أ. علي سعيد قانة أتسائل دائما عن السبب الذي حذا بي ـ ومازال إلى اليوم ـ إلى التوقف لفترات ليست بالقصيرة أمام حرفي منهمك في عمله ، لم أهتم بالبحث عن السرد وكشف الدواعي لذلك ، تاركا الأمر يأخد مجراه في هذه العلاقة الفطرية البدائية التي جعلت إنسان ما قبل التاريخ يقف مبهورا مشدودا أمام براعة رسام ونحات الكهوف ، ويعزي مقدرته هذه إلى استعادة مشاهداته وتجربته البصرية وتسجيلها إلى قوة غير طبيعية يمتلكها وتنصبه ساحرا وتوكل إليه تحقيق أحلامه في الصيد الوفير وإبعاد خطر منتظر . التوقف أمام محترفات تجهيز وصناعة السروج في رواق الكرامة بباب الحرية وحرفيي تشكيل الفضة في سوق الصياغة وتطريز "التلاليك" بسوق الترك ، كان من الطقوس التي تتكرر يوميا أثناء عودتي وأنا تلميذ بمدرسة المدينة القديمة الإبتدائية إلى منزلنا بباب البحر ، أحيانا أعرج على سوق النجارة مكررا السلوك ذاته أمام محترفات الحدادة لأسرة دريرة بمواجهة سيدي الشنشان ، وأفرادها منهمكون في حوارهم الملتهب مع الحديد والنار ، بينما أثناء العطلات الأسبوعية كثيرا ما كنت أهرع إلى منطقة سوق الثلاثاء القديم خلف جامع أبورقيبة حيث ...
مدونة تعنى بمستقبل العمارة والحرف الفنية في ليبيا