جمال الهمالي اللافي
مقدمة
تُعد العمارة المحلية المعاصرة
مرآةً لهوية الأمة وميراثها الحضاري، وهي ليست مجرد ممارسة تقنية أو جمالية، بل
مسؤولية ثقافية وأخلاقية. غير أن بعض الممارسات التصميمية الحديثة تنطلق من عقلية
"الإلغاء والإحلال"، متجاوزة حدود المسؤولية، ومهددةً بطمس الهوية
وإضعاف الرصيد الحضاري.
أولاً: مستويات التعاطي مع
العمارة المحلية
- الحفاظ: على العناصر
التي أثبتت صلاحيتها وملاءمتها لمتطلبات الواقع المعاش.
- الإلغاء: لما لا يحقق
تلك المتطلبات أو يعيق التكيف مع الحاضر.
- الإصلاح
والتعديل: لما يمكن تطويره دون أن يُستبدل أو يُمحى.
هذه المستويات الثلاثة تشكّل إطاراً عملياً للمصمم، يوازن بين
الأصالة والتجديد، ويمنع الانزلاق نحو القطيعة مع التراث.
ثانياً: خطورة عقلية الإلغاء
والإحلال
- تجاوز
المسؤولية: حين يتعامل المصمم مع التراث وكأنه ملك شخصي قابل للمحو.
- تغريب الهوية: عبر استيراد
نماذج لا تنتمي إلى السياق المحلي.
- فقدان
الاستمرارية: إذ تتحول العمارة إلى أداة قطيعة بدل أن تكون أداة وصل
بين الماضي والحاضر.
ثالثاً: البعد الحضاري للعمارة
العمارة ليست مجرد مبانٍ أو
زخارف، بل هي سجل حيّ لتجارب الأمة وذاكرتها الجمعية. كل إضافة معمارية يجب أن
تُقرأ كصفحة جديدة في هذا السجل، لا كتمزيق للصفحات السابقة. ومن هنا يبرز السؤال
الجوهري الذي يجب أن يطرحه المصمم: ما الذي يستطيع أن يضيفه للرصيد الحضاري
لأمته؟
خاتمة
إن مسؤولية المصمم المعماري،
والمصمم الداخلي، ومصمم عناصر التأثيث والزخرفة، ومنسق المواقع، لا تقف عند حدود
الإبداع الفردي، بل تتجاوزها إلى حماية ميراث الأمة وصون هويتها. فالإبداع الحقيقي
ليس في الهدم أو التغريب، بل في الإضافة الواعية التي تعزز الرصيد الحضاري وتخدم
الواقع المعاش.
تنويه: هذا المقال يمهّد لبيان
معماري موجَّه للممارسين والطلاب، سينشر على صفحتي في فيسبوك، ليضع المبادئ
العملية التي تكمل هذا الطرح النقدي.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق