أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأحد، فبراير 13، 2011

الرمزية والعمارة





د. رمضان أبو القاسم*

تقديم/
شكلت الرمزية ركنا أساسيا من أركان تطور الفكر والعمل المعماري. فمن المعروف أن العمارة هي تعبير عن رد فعل الإنسان تجاه محيطه. كما أن العمل المعماري يعتبر وسيلة تعبيرية تحمل جملة من الرموز والمصطلحات متعددة المعاني. المعماري رمنذ القدم عرف هذا وحاول تطويع مختلف التصاميم المعماري ليجعل لها معنى وهوية محددة، وذلك من خلال ما تحوي هذه التصاميم من عناصر ومؤشرات رمزية. غيرأن الملاحظ لكثير من الأعمال المعاصرة يمكنه استنتاج فقر هذه الأعمال من مدلولاتها الرمزية، وبات من السهل عدم التميز بين عمل معماري في الشرق وآخر ظهر في بقعة جغرافية مغايرة.

في هذه الورقة هناك محاولة لتسليط الضوء على الرمز والرمزية وعلاقتهما بالعمل المعماري. الغرض من ذلك فهم هذه الأفكار وإبراز مدى أهميتها للعمارة بهدف الوصول إلى جملة من التوصيات التي يمكن استخدامها في إثراء الأعمال المعمارية، أملا في الرفع من مستوى البيئةالمعيشية وتأكيد هوية معمارية مميزة.

الطريقة التي اتبعت في البحث تتلخص في ثلاثة محاور:- المحور الأول استهدف مناقشة معنى الرمز والرمزية. المحور الثاني شمل انعكاس الرمزية على العمل المعماري، حيث اتخذت بعض الأمثلة المعمارية المعبرة عن مراحل تاريخية مختلفة. المحور الثالث تضمن استعراض مثال من البيئة المحلية،  الغرض من وراء ذلك إبراز جملة من الأفكار والعناصر المعمارية التي احتوتها هذه الأمثلة والتي يمكن تطويعها في المقترحات التصميمية لتحمل دلالات معنوية.

الرمزية/
الرمزية Symbolism والرمز Symbol عرفا منذ أمد بعيد. عند اليونان الاسم Symbolon يعتبر مصدر من الفعل Symballein ويعني أن تضع مع بعض شيئين قد يكونا مختلفين. بينما الاسم يعني الشارة أو الإشارة إلى شئ باستخدام شئ آخر Sign or Token . وفي اللغة اللاتينية Symbolum أو اللغة الفرنسية Symbole تعني الرمز الذي بواسطته يمكن للشخص قراءة شئ. أو الشئ الذي يعبر عن شئ آخرخاصة الشئ المحرف، في التفسير الأخير المدلول عام، استخدام شئ للدلالة على شئ آخر. ونجاح الرمز في هذه الحالة يعكس في وصول المعلومة أو التعبير للمتلقي لهذه المعلومة أو الشخص المتعامل مع الرمز. مثال استخدام الهلال للتعبير عن الإسلام أو بعض الرموز الموسيقية أو الرياضية[1].
بينما المدلول الخاص لكلمة الرمزية يكمن في انتشار نهج أو أسلوب  يعكس أو يترجم اتجاهات ورؤى أصحاب هذه الأعمال. كحركة الرومانسيين في الفن والأدب التي سعت لترسيخ صور ذهنية رمزية" غير واقعية" أو كما تحلو للبعض تسميتها غير علمية لمخاطبة الآخرين مستندين في ذلك على قناعاتهم بضرورة عكس الاتجاه الذي بدأ في فترة ما يسمى بعصر النهضة والذي اشتهر بتأكيد المنهج الأكاديمي والتعبيرات الواقعية( المقلد للطبيعة)[2]
تمثال داود لميكل انجلو يمثل أسلوب فني واقعي ومحاكاة نموذجية للطبيعة. بينما أعمال سيزان Paul Sezanne أو جوخ Van Goh عكست أسلوبا رمزيا مغايرا استند فيه هذان الفنانان على تطويع الألوان الحية والأشكال الغريبة للتعبير عن صور شعورية.

كما في الفن هو كذلك في الأدب. فالرمزية أطلقت العنان لخيال الكاتب لرسم صور تعبيرية مؤثرة. فالكتّاب الذين تبنوا الرمزية كأسلوب يرون في اللغة ومفرداتها سحراً يمكن تطويعه لإنارة مكامن حسية دفينة لدى القارئ. حيث حاول الملوحين براية الرمزية الوصول إلى أعماق نفس القارئ عن طريق تحرير الحواس وتعطيل قدرات العقل والمنطق. وقد تمكنوا من تحقيق ذلك بالكشف عن مكامن عالم الإنسان الداخلي وذلك بإيجاد الإيقاع غير الملموس بين هذا العالم وبين المحيط الخارجي واتجهوا إلى أسرار الكون التي لا تخضع في رأيهم لسلطان العلم وقوانينه.
هذا التعريف يشابه ما وضّحه إخوان الصفاء في التاريخ الإسلامي حيث الرمز هنا معناه الإيحاء أي التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة التي لا تقوى اللغة في دلالتها الوضعية على أدائها. والرمز هو الصلة بين الذات والأشياء بحيث تتولد المشاعر عن طريق الإنارة النفسية لا عن طريق التسمية والتصريح المباشر[3]. لا ينحصر دور الرمزية على المستوى الفردي، ولكن يعتبر الرمز صلة بين أفراد المجتمع. للرمزية دور اجتماعي أيضاً. يؤكد روتشير أن الرمزية تقوم بربط الفاعلين الاجتماعيين فيما بينهم من خلال الرموز. الرمزية تؤكد أيضاً الهوية لدى الأشخاص دون توقف عبر وسائل اتصال مختلفة[4] .
مما تقدم يمكن استخلاص أن الرمز مقترن بالمعنى. ومدلول المعنى يتضمن فكرة الاتصال( Communication). وهو ما يمكن تتبعه بوضوح في مجال العمارة.

الرمزية والعمارة/
من الصعب الفصل بين العمل المعماري ووظيفته العملية والرمزية. فالانسان يتعامل مع العمارة على أنها وسيلة اتصال( شكل 1، 2) فالمسكن مثلا لا يمكن أن يكون مجرد مأوى للحماية من العوامل البيئية التي لا يقوى على مقاومتها بل هو( المسكن) أيضاً يحتوي على جملة من التعبيرات الرمزية المعقدة التي تسد عددا من الاحتياجات النفسية للإنسان.


شكل رقم (1) معبد الشمس، من أقدم الأعمال المعمارية،
غني بصوره الرمزية المتعددة.( الاتجاهات الأربعة، الكون وعلاقة الإنسان بالمحيط) 




شكل رقم (2) مدينة بغداد القديمة، احتوت على مدلولات رمزية كونية،
ارتبطت بالمحيط. " بوابة سوريا، بوابة خرسان، بوابة البصرة، بوابة الكوفة"

وجد الانسان في أقدم صور العمارة الأولية( الكهوف) ملامح رمزية( الاستدارة، استمرارية الأسطح، الحماية والأمان) بالإضافة لوظيفتها الطبيعية كمأوى. حركت هذه الأمور في شعور الإنسان إحساساً شبيهاً بالرحم الذي حفظه في بداية خلقه[5]. ولّد هذا الاحساس لدى الانسان شعوراً بضرورة المحافظة على البعد الرمزي في أعماله المعمارية. هذا ما أكده أصحاب نظريات العمارة. المعماري فيتروفيوس، صاحب أول نظرية مكتوبة في العمارة، معروفة لدى المعماريين الآن، يشدد على أهمية ثلاث جوانب أساسية لتحديد العمل المعماري الناجح:- الوظيفة، المتانة والجمال.
"Architecture", must be built with due reference to durability, convenience and beauty [6].

كما يشير فتروفيوس إلى ضرورة التمييز بين المساكن المختلفة كل حسب شخصية صاحب البيت[7]. في نظرية فيتريفيوس اهتمام واضح بجدوى البعد الرمزي في العمل المعماري. ويمكن تبين ذلك من خلال مناقشة فكرة الجمال المعماري Architectural Beauty حيث يمكن اعتبار أن هناك جمال حسي وجمال رمزي. يحتوي العمل المعماري الجيد على أسس تثير الحواس المباشرة( النسب، الشكل، الايقاع، الخواص الضاهرية)، وأخرى رمزية كالضخامة، الغموض والزخارف تحرك مكامن شعورية مختلفة داخل نفس الإنسان. وهو ما يفسر الاتجاهات المختلفة للعمائر التي ظهرت بعد فيتروفيوس.
معمار فجر المسيحية بالإضافة إلى النواحي الوظيفية، يعكس جملة من الرموز( شكل المسقط الأفقي، البساطة في المعالجة المعمارية، الزخارف المستخدمة داخل المباني الدينية). شكل(3).
شكل رقم (3) أحد الصور الرمزية للمباني الدينية المسيحية
وارتباطها بجسم الإنسان
سيطرة القبة كعنصر معماري مميز للعمارة البيزنطية له مدلولات رمزية ( القبة كانعكاس لقبة السماء). كما أن محاولات معماريي فترة العصور الوسطى تحقيق عمارة مسيحية مميزة انعكس على شغف هؤلاء الناس بالبعد الرمزي لأعمالهم المعمارية. تميزت أعمال ما يعرف بالمعمار الغوطي بحرص المعماريين في تلك الفترة على تأكيد مكانة الكنيسة وسط التجمعات السكنية. كما أن عناصر معمارية كالإضاءة والزجاج الملون والأعمدة عالية الإرتفاع لعبت دورا مهما في زرع شعوراً رهبانياً لدى مستعملي تلك الفراغات. أسلوب جماعة ال Mannerism، خلال القرن السادس عشر جاءت كرد فعل تجاه النهج الواقعي لمعماريي ما يسمى بعصرالنهضة. شكل (4).
شكل (4) النسيج المعماري للمدن القديمة،
اعتبره الكثيرون بمثابة ركح لاستعراض عدد من الصور
تأثر رواد العمارة في القرن الثامن عشر، خاصة منهم الفرنسيون، بما أنجزه رواد عصرهم في الأدب والفن، حاولوا إحياء البعد الرمزي للعمارة. المعماري بولييه Boullee ولودو Ledoux وجدوا في الأشكال الهندسية البسيطة مثل الدائرة والمربع معان رمزيةشجعتهم على تبني هذه الأشكال في اقتراحات معمارية وبمقياس غير طبيعي[8]. شكل (5، 5.1، 5.2)، شكل (6). هذه الاندفاعات المتباينة مهدت الأرضية اللازمة لاتجاهات معمارية معاصرة ذات طبيعة مختلفة.
شكل رقم (5-5.1) المسقط الأفقي لأحد المساكن المقترحة من قبل المعماري لودو
بيت مشرف المياه
شكل رقم (5.2)

شكل رقم (6) تصميم المعماري بوليه لأحد المعالم المعمارية" نصب نيوتس"
رواد العمارة المعاصرة مع مطلع القرن العشرين، حاولوا تثبيت ملامح عمارة ذات معان جديدة. في قناعاتهم، كان لدى هؤلاء الرواد الإيمان المطلق بعدم جدوى الأسلوب التقليدي في التصميم وبضرورة إيجاد عمارة معبرة عن روح العصر. ما حدث في تلك الفترة يعتبر إنعكاساً لتغير أيدولوجي وسياسي. هذا التوجه نتج عنه عمارة ذات مدلولات رمزية هي الأخرى جديدة وصلت لدرجة محاولة إيجاد وصفة لملامح العمارة العالمية المعاصرة. بيان المعماريين الأمريكيين هيتشكوك Hichcock، و جونسون Johnson على أثر معرض العمارة المعاصرة بمدينة نيويورك سنة 1932، أرسى ملامح الطراز العالمي الذي تبناه الكثير من المصممين المعماريين[9].

نتج عن حركة العمارة الجديدة مباني تفتقر للمدلولات الرمزية المعبرة والمعروفة. أدى هذا التوجه إلى ارتفاع معدل تدمر الناس من محيطهم المعماري. فالوظيفة الطبيعية والاعتبارات الاقتصادية والتقنية للمبنى شكلت محور اهتمام المصمم في تلك الفترة بينما تركة المدلولات الرمزية لعكس نفس الاهتمامات. أما الهوية المعمارية المحلية فقد حاول المعماريون التنصل منها بحجة عدم ملاءمتها لمتطلبات الحياة الحديثة. كثير من المباني السكنية والإدارية التي يمكن مشاهدتها هي في الواقع تعبير عن تقدم تقني في أساليب البناء وترجمة لأساليب الإدارة المعاصرة أكثر من كونها ترجمة لبيئة معيشية ذات عرف وتقاليد وثقافة محددة.

أثار عدم الرضا تجاه المنهج الوظيفي في العمارة جملة من المحاولات لاستخدام رموز معمارية مستعارة من العمائر القديمة في تصميم مبان حديثة ذات استخدامات مختلفة[10]. وقد أثار هذا التوجه جدلاً كبيراً حول علاقة الشكل بالوظيفة. أي فيما كان الاعتقاد بضرورة إعطاء الوظيفة هوية معينة للكتلة ووجوب تعبير الكتلة عن الوظيفة ظهرت إشكالية المدلول المعنوي للكتل المعمارية كنتاج لعوامل طبيعية أخرى. حيث زعم الكاتب المعماري آلن كولكون أن:-
The fundamental dialectic no longer seems to be that between form and function but that between form and other entity, Figure[11]

كلمة figure ، قريبة من مدلول كلمة الرمز لأن الكاتب يؤكد أن Figure تعني أكثر من الشكل المجرد. مثل وجه الإنسان فلا يمكن تخيل وجه إنسان دون ارتباطه بشخصية صاحبه. بمعنى أدق ما يبعث له الكاتب هو الشكل ذو المعنى. كذلك الرمز غرضه يكمن في إشارته لفكرة معبرة. ومعان هذه الفكرة مستمدة من البيئة والثقافة الموجود بها الرمز. لأن الكاتب نفسه يدعي:-
By figure I mean a configuration whose meaning is given by culture.[12]

لهذا يمكن ملاحظة أن الجدل يتركز، رغم اختلافه حول ضرورة إثراء العمل المعماري وذلك بإعطاء التصاميم قيمة معنوية ذات مدلولات حضارية. وهو نفس ما ينادي به المعماريان روبرت فنتوري Venturi و ألدو روسّي Rossi رغم اختلاف إسلوبهما.
روبرت فنتوري، من خلال كتاباته، يؤكد على أهمية القيم" الشعبية" في العمل المعماري، فهو يرى أن العمل المعماري يجب أن يكون بمثابة الرمز في الفراغ وليس مجرد شكل بدون معنى، كما هو الحال في أعمال المعاصرين، الذين تعتبر أعمالهم، حسب رأي فنتوري، مجرد ترجمة لبرنامج وظيفي ومتطلبات إنشائية[13].

لكي يكون العمل المعماري ذو مضامين رمزية، يقدم المعماري اقتراحاً بأهمية النظر إلى التاريخ أو تطويع القيم التاريخية واستخداماتها في الأعمال المعمارية. فالمعماري روبرت فنتوري يبجل الصورة المرئية على الشكل. حيث في تأكيد الصورة المرئية إبراز للهوية المعمارية. لأن العمارة، بالنسبة لفنتوري، هي مأوى ذو مدلولات رمزية. ويمكن قراءة هذا بسهولة في كتاباته حول العمارة[14]، أو من خلال تفحص مقترحات المعماري التصميمية.
تصميم فينتوري لكل من مسكن والدته في مدينة فيلادلفيا أو عمل آخر في ولاية نيويورك يثير في ذهن متفحص هذين المقترحين جملة من الرموز. شكل(7)
شكل رقم (7) تصميم المعماري فينتوري لبيت والدته بمدينة فيلادلفيا


ففي المثال الأول يمكن تتبع عدداً من الرموز التي تعتبر مفردات معبرة عن المساكن في تلك الجهات. بعض من هذه الرموز يمكن إيجادها في شكل السقف المائل، توسط المدخنة واجهة البيت كرمز صريح لأهمية هذا العنصر في التصميم. مدلول المدفئة كمركز تتجمع حوله الأسرة يثري دور البيت في الحياة الاجتماعية. التضاد بين تعبير الواجهة الأمامية كرمز للواجهة الرسمية للمنزل والواجهة الخلفية المطلة على الحديقة العائلية الموجودة وراء البيت يرمز إلى الاختلاف بين العام والخاص. بقية المفردات المعمارية كالفتحات والحليات الزخرفية المستقيمة والمنحنية ساعدت هي الأخرى في غنى التعابير الرمزية لهذا التصميم.

بيت تاكر Tucker House احتوى هو الآخر على عدد من الرموز المعمارية. فقد تشابه مع بيت والدة المعماري في استعمال السقف المائل ولكن بشكل مختلف. السقف في هذا المثال تمّ إبرازه لتأكيد رمز البيت كمظلة اجتماعية وليحتضن بطريقة مميزة النافذة الدائرية التي شكلت هي الأخرى عنصر إنارة. نتجت هذه هذه الإنارة من إبراز دور الفتحات كعناصر معمارية يمكن تطويعها لتؤدي أغراضاً رمزية بالاضافة لتوفيرها لحاجة الانسان الطبيعية للضوء. نجح المعماري في تأكيد هذا الدور بالتغير في مساحات الفتحات( من المساحة الاعتيادية إلى المساحة الكبيرة الدائرية)[15]. شكل(8)

يمكن استنتاج أن المعماري روبرت فينتوري استند في أعماله على تأكيد الرموز المعروفة لدى العامة ( السقف المائل، المدخنة، النافذة)، وهو غير الأسلوب الذي اتبعه المعماري الإيطالي ألدو روسّي.
مجسمات لمجموعة أعمال للمعماري فينتوري

          ففي تصميم روسّي لمقبرة مودينا Modena Cemetery يمكن قراءة جملة من الرموز المجردة ذات المعاني البعيدة[16]. هذه الرموز تخاطب ذاكرة دارس هذا التصميم لتثير فيه جملة من المشاعر. الذاكرة Memory تعتبر، في نظرية روسّي، عنصر مهم في تكوين  وكذلك قراءة الرموز وتعابيرها المعمارية[17]. الحائط الموجود كسور حول المشروع يرمز للاحتواء. البيت المهجور عاري السقف وخال من النوافذ يشير إلى مدلول الحياة الأخرى. المدخنة الضخمة ترمز للمصنع المعطل عن العمل. التخطيط العام للمقبرة استند في تنسيقه على التعبير الرمزي لمخطط المدينة. أي أن المقبرة هي مدينة ولكن لفئة أخرى وزمن مختلف. زمن ما بعد الممات. شكل (9، 9.1)  

شكل رقم (9-9.1) مقترح ألدو روسّي لمقبرة مودينا


شكل رققم (9.1)



        الأمثلة السابقة ساعدت في التعرف على الرمزية وعلاقتها بالعمل المعماري بشكل عام. أيضا وضحت هذه الأعمال إنحياز بعض المعماريين( من خلال أساليب متباينة) إلى جانب العمارة المعبرة عبر عناصر رمزية مباشرة وغير مباشرة. هذا التوجه في الواقع ليس جديداّ. التعبير الرمزي يمكن إيجاده في أقدم الأعمال المعمارية. مدينة غدامس تعتبر من أقدم المدن الليبية، إذ يناهز عمرها الخمسة آلاف سنة. فيما تبقى من الورقة، يتم استعراض جملة من العناصر المعمارية التي تمّ تطويعها في إثراء المدلول الرمزي لتصميم مدينة غدامس.

الرمزية في معمار غدامس/
تعتبر مدينة غدامس كنزاً معمارياّ غنياً بالرموز المعمارية المختلفة. حيث دعم هذا الغنى في المفردات المعمارية ومدلولاتها الرمزية صمود المدينة عبر فترات طويلة من الزمن. في مدينة غدامس لم تنحصر الدوافع من وراء إنشائها في توفير بعض الاحتياجات الوظيفية. لو كان الأمر كذلك لأنتهت المدينة بعد زمن محدود من بعثها. لكن يبدو أن سكان المدينة أرادوا منذ البداية إيجاد صرحاً معمارياً معبراً ومعمراً لقرون لاحقة. هذا ما يفسره تعدد الروايات الخاصة بإنشاء مدينة غدامس[18].

الموقع:- بناء المدينة في موقعها الحالي ارتبط بمدلول رمزي مميز. فالمدينة تعتبر مؤشرا فريدا للمدن الصحراوية، إلاّ أن غدامس تظل فريدة في صورتها المرئية. لعل الأسباب التي ساهمت في هذا التمييز تكم في موقعها الجغرافي. حيث تحتل المدينة مركزا هاماً على خطوط التجارة الممتدة من الجنوب إلى الشمال أو من الشرق إلى الغرب. بناء المدينة حول عين الفرس يمكن اعتباره دليلا رمزيا مهما لدور المياه في بعث الحياة وإمكانية استمرارها. المدينة بنيت على منظومة سواقي لتكون بمثابة جنة في وسط الصحراء. يحيط بهذه المدينة سور مستمر  يتخلله بوابات رمزاً للحماية وإشارة لأهمية تحديد كيان المدينة وربطه بالمحيط. شكل هذا الحاجز علامة مميزة لتعريف المدينة ونقطة عبور من الفضاء المفتوح( الصحراء) إلى فضاء معيشي معرّف. إرتفاع حوائطها الخارجية وتشابك أحجام مبانيها وتمازج الأسطح مع المساحات الخضراء ساعد أيضاً في إبراز ملامح تلك الصورة المرئية الفريدة. عناصر رمزية أخرى يمكن إيجادها فيما يلي:

شكل الموقع العام، يغلب عليه التخطيط الطبيعي وهو ما يختلف عن العشوائية. ففي خفايا التخطيط هذا حس مرهف تجاه محددات عدة. في مقدمتها يأتي النظام الاجتماعي الذي انعكس على تخطيط المدينة. كل قبيلة حدد لها حي من أحياء المدينة ليس بهدف التفرقة والتمييز ولكن ضمان لصون هوية كل قبيلة على حدة والانسجام بين أفراد القبيلة من جهة وبين القبائل المكونة للمدينة من جهة أخرى. ويتأكد هذا التدرج من تتبع المسالك الخاصة بالحركة. الحي الخاص بكل قبيلة ينقسم إلى عدة شوارع بحيث يسكن أولاد هذه القبيلة أحد هذه الشوارع. المدينة بهذا التقسيم أصبحت رمزا للهيكل الاجتماعي الذي يقطنها.

الشوارع في مدينة غدامس، تشتهر بتعرجاتها وكثرة ظلالها( قلة الإضاءة الطبيعية) واحتوائها للفضاءات العامة. تعكس هذه المعالجات أهمية الخصوصية في الأحياء المختلفة، الترابط الاجتماعي الموجود بين سكان المدينة، ودور الشارع في الحياة العامة. فالشوارع ليست للحركة ولكنها أماكن يمكن للفتية والشباب والكهول من الالتقاء بها في الفضاءات المخصصة لذلك حسب الظروف الدافعة لهذه اللقاءات ، لقاءات يومية، أفراح أو مآتم. الفضاءات العامة( الميادين) شكلت عنصراً مكملا لتصميم المدينة. توزعت هذه الميادين عند تقاطع مسالك الحركة أو على امتداد بعض الشوارع وعند مراكز الأحياء السكنية. شكل الميادين تنوع بتنوع الوظيفة المزمع إقامتها وعلاقة الفضاء بالمدينة. فالميدان العام للمدينة صمم بمساحة كبيرة واحتوى على مدرجات تأكيدا لمكانة المدينة ودور هذا الفضاء في دعم سبل الحياة الاجتماعية. بينما ميدان آخر مثل ميدان التوتة أو ميدان جرسان يرمز لمكانة مثل هذه الفضاءات داخل الحي السكني الموجود فيه الميدان.


ميدان التوتة
شكل المباني السكنية، الموجودة حول الشوارع يغلب عليه الشكل المربع ذو الفناء المركزي رغم تعدد طوابق المساكن. هذا النوع من التخطيط يرمز هو الآخر إلى الحياة الاجتماعية المترابطة داخل المنزل. الفناء المركزي، وهو من النوع المسقوف، تتوزع حوله الغرف المختلفة، صمم كل فضاء من هذه الغرف لإحتواء نشاط طبيعي ورمزي محدد، ففراغ" الكبة" هو فضاء الزوجة ليلة الزفاف وفي حالة وفاة الزوج. وسط البيت" الفناء" هو مكان الاجتماع اليومي للأسرة وهو المكان عينه الذي تستعرض فيه الزوجة مهارتها في فن الزخرفة وتنسيق مقتنياتها المختلفة التي أحضرتها من بيت والدتها.
وسط البيت" الفناء" هو مكان الاجتماع اليومي للأسرة
فراغ" الكبة" هو فضاء الزوجة ليلة الزفاف وفي حالة وفاة الزوج

الفناء- تستعرض فيه الزوجة مهارتها في فن الزخرفة وتنسيق مقتنياتها المختلفة التي أحضرتها من بيت والدتها

الحوائط المحيطة بوسط البيت، أصبحت رمزاً للزوجة ومكان يترجم من خلاله رب الأسرة ثقافته العامة والدينية وكذلك هواياته. بهذا أصبحت غرفة المعيشة مكاناً لإرسال مدلولات رمزية مختلفة.

ضعف الإضاءة داخل المنزل، مترتبة على قلة الفتحات وصغر مساحتها، الدافع إلى ذلك الحرص الفرط على توفير الخصوصية، تأثير العامل المناخي( الذي أدي إلى ارتباط المباني ببعضها البعض) ومحاولة إضفاء إحساساً بقدسية الحياة الأسرية، وأهميتها لدى هؤلاء الناس.
هذه الفتحة على أسطح البيوت هي المصدر الرئيس لإضاءة البيوت
بناء الحوائط من الطين، له مدلولات رمزية بالإضافة إلى أهمية هذه المادة في المحافظة على تلطيف درجة الحرارة الداخلية. كما أن استخدام أجزاء أشجار النخيل في السقف والأبواب ينم عن حس وشعور خاص تجاه هذه المواد. فهي تعطي إحساساً بالمتانة والأمان وتوفر إحساساً بالدفء، كما تعكس ظروف البيئة المحيطة. شكل (10)
مادة الطين هي المادة الأساسية للبناء في مدينة غدامس

الألوان المستخدمة في معمار المدينة، تحتوي هي الأخرى على مدلولات رمزية معقدة. فاللون الأبيض المستخدم في طلاء الحوائط ملائم للظروف الصحراوية. أيضاً يرمز الأبيض الصفاء والنقاء والبساطة في حياة هؤلاء الناس. الألوان الزاهية كالأحمر والأصفر والأخضر احتفظ بها في الداخل، خاصة في عمل الزخارف الداخلية. وهو ما يؤكد التضاد بين ما هو عام وما هو خاص.
اللون الأبيض للحوائط الخارجية
المفردات المعمارية الأخرى، كالأقواس، الفتحات، الأقبية، القباب، الأعمدة وتيجانها، الزخارف الجصية، المثلثات العلوية ساهمت هي الأخرى في إثراء المدلولات الرمزية لعمارة غدامس. الأقواس في غدامس تميزت بأشكالها الفريدة( القوس المسطح) واستخدمت بشكل واضح في المباني العامة كالمساجد والشوارع. بعض الميادين شكلت الأقواس بها عنصر إثارة وذلك باحتوائها للجلسات الموجودة على جانبي الشارع أو لإسناد الغرف المطلة على الشارع. شكل (11)  

صغر الفتحات وتعدد أشكالها، نتج عن مفاهيم رمزيةأخرى كالحاجة لتوفير الإحساس بالحماية. الأقبية والقباب خضعت طرق بنائها لمحددات إنشائية سواء كان ذلك جراء استخدام الطين كمادة رئيسية أو طريقة إنشاء هذه العناصر وكذلك بمعاني رمزية. القبو والقبة إنتشر استخدامها في المباني الدينية والأضرحة. الأعمدة وتيجانها بالرغم من أن بعضها مستمد من بعض الأبنية القديمة، إلاّ أن اهتمام سكان المدينة بمعاني هذه العناصر إنعكس في الحرص على ملاءمة مقياس الأعمدة للمباني الموجودة بها( مقياس إنساني) وخلوها من الزخارف التي تتعارض مع التعاليم الإسلامية.

الزخارف الموجودة في تيجان الأعمدة، تحتوي على رموز نباتية وهندسية مترجمة للقيم الدينية لأهالي المدينة. الأشكال الهندسية المجردة شكلت أيضاً أسس تنسيق للزخارف المرسومة على الحوائط أو المصنوعة من الجبس. استخدم هذا النوع من الزخارف أيضاً في الميادين العامة لترمز للحي الموجود به الميدان أو تاريخ بنائه وصانع هذه الزخارف. بعض أعمال الزخارف المصنوعة من الجبس يمكن وجودها داخل البيت خاصة في غرفة المعيشة أو المطبخ، وهي ترمز أيضاً لمهارة صانعها أو لشغف السكان بالمدلولات الرمزية للزخارف النباتية والهندسية.
الأشكال الهندسية المجردة شكلت أيضاً أسس تنسيق للزخارف المرسومة على الحوائط أو المصنوعة من الجبس

الأشكال المثلثية، شكلت عنصراً رمزياً بارزاً في معمار غدامس. نذر وجود مبنى بدون مثلثات علوية. فهذه العناصر ترمز إلى حرص السكان على إيجاد عناصر رمزية لطرد الأرواح الشريرة( حسب بعض المعتقدات والأقاويل) كذلك إضفاء علامة معبرة أخرى لمحيطهم المعيشي ورمزا لوحدتهم. المثلث علامة بارزة في أركان المبنى العلوية ونمط هندسي يمكن ملاحظته في الزخارف الموجودة داخل البيت أو في حواشي المبنى والواجهة الرئيسية. شكل (12)

الأشكال المثلثية، شكلت عنصراً رمزياً بارزاً في معمار غدامس


الخلاصة/
الرمز يتضمن المعنى وليس فقط الشارة(sign ) والمعنى يمكن قراءته متى كان مفهوماً. فكرة الاتصال (communication ) متوفرة في مدلول المعنى. هذا ما يفسر ارتباط وجود الإنسان ارتباطاً وثيقاً بالرمز والرمزية. الرمز له دور اجتماعي، فهو يشكل وسيلة اتصال بين البشر. فالوظيفة والمكانة الاجتماعية، الثقافة في المسكن الذي يقطنه الشخص هي رموز يستخدمها الإنسان لإرسال معلومات عن نفسه للآخرين.

العمارة طوعها الإنسان لما يمكن أن تحمله هذه الرموز في توفير العديد من حاجياته وتأكيد هويته. اختلاف المدن خاصة منها التقليدية نتج من اختلاف الرموز التي تحتضنها هذه التجمعات. المبنى بغلافه الخارجي وفراغاته الداخلية وسيلة مهمة لإشباع حاجة الإنسان في التواصل مع الغير ونقل المعلومات.

المعماري يعلق أهمية كبرى على فكرة الرمزية، وهو باستمرار يستخدم رموزاً مختلفة ومفردات معمارية مميزة. الشكل الهندسي العام للمبنى أو المخطط، تشكيل الفراغات، درجة البساطة أو التعقيد، كتلة المبنى، نوعية المواد المستخدمة والألوان عناصر معمارية غنية بالرموز. مفردات معمارية كالأعمدة، الحوائط، الأقبية والقباب، الزخارف والفتحات الدائرية التي استعارها بعض المعماريين من حقب زمنية مختلفة لإثراء المدلول الرمزي لمقترحاتهم التصميمية. هذه الاستعارة تبقى سطحية إذا ما انعدم انسجام هذه المفردات مع بقية المكونات الفراغية والوظيفية للمبنى الملتصقة به. في كثير من المباني المصممة حديثا تظهر عناصر" غريبة" ملصقة على الواجهة أو الواجهات الرئيسية دون مراعاة للمبنى، المستعمل، المحيط. يبدو أنه لا تزال هنالك صعوبة في فهم الرمزية وبالتالي استخدامها بطريقة فعالة لإثراء البيئة المعيشية للإنسان. معماريو الثورة الروسية حاولوا إيجاد عمارة ذات مدلولات رمزية معبرة عن الشيوعية،Constructivist, Rationalist ولكن هذه القيم الرمزية لم تلاق النجاح وانتهت قبل انتهاء الاتحاد السوفيتي. كما هو الحال بالنسبة لدعاة الفاشية والنازية. فشلت حركة الفاشية في إيطاليا في ترسيخ عمارة معبرة عن أيدلوجيتها[19]. بينما لم تنجح النازية في تحديد الطراز المعبر عن فكرها السياسي.

          لضمان عمارة ذات مضامين رمزية معبرة، هناك حاجة للسعي في اتجاه اقتراح تصاميم معبرة عن البيئة، ذات هوية مميزة ومستخدمة لمفردات معمارية مقروءة. يمكن تحقيق ذلك من خلال النظر إلى العمل المعماري وارتباطه بالمحيط. من الصعب رؤية العمارة كانعكاس لفكر فردي في الوقت الذي تشير فيه كل الدلائل على أن العمارة  هي نتاج اجتماعي جماعي. يمكن رؤية ذلك في ثراء القيم المعمارية للمدن المحلية. غدامس شكّلت مثالاً صادقاً عن غنى العمارة كنتاج حضاري جماعي. النظرة لهذا الإرث تتخطى الحنين إلى الماضي والتباكي عليه، إلى التمعن فيه برؤى واقعية، لأنه في الواقع لا يمكن الرجوع للماضي. لكن ما يمكن تحقيقه هو العمل على تقليص الفجوة التي عزلت الكثير من المصممين عن البيئة الموجودين بها، من خلال النظر في الماضي. يتأتّي هذا بالاستمرار في تبني وتشجيع مزيد من الأبحاث في العمل المعماري عامة والرمزية على وجه التحديد. هنالك عدة أسئلة بحاجة للمتابعة.
هل يمكن للرمز أن يكون ذا معان محددة وثابتة في نفس البيئة؟
ما مدى تغير هذه الرموز عبر الزمن؟
هل يمكن إيجاد تصنيف محدد للمفردات المعمارية الرمزية؟
القائمة قد تطول في سرد الأسئلة ربما تكون لا نهائية. ما يؤكد نفسه هو ضرورة استمرار تسليط الضوء على ما يبرز صور العمارة المعبّرة.


المراجع/
المزيد من التوضيح حول مدلول كلمة الرمز أنظر:
  1. Webster New Universal Unabridged Dictionary; Second edition, Simon&Schuster, New York 1979.
Weiner, P., Dictionary of the History of Ideas, Charles Scribner`s Sons, New York 1974.
2.      لمزيد من المعلومات حول تطور تاريخ الرمز والرمزية:-
3.      د محمد غنيمي هلال، الأدب المقارن، دار العودة ودار الثقافة، بيروت 1953، الطبعة الخامسة، ص 398
4.      د. غي روتشير، الرمزية والفعل الاجتماعي، الفصول الأربعة، العدد( ) السنة( ) ص 4- 18
5.      Eco Emberto, Function and Sign: The Semiotic of Architecture, in Sign Symbols, and Architecture, edited by Broadbent, G. et als., John Wiley& sons Ltd 1980
6.      Vitruvius, The Ten books on Architecture, translated by Morris Morgan, Dover Publications, inc, New York 1960. P. 17
7.      " نفس المرجع السابق ص 16".
8.      أنظر كتاب:-
Perez- Gomez, A., Architecture and The Crisis of Modren Science, The MIT Press, 1985. Chapter " Symbolic Geometry in French Architecture in the Late Eighteenth Century, " pp. 129- 161.

  1. أنظر المقالة:-
" The International Style: theme and variations 1925- 65," in Frampton, K., Modren Architecture a Critical History, Oxford university Press, New York, 1980. pp248- 261

  1. رمضان أبو القاسم: حول العمارة والديكور، مجلة الهندسي العدد 34، لسنة 1996. ص 13- 20
  2. Colquhoum, A., Form and Figure, Oppositions, No 12, 1978, p. 29
  3. I bid p. 29
  4. Venturi, R., Brown, D., S., and Izenour, S., Learning Form LasVegas: The Forgotten Symbolism of Architectural Form, The MIT Press. 1986, Eighth Printing.
  5. راجع/
Venturi, R., Brown, D., S., ., Learning Form LasVegas: The Forgotten Symbolism of Architectural Form, The MIT Press. 1986, Eighth Printing.
  
  1. Venturi, R., "Diversity, Relevance, and Representation In Historicism", Architectural Record, June 1982, pp. 114-119.
  2. Rossi, A., The Architecture of The City, The MIT Press, Cambridge, Mass., 1982
  3. نفس المرجع السابق.
  4. تعددت الروايات حول قصة بداية ظهور المدينة. فمن قصة غدانا أمس إلى رواية الفارس الذي انشقت العين تحت أقدام فرسه والتي سميت فيما بعد عين الفرس. هذه الروايات تؤيد التفسير الرمزي لقصة ظهور المدينة. لمزيد من المعلومات راجع قاسم بشير يوشع، غدامس ملامح وصور، بيروت دار لبنان 1973- عزت خيري، غدامس ... جوهرة الصحراء، آثىار العرب العدد الخامس. الفاتح 1992 ص 111- 120
  5. Frampton, K., Modern Architecture a Critical History, Oxford university Press, New York, 1980.




تعريف بكاتب المقالة على هذا الرابط/
http://mirathlibya.blogspot.com/2008/10/blog-post_17.html

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية