أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الاثنين، أبريل 30، 2018

مؤسسات لم يكتب لها الاستمرارية




تجربة المدرسة الليبية للعمارة والفنون
2004- 2008

الجزء الأول : تمهيد





الباحث المعماري/ جمال الهمالي اللافي


الحديث عن أي تجربة هو في حقيقته يستهدف بالدرجة الأولى استخلاص العبر وتمكين القادمين على تجربة معمارية جديدة من الاستفادة منها إما بالإسترشاد بها أو لتلافي الأخطاء وأوجه القصور فيها.

وكل تجربة- حتى يمكن الاسترشاد بها- لابد لها أن تقودنا إلى مقدماتها التي شكلت ملامحها وصنعت لها خصوصيتها المتفردة عن غيرها من التجارب السابقة أو المواكبة لها، من حيث المنطلقات والأهداف والغايات وآلية العمل لمواجهة المعوقات والتحديات وخلق الفرص وتحقيق الإنجازات.

الدوافع/
يمكننا القول أن تجربة المدرسة الليبية للعمارة والفنون انطلقت من دافعين
الأول: مرتبط بهجرة الأسر الليبية لبيت العائلة الذي كان يضم في رحابه عائلة ممتدة (الجدين، الأبوين، الأحفاد) وتشتتها بين العمارت السكنية التي أنشأتها الدولة أو إلى الأملاك المستردة من الطليان. 

الثاني: مرتبطة بظهور عمارة معاصرة انتشرت في ربوع البلاد فاقدة لأبسط قواعد التصميم المعماري للمباني السكنية. فاقدة لهويتها المعمارية المحلية، عرفت بالدوبلكسات، انتشرت على يد المقاولين السوريين الذين كانت لهم اليد الطولى في تشكيل ملامح العمارة الليبية المعاصرة في تلك الفترة من بدايات السبعينيات من القرن الماضي.

الأهداف/
تستهدف هذه الورقة تسليط الضوء على نظام عمل مختلف للمكاتب الهندسية والاستشارية من حيث رسم رؤية واضحة المعالم لإعادة الاعتبار للهوية المحلية في عمارتنا المعاصرة، يعتمد على ربط فريق العمل بموروثه الثقافي وتأهيله ليؤدي دوره على أكمل وجه. ولتكون نبراسا لغيرها من المكاتب المعمارية الهندسية والاستشارية.

المنهجية/
اعتمدت منهجية المدرسة الليبية للعمارة والفنون على تنظيم سلسلة من البرامج والأنشطة التي لم يكن متعارفا عليها في تلك الفترة بين المكاتب الهندسية والاستشارية التي اقتصر عملها على تصميم المشاريع المعمارية منها:
  • التأسيس للمدرسة على أسس منهجية تتبنى التأصيل للعمارة الليبية المعاصرة.
  • تهيئة أعضاء المدرسة نفسيا وفكريا على العمل الجماعي من خلال تقسيم العمل وفق المهارات والاهتمامات.
  • تنظيم الدورات التدريبية المجانية في المجالات التي تدعم عمل المعماريين وتسهم في تأهيلهم في المجالات ذات العلاقة بالمهنة.
  • إقامة محاضرات دورية تتناول مجالات العمارة والفنون والحرف في ليبيا.
  • إصدار المطبوعات والدوريات العلمية والثقافية المختلفة التي تتناول مجالات توثيق وإحياء التراث الثقافي.
  • تنظيم سلسلة من الرحلات العلمية للمدن القديمة للتعرف على معالمها وخصائصها المعمارية والعمرانية.
  • التأسيس للجمعية الليبية لإحياء التراث الثقافي. 
استخلاص النتائج/
1.    التعليم المعماري، يمكنه التأصيل لقيم المجتمع، مثلما يمكنه التغريب عن واقع المجتمع واحتياجاته الفعلية، تبعا للمناهج الدراسية ومدى ارتباطها بالواقع والممارسة العملية من عدمه.
2.   ممارسة المهنة ودورات التدريب والتأهيل، هي مرحلة جديدة يمكنها إلى حد ما إصلاح القصور في مراحل التنشئة والتأهيل السابقة لو أحسن توظيفها في الاتجاه الصحيح ودعمها بالإمكانيات المناسبة والتجارب العملية المستمرة ومواكبة كل جديد وحسن استثماره وتوظيفه.
3.       العمل المعماري الجماعي وتوحيد الرؤية في كل مكتب، هو السبيل الوحيد لتصحيح مسار ممارسة المهنة.
4.      المسابقات والمعارض المعمارية، نشاط داعم للإرتقاء بالحركة المعمارية في ليبيا وتوعية المجتمع.

أوجه الاستفادة من هذه التجربة/

في حالة ما تم استثمار هذه التجربة المعمارية، يمكننا تأهيل أجيال جديدة من المعماريين المتواصلين مع موروثهم الثقافي. المسلحين بالوعي والإدراك لواقعهم الاجتماعي والاقتصادي وظروف البيئة المحلية وآليات التعاطي مع المتغيرات والانفتاح على المستجدات في مجال العمارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية