جمال اللافي
الأشعار في عشق المدينة، يكتبها الأديب
بقلمه ويرسمها الفنان بريشته، أما المعماري فيخط دروبها بأفكاره ويرسم شوارعها
برؤيته ويبني صورةً لمعالمها حجراً بحجرٍ، يستقطعه من وجدانه وينحته بأحاسيسه
ويصفّه فوق بعضه البعض بإلهام من المولى عز وجل.
تتآكل وريقات الشاعر وتطويها المجلدات بين
ملايين الأسطر، فلا يمر عليها إلاّ قارئ عابر، يبحث عن شئ آخر. وتبهت لوحات الفنان
التشكيلي فتحتضنها خزائن الذكريات بعيداً عن أعين المتلقين، فلا يصادفها إلاّ عابث
بذكريات الزمن، فيبتسم في امتنان ثم يصفها مع الكثير من المهملات في ركن قصي.
ولكن المدينة تبقى شاهدة، تحكي عن أسطى
البناء وفكر المخطط وإبداع المعماري، كلما خَطَت قدم بين حواريها. وتلصصت أعينٌ من
بين ثنايا شبابيكها. وجلجلت مطرقة أبوابها في رحاب أفنيتها. وتوسد النائم والجالس
حجراتها. ولجأت الطفولة إلى زواياها المخبوءة لتصنع منها مراتع ألعابها.
فهل يستقيم بعد شعر المعماري شعر؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق