وحدة سكنية- ابعاد القطعة 8.5 م. × 19 م. |
أحد زملاء
الدراسة بقسم العمارة والتخطيط العمراني، التقيت به فأخبرني أنه اطلع على المبنى السكني
الذي أشرف على تنفيذه بمنطقة الحشان، وقرر أن لا يبدي إعجابه به.
فسألته عن السبب
(من باب الاستفادة من مآخذه على المبنى، حتى تؤخذ بعين الاعتبار مستقبلا). فأخبرني
أن البيت كبير الحجم ولا يملكه إلاّ من كان من الطبقة المترفة. وكان من الأجدى لي تصميم
وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود.
فأخبرته أن لدي العديد
من المحاولات التصميمية لبيوت ذوي الدخل المحدود، بعضها كان من اجتهادي الفردي ودون
تكليف من أحد والبعض الآخر مشروع إسكاني تم تصميمه بناء على طلب أحد المستثمرين (بعد
أن اقنعته بالتوجه إلى بناء الوحدات الصغيرة). وأن هناك مسابقة معدة بالخصوص بين المعماريين
للتنافس على تصميم مجموعة من الوحدات السكنية ضمن هذا المشروع، لترسيخ هذا التوجه عند
جميع المعماريين.
المسألة
هنا لا علاقة لها بطلب الإعجاب من عدمه (فليست هذه من القضايا التي تشغل بالي). ولكن
بطبيعة العمل التصميمي الذي يقوم به المعماري، فهو رهين دائما بالعرض والطلب. فأنت
تعرض استعدادك لتصميم أكبر المشاريع إلى أصغرها. ثم لا يأتيك إلاّ من يطلب أصغرها.
وهنا المقصود بالمشاريع الكبيرة هو (المشاريع الإسكانية مكتملة المرافق الخدمية والبنى
التحتية أو المشاريع التعليمية أو الإدارية أو التجارية... وكل ما في حكمها). أما المشاريع
الصغيرة فالمقصود بها الوحدات السكنية الفردية، وهي بدورها تتنوع بين وحدات سكنية كبيرة
المساحة وصغيرة المساحة.
وكما
جرت العادة فغالبية الزبائن هم من الطبقة ميسورة الحال القادرة على تكاليف بناء منزل
مستقل. أما ذوي الدخل المحدود فهم الطبقة غير القادرة على تكاليف بناء وحدة سكنية صغيرة.
وهم عادة يعتمدون على المشاريع الإسكانية التي تنفذها الدولة وتباع لهم بالتقسيط المريح.
أو يعتمدون على ضربات الحظ التي تأتيهم من خلال ميراث للجد أو الأب أو الأم، يمكنهم
من الحصول على مبلغ مالي يكفي لتنفيذ وحدة سكنية صغيرة الحجم (وهذا النوع من الزبائن
ناذر جدا).
المعماري
لا يسأل ولا يحاسب عن حجم المشروع الذي يصممه، فهو لا يملك مقاليد الأمر هنا إلاّ بالرفض
أو القبول. ولكن يمكن محاسبته على المشاركة في مشاريع تكون من ورائها مخالفات شرعية
أو أخلاقية تضر بقيم المجتمع أو المحيط المجاور لمثل هذه المشاريع. يحاسب على التوجه
المعماري الذي التزم به ومدى ارتباطه بالموروث الثقافي للمجتمع. يحاسب على عدم مراعاته
للجوانب الاقتصادية في تصميم وتنفيذ مشروعه بحيث يأتي مكلفا جدا في إنشائه ومواده وتشطيبه.
يحاسب على عدم مراعاته للظروف البيئية والاعتبارات الاجتماعية والثقافية في مشروعه.
يحاسب على كل ما يملك مراعاته ولم يأخذه بعين الاعتبار حين باشر في تصميم مشروعه.
زميلي
العزيز، أنت معماري وتعي جيدا هذا، فحاسبني على ما أملك. ولا تحاسبني على ما لا أملك
له من الأمر شيئا. حاسبني على الإفساد ولا تحاسبني على حجم الإعمار الذي أتيح لي إنجازه
بتوفيق من الله عز وجل وعونه. حاسبني على تقصيري تجاه المهنة عندما أقصر في حقها...
عندها سأكون ممتنا لك ولأي ملاحظة تسديها لزميل لديه الاستعداد التام لتقبل أي ملاحظة
أو رأي قد يسهم في تصحيح مساره المهني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق