التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2024

رسالة معمارية مبطنة بالزي الوطني

    جمال الهمالي اللافي هل تعلم أنك تعيش حياة ليست حياتك؟ نعم، هذه حقيقة لا غبار عليها ولا يعتريها غبش. ربما ستشعر بحضور ذاتك لحظات ارتدائك للزي الوطني. وكلما اكتمل لباسك له بكامل عناصره، ستشعر باكتمال حضور ذاتك ووعيك بوجودك كليبي في هذه الحياة. ثم تلتفت مزهواً عن المرآة لتنظر إلى كل ما يحيط بك في بيتك وشارعك، عندها سيعتريك انقباض شديد وستشعر بغربة قاتلة في نفسك. لا شيء مما يحيط بك ينتمي إليك، لا البيت ولا عناصر تأثيثه ولا أي ملمح من ملامحه يخبرك أن بينك وبينه صلة رحم أو اتصال الفروع بجذورها. كذلك لا الشوارع شوارعك ولا المدينة بمبانيها وتفاصيلها المعمارية مدينتك. كلها تصدمك بوجهها القبيح حد البشاعة. الآن اخلع عنك لباسك الوطني وارتدي لباس الجينز أو التوتة الرياضية أو أي هركة استقدمتها من العوالم الأخرى. بعد اكتمال لباسك الفرنجي أو الدشداشة الخليجية أو المغربية أو أي مما استوردته من ثقافات أخرى، ستغرق فجأة في غيبوبة وسيصبح كل شيء يحيط بك يعاود ألفته عندك وينسجم مع ما استوطن عقلك من أنواع الاغتراب. وستعاود عيش حياة ألفتها منذ مولدك في موطنك، فقد تكفل والديك بغسل دماغك حتى قبل أن ...

إشكاليات الجمهور المستهدف في العمارة

  جمال الهمالي اللافي عندما قررت الالتحاق بقسم العمارة والتخطيط العمراني، كان هدفي الأساسي هو خدمة المجتمع الليبي دون سواه. لم أضع في حسباني المجتمعات الأخرى، سواء كانت عربية أو إسلامية أو عالمية، لأنني شعرت بأن مكان مولدي ومراتع طفولتي ومراحل عمري الأولى هو الأولى باهتمامي وترسيخ جهودي لتوفير بيئة عمرانية ملائمة للعيش الكريم . بعد الدخول في عالم ممارسة المهنة، صدمت بأن جمهوري المستهدف يعيش حالة اغتراب عن واقعه، فاقداً لبوصلة التوجيه. يسير في حلقة مفرغة، يبحث عن جميع الأشياء ليقتنيها ولا يبحث عن ذاته ليرتقي بها. مجتمع يعيش على هامش الحياة، فاقد للأهلية العقلية والوجدانية والنفسية والروحية، تائه في صحراء الاغتراب. كلٌ يهيم على هواه، من المعماري صاحب المسؤولية إلى المسؤول عن توفير أسباب العيش الكريم، من القائد الأعلى للدولة إلى أصغر مسؤول عن أسرته وهو الوالد . تحطم حلم بناء المجتمع الفاضل، لأنه فاقد للفضيلة. ربما يمكن القول إنه يعيش حياة مجتمع الغابة، حيث القوي يأكل الضعيف ولا يأمن على نفسه من مجتمع الأقوياء. مجتمع "كل من إيدو إلو"، أي العيش بمنطق كل ما طالته يدك فهو لك ....

من ماضي ذاكرتي المعمارية

  في فترة التسعينيات، بدأت أُعبّر كتابةً عن الصراعات الفكرية التي كانت تدور في داخلي بشأن النهج والتوجه المعماري الذي ينبغي عليّ تبنيه في مسيرتي المهنية، خاصة في ظل حالة الاغتراب التي يعاني منها المجتمع. كانت هذه الأفكار تظهر في شكل سلسلة من الخواطر المعمارية، التي كنت أدوّنها على الورق نفسه الذي أصمم عليه اسكتشات أفكاري لخرائط أحد القاصدين لطلب خدماتي. بعد أن بدأت أستخدم جهاز الكمبيوتر للكتابة مباشرة، قمت بطباعة هذه الخواطر وجمعتها في ملف أسميته "إبحار في متون الوعي"، حيث أدرجت مقدمة تعبر عن تلك السلسلة : " إبحارٌ... في متون الوعي " هي محاولة لإيقاظ ذهني الغافي، والإبحار به على سفينة الوعي، لعلي أدرك حقيقة ذاتي واتفهم أدواري في هذه الحياة، وأحدد مكاني في هذا المحيط المجهول، الشاسع والمبهم، الذي أطلق عليه اسم الوجود. عساي أكون نقطة فاعلة ومؤثرة فيه، وأمنح لحياتي العابر معنى وقيمة . جعلت لتلك الخواطر المعمارية تحديداً عنواناً فرعياً ضمنته فلسفتي الخاصة في العمارة تحت عنوان "قراءة في فلسفة العمارة" ، ذلك أن فلسفة العمارة ليست مجرد مجموعة من القواعد وا...