التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تعريف العمارة




جمال اللافي

مما قد يخفى عن الغالبية العظمى من المعماريين، أنه لا وجود لتعريف واحد مطلق للعمارة يفسر ماهيتها أو يحدد نطاق مجالاتها وأدوارها في الحياة. بقدر ما توجد تعاريف شتى، تتباين في تفسيراتها. قد تتعارض في منطلقاتها ولكنها في مجملها تتحد في غاياتها من حيث أنها تريد كلها تقديم تعريف قابل للفهم وسهل الاستيعاب. يعين الباحث على تلمس طريقه في مفترقاتها الممتدة ودروبها المتشعبة ومداخلها المتعددة. من خلال رؤية رسمت معالمها ومساراتها الممارسة العملية للمهنة. والانطباعات الشخصية التي تشكلها المعتقدات الدينية والثقافية المحلية وكثرة المشاهدات والمطالعات لتجارب محلية وأخرى عالمية حاضرة وسابقة. والتعبير عنها من منظور خاص. 


ليس أمرا نسبيا أو حالة مزاجية لا تستند على قاعدة سليمة أو منطلقات لها ما يبررها. وهو كذلك لا يتأتى بدعوة قسرية للحضور. ولا هو بطيف مفاجئ يأتي في سكون الليل. وإنما يخرج للحياة كبرعم أخضر شق طريقه في صخرة صماء، سقيت على مر السنين من غيمة الصبر والمعاناة وكثرة المداومة على البحث والاستقصاء.
تعريف العمارة،
هو رحلة شاقة وبحث مضني عن مجالس تثنى عندها الركب أمام معالمها الخالدة وشواهدها العظيمة التي تحكي عن سيرة المجتمعات الانسانية الدؤوبة في صراعها ضد نوازل الطبيعة. وضرورات الحياة. ومتطلبات الاستقرار. ورسالة الإعمار في الأرض، التي حملها بني آدم أبا عن جد. وهي التحدي المستمر للذات بحثا عن الأصالة والتجديد.

تعريف العمارة،
هو نتاج حالة إبحار دائم في متون الوعي بحثا عن موانئ ترسو عندها القناعات وتستقر المفاهيم. وهو سباحة ضد تيارات شتى جارفة، تحمل بين ثناياها معتقداتها وقيمها المتضاربة لتستعمر العقول قبل الأماكن. وهو احتماء بصروح راسخة الجذور، لا تعصف بها رياح التغيير كل يوم.

تعريف العمارة،
هو محاورة بين ذات المعماري وموضوع العمارة في محاولة تقترب من حالة الشغف لسبر أغوارها واستنكاه مكنوناتها لتبوح ولو ببعض أسرارها. ومثلما يقبل تنوع الرؤى واختلاف التوجهات وتعدد المنطلقات. إلاّ أنه أبداً لا يقبل النقض أو الإقصاء من أي طرف كان أو جهة ما. وتحت أي مبرر.

وأخيراً،
العمارة، هي علم تصميم الصروح والمدن. وفن صياغة الحياة. وأدب تشكيل الأفكار ورسم المسارات وإرساء حدود وأشكال العلاقات الإنسانية وتنوعاتها بين الأمم والمجتمعات والأفراد. مهمتها الأساسية توظيف الموارد والتقنيات الممكنة والمتاحة، لتوفر للإنسان ملاذا يحميه من تقلبات البيئة الطبيعية. ويحقق له الشعور بالأمن والاحتواء. ويوفر له فضاءات مغلقة ومفتوحة، متعددة الأنشطة ومتنوعة الأشكال والأحجام.

وهي البوتقة التي تحتضن ذاكرته ورؤاه وتطلعاته وقيمه وغاياته وقواسمه المشتركة مع بني جنسه. وأداته في التعبير عن ذاته وخصوصيته ضمن محيطه الإنساني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...