المعمارية/ سهام المنصوري
السلام
عليكم، أود أن أفتح حوار حول التطور السكني في طرابلس. أرحب بالآراء المساهمة
وخاصة من المهندس المعماري، أحمد إمبيص والباحث المعماري/ جمال اللافي والمعمارية
بسمة سنّوقه والمعمارية
نادية رفعت. كما سيكون لأي مساهمات أخرى موضع تقدير أيضا.
الموضوع عبارة عن دراسة
اجتماعية- مكانية!
شهد
هيكل مدينة طرابلس الحضري أربع فترات للتنمية الإسكانية. وقد تغيرت تدريجياً
مفاهيم الإسكان وفقاً لهذه الفترات للتنمية.
العهد العثماني: المدينة القديمة في طرابلس، المسكن التقليدي
ذو الفناء (البيت العربي)، الدراسات السابقة أثبتت أن هذا النوع من السكن كان
مناسباً بيئياً واجتماعياً.
الفترة الإيطالية: تم تغيير مفهوم الإسكان المعتمد على الفناء،
وأشكال سكنية جديدة ظهرت. هل كان التصميم الإيطالي مناسباً و متفقاً مع مطالب
الأسرة الليبية؟
وخلال فترة الاستقلال( 1952): استمر مفهوم التصميم الإيطالي. ما كان رد فعل
السكان نحو الهيكل المكاني للوحدة السكنية؟
الفترة الحالية: المسكن ذو الفناء (البيت العربي) اختفى
تماماً من التخطيط الحضري لمدينة طرابلس. ما هو مستقبل البيت ذو الفناء في طرابلس؟
النوايا المستقبلية المحتملة لتطوير هذا النوع؟
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
أولاً، أريد أن استفهم منك م. ياسين عن المقصد من
جملة (الهيكل المكاني للوحدة السكنية)؟
ثانياً، بالنسبة إليّ وكرأي شخصي كمعمارية، أحب
بيوت المدينة القديمة وجمالياتها وإن لم أكن قد عايشتها بشكل مباشر. حقيقة فإنني
يوماً ما وخلال أحد الندوات المتعلقة بالإسكان تساءلت عن سبب عزوف الدولة و
المخططين الجدد عن إنشاء مدن أو أحياء حديثة تأخذ مواصفات والشكل العام للمدينة
القديمة. واستمر هذا حالي و حلمي تجاهها، بل انتقل الحلم لدي ليكون التساؤل عن سبب
عزوف الدولة عن تصميم مدن أو أحياء جديدة تتخذ أشكال المدن الليبية القديمة وتكون
مصغرة عنها وتكون فرصة لعاشقي العيش في البيئات التقليدية لخوض تجربة العيش في
بيئة وإن كانت مصطنعة ( و قد يكون هذا مأخذ على الفكرة ) حيث أن الشكل غير أصيل و
المحتوى تلفيقي إلاّ أنني أرد على نفسي عندما أصل إلى هذا المستوى من التفكير بأنه
: بالإمكان تحويل هذه الأحياء الصغيرة الى استديوهات تمثيل حي، و لكن عظمة صناعة
السينما عندنا سابقاً كان عقبة أخرى أمام استرسالي في ذلك المسار.
وعندما
زرت غدامس ظهر لي خاطر آخر آلا وهو أنني شخص لا يستطيع العيش في البيوت الغدامسية.
وحالياً يخطر ببالي أن اقترح أو أوجه التفكير نحو معايشة العيش في البيوت
الطرابلسية القديمة بفنائها و أمطارها الشتوية وأتربتها الصيفية وغبار طلع أزهارها
الربيعي. لأن فكرة إنشاء مدينة مصغرة أو حي تقليدي مصغر لازالت تراودني وإن كانت
ستكون مصطنعة كما أسلفت إلاّ أن معايشتها ستخرج المعماري من الطور العاطفي تجاه
المدينة و بيوتها إلى طور التجربة والاختبار و الابتكار لحلول قد تكون سهلة و
ممكنة لتحقيق الحلم. وتكون تلك المعايشة تجربة دراسية حية ذات هدف وتخرج بتوصيات
التأصيل أو التجديد أو الاثنين معاً.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
بداية
بارك الله فيك م. سهام، على طرح هذا الموضوع القيّم الذي أضاف صفحة أخرى إلى
صفحات حواراتنا القيّمة، التي نريد من ورائها أن نصل إلى ترسيخ هوية البيت الليبي
المعاصر، الذي يأخذ في اعتباره جميع منظومات القيم التي افتقدناها في بيوتنا المعاصرة،
منذ بدايات القرن العشرين، تحت ادعاء الحداثة والتغيير والتطور ومجاراة روح العصر
وما يستجد فيه من أفكار ومشاريع معمارية وعمرانية.
وقد
يكون للاستعمار الإيطالي دور في خلخلة هذا النسيج العمراني التاريخي المتواصل عبر
العصور السابقة. ولكنه كان مرحلة يفترض أن تستقيم الأوضاع بعدها، إلاّ أنها استمرت
في نهجها التغريبي ووصلت إلى مدارك الانحدار بعد الاستقلال وفي عهد المقبور، حيث
لم تعد للعمارة في عهده- إن وجدت بهذا المسمى- معنى أو قيمة أو دلالة تعبيرية.
وأدعو
الزملاء والزميلات لإثراء الحوار أسوة بالمعمارية بسمة سنوقة، التي قدمت دعوة
لمعايشة بيوت مدينة طرابلس القديمة والعيش في أجوائها المتباينة مع تباين فصول
السنة. حيث يسمح الفناء المفتوح على السماء بتتبع تعاقب فصول السنة على هذه البيوت
يوماً بيوم. الأمر الذي لا يمكن معايشته داخل البيوت المعاصرة المنغلقة على ذاتها
والمنعزلة عن محيطها والمحرومة من ثمرات هذا التنوع في فصول السنة.
وقد
أكون أحد المحظوظين بهذه المعايشة عندما أتيحت لي أثناء فترة الدراسة بقسم العمارة
المكوث ببيت جد زميل الدراسة عبد المنعم السوكني لمدة سنة دراسية كاملة بصحبته
وصحبة الزميل رشيد كعكول. ناهيك عن فترة العمل بمشروع تنظيم وإدارة المدينة
القديمة وما تبعه من معايشة شبه يومية لبيوتها الطرابلسية.
وهي
تجربة بحثية وعملية أخرجتني من غلبة العاطفة إلى ملامسة الواقع. ولا أظنني بعدها
سأتخلى عن قناعتي بجدوى تلك البيوت وأهليتها للسكنى قروناً طويلة أخرى دون أن يفقد
هذا البيت قدرته على الموائمة بين متطلبات الإنسان في كل عصر والتعاطي مع
احتياجاته المادية والروحية على السواء، ناهيك عن قدرته الفائقة على التوافق مع
متغيرات الظروف البيئية بكل متغيراتها.
نحن
كمعماريين نحتاج لحالة صحوة وعودة للوعي كي ندرك إلى أي منحدر هالك نحن سائرون.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
سأبدأ
م. سهام بالإجابة الأولية وباختصار على أسئلتك التي طرحتها تمهيدا للدخول في صلب
موضوعك الذي طرحته، وستكون إجاباتي من خلال قراءتي الخاصة لهذه الأسئلة وليس من
خلال سرد التطور التاريخي للمسكن في ليبيا بالمفهوم المتعارف عليه.
السؤال الأول/
العهد العثماني: المدينة القديمة في طرابلس: السكن التقليدي
ذو الفناء (البيت العربي) الدراسات السابقة أثبتت أن هذا النوع من السكن كان
مناسبا بيئيا واجتماعيا.
الإجابة/
عندما
نتكلم عن نموذج الفناء( في البيت الطرابلسي التقليدي) دائماً ما نقول بلسان
الماضي، كان مناسباً بيئياً واجتماعياً، وكأني بالظروف البيئية والاجتماعية قد
تغيرت تغيراً جذريا بحيث لم يعد هذا البيت مؤهلاً في وقتنا الحاضر مثلما هو
مستقبلا ليكون النموذج الملائم بيئياً واجتماعياً.
وسؤالي، ما هي المتغيرات البيئية التي حصلت في
ليبيا، حتى أضحى هذا البيت غير ملائم بيئياً، وما معنى غير ملائم بيئياً حتى نتحدث
عن متغيرات في طبيعة المسكن الطرابلسي المعاصر.
في
اعتقادي أن هناك معلومة مغلوطة يتداولها البحاثة حول علاقة المسكن التقليدي
بالملائمة البيئية. لأننا قبل أن نتحدث في هذا الشأن، علينا أولاً التحدث عن حدوث
متغيرات في المناخ لم تكن معتادة وأصبحت تتعارض مع طرح نموذج الفناء، كهطول
الأمطار الشديدة وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون درجة الصفر مئوية.
السؤال الثاني/
الفترة الإيطالية: تم تغيير مفهوم الإسكان الفناء، وأشكال سكنية
جديدة ظهرت ... هل كان التصميم الإيطالي مناسبا و متفقا مع مطالب الأسرة الليبية؟
الإجابة/
رغم
أن الفناء كان دارجاً في الجنوب الإيطالي، إلاّ أن اهتمام المحتل الإيطالي كان
منصبا أكثر على تصميم وتنفيذ نموذج العمارات السكنية ونموذج الفلل السكنية التي
تفتح على حديقة خارجية من أربع جهات. وانحسر في عهدهم نموذج الحوش( البيت الذي
يتوسطه الفناء). وما تمّ طرحه كان بداية تغييب القيم التخطيطية والتصميمية الأصيلة
التي تأخذ في اعتبارها الجوانب الاجتماعية والثقافية والبيئية للمجتمع الليبي
المسلم، إلى فرض نماذج مخالفة لهذه الاعتبارات ومناقضة لها.
السؤال الثالث/
وخلال فترة الاستقلال: استمر مفهوم التصميم الإيطالي. ما كان رد
السكان نحو الهيكل المكاني للوحدة السكنية؟
الإجابة/
في
فترة الاستقلال وعلى المستوى الشعبي انتشر نموذج البيوت المتلاصقة التي تعتمد على
فناء متطرف في إحدى زواياه لتوفير الإضاءة للفراغات التي لا تطل على الشارع. وهو
محاولة يائسة لتحسين ظروف البيئة المعيشية التي تجاهلها المستعمر في مخططاته أو
لنقل في أحسن الأحوال أنه لم يوليها ذلك الاهتمام الكبير.
أما
على مستوى الدولة، فقد ظهر نظام العمارات ذات الأربعة أدوار. وفي فترة انقلاب 69
ولمدة 42 سنة استمر التعاطي مع النموذج المتكرر للعمارات السكنية متعددة الأدوار
والتي تباينت فيها الارتفاعات من 9 أدوار إلى 14 دور. وفي الحالتين كان المستهدف إسكان
أكبر عدد ممكن في أقل مساحة ممكنة، وبمنظور اقتصادي بحث، لا يضع في حساباته أي
اعتبارات إنسانية أو اجتماعية أو بيئية أو ثقافية.
السؤال الرابع/
الفترة الحالية: السكن الفناء (البيت العربي) اختفى تماما من
التخطيط الحضري لطرابلس . ما هو مستقبل البيت ذو الفناء في طرابلس؟ النوايا
المستقبلية المحتملة لتطوير هذا النوع؟
الإجابة/
في
خلال الخمسة عشر سنة الماضية وعلى المستوى الشعبي بدأ يظهر دور المعماري الليبي
بوضوح أكبر على الساحة وظهر معه نظام الفلل، التي اتخذت أشكالاً تعبيرية متنوعة
اختلفت باختلاف توجهاتهم وتنوعت بتنوع أفكارهم، التي كان من ضمنها تلك التي أعادت
الاعتبار لنموذج البيت ذو الفناء. إلاّ أن المعالجات لموقع هذا الفناء وإطلالة
الفراغات عليه أخذت منحى آخر مختلفا عن النماذج التي طرحت في بدايات استقلال ليبيا
في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، أو التي عرفت بمصطلح البيوت الطرابلسية
التقليدية، حيث كان الفناء يتوسط البيت، مثلما تنوعت هذه المعالجات عن سابقتها من
معماري لآخر، بحيث لم نعد نرى نموذجاً متكرراً يأخذ شكلا موحداً.
الأستاذ معماري/ أحمد إمبيص
يوجد
في طرابلس خمس أنواع من السكن:
بيت
السانية، وهو البيت العربي
ذو الفناء وكيفما نجده في سواني طرابلس، نجده في المدينة القديمة أكثر استعمالا
للمواد الثمينة والفارهة كالرخام والسيراميك والحجارة المنحوتة على حسب المستوى الاقتصادي
للساكن. ولكن روح المكان هي نفسها، الفناء حوله حجرات النوم والاستقبال(المربوعة)،
السقيفة.
أما
النوع الثاني، (الكوريدور هاوس) يتجلى بوضوح في مساكن مركز المدينة في شارع
بالخير وشارع ميزران وشارع عمر المختار، وهو البيت الإيطالي وغير مفضل عند
الليبيين. والسبب أن توزيع الحركة يتم من خلال ممر يقود أما للاستقبال مباشرة
(سوجورنو ومعيشه في العادة)، ثم حجرات النوم والحمام والمطبخ. حيث يتم استعمال
الفراغ ثم العودة إلى الممر لاستعمال الفراغ الأخر
النوع
الثالث، ظهر مع وجود
الأمريكان في قاعدة (الملاحة) وحقول النفط ، مما تطلب سكن خاص به in door وout door عائلات وما عُرف بالڤيلا
والنوع
الرابع، هو الشقق أو البيت
المعلق ويشترك أكثر من ثلاث عائلات في المدخل والخزان والسلالم والمجاري والبنية
التحتية بصفة عامة، ويكون لزاماً الاشتراك في الصيانة وخدمات المبني. وهذ النوع
الأخير لم يثبت نجاحه لعدم توافق السكان في المحافظة على المبنى الرئيس خاصة إذا
كان مملك بالقانون رقم أربعه قانون هرطقات المقبور، لأنه كان قانوناً مفرّقاً لا
مُجمعاَ.
النوع
الخامس، التقسيمات ذات
المساحة 120م مربع والـ 144م مربع. وأنا شخصياً اعتبره حل جيد واعتبره بيت المدينة
أو ما يعرف بالتاون هاوس. وقد عمل ليستوعب ثلاثة أجيال من سكان المدينة.
وقد
شمل منطقة قرجي ورأس حسن وطريق المطار والهضبة الخضراء وأبي سليم وأغلب التجمعات
السكانية التي غطت نسيج المدينة في أوائل السبعينيات من القرن العشرين. كانت تكلفة
تنفيذ هذا البيت لا تزيد عن 3000 دينار ليبي. واليوم نفس البيت تزيد تكلفته عن
150000 دينار ليبي.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
البيت
الليبي الأصيل كما ذكر الأستاذ أحمد تنوعت أشكاله وأحجامه وفقاً للظروف. وبخصوص
بيوت المدينة القديمة: ففي معايشة ليست بعيدة لدراسة قامت بها الدكتورة عائشة
المنصوري لبيوت المدينة القديمة. أجمع أغلبية سكانها بأنهم يتباهون بالعيش داخل
هذه البيوت مع إبدائهم لاعتراض بسيط عليها وهو وجود الفناء المركزي، و هؤلاء لم
تسعفهم ( ما بجيوبهم) لتغطيته، بينما قام مجموعة أخرى بإغلاق ذلك الفناء واستغلاله
كغرفة للمعيشة وذلك لاحتياجهم لباقي الغرف في المنامة، بينما احتفظ الآخرون بنفس
توزيع فراغات البيت كما هي وبامتنان وذلك لكونهم يقومون بالتوازي مع سكنهم هذا
ببناء بيت آخر في مكان آخر وعند سؤالي للبعض عن مواصفات ذلك البيت ذكروا أنه بدون
فناء مركزي.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
جميل
الإضافة التي قدمتها م. بسمة حول العلاقة المستجدة لسكان المدينة القديمة بالفناء.
وهذه تحتاج لجلسة خاصة لمناقشتها.
الأستاذ/ سعيد حامد
ما
رأيك في البيوت التي تنسب للفترة القره مانللية مثل ذلك البيت الموجود في منطقة
الأربع عرصات أو المجموعة التي بنيت داخل السرايا الحمراء، كما كانت توجد مجموعة
منها في منطقة الحارة الكبيرة، سكنها بعض الميسورين من الطائفة اليهودية وقد ضاعت
الآن، يعوّض الله.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
من
أي ناحية يا أستاذ سعيد. فهي من وجهة نظري لا تختلف عن نموذج البيوت الطرابلسية في
المدينة القديمة، إلاّ من حيث الاتساع أو الإطناب في التفاصيل والمفردات المعمارية
والزخرفية .
الأستاذ/ سعيد حامد
م.
جمال هذا ما كنت أقصده، غناء زخرفي، اتساع في المساحة، فناء متسع، المدخل المنكسر،
دار القبو، فهي تميزه عن البيوت الأخرى. وإن كانت المدينة تفتقر إلى بيوت تعود إلى
الفترة العثمانية المبكرة.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
في
إجابة عن مستقبل الفناء في البيوت المعاصرة، كنت اليوم بعد العصر في زيارة( لمكتب
الفناء للاستشارات الهندسية)، والتقيت م. أحمد ساسي المغربي، الذي أخبرني أن
الزبائن بدوا يتصلون بمكتبه لبناء بيوت الأفنية من خلال اقتناعهم بهذا النمط بعد
معايشته في الواقع من خلال المساكن المنفذة. وأشار إلى أنه لم تعد هناك حاجة
لمحاولات الإقناع بفكرة بيوت الأفنية، لأن القناعة قد وصلت وأصبح الكثيرون من
الزبائن يعربون عن رغبتهم في هذه النماذج المعاصرة.
الأستاذ معماري/ أحمد العجيل
يسيل
لعاب المعماريين عند تداول موضوع الفناء. والاسباب منها الواضح ومنها الغامض. والفناء
في مفهومه العام هو التوجه بفراغات المبني للداخل. وقد استخدمه الرومان ولذلك نراه
متداولاً في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط. والعديد من الدراسات تثبت فعاليته من
الناحية البيئية والاجتماعية والاسلامية والمعمارية والحضرية. كل من يتعامل مع
العمارة المحلية يجد نفسه مسحوراً بالطاقات الكامنة التي يحملها الفناء.
الفناء،
كفراغ معماري وحضري له ضوابط منها النسبة والتناسب وطريقة الاستعمال كجزء من
منظومة داخلية و منظومة النسيج الحضري للمدينة. العديد من المحاولات المعمارية تصطدم
بمحددات التخطيط العمراني والتي تبدأ من أبعاد قطعة الارض وشروط توزيع الأفنية إلي
الضوابط المتعلقة بالطرق.
الشوق
للماضي في المعمار لتجربة حياة قد يكون البعض ممن حولنا عايشها أو لمس أطرافها من
الأحاديث حولها. يري العديد من الباحثين أنها مسألة عاطفية. ورغم ذلك بعض
المعماريين في أمريكا يدفعون في هذا الاتجاه. وبعض التجارب الجادة والتي تم تنفيذها
لاقت استحسان الناس وفرضت الأفكار نفسها بقوة ضغط المستثمرين الذين وبالطبع دعموا
هذه الأفكار وغيروا حتي قانون التخطيط لتقبل هذه التصاميم " وغرضهم بالطبع
الربح". هذا الإتجاه اسمه new
urbanism ظهر في أمريكا في 1990 وهو- في
خلاصة- يعكس الأفكار التي تداولتها "م. بسمة".
هذا
الاتجاه يحتاج لتغيير في قوانين التخطيط العمراني.
المعمارية/ منى الشامس
من
وجهة نظري يقدم البيت ذو الفناء خصائص فنية وجمالية ومناخية واجتماعية أكثر من
جيدة للسكان في طرابلس. وبالرجوع لبيوت المدينة القديمة وبالمعايشة من خلال دراستي
لاحظت هذه الخصائص وكيفية تحقيقها. المهم أن تكون القيم التصميمية للفناء جيدة من
خلال المواد وأقصد هنا مواد الإنشاء والبناء وكذلك التوجيه بالنسبة للفناء
وارتفاعه ومساحته ووجود بروزات من عدمها وغير ذلك. مع تكييف الشكل والموقع مع ما
جد من تغير في مفهوم السكن في المنطقة حديثاً.
والسؤال
هنا، ما مدي فاعلية هذا
النوع من التصميم وأقصد التصميم ذو الفناء في رفع كفاءة العمارة السكنية الراسية
؟؟ وهل يمكن أن نستغني عن التصميم التقليدي للعمارات السكنية بحيث يكون تصميمها
معتمداً على مفهوم التدرج في توزيع الكتل بالتزامن مع وجود أفنية داخلية تغني عن
استخدام ما يعرف بالتراس أو البلكونة المفتوحة على الخارج ؟؟ وأيضا العمل على أن
يكون هناك تغيير في الاشكال الاعتيادية للعمارة السكنية الرأسية لدينا ؟؟
المعمارية/ نادية رفعت
شكراً
لك م. سهام، على هذا الطرح الشيق. في الفترة العثمانية كان السكن كما نعلم جميعاً
يقتصر على ( البيت العربي كما يسمى بالدارجة ) ذو الفناء مع تفاوت في المساحات و
في ثراء المفردات حسب الحالة الاقتصادية للأسرة، و كانت الأسرة تنمو و تتفرع داخل
هذه المساكن فيشهد المسكن أجيال و أجيال متتالية، و يشهد حياة اجتماعية وثيقة الروابط
بحلوها ومرُها. بعدها تطورت المدينة و نمت خارج أسوارها في أواخر العهد العثماني
وأوائل العهد الإيطالي الذي أدخل لنا نوعين جديدين من المساكن: الشقق و (الفيلات )
مثل منطقة مدينة الحدائق و كازا لانجس و غيرها، وتميز البناء في العهد الإيطالي
باحترام البيئة المحلية نوعاً ما، و ذلك باستخدام مواد ملائمة للبيئة المحلية
وإدخال بعض المفردات المحلية كما في قصر بالبو و بعض العمارات السكنية المجاورة
لأوبرا الميراماري ، حيث انبهر أهالي المدينة بهذه المساكن و الفيلات و أصبح ( موضة
) فاتّبعوها تاركين البيت ذو الفناء.
ثم
في عهد المملكة ظهر نوع آخر من العمارات الاقتصادية المتعددة السكان ( مشروع إدريس
للإسكان ). كذلك شهدت المدينة التقاسيم الخاصة التي شكلت نسبة لا بأس بها من هيكلة
الفراغات الحضرية وفق تصانيف حددتها قوانين البناء التي لا تشمل في حيثياتها (
المسكن ذو الفناء ) و بعد ذلك - في عهد الطاغية - ازدادت هذه المشاريع الإسكانية
العالية الارتفاعات وبشكل أرهق المدينة وشل حركتها، و في نفس الوقت - على المستوى
الخاص - شهدت المرحلة انفلات في مخالفات البناء و التشويه والقبح. كذلك نلاحظ
المبالغة في المساحات في المساكن الخاصة و التي تدل على المغالاة في التباهي على
حساب الراحة.
هذه
باختصار رحلة مختصرة جداً في التاريخ. و العمارة دائماً مرآة عاكسة للسياسة. وفي
اعتقادي أحد أسباب انقراض البيت ذو الفناء هو عدم مراعاته في المخططات و القوانين
واللوائح المنظًمة للبناء حيث إن من وضع القوانين الحالية لم يدرج بها تصنيف البيت
ذو الفناء ( س1.. س2 .. س3 ..س4 الخ )، كل من هذه التصانيف لها شروط و مواصفات لا
يخضع لها البيت ذو الفناء. كذلك من الأسباب ظهور الفيلات ذات الحدائق ذات المساحات
الشاسعة التي باتت موضة العصر و أبهرت العامة فاتّبعوها.
وقد
نستطيع اليوم أن نطوّر تصميم البيت ذو الفناء بما يلائمنا فمثلاً أصبح اليوم هناك
تغطيات جميلة جداً - قابلة للفتح - تساهم في الحماية من العوامل الجوية و في نفس
الوقت تحتفظ بإحساس الفراغ المفتوح.
المعمارية/ سهام المنصوري
شكراً
جزيلا لجميع الآراء والمساهمات. م. بسمه، أقصد بالهيكل المكاني (Spatial Structure ) التوزيع الفراغي للوحدة السكنية وكيف يتفاعل المستخدم فيها
اجتماعياً.
الأستاذ معماري/ أحمد إمبيص
صممت
بيت ذو فناء، تستطيع استعمال فراغاته دون استعمال الفناء قسراً، أي لستَ مجبوراً
على استعمال الفناء لكي تصل إلي باقي فراغات البيت، مما تحاذر منه العائلات
الحديثة بأن يكون الفناء مصدر للحرارة أو البرد أو التراب (في أيام الغبّيري )
المعمارية/ سهام المنصوري
البيت
العربي قد يأخذ أشكاله المتعددة وفي سياق معاصر يتماشى والبيئة والمجتمع في صورته
المعاصرة، وتعتبر عمارة المساكن من أهم العناصر الحضرية (urban form) التي
تشكل جزء مرئي في النسيج الحضري للمدينة (urban fabric) ليس
بالضرورة أن تكون البيوت ذات الأفنية مطورة بشكل وحدات منفصلة (individual schemes) . ولكي تعطي مفهومها المعماري والحضري، لتكن علي شكل مجمعات ذات
كثافة عالية وارتفاع منخفض في نسيج حضري مكتظ (low-rise, high-density, compact urban structure)
واختفاء
هذا النوع من المساكن قد ترجع أسبابه إلى تغير مفهومه لدى المستخدم وعدم تطويره
وعلى مستوي مقياس أكبر لمجاورات سكنيه حضريه، كذلك بسبب انماط أخرى من المساكن
فرضت وفقاً لسياسات سكنية معينه ,حتى ولو كانت الوحدات السكنية المنتجة من قبل
القطاع العام أو الخاص لم تتوفق بيئياً واجتماعياً وتحظى برضى المستخدم.
المعماري/ عبد المنعم
السوكني
تجربة
البيوت ذوات الأفنية التي تتوسط البيت وإمكانية نجاحها في المناطق النائية أكثر
حظوظاً والتي لا تعاني من مشكلة المساحات ولا قيود المخطط أو شروط البناء ولا
القيمة الاقتصادية من حيت سعر متر الأرض. فاستعمال الفناء محكوم بالنسبة وجماليات
وظروف تخلق له فرصة نجاح ولا يمكن التسليم بأخذه كنمط يكون سائداً.
ويمكن
إضافة على ما طرحه أستاذنا أحمد إمبيص من المآخذ على الفناء والعيوب بإضافة عيب
وهو أساسي ( السكون ) فاستعمال الفناء في منطقة مكتظة يسهل وصول الأصوات سواء من
الشارع او من الجيران.
المعمارية/ منى الشامس
تحليلك
الأخير جداً منطقي. فالحل المتضام يكمن في تجميع المدينة بتقارب مبانيها بعضها من
بعض حيث تتكتل وتتراص في صفوف متلاصقة، ولكن هذا الحل سيكون أكثر فاعلية في البيئة
الصحراوية الجافة، حيث يكون التفاوت كبير بين درجة الحرارة صيفا ً وشتاء وكذلك بين
الليل والنهار، مما يوجب معه استخدام التخطيط المتضام المتلاحم، لتوفير أكبر قدر
من الظلال التي تسقطها المباني على بعضها البعض والناتجة عن اختلاف الارتفاعات
والبروزات في الحوائط الخارجية، بحيث لا يتعرض لأشعة الشمس سوى أقل مساحة من
الواجهات والأسطح، ومن ثم تكون الطاقة النافذة أو المتسربة إلى المباني في أضيق
الحدود.
على
فكرة مدينة طرابلس مدينة ساحلية ومع ذلك نسيجها القديم مكتظ !! طبعاً مع وجود
فتحات داخلية تشكلها الأفنية السكنية وغير السكنية فالفناء في هذا النسيج كان
موجوداً في الاسواق والمساجد وغيرها وكأنه الفراغ الذي يقابل الكتلة المصمتة
المتراصة.
على
فكرة تعجبني جداً العمارة الأفقية القديمة والتي يكون فيها البناء بطابق واحد كما
في بيوت ما يسمي (بالسانية) قديماً والذي كان موجوداً في مناطق عديدة من طرابلس
خارج السور وأقصد سور المدينة القديمة. وأيضا بيوت المدينة القديمة المكونة من
طابقين أو ثلاث في اقصى الظروف. وبالشكل السيئ الذي كنت أرى فيه مساوئ العمارة
السكنية الرأسية لدينا والذي تحدث عنها الاستاذة الافاضل في ردود سابقة. كنت أتمنى
أن تلغى كل المشاريع التي تقوم على هذا النوع من السكن. كان هذا أيام الدراسة .. الآن
أنا أنادي بأن تكون لدينا عمارة سكنية رأسية بمواصفات محلية. بنسيج متضام وبكتل
متراصة تعتمد على وجود أفنية داخلية متفاوتة في المساحات والارتفاعات (معايير
وكودات خاصة بنا في التصميم الراسي السكني).
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
سابقاً
و لا أدري تحديداً متى توقف هذا كانت مساحة البيت أو شكله يتعامل مباشرة مع حق
الملكية و حدودها و هذا معروف.
ولكن
متى بدأت الشعوب تتجه اتجاهات التخطيط العام والجماعي و الهيكلي نحو توجه إسكاني
عام أو جماعي. سواء لدينا نحن العرب الذين كان لديهم الأملاك و المزارع الشاسعة أو
لدى الغرب الاقطاعيين.
في
اعتقادي أن هذا التوجه نحو الاسكان الجماعي المنظم قد بدأ مع الاستعمار وإنشاء
المستعمرات أو إنشاء المدن والقرى للمستعمرين الجدد في الاراضي الجديدة.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
م.
بسمة أنت تقصدين متى بدأ التخطيط الجماعي على مستوى العالم؟ وأفهم من ذلك أنك
تقصدين تحديدا التخطيط الإسكاني الجماعي من قبل الدولة؟ إذا كان هذا المقصد فأعتقد
أنه بدأ مع الثورة الصناعية لاستيعاب الأعداد المتزايدة والمتدفقة من العمال
القادمين من الأرياف إلى المدن لتحريك عجلة الصناعة والاقتصاد المبني على الميكنة.
وأيضا لإعادة إعمار المدن المدمرة نتيجة الحربين العالميتين. ومنه امتد ليصبح منهج
تخطيطي تفرض فيه الدولة على المجتمع رؤيتها التخطيطية والتصميمية للمشاريع
الإسكانية والتي تعتمد على النموذج المتكرر( سواء كان وحدة سكنية من دور أرضي أو
دورين أو عمارة سكنية متعددة الطوابق.(
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
تمام
أخي جمال.
بالتالي
المحرك الاساسي لما ذكرت باش مهندس جمال هو الاقتصاد والأمان و السيطرة. الفكرة
الاساسية للبيت الليبي السابق - دون أن أفرّق بين أن يكون البيت عثماني التأثير أو
ليبي أصيل- في تصميم البيت تعتمد على الخصوصية و الاكتفاء. أما الفكرة الأساسية
بالنسبة للبيت الليبي الحالي فهي الحصول على الدفء و الجمال في تصميم البيوت، ضمن
المساحة المتاحة من قبل الدولة. اللهم إلاّ من ملك خارج نطاق المدينة المبنية.
المعماري/ عبد المنعم
السوكني
نتمنى
من أحد المعماريين أن يتجرد من العاطفة والحنين للفناء وأن نجد من يقوم بعرض عيوب
الفناء من حيث الواقعية والاستخدام من جوانب متعددة، الاقتصادية والخصوصية. وأن
يتم ذكر خصائص البيوت ذات النمط الإيطالي ومنها (العلي ) والشقق ذات الطراز
الكلاسيكي كلها أنماط للبيوت. وقد يرى البعض منّا أن فيها خصائص جيدة ومناسبة له.
وأيضا لا نستبعد دور عناصر التأثيث الداخلي التي هي أحد الركائز في خلق الراحة والمتعة
والدفء في البيت... والحديث يطول .
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
بين
العاطفة والعقلانية شعرة دقيقة، لا يراها إلاّ مرهف حس وعين ثاقب. ولا يعقل متانة
العلاقة بينهما إلاّ من تجرد قلبه من كل المشاعر الخيرة. وهي مرادفة للرحمة مثلما
ترادف العقلانية العدل، وقد تسبق الرحمة العدل عند القوي المتين الواثق من قراراته
والمسيطر على ما ومن سواه. هذه حقيقة أحب أن أبدأ بها مشاركتي هذه.
ولا
عيب أن يكون الفناء مطلباً عاطفياً صرفاً عندما يجد الإنسان فيه إشباعا لجوانب
نفسية وروحية بداخله فهذه واحدة من دوافع العمارة ورسالتها ومهمتها الكبرى. وهو
كذلك ليس عاراً أو نقيصة حتى نتجرد منه أو نخجل من الحنين إليه، أو حتى الاعتراف
بشوقنا إليه كفراغ جمعنا أطفالا مع أقراننا وعائلاتنا وأجدادنا وأقاربنا وزرع في
ذاكرتنا ما نعتز به ونرتاح كلما تذكرناه.
فما
بالك عندما يكون أيضا مطلبا عقلانيا أوجدته الحاجة إلى معالجة الكثير من الظروف
القاسية التي تحيط بالإنسان في بيئته، سواء كانت تتعلق بالحاجة إلى تحقيق
الخصوصية. والحماية من العوامل المناخية. وتوفير فراغ يمكن استعماله في أكثر من
غرض. ووسيلة دفاعية ضد اعتداء الآخر وتطفله.
وبالنسبة
للخصوصية السمعية، ففي الماضي لم تكن الأصوات تعلو عن قدر الحاجة، حتى تصل إلى
أماكن لا يجب أن تصلها. أما العوامل المناخية، فكما أسلفت لم يتغير فيها شئ يجعلنا
نستغني عنه لعدم قدرته على التعاطي معها كمتغيرات.
وفي
المقابل لا عيب أن نسعى نحن أيضاً لأن يحتض ذات الفناء مراتع طفولة أبنائنا
ويستوعب أحلامهم ويوفر لهم الحماية التي توفرت لنا. وخصوصاً أن الطرح الذي ينادي
بإعادة توظيفه في مبانينا أو مساكننا المعاصرة، أخذ في اعتباره إعادة النظر في
موقعه ومساحته بما يحقق كل المتطلبات ويعالج أغلب العيوب الظاهرة فيه.
ولا
أرى أنه من المنطق والعقلانية والصواب أن نرفض الفناء جملة وتفصيلا دون أن نبدئ
أسبابا منطقية لمثل هذه القرارات والمواقف الرافضة، التي أراها جائرة وتغيب عنها
العقلانية مثلما تحجرت دونها العاطفة.
إذا
ناقشنا العمارة التقليدية، فيجب علينا أن نلتزم بالموضوعية والمنهجية العلمية
ونطرح العلل أولا، ثم نتساءل عن طرق علاجها وأدواتها ووسائلها وموادها وطرق
إنتاجها ومصادرها.
رفض
الماضي لمجرد أنه ماضي، خطأ وقعت فيه الحداثة الغربية وحاولت ما بعد الحداثة
تلافيه والتنصل منه وحتى الاعتذار عنه. فهل يعترفون هم بخطائهم ونصرّ نحن على
الاستمرار في تبنيه والدعوة له؟!
أم
تراها سعة اطلاعنا عن آخر المستجدات قد توقفت حيث وصلنا منذ 30 سنة مضت من معلومات
عفا عنها الزمن هي أيضا منذ 30 سنة قبلها.
هناك
فرق شاسع بين العاطفة والتحجر، فإن كانت العاطفة تحنو للماضي فإنما هي تسعى من
وراء ذلك لاستحضار الجوانب الخيرة والإيجابية فيه وربطه بمستقبلها لقناعتها أن
الصلة بين الأزمنة تحقق عوامل الاستدامة.
أمّا
التحجر فهو مرتبط دائما بحالة الانغلاق على الذات والانزواء في الركن القصي
المظلم. وهو دائما ما يرفض أن يسمح للنور أن يدخل بيته، لأنه يكشف بذلك عن عجز
وقصور في استيعاب العلاقة بين الأشياء وارتباطها بالأزمنة والأمكنة والأشخاص
والتاريخ والواقع والكون والحياة والممات.
الأستاذ معماري/ أحمد العجيل
انا
متفق معك أخي جمال،
أن العاطفة جزء من التقييم وهي
متداولة واستعملت في تقييم المباني وأنا مؤمن بأهميتها وهي محور في الدراسة التي أقوم
بها حاليا. لكن الحوار يقتضي أحيانا طرح اراء الاخرين.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
أخي
أحمد، أنا أشارك في الحوار ولا أحجر عليه، وهذا يعني أنني لم أجانب الصواب في طرحي
حين دافعت عن الجوانب العاطفية في التصميم، فها أنت تؤكدها بل وتبين أنها جزء من
رسالة الدكتوراه التي تنجزها.
وأرجو
من الجميع أخذ العلم بأنني لا ابتغي في ردودي تسفيه آراء الآخرين أو لجمها. ولكني
أطرح ما عندي في مقابل ما عند الآخرين.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
"
التحجر فهو مرتبط دائما بحالة الانغلاق على الذات والانزواء في الركن القصي
المظلم. وهو دائما ما يرفض أن يسمح للنور أن يدخل بيته، لأنه يكشف بذلك عن عجز
وقصور في استيعاب العلاقة بين الأشياء وارتباطها بالأزمنة والأمكنة والأشخاص
والتاريخ والواقع والكون والحياة والممات". (جملة قوية و مخيفة).
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
هناك
من يرى في العاطفة ضعف، م. بسمة.
المعمارية/ نادية رفعت
في
نطاق الحديث عن التحجًر و عدم الإحساس : أقف عند ما لمح إليه أستاذنا الفاضل أحمد إمبيص
( قانون 4 ): و التغيير الديموغرافي المقصود لسكان المدينة في عهد الظلم والظلمات
- حيث أعطيت الجنسية لكثير من المرتزقة الذين لبًوا رغبات سيًدهم، وأعطيت معها
الأرزاق كذلك فعل بعض ضعاف النفوس من الليبيين، بأكلهم أرزاق إخوانهم مخالفين بذلك
الشريعة الإسلامية .. فباتوا يعبثون بأرزاقنا و تراثنا ،و كانت النتيجة ما نراه
اليوم.
المعماري/ عبد المنعم
السوكني
سؤال، هل المطالبة بالواقعية والبعد عن العاطفة في
طرح المواضيع المعمارية هو من التحجر والخلو من الحس العاطفي. أشك في ذلك. ويمكن
اختزال مشاركتي فيما يخص استعمال الفناء المركزي في تصميم البيت المعاصر في
مشاركات الزملاء والأساتذة. حيث أشار الأستاذ أحمد إلى وضع حلول وتطوير للفناء
المركزي المتعارف عليه وهذا بيت القصيد ( أن الفناء له محاسن وأيضا له عيوب ). وأيضا
أشارت المعمارية المجتهدة دائماً إلى رسالة الدكتوراه للزميلة عائشة المنصوري وما
ذكرته في رسالتها حول ما عبر عنه السكان الحاليين بخصوص اعتراضهم على العيش في
الفناء المركزي وهذا من واقع التجربة والمعايشة المكانية وليس من واقع النظري والأكاديمي
والعاطفي. العاطفة لا تقتصر على العيش في بيت يتوسطه فناء مركزي ولكن بالروح التي
تعيش فيه أولاً وما يحمله البيت من خصائص تؤدي إلى الراحة والدفء والطمأنينة.
المعمارية/ نادية رفعت
م.
عبدالمنعم إجابة لسؤالك: ( هل المطالبة بالواقعية والبعد عن العاطفة في طرح
المواضيع المعمارية هو من التحجر وخلو من الحس العاطفي ) في رأيي ليس تماماً ..
التحجر شئ آخر بعيد عن العاطفة و العقلانية معاً. ولكن الحديث يجر حديث. و بالعكس
اختلاف وجهات النظر يثري الحديث.
المعماري/ عبد المنعم
السوكني
هذا
الكلام هو تعقيب وسؤال على ما طرح وليس رأيي الشخصي .....وعلى رأيك حديث يجر حديث.
العاطفة المبالغ فيها مع وجود ضرر مادي ملموس هي غير مطلوبة. وإذا كان المعني
بالموضوع راغب في ذلك ويحس بالإمتاع مع وجود الضرر فله ما شاء.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
انطلاقاً
من إشارة أختنا الفاضلة م. نادية رفعت، إلى أن الحديث يجر الحديث وامتداداً
لمشاركة صديقي العزيز م. عبدالمنعم السوكني، حول علاقة الفناء بالعاطفة أو العقل.
أحب التنويه ( وهذا عن نفسي)، أن قيامي بإعادة الاعتبار للفناء في تصاميمي
المعاصرة، أخذ في اعتباره هذه الإشكالية التي تتناول مركزية الفناء. ناهيك عن
محاولات أخرى قام بها بعض الزملاء من المعماريين.
وعندما
قدمت محاضرتي " بيوت الحضر- رؤية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي" في
دار الفقيه حسن للفنون بالمدينة القديمة في العام 2010 وكان م. عبد المنعم من ضمن
الحاضرين، تطرقت إلى أن إحدى المعالجات التي اعتمدتها عند إعادتي الاعتبار للفناء
أنه أصبح خارج البيت وضمن حدود القطعة، بحث يصبح التعامل معه أثناء حركة أصحاب
البيت ثانوية.
ويمكن
لمن يريد، أن يراجع هذه المحاضرة على هذا الرابط/
كما
قمت بعرض صور للمبنى الذي طبقت فيه هذه الفكرة ضمن أحد المواضيع المنشورة على هذه
الصفحة للتوضيح وتوصيل الفكرة.
وهذا
رابط صور المبنى المنفذ
وبالتالي
عندما يخاطبني صديقي العزيز بالقول: " نتمنى من أحد المعمارين أن يتجرد من
العاطفة والحنين للفناء وأن نجد من يقوم بعرض عيوب الفناء من حيت الواقعية
والاستخدام من جوانب متعددة الاقتصادية والخصوصية ".
فهل
كنت عاطفيّاً ومجرداً من العقلانية والواقعية وغير قادر على طرح معالجة منطقية حين
تمّ تقديم هذه الحلول المعمارية وعرضها عليكم لمناقشتها وإثرائها بملاحظاتكم، كي
تؤخذ في الاعتبار في تصاميم أخرى؟
أعتقد
أنه كان من الأولى مناقشة الحلول المطروحة وتبيان مآخذها ومزاياها، وليس إطلاق حكم
مطلق باعتماد العاطفة في طرح الآراء والتجرد من العقلانية.
وحتى
نذهب خطوة أخرى إلى الأمام، فمركزية الفناء في البيت الطرابلسي التقليدي قد تم
معالجتها في بعض البيوت الطرابلسية التقليدية عن طريق استخدام الرواق من الجهات الأربع لوقاية سكان
البيت من التعرض المباشر للمطر شتاءً وأشعة الشمس الحارقة صيفاً وتظليل فراغات
البيت والتقليل من درجة السطوع الشمسي. وقد لا تكون هذه المعالجة متاحة في كل البيوت
الطرابلسية التقليدية ولكنها كانت في البال عند من أتيحت لهم الفرصة لذلك سواء من
خلال توفر المساحة الكافية أو السيولة المالية. وهذا يعني باختصار أن أجدادنا لم
تفتهم هذه الملاحظة ولم تعجزهم القدرة على طرح الحلول حسب التقنيات الإنشائية
المتاحة لديهم في ذلك الوقت.
كما
تمّ معالجة هذه الإشكالية رغم بساطتها في البيوت التي بنيت في فترة الخمسينيات
والستينيات من القرن الماضي، حيث أصبح الفناء متطرفا في زاوية المسكن. وبيوت سيدي
خليفة حيث يسكن م. عبد المنعم لا زالت شاهدة على تنوع الحلول وإن تحفظنا على
كفاءتها.
مشاريع معمارية
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
العاطفة
و العقلانية ركنان أساسيان في شخصية المعماري، فهما مفتاح النجاح. ولا يرقّ الحجر
و لا يصهل الحديد الا على يدي بناء ماهر.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
المشكلة
أن م. عبد المنعم كانت له مبادرة بتغطية وسط البيت( الفناء) وتوفير الإضاءة
والتهوية له عن طريق النوافذ العلوية، وهي فكرة نقلناها عنه أنا وبعض الزملاء
ومنهم م. خالد عجاج في أكثر من بيت. ومع ذلك فهو يتحدث هنا وكأن حواراتنا هي مجرد
تنظير لا يرتبط بأي محاولة جادة لتأصله على أرض الواقع وتقديم الاجتهادات المختلفة
لمسألة إعادة الاعتبار للفناء وتحديد موقعه المناسب من عدمه.
فهل
نعتبر هذا محاولة لنسف الجهود أو تجاهل لها أو عدم متابعة لما ينجز على أرض الواقع
من أفكار، أم نقول قد خانته العبارات؟
ما
أنا على يقين منه أن م. عبد المنعم يحاول دائما أن يستفز الحوارات كعادته نحو
تقديم أفكار عملية وإقرانها بالواقع وعدم الاكتفاء بطرح الجوانب النظرية أو السرد
التاريخي أو الوصفي.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
عندما
تحدثت عن متى بدأ التخطيط و تحديد الأراضي( شكلا ومساحة). كنت أشير إلى ضرورة أن
يكون للدولة رؤية في ماذا يريد المواطن الليبي. كنت أريد أن أقول أن الدولة التي
بالضرورة ستستمر في التخطيط لابد أن تضع في اعتبارها مثل هذه الأنماط من المباني لأن
التنوع مهم ومراعاة الأنماط الحضرية الأولى مهم أيضاً، على أمل أن تكون على هيئة
تجمعات عامة يمكنها أن تتنافس لاحقاً في الحيوية والإمتاع و الخصوصية والتشويق، لأن
فرص التشويق في نمط المباني المتضام كبير ويثير العاطفة تجاهه.
أما
فيما يخص الأنماط السكنية الإيطالية و الإنجليزية، فإنني على معرفة وجيزة بمباني
منطقة حي الأندلس التي اعتبرها ناجحة كفلل و بإمتياز وبمباني كازا لانجس أيضاً
التي يرى بعض قاطنيها أنها ممتازة وصالحة لعائلة صغيرة لا يتعدى أفرادها الأربعة
اشخاص- وهذا لا يتماشى مع متطلبات الأسرة الليبية المتوسطة العدد نسبياً-
أعتقد
أن الليبي بطبيعته محب للخصوصية والاتساع ولهذا نلاحظ دائماً أن سكان العمارات هم
سكان مؤقتين و يبحثون دائماً عن العلاقة بالأرض والأتساع. وبرأيي أن هذا سببه أيضاً
هو بحث دولتنا (الغنية) دائما عن الإسكان الجماعي و (رخيص) التكلفة واستسهال فكرة
(النماذج) سواء على صعيد الوحدات السكنية المنفردة أو العمارات الجماعية. واعتقد أن
هذه الفكرة قد نتخطاها إذا حرصنا على التنوع والخصوصية و الاتساع والتشويق والجمال
في مساكننا وأحيائنا المستقبلية.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
ما
المانع من أن تكون لدينا مباني ذكية تعتمد مركزية الأفنية أو جانبيتها، تتحسس
للإضاءة والحرارة والأتربة والغبار فتفتح و تنغلق وفقاً لما تستشعره مجساتها
الإلكترونية.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
مصطلح
المباني الذكية والأخرى الغبية لا أحبذه كثيراً، لأنه لا يعكس شيئاً ذا دلالة
عميقة، أكثر من التشجيع على الكسل، وأحب أن اسميها مباني تنابلة السلطان. أما
مصطلح المباني المستدامة أو الصديقة للبيئة فهو أكثر واقعية وتعبيرا عما يريد
العقلاء في العالم الوصول إليه.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
هههههههههههه، ولكنها حقيقة
ذكية فأنت رغماً عنك ستمدحها وتناديها بيا ذكية كلما قامت بشيء أنت ترغبه وتستحسنه،
لأن عاطفتك تجاهها ستجعلها شخص آخر تكلمه وتخاطبه وتحبه وتستحسن أفعاله. قد أبالغ
ولكن اعتقد أن هذا يحدث. كما
أن الموضوع: موضوع عرض وطلب، رغبة وإمكانيات، قدرة واستطاعة، فن.
المعماري/ عبد المنعم
السوكني
كل ما في الموضوع يا جمال هو لفت النظر فقط، كون أنه يوجد أكثر من نمط من السكن يمكن أن نتعايش
معه ويحقق لنا الهدف في الاسعاد والراحة ونحن نتكلم يا جمال مثلاً عن الإسكان في
المناطق المكتظة وليس فقط عن الوحدة السكنية بالتحديد. يمكن صار ربكة في فهم مضمون
المداخلة الأصلية ولكن يا جمال لا أحد يغفل ولو لحظة بأنك صاحب مبادرات التطوير للبيت
التقليدي فيما يخص الوحدة السكنية ولك الاضافة في ذلك بلا جدال فتجربتك غنية. ولا يفوتني
تصميم مبنى العائلة الشامل. لا أحد حسب علمي واطلاعي يجاريك في حماسك وكفاحك في
موضوع التطوير للبيت الليبي التقليدي. إن شاء الله توفق وتتاح لك فرصة تصميم موقع
كامل إسكاني.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
بارك
الله فيك م. عبد المنعم، المسألة لم تكن تتعلق بي شخصياً أو بما أنجزته، لكن
المقصد من مشاركتي هو أن لا تهمل حواراتنا ما تمّ على أرض الواقع من إنجازات
الزملاء المعماريين، وخصوصاً ما وصل إليه م. أحمد ساسي المغربي، فله محاولات متميزة
كثيرة تمّ تنفيذها في هذا الإطار أيضا، كذلك م. خالد عجاج.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
وإن
شاء نوفق وتتاح لنا فرصة تصميم موقع إسكاني كامل بطريقة تجمع ما بين التأصيل و
التجديد.
المعماري/ عبد المنعم
السوكني
إن
شاء الله في اقرب فرصة تحققي مشروع تشوفي فيه روحك ونتيجة جهدك المتواصل.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
في
جميع الاحوال: كافة ردود الفعل السابقة اعتقد أنها ستكون مفيدة للمهندسة صاحبة
السؤال فرأي المهندس منعم هو رأي شخص عايش المكان لفترة وعاصر آراء الأقارب فيه،
ورأي المهندس جمال هو رأي مهندس عايش لفترة محدودة ولكنه (مجرب ) للفكرة و (منفذ
لها) ومعاصر لآراء قاتني المكان من بعد سنوات من تجربتها في الوقت المعاصر. و كذلك
آراء المشاركين الأفاضل الأخرين هم سكان ومقيمين أو معايشين لمن يقيم في أحد
الاصناف السالفة الذكر من قبل المهندسة صاحبة التساؤل الأصلي .
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
م.
نادية : من فضلك أين يقع ((مشروع إدريس للإسكان )) ؟؟
المعمارية نادية رفعت
م.
بسمة، هي العمارات الموجودة في نهاية شارع عمر المختار قرب باب قرقارش.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
أشكرك
على هذا التوضيح م. نادية.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
سأدرج
هذا المقطع لنزار قباني عن رؤيته لداره الدمشقية وأتمنى أن يتغزل أحدنا يوماً ما
بداره الطرابلسية كما نزار. وأرجو أن لا يعتبر هذا خروجاً عن النص من قبل إدارة
الصفحة أو المهندسة. وهي عمل نثري للشاعر بعنوان دارنا الدمشقية:
لا بد من العودة مرةً أخرى إلى
الحديث عن دار (مئذنة الشحم) لأنها المفتاح إلى شعري, والمدخل الصحيح إليه.
وبغير الحديث عن هذه الدار تبقى
الصورة غير مكتملة, ومنتزعة من إطارها.
هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان
في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة.
إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه
بليغ, ولكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر. وإنما أظلم دارنا.
والذين سكنوا دمشق, وتغلغلوا في
حاراتها وزواريبها الضيقة, يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون.
بوابة صغيرة من الخشب تنفتح.
ويبدأ الإسراء على الأخضر, والأحمر, والليلكي, و تبدأ سمفونية الضوء والظل والرخام.
شجرة النارنج تحتضن ثمارها,
والدالية حامل, والياسمينة ولدت ألف قمر أبيض وعلقتهم على قضبان النوافذ وأسراب
السنونو لا تصطاف إلا عندنا.
أسود الرخام حول البركة الوسطى
تملأ فمها بالماء وتنفخه. و تستمر اللعبة المائية ليلاً و نهاراً. لا النوافير
تتعب. ولا ماء دمشق ينتهي.
ويقول
أيضاً: طفولتي قضيتها تحت (مظلة الفي والرطوبة) التي هي بيتنا العتيق في (مئذنة
الشحم.(
كان هذا البيت هو نهاية حدود
العالم عندي, كان الصديق والواحة والمشتى, والمصيف.
أستطيع الآن, أن أغمض عيني وأعد
مسامير أبوابه, وأستعيد آيات القرآن المحفورة على خشب قاعاته.
أستطيع الآن أن أعد بلاطاته
واحدةً واحدة.. و أسماك بركته واحدةً واحدة. وسلالمه الرخامية درجةً درجة.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
إثراء
جميل للحوار بهذه القصيدة عن الدار الدمشقية لنزار قباني. فهل عندك م. بسمة وقت
لقراءة نص يتغزل في الحوش الطرابلسي أيضاً؟
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
لذي
اكيد وارغب في السماع...أقصد القراءة، أرجو ان تنافسه باقتدار.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
المعمارية نادية رفعت
رائع
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
بارك
الله فيك مهندسة نادية، شهادة أعتز بها.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
جميل
جدا ًجدا ًجداً جداً جداً....و كأنني أراك تحدثها اليوم وأنت بين زوايا مبانيك
فتقول لك: مرحبا بك أيها الباحث بين ثنايا التاريخ، عن مدينة استعادت روحها وبيوت
استرجعت ألفتها.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
بارك
الله فيك على هذه الكلمات الجميلة م. بسمة.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
بارك
الله فيك أنت على هذا النص الجميل م. جمال، أعجبني وبدون مجاملة ولكن يبزك نزار في
جو الألفة والعطور النفاذة منذ البداية التي حملها في بداية مقطعه، وأعجبني الترقب
الذي عشناه معك قبل أن نرتاح إلى وصفك السمعي البصري المعطر.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي
وفيك
بارك الله م. بسمة.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
هذا
النص كتبته في العام 1991 واستمر التعديل فيه لمدة سبع سنوات. ونشر في جريدة الشط.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
الفرق
بينك وبينه وبين أي طفل من أطفال المدينة الحاليين أنهم يعايشون حالياً حالة
الإهمال و التورم ولا يعايشون حالة الصحة والانتعاش ولهذا سنترقب معاً إن شاء الله
أن يكتب عنها يوما ما جيلاً يحمل معه في حقيبته رائحة ياسمين وفل طرابلس أينما
ذهب، جيلاً يغمض عينه و يعد مسامير أبواب بيته ويستعيد آيات القرآن المحفورة على
خشب قاعاته إن شاء الله.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
م.
بسمة ماذا تتوقعين أن تكتب الأجيال القادمة عن بيوت مدينة طرابلس اليوم؟
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
أخي
جمال أنا أرى اليوم الوجهين للعملة الواحدة.
هي
اليوم للبعض الأصالة والتراث و هذا أراه في عيون من يزورونها باشتياق حتى لكأني أكاد
المح دموع الرجال الطيبة التي سكنوها قبلا وكذلك أرى من يتمسك بها تمسك الجذور بالأرض
و هي للبعض الآخر شقاؤهم وحظهم العاثر وهي كسل الوالد ومؤامرة الدولة وأنانية أصحاب
الاموال.
أطفالها
لا يعرفون ما خلف سورها ويعتقدونها المدينة الكبرى وشبابها يجوبونها حالمين
بالحورية عروس البحر ومنهم الحانقين إلا أنهم على أتم الاستعداد للتعاون مع أي
منقذ أو محب لها، وبعض شابّاتها يعتقدون أنها السبب في إطالة مكثهم في بيت والديهم.
وشيوخها يترنمون مثل نزار ومثلك بماضيها الأصيل.
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
هذا
يعني أنك تجمعين بين حالة تفاؤل بالمستقبل وأيضا إحباط من الواقع الذي تشهده بيوت
ومدينة طرابلس اليوم من تجاوزات وتشويهات وفوضى معمارية وعمرانية وغياب للقوانين.
ربما
من يقرأ لكتّاب وقصاصين جزائريين في وصفهم لواقع مدنهم اليوم سيفهم ماذا ستكتب
الأجيال القادمة عن مدينة طرابلس مستقبلا، لو لم تكون هناك مواقف جادة ومخلصة لإنقاذ
ما يمكن إنقاذه من بقايا هذه المدينة سواء الجزء التاريخي أو المعاصر.
المعمارية نادية رفعت
يحدوني
الأمل أن يصلح أبناء الوطن الصالحين ما أفسده المفسدون. وأن يتمكنوا من إعادة هذه
المدينة لما كانت عليه وأفضل فإذا صدقت النية تدلل كل الصعاب بإذن الله. وسيكتب
التاريخ عن مدينة هجُر أهلها و منحت أرزاقهم لمرتزقة فاستبدلوا عطر الياسمين
برائحة القمامة ( أكرمكم الله ). ولكن ( ما يعجبك في الزمان غير طوله ... رجع الفل
و الياسمين و الزهر و الحنة .. ليعطر سماء المدينة و يعيدها إلى أهلها بإذن الله
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
لا
مستحيل مع الإرادة المخلصة م. نادية فمدينة وارسو التاريخية خرجت حطاما من الحرب
العالمية الثانية، وقد تم إعادة بناؤها كما كانت، لأن هناك رجالاً قرنوا وفاؤهم
لمدينتهم بالعمل الدؤوب.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
أنا
مترقبة...فطرابلس (العتيقة ) و هو المسمى الذي أحب أن اناديه بها لا (القديمة)
ترأس مشروع تنظيمها سابقاً مجموعه من الطرابلسية (أولاد البلاد) وإلى اليوم
تاريخهم فيها مخللي قربتهم تخر علي ما حملته ظهورهم ... إن شاء الله القادم أحسن
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
هذا
ما نتمناه، أن يكون القادم أفضل بإذن الله تعالى.
المعمارية نادية رفعت
يارب
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
وفاء
+ عمل دؤوب=(حــ........)شغل (اكرمكم الله) ،..والبلاد تبي: همة رجال وقوة سلطان
ودبارة محتال و صاحب لسان و خزنة مال، وإن شاء الله يلايم الحال، و ما تبيش (ترك)
تبي (إسبان ) وإلاّ (ألمان).
المعمارية نادية رفعت
ههههههههههه
فكينا من المحتالين ياسرنا. قولي
دبارة مخطط
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
فعلا
يفترض بنا اليوم أن نعلي من شأن العاملين المخلصين ولا نرضى بغيرهم على هرم السلطة
أو قيادة أي مؤسسة، ليس هذا فقط بل يشمل هذا حتى العاملين في مؤسسات دولتنا، من
البواب والفراش إلى المهندس ورئيس القسم ومدير الإدارة. يكفي ما جره علينا
المحتالون وأصحاب الألسنة الطويلة وسراق المال العام والمخربون.
المعمارية/ بسمة علي سنوقة
مهندسة
، مهندس، خذوا وصفي بإيجابية فمن يكره صاحب الحيلة مثل عمر بن العاص و من يكره
صاحب كلمة و فصاحة لسان مثل عمر بن الخطاب والا حسان .
لابد
أن يعمل بالدولة نخبة فطنة حازمة ذكية علي قولتك يا بشمهندس حتى لا يغلبهم النخب
التي تعمل لذى الشركات صاحبة رأس المال.
من
يحمي المال آنذاك و من يحمي مشاريعنا من السرقة والهلهلة و الوضاعة عند التسلم و
الاستلام.
الأستاذ أحمد العجيل/
أين ذهبت هذه الافنية وهذه
المنطقة الجميلة؟
http://www.facebook.com/photo.php?fbid=413671288723515&set=a.361656777258300.85316.361432520614059&type=1&theater
http://www.facebook.com/photo.php?fbid=413671288723515&set=a.361656777258300.85316.361432520614059&type=1&theater
الباحث المعماري/ جمال
اللافي/
ذهبت
مع رياح التغريب والتجهيل والتخريب.
Lapsd Libya/
دائما
اتخيل أو أحلم بمشروع بناء مدن ليبية عربية إسلامية جديدة في شرق وغرب ووسط وجنوب
البلاد هذه المدن تبني وفقاً لمعايير ليبية في العمارة والتخطيط وتجسد الهوية
المعمارية الليبية وهذه المدن تخطط تخطيطاً متكاملاً وشاملاً بحيث تستوفي كافة
المتطلبات وتنفذ علي مراحل بحيث تعطي لها فرص النمو الطبيعي وتتفاعل مع النظام
الحضري بانسجام وتخطط بحيث تؤدي وظيفة أساسية تعتمد علي مقومات المكان وظروفه
البيئة وتبني مجتمع عربي وإسلامي راقي.
Lapsd Libya/
البيت
العربي المعاصر الجميل والذي يحقق رغبات ساكنيه والذي يحاول البعض الوصول الي
نموذج يجسده لا يمكن أن يكون كما يجب دون وجوده في الحي العربي المعاصر والطرق
والشوارع والممرات العربية أيضا وغيرها من مرافق الحي العربي مثل المساجد والحدائق
وغيرها.
جمال اللافي/
أشاركك
هذا الحلم أخي Lapsd Libya ، ونرجو من الله أن لا تبقى أحلامنا حبيسة
عقولنا. وأن نراها تتجسد فعلا على أرض الواقع. المشكلة الوحيدة التي اسهمت وتسهم
في إحباط جميع مشاريعنا التي تستهدف الارتقاء بالوطن هي غياب روح العمل الجماعي
المنظم والمبني على منهجية علمية. غلبت أنانيتنا وطنيتنا. وطغت ماديتنا على روح
البذل والعطاء لأجل الوطن. والغالبية العظمى يتساءلون ماذا سنكسب قبل أن يسألوا
ماذا سنعطي.
المعمارية نادية رفعت
م.
بسمة، بالنسبة لمقترحك الذي يخص التجمع السكني أنا دائماً أتصور هذه الفرصة متوفرة
في ما أسموه ( بالمناطق المتخلفة ) وهي ليست متخلفة ولكنها تحتاج إلى تحسين.
فلماذا لا نبدأ في التفكير في تطويرها على النحو الذي تناولناه و خصوصاً إن الهيكل
الاجتماعي في هذه المناطق مترابط حتى إنه أخاف الطاغية و جعله يفكر في نسفها فلم
لا نطور هذه الوحدات السكنية إلى مساكن بأفنية ؟؟ بالإضافة إلى إثراء المكونات
الحضرية بمفردات و تفاصيل محلية ؟ لنفكر بصوت عالي معاً : نطور و نحسن بدل ان نهدم.
جمال اللافي/
م.
نادية، حتى يكون لمقترحك هذا مجالاً للتنفيذ أو يلقى القبول والحماس، لابد له من
خطة واضحة المعالم ترسم باحتراف. وعندما تكون الرؤية واضحة والفكرة قوية وخطوات
العمل معدة سلفاً بحيث يصبح أمر تنفيذها ممكن، عندها يمكن المباشرة في تنفيذ هذا
المقترح، وتصبح آلية العمل لمجموعة تختلف ظروفها ولا يربطها مكان واحد، هي المحك
الذي يضمن النجاح من عدمه.
ثم
لماذا لا تتجه الفكرة إلى إعادة تخطيط مجاورة سكنية تؤخذ فيها كل الاعتبارات
التخطيطية التي تتلاءم مع بيئتنا المحلية والاجتماعية وتكون فرصة لاحتواء العائلات
الليبية بكل خصوصياتها ومتطلباتها وظروفها المعيشية وتستخدم فيها منظومة التنمية
المستدامة من مواد ومعالجات وتقنيات. ونضع لها الاشتراطات والمعايير.
وقد
تكون هذه المجاورة فرصة لنقل نسيج اجتماعي بأكمله إلى تلك المجاورة وإعادة تخطيط
المناطق المتخلفة من جديد، دون أن يترتب على ذلك خلخلة هذا النسيج الاجتماعي أو
الإضرار به.
Lapsd Libya/
بصراحة
ومن خلال خبرتي البسيطة أن مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة والمؤسسة بطريقة صحيحة يمكنها
أن يكون لها دوراً هاماً في تنفيذ هذه الطموحات خصوصا في التمسك بالهوية
والموروثات المحلية. ولكن ما التمسته أن هذه المؤسسات بحاجة إلي أعضاء مهندسين في
مجال التخطيط الحضري والاقليمي ومصممين ومعماريين إلي جانب الاختصاصات الأخرى (
فريق عمل ). ولكن مشاعل الحياة وعمل المهندسين في أعمالهم الخاصة وركض البعض بسرعة
عالية خلف المكاسب المادية تحول دون انتمائهم إلي مؤسسات المجتمع المدني إلاّ من
رحم ربي.
ولكن
إذا ما توفر الدعم من الدولة ومساهمتها في انتعاش العمل المدني التنموي وجذب شريحة
الخبراء المتقاعدين إلي جانب من تتوفر لديه إمكانية العطاء يمكن بناء مؤسسات مدنية
يكون لها حضوراً قوياً علي ساحة البناء وإعادة الإعمار وتحقيق مشاركة مجتمعية صحيحة.
ولكن وبكل صراحة كثيراً من منتسبي الجمعيات المدنية ينتظرون ماذا سوف تقدم لهم هذه
المؤسسات وليس العكس وهذه طامة كبري الحقيقة، الان كثيراً من أمور الدولة خصوصا في
جوانب البناء وإعادة الإعمار أوكلت إلي مجالس محلية لا حول ولا قوة ولا خبرة ولا إدراية
ولا فهم ولاشي وهيئات استثمار لم نري او نسمع منهم غير ما يبشر بتدهور الاوضاع ان
فعلا استمروا في طريقهم الذي يسيرون فيه وغيره،
أخ
جمال، نعم ينقصنا العمل الجماعي ولكن أنظر كم هيئة معمارية وكم جمعية تخطيط وكم
صفحة وصفحة في هذه المجالات ولكن الأغلب هو مجرد كلام" فيس بوك" أما
العمل الحقيقي الذي يجتمع عليه البعض هو عمل المكاتب الهندسية وسكتشات الدمار
الشامل ومصلحة التخطيط العمراني والاسكان والمرافق والصناعة والتجارة والاقتصاد
وغيرها في سبات عميق.
Very descriptive article, I liked that bit. Will there be a part 2?
ردحذفhttp://rena0535.wordpress.com
lovely jubbly fantastic thanks so much
ردحذفHere is my homepage; payday loans
lovely jubbly fantastic thanks so much
ردحذفHave a look at my web blog ... payday loans
lovely jubbly fantastic thanks so much
ردحذفMy web blog payday loans
lovely jubbly fantastic thanks so much
ردحذفMy blog: accident claims
Good post. I am experiencing some of these issues as well..
ردحذفmy blog ... listen to this podcast
Wow, fantastic weblog format! How long have you ever been blogging for?
ردحذفyou make blogging glance easy. The entire glance of your web site is excellent, let alone the content material!
Visit my site cash advances