.jpg)
بقلم: أحمد محمد المرابط

في هذه الأحداث المأساوية الداكنة، كانت الحياة فوق هذه الأرض شبه مستحيلة، القتل والتشريد، الهجرة، المطاردة بالإضافة إلى قسوة الطبيعة حيث أن اغلب مساحة البلاد صحراء بحار من الرمال، بلا ماء بلا عشب، فلا استقرار ولا عيش كريم.

طبعت بعض الصور البريدية لمشاهد من المدن والقرى والأرياف مرسومة بالألوان المائية.


في تلك الفترة تأثر بعض الفنانين التشكيليين من تلك الأشكال والمعطيات والأساليب وكان من الذين تأثر بذلك المرحوم/ المهدي الشريف ا والمرحوم محمد الارناؤوطي، وابو القاسم فروج ثم خرج جيل آخر وخصوصا بعد فتح المدارس الثانوية العربية .

ثم توالت المواهب فكان في طرابلس الفنان محمد البارود والفنان عبد المنعم بن ناجي والفنان الهاشمي داقيز والفنان على القلالي. كان الفنان محمد الباروني عصاميا ومحترفا للرسم إلى اليوم وكان له مرسم خلال الستينات والسبعينات على شاطئ جنزور ثم استقر به المقام رساما في بيته أما الآخرون فقد تم حصولهم على بعثات دراسية إلي الخارج في مجال الفنون وانهوا دراستهم وعادوا ليساهموا في إثراء الحركة التشكيلية كل حسب تخصصه واختياره.

كذلك، التحق الفنان على سعيد قانة ببعثة دراسية في فن النحت والرسم. الزيتي فبجداري والتحق الفنان مصطفى الخمسي، والتحق الفنان الطاهر الأمين المغربي، والفنان محمد عبد الحميد الصيد والفنان احمد الشريف والفنان المرحوم احمد الحاراتي والفنان عبد السلام المرابط. الفنان محمد عزو والفنان على ارميص والفنان يوسف كافو والفنان على مصطفى رمضان والفنان محمود الشريف والفنان محمد شعبان.

وبعدما انهوا دراستهم الاكاديمية بدأوا يعودون تباعا منهم من تحصل على درجات متفوقة عادوا ليا خد كل منهم مكانه بين صفوف مجتمعهم سواء بالتدريس بالجامعات والكليات والمعاهد أو التحقوا بالدوائر التي تهتم بهذا المجال.
تأسس نادي الرسامين سنة 1960على يد مجموعة من الهواة ومحبي هذا الفن وكان مقره مغمورا بإحدى الفرق المسرحية سرعان ما تركوه لمجموعة من الشباب من-الجيل الجديد الذين تألقوا في المعارض المدرسية والمهرجانات الشبابية، منهم على العباني أحمد المرابط، محمد الحاراتي خليفة التونسي، محمد الساعدي يوسف القنصل، فتحي الخراز والصيد الفيتوري كانوا أعضاء في إدارة النادي وكان يتردد على النادي مجموعة من الهواة منهم احمد ابوصوة مفتاح أبو طلاق، احمد التركي، عبد القادر المغربي، على عامر، عمر سويدان بالإضافة إلى مجموعة من الشباب محبي هذا الفن وقد قاموا جميعا رغم الإمكانيات المتواضعة لعدة نشاطات جماعية ومعارض بجناح خاص بمعرض طرابلس الدولى سنويا وأقاموا معرضا بنادي الهلال بمدينة بنغازي. أقام الفنان الطاهر المغربي قبل أن يوفد للدراسة مع الفنان محمد عزو والفنان الأمين المرغني أقاموا بمدينة طرابلس المعرض الليبي الأول.

أسس الفنان على سعيد قانة قسم الفنون التشكيلية بالجامعة بمدينة طرابلس واسهم في تخريج العديد من الفنانين سواء بقسم الفنون أو العمارة وكانت له إسهامات جادة بنادي الرسامين .
تم إصدار كتاب " تأملات وأضواء " على مصطفى رمضان الطاهر المغربي- على العباني -


تم توالت البعثات الدراسية التحق الفنان بشير حمودة ، ثم على العباني يوسف القنصل، والمرحوم مسعود الباروني التيجاني احمد زكي ، فتحي الخراز ثم عمر الغرياني ، سالم التميمي / محمد الشريف، ، فوزي الصويعي ، عياد هاشم.


من الفنانين الذين كان لهم نشاط بارز في مدينة بنغازي حسن بن دردف عمل رئيسا لدائرة الفنون التشكيلية ببنغازي- والفنان احمد أبو ذراعه رئيسا لقسم الفنون بالجامعة الفنان محمد استيته مدرسا بجامعة بنغازي - اسمهان الفرجاني خريجة كلية الفنون القاهرة الفنان محمد سويسي رئيس قسم الفنون بمدينة درنة وغيرهم من الشباب الواعد الذين لا يتسع المجال لذكرهم.

كان الفنان عبد السلام النطاح والفنان المرحوم مسعود الباروني يمثلون ثنائيا منسجما يحترفون الرسم إلى جانب تدريسهم لهذه المادة وكان ثالثهم الفنان حسين الجواشي الذي كان تدريسه للرسم يأخذ كل وقته وجهده.
أما مجموعة مدينة الزاوية فهناك الفنان عمران بشنة والفنان عبد الصمد والفنان امحمد الاصقع وغيرهم من الشباب. كان محور الإنتاج الفني منذ بدايته محاكاة للواقع.
كان ذلك كله هو النبع الذي ارتشف منه الفنان رحيق إبداعه ليحيله إلى لوحات تجسد ارتباطه بأرضه وقيمه ولاقت هذه الأعمال استحسانا داخل البلد وخارجه بالمعارض الجماعية و لفر دية.

وظهرت مجموعة أخرى من الشباب أجادت الرسم الساخر وقد تم نشر مجموعة من الأعمال على صفحات المجلات والجرائد كان منهم من تأثر بمدرسة الفنان محمد الزواوي ومنهم من كانت له شخصيته المستقلة، ومن الفنانين الذين أبدعوا في هذا الفن ا محمد عبية ا محمد الشريف ا الفنان المهدي الشريف سبق ذكره في أول المقال . د ا عياد هاشم التيجاني احمد زكري - وهؤلاء يجيدون الرسم الواقعي وأقاموا عدة معارض فردية ومشتركة والفنان محمد نجيب واحمد ابوقريفة ، عوض القماطي وعبد الرحمن بحيري- وغيرهم.
زادت دائرة الفنانين التشكيليين اتساعا وأدت الكليات والمعاهد دورها في أقسام الفنون التشكيلية وتخرج الكثيرون من الجيل الجديد وضاقت أقسام الكلية بالراغبين للالتحاق لدراسة هذه الفنون الأمر الذي عجل قبل نهاية الثمانينات بانشاء كلية الفنون الجميلة والإعلام وهو حلم راود الكثير ، ومع مرور ا لسنوات بدأت دفعات من الجيل الواعد تتخرج تباعا من كل فروع وأقسام الكليات والمعاهد الأخرى ذكورا وإناثا سيذكرهم المستقبل كل حسب نجاحه.


أنشئت الدار الليبية للفنون ولها قاعة عرض جميلة بمجمع ذات العماد كانت جهود الفنان على مصطفى رمضان في إنشائها واضحة وطيبة. كما أنشئت دار الفنون بشارع السابع من نوفمبر بطرابلس وكانت أيضًا لها قاعة جميلة وكانت جهود الفنان على مصطفى رمضان والفنان فوزي الصويعي مع ثلة من محبي هذا الفنان واضحة وقد تم بالدارين المذكورتين عدة معارض جماعية وفردية ذات مستوى رفيع. أنشئت عدة قاعات خاصة بمختلف المدن الليبية.

تطور العمل الفني واصبح اكثر رصانة وأجود تقنية وافضل إبداعا وأوسع وعيا، لم تمر مناسبة وطنية أو قومية إلا وكان للفنانين إسهامات جادة بها، أقيمت المعارض المتنوعة الفردية والجماعية ساهم الكثير منهم بتصميم العديد من الأوسمة والأنواط والشعارات، رسمت الملصقات والتصاميم اقتنيت الكثير من الأعمال الأصيلة ثم استنساخ العديد منها. دخلت اللوحة الفنية إلى الفنادق والأروقة والدوائر والبيوت، ثم إنجاز الكثير من الأعمال الجدارية. ارتفعت قيمة العمل الفني بعدما كان يباع للسائحين برخص التراب. كل ذلك لم يكن عملا سهلا بل على العكس تماما فقد ناضل الرواد ومن تبعهم بجهد لا ينقطع وصبر لا ينفذ وعزيمة لا تلين.
هذه ومضة مختصرة وشريط عابر عن مسيرة الفنون التشكيلية في ليبيا، قد أكون نسيت الذين لم تسعفني الذاكرة على تذكرهم فأرجو المعذرة من الذين لم أتتذكر، وكل ما يهمني في هذا السرد لحركة الفنون التشكيلية التي كان في الماضي اسمها مغمورا وطلسما لدى الكثير أصبحت اليوم تبشر بمستقبل زاهر. وهذا أيضًا طموح كل المحبين لهذا الفن الرفيع في هذا البلد الجميل.