جمال اللافي
"ثورة
على التقليد... وإبداع في التجديد"، شعار رفعه الفلسطيني خليل السكاكيني، في بدايات
القرن العشرين. وهو نفس الشعار الذي رفعته نخبة التجهيل المعرفي والتسطيح الثقافي في
العالم العربي آنذاك، الثورة على الموروث الحضاري للأمة، بدعوى مواكبة تيار الحداثة
والتجديد.
وبعد
مضي قرن من الزمان ويزيد، نرى حصيلة دعواتهم ونتائجها على أرض الواقع، ونقارن بين ما
كان قبلهم وما أتى بعدهم على أجيال متلاحقة من هذه الأمة، من ويلات وانكسارات في مجالات
التعليم والثقافة وأيضا على القيم الحضارية المتوارثة ومنتوجهما المعرفي والمادي والأخلاقي.
والخلاصة،
من السهل الدعوة للثورة على التقاليد وكل ما هو من التقاليد المتوارثة، ومن السهل هدم
بنيان وأركان أي صرح قائم علمي أو مادي أو أخلاقي... ولكننا قد نكتشف أنه ليس لدينا
بديل حضاري جديد، يمكنه أن ينهض بالأمة من كبوتها وسباتها، بل قد نكتشف أن الأمة كانت
يقضة وفي قمة صحوتها وعنفوانها، وأن ما فعلناه لها هو أننا أعطيناها مخدراً لتغُط في
سُبات عميق، جعل الأمة في حالة موات، فلا هي حية فتنهض ولا هي ماتت واستراحت.
لهذا
قبل أن نستمر في حالة الثورة، التي أفرزت لنا هذا الواقع المتردي والمزري، لابد لنا
من وقفة شجاعة مع النفس لنطرح السؤال الحضاري:
•
ما هو البديل الحضاري،
الذي يستوعب معطيات الحاضر وتطلعات المستقبل المنشود؟
•
وهل يرتقي هذا البديل
ليتجاوز التقليدي، أم هو هش، بحيث لا يستطيع أن يتجاوز العقلية السقيمة التي أنتجته.