معرض الفنان التشكيلي الكبير الطاهر الأمين المغربي
افتتح الفنان الطاهر الأمين المغربي معرضا شخصيا
بدار انور للفنون التشكيلية يوم الخميس الموافق 4/4/2002 م وبهذه المناسبة أحب أن أتحدث
عن تجربة هذا الفنان المبدع من خلال معرضة الجديد هذا.
الفنان المغربي من الفنانين الرواد الذين نعتز بأعمالهم
الجليلة التي قدموها خلال مرحلة تاريخية ليست بالقريبة عن تجربة طويلة في هذا الشأن.
إن المتتبع لتجارب هذا الفنان التشكيلية يلاحظ مدى
تعلق فناننا بالواقع الاجتماعي والحس القومي والوطني بصورة خاصة ، ونادرا ما نجده عند
غيره من الفنانين في بلادنا.. تأتي أعماله بتميز خاص أيضا فخطوطه وألوانه وتكويناته
التصويرية والتي يجسدها من خلال أشكاله بطريقة تعبيرية تعبر عن دلالات عاطفية تدل على
انتماءات ترجع إلي الأصالة الطبيعية التي يذكرنا بها الفنان الفرنسي( بول غوغان) ذلك
الفنان التائه بين أحضان الطبيعة في جزر تاهيتي البعيدة ، وقد يكون المغربي قد تأثر
به من حيث شخوصه المقربة وبألوانها الزاهية المحددة وحدودها ( كنتوريا ) على نحو مؤكد
، ويحب أن يطلعنا على بهية طلعاتها.. فلوحة البطيخ( الدلاع) على البحر في فصل الصيف
إحدى اللوحات التي يجمع فيها المغربي- على بساطة موضوعها- الكثير من القيم الفنية والجمالية
وتتداخل فيها الألوان الباردة بالدافئة والحارة جدا أحيناً أخرى ، وينجح في منظوره
اللوني كما نجح أصلا في تكوينه الإنشائي بانسجام وتناسق خطي وشكلي ولوني في وحدة واحدة
تبعث على الانتباه والارتياح معاً .
عندما تتحدث عن لوحاته القومية والوطنية التي دائما
يحرص عليها المغربي في كثير من معارضه الشخصية والجماعية، فإننا نجد المرأة المحور
الأساسي والرمز الخاص ، و الحاضر في شموخ وثبات على اعتبار أنها تتمثل الدراما كلها
ومبعث الأصالة والتراث وتمثيلاً للحرية والوطنية بوجوه يملؤها الغضب والتحدي والسرور
والبراءة أحيانا و معا في بعض الأحيان الأخرى.
الطاهر "المغربي هو " ديغـوا ريفـيرا
" العربي الليبي الذي جاء من أقار بالشاطئ من منطقة فزان الكبرى واستقر بطرابلس
منذ زمن طويل في التزام وفياً للتعبيرية الواقعية الاجتماعية كما كان ريفيرا . فناننا
لم يكن انطباعيا في أعماله التشكيلية هذه فهو أبعد مما وقعت فيه الانطباعية من عجز
عن الغوص في أغوار الجوانب الجوهرية في الحياة وافتقارها للمشاعر الإنسانية وقضاياها
الأساسية ، وقبعت في دائرة الترديد ألا متناهي للتأثيرات الجوية والمناخية وانحصرت
أعمالها في الإدراك الحسي الذاتي ولم تتعداه.
المغربي يؤمن بالتجربة والممارسة المستمرة فهو يكون
بذلك فنانا مبتكرا مبدعا بأسلوب أكثر قرباً من واقع مجتمعه ، فينسج خطوطه وأشكاله وألوانه
من واقع الحياة المعاش للبيئة الصحراوية وما تحمله من طبيعة سمراء تتباين فيها العناصر
التشكيلية بين الدفء والبرودة ـ الحركة والسكون ـ النخيل والزيتون ـ الرمان والتمور
ـ الإنسان والجمل ـ المرأة والرجل ـ النور والظلمة ـ الشروق والغروب . فتحية لهذا الفنان
الرائد المبدع .
* الدكتور عياد هاشم- أســتاذ
جامعي ، تخصص الفنون التشكيلية منذ عام 1984م ـ جامعة الفاتح بطرابلس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق