فرج غيث
التراث العمراني الذي تزخر به بلادنا، والعدد الكبير من المدن والقرى التاريخية المنتشرة في ربوع بلادنا، إرث ثقافي وفنى، غني ومتنوع يحاكي التاريخ.
يقول الأستاذ جمال اللافي الباحث والمصمم المعماري، المهتم بدراسة العمارة
الإسلامية المحلية في ليبيا.
العمارة،
علم وفن، فلسفة واجتماع، قانون وإدارة، تاريخ وسياسة.
وأهم
من ذلك كله، هي علاقات إنسانية يؤسسها فراغ ذو ثلاثة أبعاد.
ترتقي العمارة وتتقدم برجالها، وتغوص في أعماق النفس البشرية مستلهمة منها أسمى القيم، التي تجسدها في شكل هندسي، يأخذ أبعاده من تراث الأمة الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
فالمباني التراثية تعد من أهم المباني التي لها تأثير مباشر على عقلية الناس وتفكيرهم الجمعي. وذلك لان في مقدورها أن تغير من منظومة ثقافة أو حضارة أي فئة أو مجتمع أو أمة، وما يميز المباني التراثية في ليبيا طرازها المعماري الجميل وبساطتها وتكيفها مع البيئة والمناخ.
والشيء بالشيء يذكر، هنا في ليبيا مهندس معماري بارع من مدينة طرابلس، قام بتصميم منزل على الطراز المعماري للسرايا الحمراء وبيوت المدينة القديمة وحواريها بطرابلس، المنزل في طريق المشتل بطرابلس، حقيقة هو أكثر من مهندس معماري متميز، إنه فنان محب لليبيا، والتراث، والتاريخ، وفي الوقت نفسه عاشق للحداثة والتطوير، فما بين كل هذا وذاك تكمن تصميماته الرائعة والبديعة.
يقول
هذا الفنان:
تعتمد منهجيتي في التصميم المعماري والتصميم الداخلي للبيوت بصفة خاصة والمباني العامة والخدمية على وجه العموم وما يعقبها من أعمال مختلفة في مرحلة التنفيذ، على قاعدة الحفاظ على كل ما ثبت صلاحيته لكل عصر، ومعالجة ما يمكن معالجته وإصلاح أمره بما يتناسب مع متطلبات العصر، والتخلص من كل ما يشكل مشكلة أو عائق أمام راحة الإنسان الليبي المعاصر في بيته وفي مكان دراسته أو عمله أو تسوقه.
جمال اللافي لربما ذكرنا من مشارعيه هذا المشروع لكنه صاحب رؤية لمشاريع عدة عن الإعمار بطرابلس بالذات .. والتي لسبع سنوات لا نسمع عنها الا لغو الحديث، لكن اللافي ومجموع من زملائه يملكون المخططات والخرائط بل وجاهزون في أي لحظة لعمل حقيقي لأجل ليبيا. لكنهم لايرضون أن يكون عملهم عبثا وتكرار لأخطاء لطالما وقعنا فيها ، فهم يدركون الاخطاء القديمة والتي ادت لخطاء رهيب في العمارة بطرابلس فهم لهم رؤية شاملة وكل خشيتهم أن يدخل أي معمار جديد وفق المخططات القديمة فنقع في تكرار الخطاء القديم نفسه، والخطاء القديم يظهر بوضوح فهو لم يركز أبدا على موضوع الهوية والعمق التاريخي لليبيا بل وتميز العمارة الليبية طوال تاريخ البشرية وهذا ما يبدو جليا في كل الاثر المعماري المنتشر بكل ليبيا.
اللافي أيضاً ليس مصمماً ومهندساً فقط لكنه صاحب فكر في مجال العمارة والتي
يعلم كل مهتم إنها جزء لا يتجزأ من الفنون الإنسانية بل هي الفن بأفضل تجلياته وهذا
ما ناضل لاجله (جمال اللافي ) .. كتابةً ومقالات وندوات وتصاميم ونماذج وخرائط بل وبيوت
مشيدة اخيرا .. وخارج النص التنفيدي ما يكتب عنه ويحاضر في سبيل تحقيقه (اللافي ) هو
ما جعله هدفاً اوقف كل عمله وحياته عليه ولاجله.
المصدر: بوابة افريقيا الإخبارية
فرج غيث |12 August, 2018