التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التربية الفنية في مدارسنا


الدكتور عياد هاشم

مسكينة هي التربية الفنية في مدارسنا، فهي تتواجد في مرحلة، وتختفي في مرحلة ، وتظهر كاسم ولا تظهر كفعل، يقوم بتدريسها كل من هو حاصل على دبلوم التربية الفنية وما أكثرهم ولكن مع الأسف البعض منهم عنها بعيدون، والقليل منهم حقا يعطونها حقها في الحياة داخل مدارسهم، ويمنحون لها الفرصة في مداعبة أصابع أو أنامل أطفالنا في بعض الأوقات ، فيندفع هؤلاء لأطفال من غمرة الشوق والحب والنشوة ويقوم بهذه العملية التربوية الابتكارية المبدعين المثقفين المتميزين.

مادة التربية الفنية من أهم المواد التي ينبغي أن تعطى للتلاميذ على أدق وأكمل وجه، وهي المفتاح السحري الذي يجهزه المجتمع المتقدم الحريص على تنشئة وتعليم أطفال ممتازين في كل المواد جميعا فهي التي تصنع الطبيب الماهر، والمهندس المبدع والعالم الجليل والمفكر العظيم وغيره... فقد جهل من اعتبر أن التربية الفنية ما هي إلا مادة إضافية ترفيهية زائدة وهي مجرد وقت ترفيه ومادة حرة لتكملة جدول الحصص لا أكثر... نعم هي مادة ترفيهية، ولكنها تنمي الفكر وملكة الشعور في التأمل والخيال والتفكير السليم.

كل العظماء في العالم الذين يظهرون ببن الحين والآخر وبين عصر وآخر هم أصلا كانوا قد نبغوا في تخطيطاتهم الأولية وحصلوا على ممارسات فعلية حرة في التربية الفنية في نقل أفكار خيالهم على نحو مباشر وغير مباشر بواسطة الفن.

رعاية أبنائنا من التلاميذ في الصفوف الأولي في مرحلة التعليم الإلزامي تتطلب ضرورة تكاثف الجهود ولا نأسف أبدا على أموال إضافية في تغطية برنامج تدريبي وتعليمي لنشاط التربية الفنية وتوزيع الجوائز المناسبة للنابغين المبدعين المهتمين بها.

متابعة الموجه التربوي في مجال التربية الفنية في المدارس مسؤولية كبيرة تقع على هذا الأستاذ المربي، وأهمية الأستاذ المتخصص المهتم وإذا ما فشلت هذه الرعاية والمسؤولية فهو جرم وطني لا يستهان به، وخيانة كبرى للوطن والمجتمع بشكل عام ، فالوطن بحاجة إلي تنمية مدارك عقول رجالات المستقبل.

على المسئولين في التربية الفنية بقطاع التعليم أن يراجعوا رأيهم فيما يخص وضع مادة التربية الفنية وإدخالها ضمن المجموع الكلي في التحصيل العلمي للتلميذ خلال السنة الدراسية فبسبب عدم احتساب هذه المادة داخل المجموع صار عدم الاهتمام بها، وأصبح مدرس التربية الفنية أستاذا احتياطيا ليس له احترام في بعض الأحيان .

أخيرا وليس بالآخر ينبغي أن تكون داخل كل مدرسة ورشة عمل للتربية الفنية لمتابعة المبدعين والمتألقين وان يرفض المدرس أن يعامل كموظف إداري وضابط اتصال بالإدارة وحاجب المدير بالخصوص.
علينا أن نبدع ونتقن في عملنا وان نحاسب أنفسنا في كل تخصصاتنا وان نبذل قصارى جهدنا في كل عمل إنساني وطني له مستقبل عظيم لشبابنا ومجتمعنا ككل.

ما هي التربية الفنية؟
التربية الفنية هي تربية النشء الجديد على تعويد التلاميذ على السلوك الحسن وإدراك الجميل. كيف؟

عن طريق الفن، والممارسة الفعلية له بكل معانيها، فتلعب التربية الفنية هنا دورها الكبير والمهم في صقل وتهذيب وتأهيل وإعداد الأجيال المتجددة على العمل الصالح والعمل الاجتماعي المثمر الجاد والعمل الثقافي ، فهي المجال الثقافي الواسع الذي يجد فيها التلميذ مبتغاه في حرية التعبير والفرصة الجيدة في إظهار مواهبه المختلفة وليست الفنون التشكيلية فحسب ، بل قد تتعدى إلي أشياء أخرى وجديدة مثل تعلم السلوك الأخلاقي الذي من شأنه أن ينظم الفرد والجماعة، التعامل الحسن بين الأفراد والمحافظة على مرافق المجتمع ونظافة البيئة وإتباع النظم الصحيحة في الحياة المتحضرة التي يسعي إليها كل إنسان مثقف متعلم وحضاري.

التربية الفنية هي الباب الواسع الذي من خلاله يدخل التلميذ إلي التعلم والتأهيل وإنارة مستقبله وتلمسه مهما كان لهذا التلميذ ميوله واتجاهاته العلمية والأدبية والابتعاد به عن طريق الانجراف المعروفة بكل صوره.

التربية الفنية أيضا تهذيب للنفوس وترتقي بالذوق إلي أحسن ما يمكن الوصول إليه حسب طرق ممارسته للفن والاطلاع عليه، فرصة لتدريب العين على المشاهد البصرية الجميلة، وتعبير حقيقي عن النفس في حرية كاملة داخل المجال الثقافي المهم الذي يضعه له المدرس الفنان الواعي بناءً على مفردات قد أعدها المختصون بالتربية الفنية وعلم النفس والاجتماع.

التربية الفنية تحقق جبهة دفاعية قوية ضد الغزو الثقافي الغربي وغير الغربي الذي بدأت إرهاصاته المباشرة منذ شيوع الاتصالات المرئية السريعة والسهلة ودخول القنوات الإعلامية الفضائية في كل بيت تقريبا.
بتسلح التلميذ بسلاح المعرفة الإنسانية العامة، وبسلاح ثقافة المجتمع الخاصة من خلال الاهتمام بتوجيه الطلاب نحو محاكاة وتأصيل الفنون المميزة من الناحية التاريخية والتراثية بأكثر علمية ومنهجية وفكرية.

فإذا كانت مادة التربية الفنية اليوم تحسب خارج المجموع فإن المهتمين بمستقبل البلاد ورجالاته من المبدعين على مختلف تخصصاتهم سيدركون يوماً أهمية ممارسة الفن للتلاميذ داخل المدارس وتلمس خامات بيئتهم وأهمية البحث العلمي والفكري والجمالي وسيعطون أهمية لهذه المادة التي أصبحت في بعض الأحيان شاذة عن بقية المقررات في كثير من المدارس بكل أسف على الرغم من تدفق المواد الفنية والقرطاسية على بعض المدارس كل عام لاستخدامها في هذا الشأن بكميات هائلة ولكن كلها تضيع هنا و هناك في أخر العام أثناء موسم المعارض الأخيرة التي لا يرى فيها التلاميذ إنتاجهم الحقيقي فيها، وإنما معارض يتدخل فيها أفراد آخرين و من خارج المدرسة في كثير من الأحيان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...