا وجب التوضيح. 

مواد البناء المحلية، هي كل مادة بناء متاح توفرها محلياً إما جاهزة التصنيع محلياً على شكل قوالب، كالطوب الإسمنتي والياجور. أو الطوب الرملي، قبل أن تتوقف مصانعه عن الإنتاج. وكل ما في حكمهم من مواد بناء تتوغر محليا أو يتم تصنيعها محلياً ولا تستورد من الخارج. أو مواد بناء يتم تصنيعها في موقع البناء على يد عمالة فنية محلية ماهرة، لها دراية تامة بخواص هذه المواد وطرق تجهيز خلطاتها والسمك المناسب لبناء الحوائط الحاملة بها لتكون قادرة على حمل أثقال الأسقف لأمد طويل دون أن تنهار. ويمكن تلخيصها في الآتي: 

شروط مادة البناء المحلية:

1-      تصنع محلياً، سواء في المصانع أو في موقع البناء.

2-      جميع موادها الخام متوفرة محلياً.

3-      العمالة الفنية الماهرة المُصنعة لها محلية، سواء في المصانع أو مواقع البناء.

4-      تتلاءم مع ظروف البيئة المحلية، حيث يتوفر في خواصها كفاءة العزل الحراري والعزل الصوتي والاستدامة. 

يشترط في مواد البناء هذه إلى جانب قدرتها على حمل الأسقف هو قدرتها على العزل الحراري والصوتي، أي أنها تكون قادرة من ضمن خواصها على الاحتفاظ بدرجة حرارة مناسبة داخل الفراغ المعماري(الحجرات) تتلاءم مع حالة تغير الطقس خارجها، صيفاً وشتاءً. وهذا ما يجعل الطوب الإسمنتي المصنع محلياً لا يمتلك خاصية العزل الحراري. وبالتالي فهو يصنف كمادة محلية فاقدة لكفاءة العزل الحراري، مما يتطلب معالجة هذه الأشكالية بعدة طرق ومواد تحقق العزل الحراري والصوتي. 

لهذا أي مادة بناء تستورد من خارج الحدود. كذلك مواد البناء الخام المتوفرة محلياً كالتراب والطين والرمل والحجر، ولا تتوفر لها المصانع ولا العمالة الفنية الليبية القادرة على تصنيعها، بحيث تكون صالحة للبناء بها، فهي لا تصنف ضمن المواد المحلية. ومثال ذلك الطوب الرملي، فبالرغم أن مواده الخام متوفرة محلياً، إلاّ أنها كطوب صالح للبناء تستورد من الخارج. كذلك تقنية ضرب الباب التي كانت تستخدم فيما مضى، وعلى الرغم من إعادة البناء بها في دول أوروبية، إلاّ أن عمالتها الفنية لم تعد متاحة محلياً، لهذا لا يمكن تصنيفهما من مواد البناء أو التقنيات المحلية في وقتنا الحاضر. 

المعماري الليبي، بحكم المنهج الدراسي النظري، الذي تلقاه في كليات وأقسام العمارة، لا يتحمل مسؤولية القصور في الإخلال بأي شرط من شروط توفر المحلية في مواد البناء وتقنياتها. ومسؤوليته في هذه الحالة، ما لم تتاح له خبرة التعاطي مع مواد البناء والعمالة المحلية خلال ممارسته المهنية، تنحصر في توظيف المتاح لديه لخدمة العمارة المحلية في جوانبها الأخرى. 

لهذا كل مادة بناء تحقق العزل الحراري والصوتي وتصنع محلياً، فهي تحقق للمشروع المعماري المُنفّذ بها خاصية المحلية. والمطلوب التنوع في مواد البناء المُصنّعة محلياً والتعاطي مع أكثرها كفاءة في الأداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية