جمال اللافي
العمارة في حقيقتها وتوجهاتها تنطلق من عقيدة دينية وليست مجرد توجه فكري قابل للحوار الودي المعتمد على الإقناع وليس فرض الرأي بقوة السلطة وأدوات التأثير الإعلامي والمعرفي، التي يمتلكها أحد طرفي الحوار.
حيث
تخضع الأعمال والمشاريع المعمارية في عمومها لعقيدة معمارية تنطلق من عقيدة دينية
يعتنقها المعماري ويؤمن بها في قناعاته الراسخة في وجدانه وليس تلك التي يدعيها أو
يتظاهر بها أو يعتقدها في نفسه من خلال التوارث أباً عن جد أو من خلال ممارسة
طقوسها الدينية.
كونها
في حقيقتها عقيدة وليست مجرد رؤية أو توجه فكري، فمسألة التصادم مع المخالف تأخذ
عدة أوجه ومناحي تظهر جلياً في مرحلة دراسة طالب العمارة لها أو خلال ممارسة
المهنة عبر المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص التي يلتحق بها المعماري.
فالطالب
المخالف لتوجه أستاذه المعماري يتعرض للرفض والعقاب عبر تهميش مشروعاته الدراسية
التي ينجزها في مراحل دراسته من خلال منحه أدنى الدرجات التقييمية. مثلما تناله
سخرية مخالفيه من زملاء الدراسة أو العمل ووصمه بالتخلف والتقوقع عند دائرة الماضي
أو المحيط الضيق وقصور الأفق والعجز عن الإبداع والانحسار في دائرة التقليد.
عند
الإمعان في تاريخ العمارة عبر العصور الماضية نجد ارتباطها الوثيق بالعقيدة التي
تدين بها الحضارات القديمة في منطلقاتها ومنجزاتها سواء كان منبعها سماوي أو وثني.
أو كانت عقيدة إلحادية لا ترى للعقيدة الدينية مجال في العمارة وتعلي من شأن العقل
الإنساني المتحرر من الارتباط بالدين وفكرة وجود الإله وشرائعه في أي صورة من
الصور المادية أو المفترضة والمُتخيلة.
يمكننا
القول: أننا اليوم نعيش العقيدة الإلحادية ونمارسها من خلال المشاريع المعمارية
التي ينجزها الغالبية العظمى من المعماريين في جميع أنحاء العالم تحت مسميات
الحداثة وما بعدها... وآخرها- لو صح التعبير- عمارة التفكيك، التي تعتمد الهدم
العقائدي قبل الهدم المعماري لما درجت عليه الأعراف والقواعد والضوابط الأخلاقية
قبل المعمارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق