علي عمر ارميص*
إن من أهم المميزات التي ميزت المعمار الليبي وهو إسلامي بصورة عامة هو تلك الاستفادة من عناصر الجمال الطبيعي في النباتات والأشجار والزهور... ولعل السر في بساطة وتربيع المعمار الليبي وبياض ألوانه هو عنصر المزج بين الطبيعة والبناء المعماري الذي إن كان معقدا جاء مفتعلا أو كان مسرفا في استهلاك الأرض ومواد البناء.
ولذا فإن الاستفادة من العناصر الطبيعية والنباتية المتوفرة في المنطقة جاء كضرورة لهذا المزج أو جاء كفلسفة المجتمع الليبي المبني على قواعد متينة من التواضع الذي يحمل أجمل معاني العزة والمنعة والزهد في زخارف الحياة وإسرافاتها متجها بتركيز شديد نحو الاحتفاظ بالحرية الفردية والجماعية ... تلك الحرية التي تكفل كرامة الإنسان العربي المسلم.
ولذا فقد أمسى ضروريا وعنصرا حيويا أن يكون بالبيت الليبي دوالي العنب أوأزهار الليمون وقلّما تجد بيتا لا تطل منه نخلة أو تحف به كرمة، ذلك أن جمال الأزهار وخضرة الأشجار وظلها وتهويتها بل وثمارها تجعل من البيت الليبي كنفا طيبا يتربى فيه الأطفال وينمو حسهم على حب هذه العلاقة الحميمة بين الطبيعة والإنسان.
ومن أخطر الظواهر أن تختفي هذه السمة المميزة في البيوت الحديثة وخصوصا تلك التي تكون في العمارات الشاهقة المبنية بالآجر الاسمنتي الحار صيفا البارد شتاءً على عكس أسلوب البناء الليبي الصميم المستريح على الأرض حيث يجد الأطفال متسعا رحبا للعب والقفز والجري بعيدا عن أخطار السلالم الملتوية العالية والمصاعد الكهربائية الضيقة.
ولعل في أجيال المعماريين القادمة أو المعاصرة من يفعل معروفا لوجه الله فيجد حلاً موفقا لهذه المسألة المستعصية... آلا وهي كيف نحتفظ بأفضل ما يحمله المعمار الليبي من مميزات... وكيف يمكن أن نطوّره ليجابه مشاكل العصر ويستوعب تطوراته.
وما ذلك على الله بعزيز.
* فنان تشكيلي ليبي
لقاء مع الكاتب على الرابط التالي/