جمال اللافي
تطرق المعماري هاشم الزوي في صفحة ( المعماري والعمارة الليبية- على موقع facebook)، إلى نقطة مهمة جداً وهي غياب التعريف الحقيقي بالمعماريين في ليبيا بالمقارنة بالزخم الإعلامي الذي يحظى به معماريو العالم الغربي وبعض المعماريين العرب، حتى أضحوا نجوماً تشرئب لها الأعناق وتهفو لها العقول، وترى فيما قدموا من أعمال معمارية النموذج الذي ليس هناك بد من الاحتذاء به.
وأعتقد
أن دعوته لأن ترفق بجانب كل عضو هيئة تدريس أو معماري، سيرة ذاتية تعرّف به
وبأعماله إن وجدت أو أفكاره واتجاهاته المعمارية، هي بداية صحيحة على الطريق
لتكوين ملف حقيقي وواعي يشترك في صياغته كل المعماريون الليبيون.
وقد
تكون هذه الدعوة تمهيداً لحراك معماري حقيقي يحترم الذات وينظر بعين الإدراك للآخر
الذي لا يمكننا أن نتقارن به، ليس لعلو همته وضعف قيمتنا، ولكن لأن الظروف
والمعطيات والفرص التي أوجدت ذاك وغيّبت هذا، ليست على نفس القدر من التساوي، حتى
تجوز المقارنة.
فما
تسنّى لهم من فرص التنافس الشريف والتعبير عن أفكارهم من خلال المسابقات المعمارية، لم يتح للمعماري الليبي. وما تعرض له خلال 42 سنة الماضية من حجر وإقصاء، لم يجرِ عليهم في بلدانهم. وما أتيحت لهم من أسباب الظهور الإعلامي، أغلقت منافذها دونه.
والمقارنة
دائماً ما تكون مجحفة بحق أحدهما دون أن تنتقص من قدر الآخر. فما يسعى إليه هذا
يرفضه الآخر ويراه سعيا محموماً في الطريق الخاطئ. وما يطرحه هذا لا يمثل بالنسبة
للآخر إلاّ انحرافاً عن جادة الصواب. وما يصنعه ذاك لا يمثل لهذا شيئا مذكوراً وإن
ناطح بعلوه السحاب. فلكل معماري منهجه، ولكلٍ فكره الذي صاغه عن تجربة عميقة
استمدت من التاريخ مرجعيتها ومن الواقع مبرراتها ومن البيئة مقوماتها ومن المستقبل
المنشود استشرافها ومن الذات خصوصيتها.
وكلها
اتجاهات تسير في خطوط متوازية نحو الإعمار، ولكن قد تواجه إحداها عقبات تعرقل
تقدمها في المسير وتؤخرها عن مواكبة الركب، ولكن هذا لا يعني أنها متخلفة. وقد تقف
في محطات لتراجع حساباتها، ولكن لا يعني ذلك أنها تعيش حالة سبات. وقد تفتقر لبعض
الفرص والحوافز والامكانات، ولكن هذا لا يعني قصوراً في الإدراك وعجزاً عن الإبداع.
لهذا
وجب أن تكون القراءة لكل شخصية من واقع الظروف التي صنعتها والمعطيات التي واكبتها
والواقع الذي احتواها، قراءة تستشف مكامن الإبداع وإن بدا يسيراً، وعناصر القوة
وإن بدت غير مؤثرة. وخط المسير وإن كان متعثرا. ونمط التفكير وإن بدا متواضعاً.
وبهذا
نصوغ للأجيال القادمة رموزاً محلية يسيرون على هديها، ومعالم ليبية يسترشدون بها
في طريقهم، ومدرسة فكرية يجتمعون تحت لوائها ويتدارسون منهجها بالنقد والتقييم
الذي يقود للإثراء ويدفع للإنجاز ويستحق أن يسطر بمداد من ذهب في سجلات تاريخ
الحضارة الإنسانية المعاصرة.
هذه المقالة، هي تعلقي على
مشاركة م. هاشم الزوي- 2011- 2012.
مصدر الصورة/ صفحة الهيئة
الليبية للعمارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق