التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معايير التوظيف في الشركات الهندسية الحكومية


  

المعماري/ جمال اللافي

دائماً عندما تعرض الشركات الهندسية التي تقوم بتنفيذ مشاريع معمارية، خصوصاً الحكومية منها، رغبتها في توظيف عناصر هندسية، يكون التركيز الأكبر في الطلب على المهندسين المدنيين، للإشراف على متابعة تنفيذ هذه المشاريع. وفي حالة تم عرض الطلب على المعماريين، لا يتجاوز العدد في الغالب الواحد أو الاثنين. ويرجع السبب لأحد أمرين، لهما ثالث:

الأول، الجهل التام باختصاصات المعماري، ومؤهلاته الدراسية التي تتجاوز تصميم الخرائط المعمارية وقدرته على قراءة الخرائط التنفيذية وتفهم متطلبات جميع مراحلها، خصوصاً ما تتطلبه مرحلة التشطيب من اتخاذ قرارات واعية ومدركة لطبيعة المشروع ومستدعياته. وإجراءات التعامل مع الأعمال الهندسية الأخرى المرتبطة بإمدادات خطوط الكهرباء والصرف الصحي والتكييف. كذلك معالجة أي إشكاليات تطرأ أثناء أعمال التنفيذ، بالإضافة إلى اختيار مواد البناء والتشطيب وألوان ونوع الطلاء المناسبة لظروف البيئة أو طراز هذه المشاريع والتأثير المطلوب إحداثه على المستعمل والمشهد العام.

في حين يقتصر دور واختصاص المهندس المدني، وفق منهجه الدراسي وتحصيله العلمي الأكاديمي، على متابعة مراحل تنفيذ الخريطة الإنشائية ومرحلة التأسيس للموقع من اختبارات التربة.

وما يتاح له من فرص الإشراف على تنفيذ جميع المراحل في غياب المعماري، هي خبرة مكتسبة، تفتقد في أغلبها لكل مقومات النجاح في مرحلتي بناء الحوائط والتشطيب. لعدم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة فيما يتعلق بالفراغات المعمارية عند التأسيس للحوائط وما تتضمنه من تفاصيل. واختيار مواد التشطيب والتعامل مع ورش أعمال النجارة والحدادة وفنيي أعمال الجبس والسباكة واللياسة والبلاط والطلاء وغيرها. وقراراته هنا تفتقد لكل المعايير والمواصفات الفنية. وإنما هي تخضع لذوقه الشخصي وليس لما يستوجب اتخاذه من إجراءات سليمة، هذا في حالة لم يستعن برأي المعماري صاحب الاختصاص.

الأمر الثاني، في عدم أو قلة الطلب على المعماريين، يرجع إلى توجه هذه الجهات إلى الاستعانة بشركات أجنبية في تصميم المشاريع المعمارية، وهو الغالب، مما تراه هذه الجهات الحكومية، أمراً يُغنيها عن الحاجة إلى توظيف معماريين لديها.

وفي حالة تم الاستعانة بمعماري أو اثنين، فيتم ذلك في حالة أرادت هذه الجهة إجراء بعض التعديلات على المشروع. أما فيما يتعلق بعدم رغبة هذه الجهات في الاستعانة بالمعماريين، فيعود ذلك بالدرجة الأولى لعدم رغبتها في إسداء المعماري لأي ملاحظات جوهرية حول مشاريعها المعمارية، يرى فيها قصوراً مستقبلياً في أداء المشروع بعد التنفيذ لوظيفته على أكمل وجه. أي أنهم يبحثون عن"دونكي وورك" وليس عقل يقيّم ويعترض ويُبدئ الرأي في كل مسألة تخالف ما درسه وتعلمه من أصول ممارسة المهنة.

أما الأمر الثالث، فيرجع أيضاً لحرص السلطات الحاكمة في الدول الفاسدة عند اتخاذ القرار بمن يتم تعيينهم على رأس هذه المؤسسات، أن يتصف من يقع عليهم الاختيار لهذه المناصب القيادية هم أيضاً بعقلية "الدونكي وورك"، ينفذون الأوامر دون اعتراض، لجهلهم بالمعايير التصميمية والتنفيذية لأي مشروع معماري. لهذا يفضلونهم من غير الاختصاص المعماري، منعاً لأي صدام عند حدوث أي تجاوز لتلك المعايير والمواصفات الفنية، إلاّ في حالة كان هذا المعماري من الصنف الفاسد، الذي يتفق مع هواهم" مع عدم الاستثناء، لعدم ثبوت هذا الاستثناء على أرض الواقع حتى يومنا هذا".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...