قرية طمزين
الأستاذ/ سعيد حامد
باحث تاريخي
هي من قرى جبل نفوسة القديمة تبعد عن مدينة طرابلس بنحو
250 كم وعن مدينة نالوت بنحو 55 كم و يتم الصعود إليها عن طريق يصعد إليها من تيجي
ويعرف باسم شليوني طمزين. الاسم باللغة الأمازيعية وتعنى الشعير وحسب الرواية المتداولة
بين أهلها باختصار أن رجلا غنيا كان يستشير من بين أهلها ولكنه افتقر ولم يعد
يستشار و أكرمه الله بزرع كما يقال صابه فأصبح من من الأغنياء واستدعى مع جماعة
للاستشارة وطلب منه الحضور فقام باحضار صرة صغيرة معه ولما تم الإلحاح عليه ليقول
رأيه فتح الصرة وكان بها شعير وقال باللغة الأمازيغية ما معناه تكلم يا شعير كناية
عن أن من دعى إلى الاجتماع المال وليس شخصه وهذه بالطبع من الروايات التي تؤل
الاسم كما في بعض المدن الأخرى
وهذه القرية كما يقول عنها الشيخ علي يحيى معمر كانت
عامرة برجال فيهم علم وفضل. تذكر الرواية المتداولة بين أهالي طمزين أنها تأسست
سنة 777 هجرية إذ وجد هذا التاريخ مكتوبا على صخرة بجوار قصرها وأن أهل قرية تحارت والتي تبعد عنها بنحو 1 كم
قد انتقلوا إلى موقعها وتم بناءها ومهما كان التاريخ فهي قرية قديمة إذ ينسب بعض
العلماء الذين عاشوا في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي إليها .
القرية القديمة ما تزال تحتفظ بمعالمها وإن أثرت فيها عوامل الزمن والاهمال وانتقال أهلها إلى
مبان جديدة خارجها ويلاحظ الزائر لها اليوم الاهتمام من أهلها في تنظيف الطرق و
محاولة ترميم بعض بيوتها و هنا لا يسعنا إلا أن أن نشكر السيد عبدالله الهوفاري
الهوفاري على مجهوداته في ذلك مع تعاون بعض الأهالي والخيرين في دعمه ماديا
ومعنويا ويلاحظ مدى الجهد المبذول وتجميعه لمقتنيات تقليدية تعد نواة لتأسيس متحف
وهو بمجهوده وتعاون بعض الأهالي قام بعرضها ويستقبل زوار القرية القديمة ويطلعهم
على المقتنيات مع تقديم الشروح عليها.
لا يختلف معمار طمزين عن بقية مدن وقري جبل نفوسة وأيضا
المواد المستعملة في البناء من حجارة صغيرة وطين وجنس وجذوع النخيل وأغصان شجر
الزيتون. ومن أهم معالم المنطقة مدرسة أبي عثمان سعد بن أبي يونس الطمزيني وقد عاش
في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي تلقى تعلمه بمدينة تاهرت عاصمة الدولة
الرستمية على يد حاكمها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم وكان متبحرا في العلوم
الشرعي ولاه على قنطرارة و المنطقة
القريبة منها وعرف بالاستقامة والتدين . ولما تم تدميرها على يد إبراهيم بن
الأغلب الثاني بعد موقعة مانو 283 هجرية
وكانت الدولة الأغلبية قد تأسست على يد
إبراهيم بن الأغلب سنة 184 هجرية تركزت الحركة العلمية في قرية تمصمص جنوب طمزين والقريبة منها. وقد
استمرت المدرسة تؤدى دورها التعليمي إلى القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي.
ومن المدارس التي نالت شهرة مدرسة أبو محمد خصيب بن
إبراهيم التمصمصي وهو من علماء النصف
الأول من القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي أسسها في قرية تمصمص القريبة من
طمزين وتخرج منها العديد من العلماء ودرست بها أم ماطوس التي التحقت بها ودرست مع
طلبة المدرسة وهي فتاة وكافحت من أجل تلقى
العلم رغم معارضة أهلها ولم يمنعها بعد المسافة بين قريتها والمدرسة وأصبحت عالمة
وممثلة للمرأة في المجالس العلمية التي يعقدها المشائخ والعلماء في مختلف القري. من
أبرز الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد من العلماء أبو زكريا يحيى بن سفيان اللالوتي
عاش في النصف الثاني من القرن الرابع
الهجري / النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي وغيره.
من معالم طمزين بعض المساجد التي ما تزال قائمة ومنها
مسجد أبي عثمان بن سعد بن أبي يونس ومسجد الحاجة مسعودة واشتهر بين الأهالي بهذا
الاسم ولا يعرف عنها أية معلومات المسجدان
تعرضا لبعض الانهيارات البسيطة والنبش ويمكن ادارك ذلك بسهولة قبل أن يتسع اخرق
على الراقع. ومسجد تحارت وهي قريبة من
قرية طمزين عبارة عن غار تحت الأرض.
وهناك بعض البيوت في القرية القديمة في حالة جيدة وتوجد بها نحو ست معاصر للزيوت إداها في حالة
جيدة يمكن بتنظيفها وتهيئتها للاستعمال في
المهرجانات السياحية لتعرف الأجيال الجديدة طريقة استخراج الزيت الذي كان من
أهم المنتوجات في مدن وقرى جبل نفوسة.
أما قصرها فقد تعرض إلى التدمير في الحملة العثمانية
التي استهدفت قري الجبل في سنة 1843 وتم تهديم
القصور التي بين يفرن وكاباو وتعرض قصري قصري كاباو ونالوت إلى القصف بالمدافع
وكان سبب الحملة امتناع تلك المدن والقري عن دفع الضرائب ومساندة غومة المحمودي في
ثورته التي انتهت بمقتله في منطقة أوال القريبة من غدامس سنة 1858م.