أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الثلاثاء، سبتمبر 24، 2024

معايير التوظيف في الشركات الهندسية الحكومية


  

المعماري/ جمال اللافي

دائماً عندما تعرض الشركات الهندسية التي تقوم بتنفيذ مشاريع معمارية، خصوصاً الحكومية منها، رغبتها في توظيف عناصر هندسية، يكون التركيز الأكبر في الطلب على المهندسين المدنيين، للإشراف على متابعة تنفيذ هذه المشاريع. وفي حالة تم عرض الطلب على المعماريين، لا يتجاوز العدد في الغالب الواحد أو الاثنين. ويرجع السبب لأحد أمرين، لهما ثالث:

الأول، الجهل التام باختصاصات المعماري، ومؤهلاته الدراسية التي تتجاوز تصميم الخرائط المعمارية وقدرته على قراءة الخرائط التنفيذية وتفهم متطلبات جميع مراحلها، خصوصاً ما تتطلبه مرحلة التشطيب من اتخاذ قرارات واعية ومدركة لطبيعة المشروع ومستدعياته. وإجراءات التعامل مع الأعمال الهندسية الأخرى المرتبطة بإمدادات خطوط الكهرباء والصرف الصحي والتكييف. كذلك معالجة أي إشكاليات تطرأ أثناء أعمال التنفيذ، بالإضافة إلى اختيار مواد البناء والتشطيب وألوان ونوع الطلاء المناسبة لظروف البيئة أو طراز هذه المشاريع والتأثير المطلوب إحداثه على المستعمل والمشهد العام.

في حين يقتصر دور واختصاص المهندس المدني، وفق منهجه الدراسي وتحصيله العلمي الأكاديمي، على متابعة مراحل تنفيذ الخريطة الإنشائية ومرحلة التأسيس للموقع من اختبارات التربة.

وما يتاح له من فرص الإشراف على تنفيذ جميع المراحل في غياب المعماري، هي خبرة مكتسبة، تفتقد في أغلبها لكل مقومات النجاح في مرحلتي بناء الحوائط والتشطيب. لعدم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة فيما يتعلق بالفراغات المعمارية عند التأسيس للحوائط وما تتضمنه من تفاصيل. واختيار مواد التشطيب والتعامل مع ورش أعمال النجارة والحدادة وفنيي أعمال الجبس والسباكة واللياسة والبلاط والطلاء وغيرها. وقراراته هنا تفتقد لكل المعايير والمواصفات الفنية. وإنما هي تخضع لذوقه الشخصي وليس لما يستوجب اتخاذه من إجراءات سليمة، هذا في حالة لم يستعن برأي المعماري صاحب الاختصاص.

الأمر الثاني، في عدم أو قلة الطلب على المعماريين، يرجع إلى توجه هذه الجهات إلى الاستعانة بشركات أجنبية في تصميم المشاريع المعمارية، وهو الغالب، مما تراه هذه الجهات الحكومية، أمراً يُغنيها عن الحاجة إلى توظيف معماريين لديها.

وفي حالة تم الاستعانة بمعماري أو اثنين، فيتم ذلك في حالة أرادت هذه الجهة إجراء بعض التعديلات على المشروع. أما فيما يتعلق بعدم رغبة هذه الجهات في الاستعانة بالمعماريين، فيعود ذلك بالدرجة الأولى لعدم رغبتها في إسداء المعماري لأي ملاحظات جوهرية حول مشاريعها المعمارية، يرى فيها قصوراً مستقبلياً في أداء المشروع بعد التنفيذ لوظيفته على أكمل وجه. أي أنهم يبحثون عن"دونكي وورك" وليس عقل يقيّم ويعترض ويُبدئ الرأي في كل مسألة تخالف ما درسه وتعلمه من أصول ممارسة المهنة.

أما الأمر الثالث، فيرجع أيضاً لحرص السلطات الحاكمة في الدول الفاسدة عند اتخاذ القرار بمن يتم تعيينهم على رأس هذه المؤسسات، أن يتصف من يقع عليهم الاختيار لهذه المناصب القيادية هم أيضاً بعقلية "الدونكي وورك"، ينفذون الأوامر دون اعتراض، لجهلهم بالمعايير التصميمية والتنفيذية لأي مشروع معماري. لهذا يفضلونهم من غير الاختصاص المعماري، منعاً لأي صدام عند حدوث أي تجاوز لتلك المعايير والمواصفات الفنية، إلاّ في حالة كان هذا المعماري من الصنف الفاسد، الذي يتفق مع هواهم" مع عدم الاستثناء، لعدم ثبوت هذا الاستثناء على أرض الواقع حتى يومنا هذا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية