التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مؤسسات لم يكتب لها الاستمرارية




تجربة المدرسة الليبية للعمارة والفنون
2004- 2008

الجزء الأول : تمهيد





الباحث المعماري/ جمال الهمالي اللافي


الحديث عن أي تجربة هو في حقيقته يستهدف بالدرجة الأولى استخلاص العبر وتمكين القادمين على تجربة معمارية جديدة من الاستفادة منها إما بالإسترشاد بها أو لتلافي الأخطاء وأوجه القصور فيها.

وكل تجربة- حتى يمكن الاسترشاد بها- لابد لها أن تقودنا إلى مقدماتها التي شكلت ملامحها وصنعت لها خصوصيتها المتفردة عن غيرها من التجارب السابقة أو المواكبة لها، من حيث المنطلقات والأهداف والغايات وآلية العمل لمواجهة المعوقات والتحديات وخلق الفرص وتحقيق الإنجازات.

الدوافع/
يمكننا القول أن تجربة المدرسة الليبية للعمارة والفنون انطلقت من دافعين
الأول: مرتبط بهجرة الأسر الليبية لبيت العائلة الذي كان يضم في رحابه عائلة ممتدة (الجدين، الأبوين، الأحفاد) وتشتتها بين العمارت السكنية التي أنشأتها الدولة أو إلى الأملاك المستردة من الطليان. 

الثاني: مرتبطة بظهور عمارة معاصرة انتشرت في ربوع البلاد فاقدة لأبسط قواعد التصميم المعماري للمباني السكنية. فاقدة لهويتها المعمارية المحلية، عرفت بالدوبلكسات، انتشرت على يد المقاولين السوريين الذين كانت لهم اليد الطولى في تشكيل ملامح العمارة الليبية المعاصرة في تلك الفترة من بدايات السبعينيات من القرن الماضي.

الأهداف/
تستهدف هذه الورقة تسليط الضوء على نظام عمل مختلف للمكاتب الهندسية والاستشارية من حيث رسم رؤية واضحة المعالم لإعادة الاعتبار للهوية المحلية في عمارتنا المعاصرة، يعتمد على ربط فريق العمل بموروثه الثقافي وتأهيله ليؤدي دوره على أكمل وجه. ولتكون نبراسا لغيرها من المكاتب المعمارية الهندسية والاستشارية.

المنهجية/
اعتمدت منهجية المدرسة الليبية للعمارة والفنون على تنظيم سلسلة من البرامج والأنشطة التي لم يكن متعارفا عليها في تلك الفترة بين المكاتب الهندسية والاستشارية التي اقتصر عملها على تصميم المشاريع المعمارية منها:
  • التأسيس للمدرسة على أسس منهجية تتبنى التأصيل للعمارة الليبية المعاصرة.
  • تهيئة أعضاء المدرسة نفسيا وفكريا على العمل الجماعي من خلال تقسيم العمل وفق المهارات والاهتمامات.
  • تنظيم الدورات التدريبية المجانية في المجالات التي تدعم عمل المعماريين وتسهم في تأهيلهم في المجالات ذات العلاقة بالمهنة.
  • إقامة محاضرات دورية تتناول مجالات العمارة والفنون والحرف في ليبيا.
  • إصدار المطبوعات والدوريات العلمية والثقافية المختلفة التي تتناول مجالات توثيق وإحياء التراث الثقافي.
  • تنظيم سلسلة من الرحلات العلمية للمدن القديمة للتعرف على معالمها وخصائصها المعمارية والعمرانية.
  • التأسيس للجمعية الليبية لإحياء التراث الثقافي. 
استخلاص النتائج/
1.    التعليم المعماري، يمكنه التأصيل لقيم المجتمع، مثلما يمكنه التغريب عن واقع المجتمع واحتياجاته الفعلية، تبعا للمناهج الدراسية ومدى ارتباطها بالواقع والممارسة العملية من عدمه.
2.   ممارسة المهنة ودورات التدريب والتأهيل، هي مرحلة جديدة يمكنها إلى حد ما إصلاح القصور في مراحل التنشئة والتأهيل السابقة لو أحسن توظيفها في الاتجاه الصحيح ودعمها بالإمكانيات المناسبة والتجارب العملية المستمرة ومواكبة كل جديد وحسن استثماره وتوظيفه.
3.       العمل المعماري الجماعي وتوحيد الرؤية في كل مكتب، هو السبيل الوحيد لتصحيح مسار ممارسة المهنة.
4.      المسابقات والمعارض المعمارية، نشاط داعم للإرتقاء بالحركة المعمارية في ليبيا وتوعية المجتمع.

أوجه الاستفادة من هذه التجربة/

في حالة ما تم استثمار هذه التجربة المعمارية، يمكننا تأهيل أجيال جديدة من المعماريين المتواصلين مع موروثهم الثقافي. المسلحين بالوعي والإدراك لواقعهم الاجتماعي والاقتصادي وظروف البيئة المحلية وآليات التعاطي مع المتغيرات والانفتاح على المستجدات في مجال العمارة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...