التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا لم نعد نسمع عن تأسيس مدن إسلامية جديدة؟!



جمال الهمالي اللافي

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن إنشاء مشاريع الترفيه والتسلية والتسطيح والمال والأعمال... وغاب المضمون الإسلامي وغابت القيم الإسلامية عن مدننا المعاصرة.حيث درجت بعض الحكومات العربية على طرح مناقصات لإنشاء أكبر برج وأضخم مجمع تجاري وأكبر متحف وأكبرحديقة للحيوانات وأكبر قرية سياحية، وما أكثر هذه القرى التي يتنافس أصحابها على تطبيق أحدث التقنيات في تنفيذها مع التفنن في مراعاة الطرز المحلية والجماليات في تنسيق الحدائق وتعبيد الطرق وتوفير الخدمات. خدمة للسائح والسياحة! ويا لها من سياحة؟... ساح فيها كل شئ على التراب، الكرامة والعرض والشرف، واختلط فيها الحرام مع الحلال،وكل هذا فقط لعيون السائح صاحب العيون الزرق والشعر الأشقر؟!!. أما المواطن فليس له إلاّ العشوائيات، وما أكثرها هي أيضا.

وفي المقابل لم نسمع أي ذكر عن مباشرة أي حكومة عربية أو إسلامية في وضع مخططات لمدن إسلامية جديدة، حيث توالت على الأمة العربية العديد من الحكومات، التي تمر فترة حكم بعضهم إما بالإقصاء أو الموت المحتّم دون أن نسمع عن وضع أساسات لمدينة جديدة، تراعى فيها الأسس التخطيطية لمدينة إسلامية معاصرة، كاملة المرافق والخدمات، واضحة معالم هويتها الإسلامية، حتى وإن أنتفى عنها صيغة المبالغة أوالتعظيم.

ولا يخفى علينا ما للعمارة من تأثير مباشر على سلوكيات المجتمعات والأفراد... لهذا نرى أننا نؤتى من هذا الجانب لعظيم أهميته وتأثيره ودوره. كما أن الجانب التطبيقي لقناعاتنا وعقيدتنا لا يتحقق في مخططات المدن التي نعيش فيها اليوم ولا المباني التي نستعملها... لهذا نجد أن مجتمعاتنا المسلمة تعاني من حالة إرباك شديد بين ما هو واجب وما هو قائم على أرضية الواقع.

ولنلقي نظرة عابرة على أهم مرفقين من مرافق المدينة والتي تعكس من خلالها الشخصية الإسلامية بقوة/

أولهما/ المسجد، الذي أصبح حضوره على مستوى المخططات الجديدة مهمشا، فهو يركن دائما في الزوايا المنسية من الأحياء والمجاورات السكنية، هذا إذا لم يحسب له أي حساب في هذه المخططات. في حين أنه يجب أن يحتل مركز الحي أو المجاورة ويصمم كمسجد جامع.

وثانيهما/ المسكن، الذي تغيب عنه روح العائلة ولا يسع بالكاد إلاّ أسرة صغيرة... إضافة لغياب روح الحي الإسلامي الذي تجتمع فيه عدة عائلات تتحقق من خلالهم مصلحة الجوار كما يقتضيها الشرع.

وأخيرا وليس بآخر/

·   كلنا يعلم جيدا أن هناك أزمة إسكانية تعاني منها الأجيال الجديدة من شباب الأمة وقفت عائقا أمام إتمامهم لنصف دينهم. والسبب أزمة السكن المزمنة.

·        كلنا يعلم عن أزمة الإقتضاض والازدحام التي تعاني منها جميع المدن العربية.
·   كلنا يعلم عن الأحياء العشوائية التي ولدت كنتاج لغياب المخططات الجديدة التي توفر البنية التحتية والخدمات التي تتطلبها نشأة أي مدينة جديدة.

·   كلنا يعلم تأثير العمارة وتخطيط المدن وحتى التصميم الداخلي للمباني والتفاصيل مهما كبرت أم صغرت على نفسية وسلوك المستعمل للمباني أو مرافق المدينة.

·        ناهيك عن ضياع الهوية التخطيطية للمدينة والهوية المعمارية للمباني.

كل هذه الأمور تستدعي وقفة جادة من الحكومات العربية والإسلامية للتوقف ولو لفترة من الزمن عن بناء مشاريع الترفيه والتسالي، وإعداد العدة من مخططات مدن جديدة تستوعب حاجات المجتمع الإسلامي وتراعي قيمه وتحفظ عليه كيانه وهويته.
  
فهل لنا من وقفة نراجع فيها حساباتنا ونعلم كمعماريين إلى أين يراد بنا المسير، أو إلى أين نريد نحن المسير بأمتنا؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...