|
جمال اللافي
الإخراج المعماري
للمشاريع، هو في حد ذاته جزء أصيل في تصميم المشروع ولا يخرج عن أهدافه في شئ. وهو
انعكاس صريح لفلسفته وطرح مضاف إلى طرح المشروع العام.
لهذا
فهو مطلب حيوي لإنجاح رسالة المشروع، لا يمكن تجاهله. وبالتالي لا يمكن تفويض الأمر
فيه لأي كان. ولأنه تصميم في حد ذاته، نابعا من فكر خلاق ومبدع، فلابد أن يوكل أمره
لمن لديه القدرة على استيعاب طبيعة المشروع والفلسفة القائم عليها. بل هو امتداد لما
نسمية الطراز المعماري للمشروع.
هذا الأمر
قد يكون شيئا بديهيا ومسلّمة عند مصممي الجرافيك في العالم المتحضر فكريا والمنفتح
عقليا والمتعطش دوما للإبداع. فلا يكفي الإلمام بتقنية إخراج المشاريع، فهي أداة تنفيذ
يحركها عقل واعي أو عقل ساهي.
ولهذا
يبقى إخراج المشاريع واحدة من المعضلات التي تواجه المعماري عند استكمال مراحل تصميم
المشروع واقترابه من مرحلة التسليم النهائي. وأذكر في هذا الصدد أن الدكتور عبدالجواد
بن سويسي باعتراضه على الإخراج المعماري لأحد مشاريع الطلبة ووصفه بالكرنفال، قد وضع
إصبعه على ما يمكننا أن نقول عنه هوية المشروع من خلال اسلوب إخراجه المعماري. فلا
يكفي أن تكون فنانا في التلاعب بالألوان لتحقق حالة الإبهار دون أن يكون هذا التلاعب
(لو صح التعبير) منطلقا من الفهم الدقيق لطبيعة المشروع والمستهدف من عملية الإخراج
المعماري له. فهو في حقيقته ليس عملية تلاعب بقدر ما هي حالة تفكير عميق، واعي ومتزن
يستلهم من المشروع منطلقاته الفنية والتعبيرية والجمالية. هو أيضا وسيلة خطاب تضيف
للمشروع معنى آخر، يعطي له بعدا فكريا داعما ومساندا للأبعاد الفكرية التي يطرحها المشروع
نفسه.
التقنية
الحديثة أثرت أساليب الإخراج ببرامج فائقة الجودة.وغياب العقل المفكر افقد هذه التقنية
فاعليتها فتحولت إلى وسيلة بدائية سمجة، قد تسئ للمشروع أكثر مما تخدمه.
مصمم الجرافك، يفترض
بك أن تكون مفكرا مبدعا، قبل أن تكون فنيا منتجا لإسلوبك الخاص والسهل والمكرر في إخراج
المشاريع المعمارية. وعندما تصبح كذلك فمرحبا بك... فأنا ابحث عنك منذ زمن بعيد. ومشاريعي
المتواضعة تحتاج لبصمتك لتكمل رسالتها الفكرية والثقافية.