جمال الهمالي اللافي
عندما
قررت الالتحاق بقسم العمارة والتخطيط العمراني، كان هدفي الأساسي هو خدمة المجتمع
الليبي دون سواه. لم أضع في حسباني المجتمعات الأخرى، سواء كانت عربية أو إسلامية
أو عالمية، لأنني شعرت بأن مكان مولدي ومراتع طفولتي ومراحل عمري الأولى هو الأولى
باهتمامي وترسيخ جهودي لتوفير بيئة عمرانية ملائمة للعيش الكريم.
بعد
الدخول في عالم ممارسة المهنة، صدمت بأن جمهوري المستهدف يعيش حالة اغتراب عن
واقعه، فاقداً لبوصلة التوجيه. يسير في حلقة مفرغة، يبحث عن جميع الأشياء ليقتنيها
ولا يبحث عن ذاته ليرتقي بها. مجتمع يعيش على هامش الحياة، فاقد للأهلية العقلية
والوجدانية والنفسية والروحية، تائه في صحراء الاغتراب. كلٌ يهيم على هواه، من
المعماري صاحب المسؤولية إلى المسؤول عن توفير أسباب العيش الكريم، من القائد
الأعلى للدولة إلى أصغر مسؤول عن أسرته وهو الوالد.
تحطم حلم
بناء المجتمع الفاضل، لأنه فاقد للفضيلة. ربما يمكن القول إنه يعيش حياة مجتمع
الغابة، حيث القوي يأكل الضعيف ولا يأمن على نفسه من مجتمع الأقوياء. مجتمع
"كل من إيدو إلو"، أي العيش بمنطق كل ما طالته يدك فهو لك.
أخشى أن
البحث عن الجمهور المستهدف سيصبح في وقت قريب من المستحيلات، فقد أضحت ملامح
المجتمع الليبي أقرب لأن تتحول إلى شبح هلامي.
الخاتمة
توضح هذه
التحديات مع الجمهور المستهدف في العمارة الليبية، والتي تنبع من حالة الاغتراب
وفقدان البوصلة، أننا بحاجة إلى توجيه وقيادة رشيدة تساهم في استعادة الهوية
المعمارية وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية.
إن إدراك
هذه الإشكاليات والعمل على حلها يعتبر خطوة حاسمة نحو تحقيق مستقبل أفضل لمجتمعنا.
إن التوجيه السليم والقيادة الحكيمة هما مفتاح التغيير الإيجابي، مما يمكننا من
بناء مجتمع أكثر توازنًا وازدهارًا.
لذا،
ينبغي علينا جميعًا، من المهندسين المعماريين إلى القادة وصناع القرار، أن نعمل
معًا لتحقيق هذا الهدف النبيل. بتضافر جهودنا، يمكننا أن نعيد توجيه المجتمع نحو
مسار النمو والابتكار، وأن نضمن لأجيالنا القادمة بيئة عمرانية تعكس تطلعاتنا
وقيمنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق