أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الثلاثاء، ديسمبر 02، 2025

بيت بلا سقف: تأملات في العمارة الليبية

 

في مكتب لوكوربوزييه، يُصاغ الفكر، حين تتوحد الجهود.

جمال الهمالي اللافي

في ليبيا، حيث تتجاور الأصوات الثقافية في فضاءات الأدب والفن والتاريخ والبيئة، تتولد لقاءات ومعارض تُثري الوعي وتفتح أبواب الحوار. هناك، يجد كل مجال طريقه إلى الناس، ويترك أثره في الذاكرة الجمعية. وحدها العمارة، التي كان يفترض أن تكون بيتاً جامعاً للهوية، ما تزال غريبة عن هذا المشهد، كأنها تقف على الهامش، بلا مشروع يربطها بالناس ولا رؤية تُنضج حضورها.

المشكل ليس في غياب الموهبة أو قلة التجربة، بل في غياب الفكر المعماري المشترك الذي يؤسس لوعي جديد. العمارة الليبية اليوم تبدو متشظية، بلا خط جامع، بلا لغة تُترجم روح المكان، وبلا مشروع يوازن بين الأصالة والابتكار. كأنها جدران ترتفع بلا سقف، أو جزر متباعدة لا جسور بينها، فلا حوار يتولد، ولا بيت يُبنى على المشاركة.

إن عمارة بلا رؤية، مهما ازدانت واجهاتها، تظل غريبة عن أهلها. والمكان الذي لا يُبنى على الوعي، يبقى مجرد بناء، لا عمارة. لذلك يبقى السؤال مفتوحاً: كيف يمكن للعمارة أن تستعيد دورها كبيت للهوية، وأن تتحول من جدران متفرقة إلى فضاء جامع؟

ربما يكمن الجواب في العودة إلى جوهر العمارة: أن تكون لغةً للناس، لا استعراضاً للنخبة؛ أن تكون جسراً بين الماضي والحاضر، لا قطيعة بينهما؛ أن تكون بيتاً يليق بالذاكرة، ويحتضن المستقبل. عندها فقط، يمكن أن تُسمى عمارة، لا مجرد بناء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...