جمال اللافي
في مرحلة زمنية ما، قد تبدو سيئاً جداً في نظر الكثيرين، حينما لا تتوفر لديك الأدوات المناسبة للتعبير عن أفكارك المعمارية. وتوفر هذه الأدوات هو الذي يشكل فارقاً كبيراً في مرحلة الدراسة وفي الحياة المهنية.
خلال
مرحلة الدراسية بقسم العمارة والتخطيط العمراني، كنت غالباً ما أبدو مقصراً في اجتهادي،
وذلك يعود لحرصي الشديد على الوصول إلى المرحلة المثالية في إنجاز المشروع الدراسي.
وهذا في حقيقته فسره بعض المنصفين بُطأً في إنجاز العمل. والبعض الآخر رأه استهتاراً
بالمادة الدراسية. أما أنا فكنت أشعر بالعجز عن نقل افكاري المتسارعة بالأدوات المناسبة
في ذلك الوقت.
فمادة المنظور التي درسناها لنستطيع من خلالها تحويل أفكارنا إلى مجموعة من المجسمات المعمارية الثابتة، لم تكن مناسبة لي على الإطلاق، لأن الجهد المبذول في رسم زاوية منظورية لواجهة واحدة من المشروع تأخذ من الوقت ما يجعل الأفكار تتلاشى الواحدة تلو الأخرى بفعل اجتهاد العقل في إنجاز ذلك المنظور، ثم تكون النتيجة الحصول على زاوية منظورية لا تسمح بالنظر إلى باقي واجهات وزوايا المشروع إلاّ بعد القيام برسمها هي أيضا الواحدة تلو الأخرى بأدق تفاصيلها مع التكرار الممل لكل عنصر من عناصر المشروع، حيث يجب رسم كل الأبواب وكل النوافذ وكل ما يخطر على البال من تفاصيل.
وهذا
الأمر بقدر ما يأخذ وقتا طويلاً في رسم هذه المناظير ووقتاً آخر في مراجعة الفكرة وتحديد
أوجه القصور فيها، ومن تمّ التفكير في إعادة رسم مناظير جديدة للفكرة المعدّلة. فهو
يصرف العقل عن الاتجاه إلى طرح أفكار أكثر عمقاً. والاكتفاء بأول الحلول التي تتبادر
إلى الذهن وأقصرها وقتا في الإنجاز. وذلك لنيل الرضى والفوز بأعلى الدرجات مع السمعة
الطيبة. فأنت في نظر الجميع ستصبح الطالب المجتهد.
مع ظهور
برامج الرسم المعماري المتنوعة وعلى رأسها البرنامج الذي اشتغل عليه ((SketchUp تغير الحال
بدرجة كبيرة جداً. ليس لأن هذه البرامج جعلت إمكانية رسم المناظير أمر سهلا وميسوراً
مع إمكانية تدوير هذه المجسمات والنظر إليها من جميع الواجهات في نفس اللحظة. بل أن
طبيعة هذه البرامج في سهولة وسرعة تنفيذ الأفكار التي تدور في الخاطر جعلت ممارسة حالة
الرسم متوافقة إلى حد بعيد مع استرسال العقل في طرح الأفكار. ليس هذا فقط، بل سهلت
الاحتفاظ بهذه التصاميم والعناصر المعمارية المرتبطة بها وإعادة استثمارها في أفكار
جديدة لمشاريع جديدة ومتنوعة.
ستكون
دائماً محظوظاً حين تتوفر لديك الأدوات المناسبة للتعبير عن أفكارك بأيسر الطرق وأقصر
زمن. والزمن في عرف العمارة يمثل الحد الفاصل بين النجاح والفشل.
الصور
المعروضة مع هذا المنشور، هي تصاميم لوحدات سكنية لمشروع سكني سابق (تم عرضه في منشور
مستقل)، فكرت اليوم أن أعيد توزيعها بطريقة مختلفة على شكل شارع طولي. وفكرة أخرى على
شكل مجمع لست وحدات سكنية. وفي الحالتين هي محاولة تجميع وليست تصور نهائي لمشروع سكني.
سيعقبها بعون الله إعادة نظر في تصميم كل وحدة سكنية وتعديلها بما يتناسب وتوزيع الوحدات
مجتمعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق