جمال اللافي
معماريو اليوم، يرفعون أحجاراً وأعمدةً صبت من خرسانة وحديد مسلّح. ويصممون الفراغ تلو
الفراغ، ليؤدي إلى تشكيلة من الكتل، يغلفها ما يشبه التناسق الجمالي، إلى الحد
الذي يرضي الزبون، الفاقد للذوق الفني والإحساس الجمالي، لأنه لم يتربى عليه في
أسرته، ولم يتعلمه في المراحل الدراسية التي مرّ بها، ولم يتلقاه من الإعلام
المحلي، الذي يخصص جلّ برامجه لتمجيد الرئيس والقائد والملك والسلطان، ولا تتناوله
الصحف المحلية ولا المجلات الثقافية، بقدر ما يتناولون الإسفاف الأدبي والانحدار
الفني بالتعظيم والتهليل... فأنتجوا لنا عمارة تغلفها الفوضى وأخلاقا يسودها
الانحطاط.
في حين كان أسطى البناء التقليدي يؤسس للقيم
الفاضلة ويرفع فوقها جدران الأصالة والانتماء للجذور الخيّرة والبيئة الطيبة. ذاك الأسطى
الذي لم يتلوث فكره بالنظريات الجوفاء، ولم يتعلم في مدارس صناعة الحمق وتفريخ
الجهلة، ولم يقرأ جرائد الإسفاف، ولم يتلق قيم الانحطاط من إعلام فاسد ومأجور. فلم
تبهره لا حضارة الغرب ولا الشرق. بل تربى في بيوت اجتمعت في رحابها العائلة، ورضع
من حليب الأم الاعتزاز بالذات وبالقيم الفضيلة، فنظر تحت قدميه وما هو بين يديه...
فأنتج لنا عمارة القيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق