برنامج التدريب الميداني الصيفي
تجربة في مجال التدريب الميداني خاضــها مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بإطرابلس في إطار دوره كمؤسسة علمية ثقافية- مع بداية صيف 1991 م، واستمرت لست دورات، ثم توقفت- استهدفت في بداياتها طلاب قسم العمارة والتخطيط العمراني بكلية الهندسة/ جامعة الفاتح، كمحاولة جادة لتأسيس قاعدة تربط المنهج الدراسي الأكاديمي الذي يدرّس بالكليات والأقسام ذات العلاقة بمجالات اختصاصه بالواقع الميداني أو الممارسة العملية، مساهما بذلك في قفل الفجوة التي تخلقها دائما العلاقة المفقودة بين المناهج النظرية والممارسة العملية للمهنة والتي يترتب عليها اصطدام الطالب حال تخرجه بواقع لم يألفه مما يؤدي إلى عرقلة طموحه لتطبيق هذه المناهج والنظريات على حيز الواقع.
ويتلخص هذا البرنامج في تكليف هؤلاء الطلاب بالقيام بأعمال رفع مساحي لتوثيق معالم مدينة إطرابلس التاريخية، للاستفادة منها في إعداد الدراسات التاريخية والهندسية تمهيداً للشروع في ترميمها وصيانتها، وذلك كسبا لعامل الزمن الذي يمثل أهمية قصوى في التعامل مع الحالة الإنشائية المتردية لمباني مدينة إطرابلس القديمة. إضافة لذلك فإن المشروع يسعى من خلال هذه التجربة إلى تأسيس كادر معماري وفني وإنشائي من هؤلاء الطلاب حال تخرجهم يكون معد سلفاً من خلال هذه البرنامج للقيام بدوره في إعادة إحياء التراث العمراني والمعماري لمدينة إطرابلس القديمة، كتوجه مبدئي نحو إحياء التراث الثقافي لليبيا على وجه العموم.
ثم اتسعت دائرة هذا البرنامج لتشمل في السنوات اللاحقة له- بداية من العام 1993 م- طلاب كلية الفنون الجميلة الذين باشروا بأعمال رفع للتفاصيل والمفردات المعمارية والزخرفية للمعالم التاريخية، كذلك طلاب قسم التاريخ الذين كلفوا بإعداد مجموعة من البحوث والتقارير التاريخية حول بعض المعالم التاريخية والحرف التقليدية، وأخيراً طلبة السنة النهائية بقسم الهندسة المدنية، الذين انضموا لهذا البرنامج في صيف 1998 م، حيث تم تكليفهم بإعداد تقارير إنشائية حول حالة بعض المباني التاريخية وإعداد جداول حصر كميات ومواصفات مواد البناء الداخلة في ترميمها وصيانتها.
حيث كانت قاعات المشروع تتحول مع بداية كل صيف إلى خلية نحل تتفاعل بداخله علاقة وثيقة بين خبرة العاملين به مع طموح جيل جديد متعطش لمعرفة المزيد عن تراثه التاريخي الذي تفتقر إليه المناهج الدراسية.
وقد لاقى هذا البرنامج نجاحاً ملحوظا من خلال تزايد عدد الطلاب الملتحقين به بل تعدت هذه العلاقة ما أعده المشروع من برنامج صيفي إلى الموضوعات التي يختارونها لأبحاثهم الدراسية ومشاريع تخرجهم. وظهرت حصيلة هذه التجربة في شكل مطبوعات تتناول نماذج من الفن المعماري والزخرفي الإسلامي بمدينة إطرابلس القديمة هذه المطبوعات التي تهافت عليها الباحثين والمهتمين بمجالات دراسة تاريخ هذه المدينة قبل أن تتلقفها جموع السياح الوافدين عليها.
تجربة جادة سعت للارتقاء بهذا المجتمع وتصحيح مسيرته لمواكبة التطور العلمي وتشجيع الطلاب على الارتباط بتراثهم والتفاعل معه لمواجهة محاولات التغريب الثقافي وتقليص حجم الفجوة الحضارية التي تفصلنا عن الأمم الأخرى، التي قطعت شوطا كبيرا في مجالات البحث العلمي والوعي الثقافي والنمو الاقتصادي بفعل التشجيع الدائم للمؤسسات التي ترعى البحث العلمي وتحتضن طلابه.
كانت تجربة رائدة بكل ما تحمله من مضامين فكرية وعملية - بشهادة وفود المنظمات الرسمية الزائرة، التي اطلعت على نتاج هذه الدورات من خلال المعارض التي أقيمت لهم بالخصوص- تجربة تؤسس لمدرسة محلية في مجال المحافظة على التراث الثقافي المحلي قادرة على استيعاب معطيات واقعنا الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والتي لم يمكن بأي حال من الأحوال تقدير نتائجها المستقبلية مادياً ومعنويا على حد سواء.
توقف العمل بهذه البرنامج منذ عدة سنوات، عندما غابت الإدارة المسؤولة والمدركة لواجباتها، وانهار مشروع علمي كان يمكن أن يؤتي ثماره وتتضح معالمه بصورة أكبر بعد مرور كل هذه السنوات، ولكن لم يبق منه إلاّ الأسف على مدينة، تفقد كل يوم معلما من معالمها ومعه تفقد جزء مهما من تاريخها العريق الممتد إلى ما قبل التأريخ... فهل من مذّكر.
At this moment I am going to do my breakfast, later than having my breakfast coming again to read further news.
ردحذفbittner
onlineestore
russia
puzzler
loegring
hole
vehicle
xcore
maldoror
Feel free to surf to my weblog riverdvd