التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هوس العالمية



جمال الهمالي اللافي


ماهذا الهوس بالعالمية والغرب تحديدا؟ الذي أصبح هاجس كل العرب والمسلمين، وهذا الخلط في المعايير والموازين والأشكال.... القضية تبحث في هذا الصراع المحموم للوصول إلى العالمية من خلال تنفيد أعلى برج، أكبر مطار، أضخم مبنى، أوسع حديقة... والغريب أن يتم تسمية هذه المشاريع بأسماء الحكام والرؤساء. حتى تلك الأبراج القبيحة جدا والتي لا تساوي فلسا مما صرف عليها من أموال طائلة، يطلق عليها أسماً يحمل بعدا سياسياً. وكأن السماسرة الذين يتاجرون بالأوطان يريدون وضع حصانة على مشاريعهم التافهة. بل تعدى الأمر حدود المنطق والعدل إلى الهوس بتحقيق أرقام قياسية يراد بها الدخول إلى موسوعة جينيس بأكبر طبق شوربة في العالم وأكبر تبولة وحمص وكبة وأكبر بوفيه حلويات في العالم.... لماذا هذا السعي المحموم وراء أفعل التفضيل؟ ليس في الموضوع استهزاء أو تقليل من شأن أي منجز حضاري في أي بلد عربي أو إسلامين ولكن أليس هناك أولويات؟

ما يعاب على المعماري العربي اليوم أن يتحول إلى مجرد ناسخ ينقل بدون وعي وإدراك عمائر لا تراعي ظروف البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمناخية، ولا تضيف شيئا مهما في حياتنا، إلاّ ما تحمله وراءها من قيم تتعارض مع قيمنا وعقيدتنا، فهي تحمل بذور الفساد.
بالنسبة لمسألة العالمية، فإنها وعلى قول الكثيرين من مفكرينا الأجلاء، تبدأ من المحلية، وهي نتيجة نصل إليها بتفوقنا وإبداعنا وليست غاية ننشدها من خلال تقليد أحدث الصرعات وآخر الموضات... وعمارتنا العربية والإسلامية في مختلف عصورها خير شاهد على ذلك.

وفيما يتعلق بمسألة الاستفادة من تجارب الآخرين، وتطويع التقنيات الحديثة لخدمة عمارتنا المعاصرة، فهذا أمر لا ينكره إلا جاهل. وبالتالي هناك فرق كبير بين أن نقتبس من الآخر قيمه وأفكاره وطرزه، ولو كانت تتعارض مع قيمنا وظروفنا. وبين أن نستثمر ما استطاع الآخر الوصول إليه من نتائج وتطور في التقنيات وإعادة تطويعها لصالحنا.

لابد من إعادة مراجعة وقراءة للعمارة المعاصرة من جميع النواحي، وأولها الأصول التي انطلقت منها هذه العمارة والفكر الذي تعبر عنه والهوية التي تريد فرضها على العالم. فلا يكفي أننا جلسنا على مقاعد الدراسة وتلقينا علوما من أساتذة لهم منطلقاتهم الثقافية والفكرية. بل الواجب أن نعيد تدريب أنفسنا على مواصلة القراءة ومتابعة المستجدات، ليس في كتب العمارة فقط ولكن يجب أن تشمل مطالعاتنا ومشاهداتنا جميع العلوم والمعارف، فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا ببعضها البعض، وأولها وأساسها أن نحصن أنفسنا بالمرجع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن نتبع منهج الذي لا ينطق عن الهوى.

ولو جعلنا همنا التقرب إلى الله والنظر في صلاح شؤون العباد وأحوالهم، لكان حال أمتنا أفضل مما نحن عليه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...