التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفكر المعماري في ليبيا بين غياب الرؤية وغياب المعلم


 
الفنان التشكيلي الأستاذ علي قانه


جمال اللافي


التلمذة، في اعتقادي أن مفهومها ومدلولها ومعناها وأهميتها وقيمتها الحقيقية لم تترسخ في الأذهان ولم تأخذ مسارها الصحيح في قسم العمارة والتخطيط العمراني بجامعة طرابلس. ربما يكون الخوف من تحمل هذه المسؤولية. وربما هو الجهل بها. وربما عدم الرغبة أيضا، هو ما يمنع من وضعها على مسارها الصحيح.

ولهذا نجد خريج قسم العمارة لا يشعر بهذا الانتماء الحقيقي لأحد الأساتذة، وتبقى فقط المجاملة هي ما يلزم بعض من ذوي الأخلاق الحميدة على الإشارة إلى فضل أستاذ أو مجموعة من الأساتذة عليه، وذلك فقط لمروره في موادهم دون مشاكل تذكر. أو لأنهم يجيدون تدريس المواد بصورة تساعد على وصول المعلومة بطريقة سلسة ومفهومة. وقد تكون النتائج الجيدة هي الدافع لهذا الامتنان. وقد تكون المعاملة الحسنة. وهناك بعض الأساتذة فرضوا احترامهم نتيجة التزامهم ومصداقيتهم في التعليم.

الأمر ينطبق أيضا على جميع المكاتب المعمارية في ليبيا دون استثناء، حيث يأتي غياب المنهج والرؤية والفكر والتوجه المعماري عن مؤسسيها وانحسار الأمر على السعي لتحقيق المكاسب المادية، إلى غياب حالة التتلمذ والتواصل بين الأجيال. وهنا يحضرني سؤالين:
·        هل بالضرورة أن يكون المعلم صاحب مشاريع منفذة، أم يكفي أن تكون له رؤية واضحة المعالم؟
·        وهل العزوف من التلميذ (الخريج الجديد)، أم من المعلم( ممارس المهنة وصاحب الخبرة الطويلة)؟

التلمذة، تعني الرعاية التامة وتوصيل رسالة من جيل إلى آخر، من الأستاذ إلى تلميذه، رسالة تحمل فكر ومنهج وأسلوب.
والمعلم، يجب أن تتوفر فيه شروط أخلاقية، قبل أن تتوفر فيه شروط علمية أو مهارات تصميمية أو فنية أو خبرات عملية. وعندما يضيع الجانب الأخلاقي تفقد الجوانب الأخرى أهميتها وقيمتها.

على مستوى التجربة الليبية/
يستحق الأستاذ علي قانة (رحمه الله) لقب الأب الروحي لقسم العمارة عن جدارة واستحقاق. ولكنه لم يحقق متطلبات التلمذة لسبب
 واضح وبسيط وهو أنه يقوم بتدريس مادتين لا تتيحان له أن يؤدي رسالته هذه، لأنهما لا توفران المناخ لذلك وهما مادة الرسم الحر ومادة أسس التصميم. ولكن يمكننا القول أنه نجح في تحقيق هذه المعادلة إلى حد كبير في كلية الفنون الجميلة بقسم الخزف مع طالباته الثلاث (حليمة أبوسريويل/ ريم جبريل/ هادية قانة)، لأن طبيعة المواد التي قام بتدريسها هناك تسمح له بذلك وأعطته مجالا واسعا لتحقق رسالته وتوصيل فكره ومنهجه.


وعلى مستوى التجربة العربية/
المعماري راسم بدران
في اعتقادي أن المعماري الأردني راسم بدران، يحقق هذه المعادلة من خلال مكتبه (دار العمران). وأعتقد أنه أخلص في ذلك 
ونجح نجاحاً ملحوظاً، نتيجة لتوفر ثلاثة عوامل مهمة:
أولها، إتاحة الفرصة له لتنفيذ العديد من الأعمال التصميمية، التي تم تنفيذها بالصورة التي يراها في العديد من الدول العربية.

والثاني، فوزه بجوائز معمارية على المستويين العربي والإسلامي له ولأعماله، حققت له رسوخاً على الساحة المعمارية العربية والاردنية.

وثالثها، امتلاكه لمكتبه الخاص ورؤيته المعمارية. وتوفر الإمكانيات المادية التي تجعله قادرا على فرض سياسته على كل من يريد أن يلتحق بمكتبه للتتلمذ على يديه. وحضور الرغبة الصادقة لدية لتوصيل خبرته للأجيال الجديدة في بلده الأردن. وهنا نجد أن تلاميذه يتحدثون عن أخلاقه وتواضعه أكثر مما يتحدثون عن مهاراته أو فكره المعماري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...