أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الخميس، أبريل 24، 2014

الوطن




دكتور/ العارف عكعك

هناك من يسكن الوطن. وهناك من يسكنه الوطن.

الوطن، ليس غنيمة نبحث عنها إن وجدناها أحببناه وإن تعذّرت كرهناه .

الوطن،  ليس بيتاً فارهاً إن اقتنيناه قدسناه وإن سكنّا في فلاةٍ نظل نلعنه كلّ حين.

الوطن،  ليس حياة رغيدة تخلو من المشاكل والمنغصات.

هو، ليس فقط خدمات مجانية... وتوظيف حكومي من أجل مرتب بدون عمل.

هو ليس شعاراً يرفع وليس جنسية تحمل على جواز السفر وليس مجرد أوراق ثبوتية. وفوق كل ذلك هو ليس الحكومة، ولا موظف الدولة، ولا نائب البرلمان وبالتأكيد هو ليس المؤتمر الوطني.

فما الوطن ؟!
هو جغرافية المكان الممزوجة بروح تاريخ الأجداد و جهادهم.
هو تضحيات الآخرين من أجل أن تنعم بالحياة أنت وأنا.
هو التراب المخلوط برميم عظام الأسلاف، نمشي عليه وتتعفر به ثيابنا ووجوهنا. هو عبقهم.
هو الأزقة الضيقة والشوارع الواسعة وهو طوابي الهندي وأشجار النخيل والزيتون.

هو شط البحر. هو، الجبال الشامخة والصحارى والواحات والسهول والوديان. هو، الجنوب بمُرزقهِ الجميلة و كُفرتهِ الشامخة وأوباريه الهادئة. هو، جغبوب السنوسية في شرقه وغدامس العراقة في غربه. هو، الساحل بكافة مدنه وقراه. هو، كل حبة رمل فيه. هو، كل شيئٍ فينا وفيه.

هو ذكريات الصبا و لعبة تنقيز الحبل والنقيزة والزربوط والبتش بتيره الضخم. هو، أصدقاء الدراسة وقصصهم. هو، ذكريات لمات الزرادي والسمر. هو لحظات الفرح ولحظات الحزن.

هو دعوات الوالدين لك وأنت تغادر بيتك لتتعلم حرفا أو تكسب رزقا. هو، تجمع أسرتك في الظهيرة و بعد مغيب الشمس أمام التلفاز وحول أكواب الشاي .

هو جلسات مع الأصدقاء على ركابات البيوت وفي المقاهي على فناجين القهوة ورائحتها المميزة. هو، ضحكات وقفشات الأهل والأحباب .

هو الجار الذي يبتسم لك كلما قابلك ويزورك في فرحك وحزنك .

هو أولاد شارعنا القديم .... هو محطات قطار العمر بحلوها و مرها.

هو الحنين .. الدفء .. الحب .. العشق ..

هو والدتك .. ووالدك .. و جدتك و جدك ..

هو كل ذلك وأكثر ..

هو انتماؤك لكل ما سبق ، وإيمانك بهويّتك، بأنك جزء من كل ذلك، تؤثر وتتأثر .

باختصار،

الوطن، هو أنت بسحنتك وملامحك وثقافتك وإرثك  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية