أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأربعاء، أبريل 01، 2020

المسكن الغدامسي المعاصر



جمال اللافي

      هذه واحدة من المحاولات المتكررة لتلمس ملامح لمساكن مدينة غدامس المعاصرة من وحي المسكن الغدامسي التقليدي، حيث كانت البداية في العام 1993 م. ، عندما جاء إلى مكتبنا الهندسي (الميراث) مواطن من مدينة غدامس وطلب من الزميل المعماري عزت خيري تصميم بيت له على قطعة أرض بمدينة غدامس، فتشاركنا معا المحاولة الأولى.

      في بداية هذا الشهر(مارس 2020)، بدأت معاودة المحاولة في تصميم آخر بعيدا كل البعد عن التصميم السابق، وأفلحت النتيجة بعض الشيء، مع وجود قصور يتعلق بعدد بالنقص في حجرات النوم. وقبل نهاية الشهر والذي يوافق هذا اليوم الثلاثاء 31 مارس 2020 م. وفقني الله سبحانه وتعالى إلى الوصول إلى محاولة جديدة وثالثة، أراها تقترب أكثر من مرحلة التأصيل للبيت الغدامسي المعاصر.

  

      المتمعن في المسكن الغدامسي التقليدي سيجد عدة ملامح تميزه عن مثيلاته في المدن والمناطق الأخرى، يمكن تلخيصها في النقاط التالية، مع التذكير أن هذه النقاط ستكون سبيلنا لوضع تصور لهذا المسكن المعاصر.
        يتكون المسكن الغدامسي التقليدي من ثلاث طبقات رئيسية وهي:
1.                 الطابق الأرضي ويضم: مدخل وسقيفة البيت/ مخزن الغلال/ السلالم المؤدية للطابق الأول.
2.       الطابق الأول ويضم عدة مستويات: المستوى الأول فراغ المعيشة. المستوى الثاني يتوزع على جهتين أحدهما يضم غرفة النوم الرئيسية والآخر غرفة نوم الأبناء.
3.       الطابق الثالث: يتم الوصول إليه عبر غرفة المعيشة من خلال سلالم يقسم على مرحلتين الأولى تؤدي إلى إحدى غرفتي النوم، ثم يتواصل السلالم في ارتفاعه ليصل إلى السطح.
4.       الطابق الأخير وهو سطح البيت ويضم المطبخ ومساحة مفتوحة لاستقبال النساء الضيوف من الجارات واللاتي يصلن إليه عبر ممرات تربط أسطح البيوت بعضها ببعض.

يلاحظ في المسكن الغدامسي التقليدي أن المعيشة تتوسط غرف النوم وتأخذ إضاءتها غير المباشرة من كوّة في السقف لا تزيد ابعادها عن 60 سم.× 60 سم.
كما يلاحظ أن المطبخ في جميع البيوت الغدامسية موجود في سطح البيت، مشكّلاً معه فراغا لاستقبال النساء اللاتي يصلن إليه كما أسلفت عبر ممرات ناتجة عن (دروة البيوت المتلاصقة). حيث كانت النساء تتواصل بهذه الطريقة ولا تواصل عبر شوارع وأزقة المدينة، المخصصة جميعها لحركة الرجال والجلوس للتسامر على ركاباتها.

بالنظر إلى تغير النسيج الاجتماعي للمجتمع الغدامسي المعاصر في بعض جوانبه بعد انتقالهم للعيش خارج المدينة القديمة إلى أحياء ذات مخططات معاصرة وبيوت منفصلة وشوارع واسعة لا تصلح إلاّ لحركة السيارات والمارة وعابري السبيل من جهة إلى أخرى مشكّلة بذلك انعداما للخصوصية ولكل مقومات الحياة التقليدية المتعارف عليها عبر أجيال سابقة، منها خروج المرأة إلى الشوارع وانتفاء حركتها وتنقلاتها إلى بيوت عائلتها وجاراتها عبر دروب سطوح المنازل. وبذلك ينتهي النموذج التقليدي للبيت الغدامسي، ليحل بدلا عنه نموذجا متكررا معاصرا لا يختلف في شيئ عن مثيلاته في جميع المدن الليبية الأخرى. مع الفارث المتعلق بوضع تلك المثلثات في دروات سطوح المنازل أو طلاء البيوت باللون الترابي.

عليه اتجه نمط التفكير إلى منحى آخر في التعاطي مع البيت الغدامسي المعاصرة، بحيث يأخذ في اعتباره شيئين متلازمين دائما في تصميم أي مسكن وهو التوفيق بين الشكل والمضمون، فللبيت الغدامسي خصوصيتين متلازمتين عن نظيراتهما في البيوت التقليدية في باقي المدن الليبية وهما الطراز المعماري والتوزيع الفراغي المعتمد على الارتفاع الرأسي وتقسيم فراغات البيت على أكثر من منسوب تتفاوت في الارتفاعات. حيث تم تقسيم البيت الغدامسي على هذا الأساس:
1.                 الطابق الأرضي ويضم:
                     مدخل وبهو البيت.
                     سلالم يؤدي إلى الطابق الأول.
                     صالة استقبال الرجال+ حمام للضيوف+ ميضأة.
                     مخزن للغلال وحضيرة للمواشي.
                     بستان.



2.                 الطابق الأول ويضم:
                     المستوى الأول: فراغ المعيشة.
         المستوى الثاني: بفارق 5 درجات عن المعيشة نجد حجرة النوم الرئيسية + حمام. يلاصقها حجرتي نوم الأبناء + حمام مشترك.
         المستوى الثالث يمثل امتدادا للسلالم بفرق منسوب درجتين ويضم المطبخ + شرفة (كتعويض عن العلاقة بين المطبخ وسطح البيت).




ستبقى هذه مجرد محاولة أخرى قابلة للتعديل من خلال مشاركة أصدقاء الصفحة من أبناء مدينة غدامس في إثراء التصميم بآرائهم القيّمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية